1- مفهوم المنكر
المنكر هو كل ما أنكره الشرع لفساده وضرره من كل المعتقدات والأقوال والأفعال
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾
النور: ٢١
، وما تنكره النفوس السليمة وتتأذى به .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾
لقمان: 19
و المنكر والمعروف صفتان متضادتان
قال الله تعالى:
( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
الحج 110
والمنكر هو كل قبيح بنظر العقل والشرع والعرف.
2- كلمة المنكر
في
القرآن الكريم
وردت كلمة المنكر وصيغها في القرآن الكريم (14) مرة. والصيغ التي وردت هي:
– المنكرذاته
ورد 14 مرة
قال الله تعالى:
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾
العنكبوت : 45
وجاءت كلمة المنكر في القرآن الكريم بمعني بمعنى كل فعل تحكم الشريعة والعقول الصحيحة بقبحه .
قال اللَّه تعالى:
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾
المائدة: ٧٩
﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ﴾
الأعراف: ١٥٧
﴿ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾
النحل: ٩٠
﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾
التوبة: ٧١
﴿ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾
النور: ٢١
﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ﴾
العنكبوت: ٢٩
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة المنكر
أ – المعروف
المعروف هو ما قبله العقل وأقرّه الشّرع ووافقه كرم الطّبع، وهو ضد المنكر .
قال اللَّه تعالى:
﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
التوبة: ٧١
ب – المعصية
المعصية هي مخالفة الأمر قصداً.
قال اللَّه تعالى:
﴿ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا ﴾
مريم: 44
4 – الأمر بالنهي عن المنكر
قال الله تعالى:
( إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلْإِحْسَٰنِ وَإِيتَآئِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَٱلْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
النحل: 90
إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده في هذا القرآن بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله – بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها.
5- جزاء فعل المنكر
المنكرات والمعاصي كالداء الذي يصيب المجتمع، فيتسبب بهلاكه وخرابه، والتهاون في إنكار المنكرات والفواحش وصدّها، من الأسباب التي تؤدي إلى حلول العقاب، والعذاب من الله تعالى، ومما يدل على ذلك
أ – الطرد من رحمة الله
قال الله تعالى:
﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾
المائدة : 78- 79
في هذه الآية الكريمة يبين الله تعالى أن سبب لعن بني إسرائيل هو عدم النهي عن المنكر، واللعن هو الطرد من رحمة الله التي وسعت كل شيء.
ب – العذاب في النار
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
الحج: 72
وإذا تتلى آيات القرآن الواضحة على هؤلاء المشركين ترى الكراهة ظاهرة على وجوههم، يكادون يبطشون بالمؤمنين الذين يدعونهم إلى الله تعالى، ويتلون عليهم آياته. قل لهم -أيها الرسول-: أفلا أخبركم بما هو أشد كراهة إليكم من سماع الحق ورؤية الداعين إليه؟ النار أعدَّها الله للكافرين في الآخرة، وبئس المكان الذي يصيرون إليه.
ج – نسيان الله لهم
قال الله تعالى:
﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾
التوبة: 67
المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم من رحمته، فلم يوفقهم إلى خير.
6- صفات الناهي
عن المنكر
هناك بعض الصفات التي يجب أن تتوافر في الناهي عن المنكرحتي يلقي القبول من الناس ويقبلوا التخلي عن موروث وعادات وتقاليد تأصلت في نفوس ويرضوا بالحق عن طيب نفس .
أ- العلم بما ينهى عنه
أنّ على الناهي أن يكون عالماً بالمنكر ليأمن من الخطأ ، فكيف للجاهل أن يُعلِّم، ففاقد الشيء لا يُعطيه، والجاهل يُفسد أكثر ممّا يُصلح.
قال الله تعالى :
( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )
النحل: 125
ب – أنّ يكون منتهياً عمّا ينهى عنه
من صفات الناهي عن المنكر، أن يكون منتهياً عمّا ينهى حتّى يؤثِّر كلامه في الآخرين.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾
الصف : 2-3
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾
البقرة : 44
ج – الرفق
ينبغي أن يكون الناهي رفيقاً، هدفه هداية الناس ونصحهم، لا تقريعهم وإحراجهم، وتنفيس غيظه وغضبه، فعليه أن يكون ناصحاً لا موبِّخاً.
قال الله تعالى :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
آل عمران: 159
و أوضح صورة للأمر باللين في القرآن من أمر الله لموسى بأن يخاطب فرعون باللين عسى أن يكون اللين سببا ومدعاة لهدايته
قال الله تعالى :
( اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ . فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ )
طه : 43 – 44
د – الصبر
فالصبر يحمله على احتمال ما يلقاه في هذا السبيل.
عن وصية لقمان لابنه
قال الله تعالى :
( وَأْمُرْ بالمَعْرُوف وَانْهَ عَن المُنْكَر وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور )
لقمان: 17
7- جزاء ترك المنكرات
فمن ترك المنكرات يكون العوض خيرًا من الذي تركه المؤمن
1- من ترك شيئًا لله
عوضه الله خيرًا منه
قال الله تعالى :
( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
آل عمران: 104
ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك هم الفائزون بكل خير في الدنيا والأ خرة .
2- الجنة
قال الله تعالى :
( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )
النازعات 40- 41
وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي الله للحساب، ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة، فإن الجنة هي مسكنه.
3- غفران الذنوب السابقة
قال الله تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
الزمر: 53
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي، وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم، إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت، إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده، الرحيم بهم.
4- هم مِن عباد الله الصالحين
قال الله تعالى :
﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران : 114
يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالخير كله، وينهون عن الشر كلِّه، ويبادرون إلى فعل الخيرات، وأولئك مِن عباد الله الصالحين.
5- رحمه الله
قال الله تعالى :
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
التوبة : 71
والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض، يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح، وينهونهم عن الكفر والمعاصي، ويؤدون الصلاة، ويعطون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، وينتهون عما نُهوا عنه، أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في تشريعاته وأحكامه.
6- البشّاِرة برضوان الله
قال الله تعالى :
﴿ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
التوبة : 112
الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله به، وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه ، المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه، القائمون على طاعته، الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته.
أحدث التعليقات