مفهوم اللعب في القرآن الكريم

1- مفهوم اللعب

هوكل ما يشغل الإنسان ، وليس فيه منفعة في الحال ولا في المآل ، وهو ضد الجد .

2- كلمة اللعب

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة (لعب) في القرآن الكريم (٢٠) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل المضارع

ورد 9 مرات

قال الله تعالى:

( أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ )

يوسف:١٢

– المصدر

ورد ٨ مرات

قال الله تعالى:

( وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ )

الأنعام:٣٢

– اسم الفاعل

ورد ٣ مرات

قال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ )

الأنبياء:١٦

وجاءت كلمة اللعب في القرآن الكريم بمعني كل فعل لا يدل على مقصدٍ صحيحٍ ، وهو ضد الجد .

3- الكلمات ذات الصلة

     بكلمة اللعب

– اللهو

اللهو هو الاشتغال بشيء ليس ذات أهمية إلى حد الاستغراق فيه والإعراض عن غيره، فالدنيا للبعض لهو يشتغل به، وينسى الآخرة بالكلية .

قال الله تعالى:

( وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ )

الأنعام : 70

– العبث

العبث هو الفعل الذي ليس فيه مصلحةٌ ولا منفعةٌ ولا فائدةٌ تعود على الفاعل .

قال الله تعالى:

( أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ )

المؤمنون : 115

– الرتع

الرَّتْعُ هو الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ رَغَدًا فِي الرِّيفِ .

قال الله تعالى:

( أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ )

يوسف:١٢

أرسله معنا غدًا عندما نخرج إلى مراعينا يَأَكْلُ وَيَشُّرْبُ رَغَدًا ، ويلعب بالاستباق ونحوه من اللعب المباح، وإنا لحافظون له من كل ما تخاف عليه.

4 – تنزيه الله تعالى عن اللعب

قد أشار الله تعالى إلى أن تكوين العالم وخلق السماوات والأرض وما بينهما من المخلوقات التي لا تعد ولا تحصى مؤسس على الحكم والغايات، ولم يأت اعتباطا ولعبا ولهوا .

قال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ )

الدخان :٣٨

( وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ )

الأنبياء :١٦

وما خلقنا السماوات والأرض وبينهما لعبًا، فأن الله تعالى لم يفعل فعلا، ولم يخلق خلقا إلا له فيه حكمة وغاية. والحكمة تناقض العبث واللعب، وأصحاب العقول السليمة والفطرة يدركون أن الله الخالق الموصوف بالحكمة لا بد أن يكون وراء تنظيمه لهذا الكون، ووضع الإنسان فيه غاية وحكمة، وتعالت حكمته أن يكون خلق هذا كله عبثًا.

قال الله تعالى:

( وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ )

الجاثية :٢٢

( مَا خَلَقۡنَٰهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ )

الدخان : ٣٩

ما خلقناهما إلا بالحق الذي هو سنة الله في خَلْقِه وتدبيرُه، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون ذلك، فلهذا لم يتفكروا فيهما؛ لأنهم لا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا.

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ . ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ )

آل عمران :١٩٠- ١٩١

يذكر لنا الله تعالى في هذه الأية أن في خلق السماوات والأرض وتعاقب الليل والنهار علامات ودلائل على قدرة الله تعالى وحكمته لمن كان ذا عقل ولب، من الذين يذكرون الله على كل حال، ويتفكرون في خلق السماوات والأرض وعجائب صنع الله فيهما، فيقولون معتقدين ومعترفين: ربنا وخالقنا ما خلقت هذا الكون والخلائق باطلا وعبثا وخاليًا عن حكمة، أنت منزه من أن يكون خلقك وفعلك عبثًا.

قال الله تعالى:

( أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ )

المؤمنون :١١٥

( أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى )

القيامة :٣٦

وقد وبخ الله منكري البعث والحساب على تماديهم في الغفلة، بأسلوب الاستفهام الاستنكاري، فإنه يلزم من إنكارهم البعث أن يكون خلق الناس مشتملًا على عبثٍ . ثم نفى عن نفسه العبث .

قال الله تعالى:

( فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ )

المؤمنون :١١٦

فالأدلة النقلية والعقلية تثبت بأن الله تعالى منزه عن اللعب والعبث واللهو والباطل.

5- أنواع اللعب

أ – اللعب المباح

إن المتتبع والناظر في الآيات التي ذكر فيها (اللعب، ومشتقاتها)، يجد أن اللعب ليس بمذموم على إطلاقه، بل من اللعب ما هو مباح، كما في قصة نبي الله يوسف عليه السلام، فقد طلب إخوة يوسف من أبيهم يعقوب عليه السلام أن يرسل معهم أخاهم يوسف .

قال الله تعالى:

( أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ )

يوسف :١٢

فقد ذكر المفسرون أن المراد باللعب المذكور في هذه الآية هو اللعب المباح، وهو مجرد الانبساط لانشراح الصدر، والاستجمام ورفع السآمة، ولم يكن هذا من اللعب المحظور الذي هو ضد الحق وقرين اللهو، والدليل على ذلك: أن يعقوب عليه السلام لم ينكر عليهم لما قالوا: ونلعب وأرسلة معهم .

ب – اللعب الحرام

الإسلام دين جاد، يريد من المسلمين أن يكونوا جادين في كل الأمور والشؤون، فاللعب الذي يؤدي إلى الكفر أو ارتكاب محرمٍ، أو تضييع واجبٍ، يكون حراما .

قال الله تعالى:

( وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ )

التوبة :٦٥

إِنَّهُ تعالى بين أن ذلك الاستهزاء كان كفرًا، والعقل يقتضي أن الإقدام على الكفر لأجل اللعب غير جائزٍ، فثبت أن قولهم: إنما كنا نخوض ونلعب ما كان عذرًا حقيقيًّا في الإقدام على ذلك الاستهزاء، فلما لم يكن ذلك عذرًا في نفسه نهاهم الله عن أن يعتذروا به؛ لأن المنع عن الكلام الباطل واجبٌ.

6 – وصف الحياة الدنيا باللعب

إن الله تعالى وصف الدنيا باللهو واللعب في كثير من الآيات، وبأسلوب القصر؛ ليُفْهِم الخلق أن الدنيا مهما تزينت لأصحابها، وطال عمر الإنسان فيها، ومهما اجتمع للإنسان فيها من أسباب الغنى والثروة، ومهما كثر متاعها وزخرفها، فهي لا تعدو أن تكون لهوا ولعبا، وأن الدار الآخرة خير منها.

قال الله تعالى:

( وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ )

الأنعام :٣٢

وفي المراد من الحياة الموصوفة باللعب واللهو في الآية السابقة قولين:

الأول: المراد منها حياة الكافر والمشرك، لأن حياة المؤمن يكثر فيها الأعمال الصالحة ويتقرب فيها إلى الله تعالى ، وعليها يثاب بأجزل الثواب، وأعظم الجزاء. ويقل فيها اللغو والباطل، فلا توصف حياته باللعب واللهو. وأما الكافر فإن كل حياته في الدنيا وبال عليه.

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ )

محمد :٣٦

والحياة في ذاتها غير مذمومة، بل في الحياة حكم عظيمة، يكفيها أنها من خلق الله، ليبلو بها بني آدم.

قال الله تعالى:

( ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ)

الملك:٢

ومعلوم أن لله تعالى حكمة في خلق كل مخلوقاته، ولم يخلق عبثًا.

قال الله تعالى:

( وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا لَٰعِبِينَ )

الأنبياء:١٦

فدل مجموع ما ذكرنا على أن الحياة الدنيا غير مذمومة على إطلاقها من غير قيد، بل المراد أن من لم يستخدم هذه الحياة الدنيا في طاعة الله، بل صرفها إلى طاعة الشيطان ومتابعة الهوى فذاك هو المذموم .

الثاني: أنها تشمل حياة المؤمن والكافر، فهي عامة؛ لأن الإنسان مسلمًا كان أو كافرًا، يلتذ باللعب واللهو، ثم عند انقضائه وانتهائه، تحصل له الحسرة والندامة؛ لأن اللذة الحاصلة من اللعب واللهو سريعة الزوال لا بقاء لها .

قال الله تعالى:

( وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ )

العنكبوت :٦٤

وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، تلهو بها القلوب وتلعب بها الأبدان؛ بسبب ما فيها من الزينة والشهوات، ثم تزول سريعًا، وإن الدار الآخرة لهي الحياة الحقيقية الدائمة التي لا موت فيها، لو كان الناس يعلمون ذلك لما آثروا دار الفناء على دار البقاء.

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ )

غافر :٣٩

يا قوم إن هذه الحياة الدنيا حياة يتنعَّم الناس فيها قليلا ثم تنقطع وتزول، فينبغي ألا تَرْكَنوا إليها، وإن الدار الآخرة بما فيها من النعيم المقيم هي محل الإقامة التي تستقرون فيها، فينبغي لكم أن تؤثروها، وتعملوا لها العمل الصالح الذي يُسعِدكم فيها.

7- من صور اللعب بالدين

إن اللعب في الدين بالاستهزاء بالله وآياته ورسوله، يوصل إلى الكفر ولا يعذر فاعله  ، ذكرت في القرآن الكريم بعضا من صور اللعب بالدين. نذكرها ضمن النقاط الآتية:

1- اللعب بالآيات

قال الله تعالى:

﴿ وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ  ﴾

التوبة : 65

ولئن سألتهم – أيها النبي- عما قالوا من القَدْح في حقك وحق أصحابك لَيَقولُنَّ: إنما كنا نتحدث بكلام لا قصد لنا به، قل لهم -أيها النبي-: أبالله عز وجل وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟

قال الله تعالى:

( وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ  )

الأنعام :٦٨

وإذا رأيت -أيها الرسول- المشركين الذين يتكلمون في آيات القرآن بالباطل والاستهزاء، فابتعد عنهم حتى يأخذوا في حديث آخر، وإن أنساك الشيطان هذا الأمر فلا تقعد بعد تذكرك مع القوم المعتدين، الذين تكلموا في آيات الله بالباطل.

2- الشعائر الدينية

ذكر الله سبحانه وتعالى نوعًا من اللعب الحرام، وهو اللعب والاستهزاء بالصلاة والنداء إليها

قال الله تعالى:

( وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ )

المائدة :٥٨

أي: إذا أذن المؤذن للصلاة، فسمعه الكفار استهزءوا به. وإذا رأوهم يصلون ورأوا ركوعهم وسجودهم استهزءوا بذلك أيضا. وكان استهزاؤهم بسبب كونهم قوم لا يعقلون .

قال الله تعالى:

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ )

المائدة :٥٧

وهذه الآية توكيد للآية السابقة وبيان لمن اتخذ الدين هزوًا ولعبًا.فقد بين استهزاءهم بحكم خاص من أحكام الدين، بعد ذكر استهزائهم بالدين بوجه عام.

3- الاستهزاء بالرسل

من صور اللعب بالدين هو الاستهزاء بالرسل ، وهذه العادة قديمة معروفة عبر القرون. وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تتحدث عن الاستهزاء بالرسل، منها

قال الله تعالى:

( وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ )

الأنعام :١٠

( كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ )

الذاريات :٥٢

( ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا )

الكهف :١٠٦

( وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ . وَمَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ )

الحجر:١٠- ١١

أي: لقد أرسلنا قبلك رسلًا إلى أممٍ قد مضت من قبل، وما أتى رسولٌ أمةً إلا كذبوه واستهزءوا به. فهذا دأب الأمم المكذبة لرسلها عبر التاريخ.

– الاستهزاء بالمؤمنون

ومن الأدلة على أن الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين من شأن أهل النار

قال الله تعالى:

( قَالَ ٱخۡسَـُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ . إِنَّهُۥ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ . فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِي وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ . إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ )

المؤمنون :١٠٨-١١١

( إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ . وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ . وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ . وَإِذَا رَأَوۡهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ . وَمَآ أُرۡسِلُواْ عَلَيۡهِمۡ حَٰفِظِينَ . فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ )

المطففين :٢٩-٣٤

فالاستهزاء بالمؤمنين لأجل إيمانهم، فهذا كفر؛ لأنه استهزاء بدين الله تعالى.

7- أسباب اللعب المحرم

نجمل فيما يأتي أهم أسباب اللعب كما تفهم من الآيات القرآنية:

1- الكفر

من البدهي أن يكون الكفر سببًا من أسباب اللعب واللهو في الحياة الدنيا؛ لأن الكافر لا يؤمن بالآخرة، فلا يجهد نفسه في الطاعات والعبادات، ولا يمسك نفسه عن المحرمات، فما تشتهيه نفسه يفعله. ويشير سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إلى وجود علاقة ظاهرة بين الكفر وبين اتخاذ الدين لعبًا ولهوًا.

قال الله تعالى:

( أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا . أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا )

الفرقان :٤٣-٤٤

( وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ )

الأعراف :١٧٩

فالكافر يرى نفسه على الحق، وأن كفره بالله وباليوم الآخر هو عين الصواب، ومن يخالفه الرأي فهو جاهل أو مجنون أو مختل العقل، فيستهزيء بهم ويسخر منهم، وإذا قريء عليه القرآن أو دعي إلى الله اتخذها لعبًا وهزوًا، ويضحك منهم.

2- الجهل

الجهل سبب من أسباب اللعب في الحياة الدنيا، فالجاهل لا يفرق بين الحق والباطل، وبين النفع والضر، وبين الجد والهزل. والجهل هو المصدر الرئيس لفساد العقيدة وفعل المعاصي.

قال الله تعالى:

( أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡۖ هَٰذَا ذِكۡرُ مَن مَّعِيَ وَذِكۡرُ مَن قَبۡلِيۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ )

الأنبياء:٢٤

ثم إن جهل الناس بحقيقة الحياة الدنيا، ونظرهم السطحي إليها، وإعجابهم بظاهرها، دون البحث عن ما فيه خير لهم، ومن غير التفكر في الآخرة، جعلهم يلعبون ويلهون ويعبثون.

قال الله تعالى:

( وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ . يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ )

الروم :٦-٧

( وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ )

العنكبوت :٦٤

فالعالم يستغل الحياة الدنيا الفانية، للفوز بالنعيم المقيم في الحياة الباقية في الآخرة، فلا يقبل أن يخسر الحياة الأبدية في الجنة، مقابل الحياة الفانية المنغصة في الدنيا. فلا يبيع آخرته بدنياه، بعكس الجاهل.

قال الله تعالى:

 (ٰٓ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ )

التوبة :٣٨

3- الاغترار بالحياة الدنيا

الاغترار بالحياة الدنيا سبب من أسباب اللعب، فينخدع الإنسان المغتر، ولا يجد في شيء ينتفع بها في الآخرة. فهمه الشاغل متع الدنيا وحطامها، وجمع المال بأية طريقة ووسيلة كانت. لذلك حذر الله عباده من أن ينخدعوا ويغتروا بالحياة الدنيا، وخوفهم من أن يكونوا من أصحاب النار، يوم لا يجدون من دون الله وليًا ولا شفيعًا.

قال الله تعالى:

( وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ )

الأنعام :٧٠

كما أن الاغترار بالحياة الدنيا يجعل الإنسان يتعدى حدود الله، وينسى مراقبة الله لعباده، فلا يرتدع عن معصية، ويجحد نعم الله وفضله عليه، فيهلك.

قال الله تعالى:

( وَنَادَىٰٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِيضُواْ عَلَيۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ . ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوۡمِهِمۡ هَٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ )

الأعراف:٥٠-٥١

وضرب تعالى المثل في قصر عمرها وزوالها، بل وخيبة آمال أهلها، كي لا تغرهم الحياة الدنيا .

قال الله تعالى:

( فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ . إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ )

يونس :٢٣-٢٤

8 – الموقف من اللاعبين بالدين

نستنتج من الآيات القرآنية التي تحدثت عن اللعب، أن الموقف من اللاعبين ينبغي أن يكون في الخطوات الآتية:

أولًا – إقامة الحجة وقطع المعذرة

إن الله تعالى يحيي الناس ويبعثهم يوم القيامة للحساب والجزاء، وإنه يسألهم عن الصغيرة والكبيرة ولا يعزب عنه شيء.

قال الله تعالى:

( إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ )

يونس :٤

( وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ   )

يونس :٥٤

فميزان يوم القيامة ميزان عدل وقسط. ولا يظلم أحد يوم القيامة.

قال الله تعالى:

( إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا )

النساء :٤٠

( وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا )

الكهف :٤٩

ومن العدل إرسال الرسل عليهم السلام وإنزال الوحي، وتبليغ الناس شرع الله، وإقامة الحجة عليهم.

قال الله تعالى:

( رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا )

النساء :١٦٥

وبالتبليغ وإقامة الحجة يزال ويزاح كل علة، فلا يبقى أي عذر للمخالفة والتقصير والتكذيب والغفلة؛ لذا فمن خالف حكم الله تعالى وقصر فلا يلومن إلا نفسه، فيكون ما يلاقي من العذاب في الآخرة عدلًا، ولا يكون ظلمًا؛ لأنهم بلغوا وأخبروا، فكذبوا واستهزءوا وخاضوا ولعبوا، فاستحقوا جزاءهم.

فالله سبحانه وتعالى حين يصف الحياة الدنيا باللعب واللهو، وأنها زينة وتفاخر بين الناس وتكاثر في الأموال والأولاد

قال الله تعالى:

( ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ  )

الحديد :٢٠

وأنها متاع الغرور

﴿ ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ ﴾

الحديد :٢٠

وأن متاعها قليل، وأن الحياة الآخرة أفضل وأحسن من الحياة الدنيا

قال الله تعالى:

( أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِيلًا )

النساء:٧٧

وتشبيه الحياة الدنيا بالغيث ينبت به الزرع، وما يجري على الزرع من التحولات

قال الله تعالى:

﴿ ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ ﴾

الحديد :٢٠

وفي هذه الآيات إشارة إلى إقامة الحجة، وإذا كانت الدنيا بهذه الصفات فلا تستحق الاغترار بها، ولا يحق التساهل في حق الآخرة والعمل لها.

ثانيًا – تركهم في خوضهم يلعبون

الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز كيفية التعامل مع الذين يخوضون في آيات الله ويلعبون بالدين وبشعائر الإسلام .

قال الله تعالى:

( وَإِذَا رَأَيۡتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ)

الأنعام :٦٨

وإذا رأيت – أيها الرسول- المشركين الذين يتكلمون في آيات القرآن بالباطل والاستهزاء، فابتعد عنهم حتى يأخذوا في حديث آخر، وإن أنساك الشيطان هذا الأمر فلا تقعد بعد تذكرك مع القوم المعتدين، الذين تكلموا في آيات الله بالباطل.

قال الله تعالى:

( وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ )

الأنعام :٧٠

وهذا خطاب آخر للنبي صلى الله عليه وسلم بترك الغافلين الذين اتخذوا دينهم الذي كلفوا به لهوًا ولعبًا، حيث كانوا يستهزئون بتعاليمه وأحكامه ويكفرون به. وكانوا منشغلين بزخارف الدنيا واغتروا بالحياة القليلة، ثم أمر نبيه أن يذكر هؤلاء وغيرهم بالقرآن الكريم.

وأعاد سبحانه وتعالى نهيه عن مجالسة المستهزئين

قال الله تعالى:

( وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكۡفَرُ بِهَا وَيُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُواْ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦٓ إِنَّكُمۡ إِذٗا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )

النساء :١٤٠

وسبب هذا النهي أن الإقبال على الخائضين والقعود معهم أقل ما فيه أنه إقرار لهم على خوضهم وإغراء لهم بالتمادي فيه، وأكبره أنه رضاء به ومشاركة فيه، والمشاركة في الكفر والاستهزاء كفر ظاهر لا يقترفه باختياره إلا منافق مراء أو كافر مجاهر

ثالثًا – عدم اتخاذهم أولياء

نجد أن الله تعالى ينهى المؤمنين عن اتخاذ أهل الكتاب والكفار أولياء وحلفاء وأنصارًا، يحبونهم ويتولونهم، مع أن هؤلاء يتخذون دين الإسلام هزوًا ولعبًا، ويسخرون من القرآن والرسول والمؤمنين، فكيف يصلح للعاقل أن يقابل كل هذه العداوة والكره والسخرية والاستهزاء واللعب بالموالاة لهم وحبهم ونصرتهم؟!

قال الله تعالى:

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ )

المائدة :٥٧

واتخاذ أهل الكتاب والكفار أولياء مسألة في غاية الخطورة، فمن الجانب العقائدي أن موالاتهم يؤدي إلى الكفر، ويحسب الإنسان منهم، وحسابه كحسابهم .

قال الله تعالى:

( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ )

المائدة :٥١

ومن الجانب الدنيوي، فإن الإنسان إذا اتخذ الكفار أولياء وأحباء، حينئذ يكون مطيعًا لأوامرهم، غير معترض لأفعالهم وأقوالهم، بل يكون مؤيدًا لهم ومدافعًا عنهم، وناصرهم ومعينهم على الإسلام وأهله، من حيث يدري أو لا يدري.

قال الله تعالى:

( لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ )

آل عمران :٢٨

9- علاج اللعب

بما أن الانشغال بالدنيا فوق الحد اللازم مذموم، وخاصة إذا كان على حساب الآخرة. وأنه ربما ينسيه حق الله تعالى، فيترك الواجبات الدينية أو يقصر فيها، ويقع في المحرمات طلبا لزيادة المال والجاه والشهوات، فلابد من علاج لهذه الآفة، وهذا الغرور. ويمكن لنا أن نستنتج من الآيات التي فيها ذكر اللعب بعضًا من تلك العلاجات، منها:

أولًا- الإيمان والتقوى

إن لإيمان المرء وتقواه الأثر الكبير الفعال في تنبيه الناس من غفلة اللعب واللهو في الحياة الدنيا، فالمرء كلما كان إيمانه متينا وتقواه كثيرا ازداد من الله تقربًا، ولا يتقرب العبد من ربه إلا بما يرضى به الله تعالى من الأعمال والأقوال وصالح النيات، فينشغل بها، ويبتعد عن كل ما يلهيه ويشغله عن ذكر الله وعن الطاعات. فهو يجد لذته في العبادات، وتضيق صدره بالمعاصي والذنوب.

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ )

محمد:٣٦

إنما الحياة الدنيا لعب وغرور. وإن تؤمنوا بالله ورسوله، وتتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، يؤتكم ثواب أعمالكم .

قال الله تعالى:

( ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا )

الكهف :٤٦

الأموال والأولاد جَمال وقوة في هذه الدنيا الفانية، والأعمال الصالحة  ، وهذه الأعمال الصالحة أفضل ما يرجو الإنسان من الثواب عند ربه، فينال بها في الآخرة ما كان يأمُله في الدنيا.

قال الله تعالى:

( وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ )

الأنعام :٣٢

وما الحياة الدنيا في غالب أحوالها إلا غرور وباطل، والعمل الصالح للدار الآخرة خير للذين يخشون الله، فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه. أفلا تعقلون – أيها المشركون المغترون بزينة الحياة الدنيا- فتقدِّموا ما يبقى على ما يفنى؟

ثانيًا- تذكر نعيم وعذاب الآخرة

ومن الأسباب المانعة لاتخاذ الحياة الدنيا لعبًا ولهوًا تذكر نعيم وعذاب الآخرة ، وفي القرآن الكريم تخويف لمن أضاع حياته الدنيا باللهو واللعب.

قال الله تعالى:

( ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ )

الحديد :٢٠

اعلموا – أيها الناس- أنما الحياة الدنيا لعب ولهو، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وزينة تتزينون بها، وتفاخر بينكم بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس، فتراه مصفرًا بعد خضرته، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا، وفي الآخرة عذاب شديد للكفار ومغفرة من الله ورضوان لأهل الإيمان. وما الحياة الدنيا لمن عمل لها ناسيًا آخرته إلا متاع الغرور.

قال الله تعالى:

( وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ )

الأنعام:٧٠

واترك – أيها الرسول- هؤلاء المشركين الذين جعلوا دين الإسلام لعبًا ولهوًا؛ مستهزئين بآيات الله تعالى، وغرَّتهم الحياة الدنيا بزينتها، وذكّر بالقرآن هؤلاء المشركين وغيرهم؛ كي لا ترتهن نفس بذنوبها وكفرها بربها، ليس لها غير الله ناصر ينصرها، فينقذها من عذابه، ولا شافع يشفع لها عنده، وإن تَفْتَدِ بأي فداء لا يُقْبَل منها. أولئك الذين ارتُهِنوا بذنوبهم، لهم في النار شراب شديد الحرارة وعذاب موجع؛ بسبب كفرهم بالله تعالى ورسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم وبدين الإسلام.

قال الله تعالى:

( فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلۡعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوۡمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ )

الزخرف :٨٣

فاترك – أيها الرسول- هؤلاء المفترين على الله يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يوعدون بالعذاب: إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما فيهما معًا.

قال الله تعالى:

( ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَهۡوٗا وَلَعِبٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ فَٱلۡيَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوۡمِهِمۡ هَٰذَا وَمَا كَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ )

الأعراف :٥١

الذين حَرَمهم الله تعالى من نعيم الآخرة هم الذين جعلوا الدين الذي أمرهم الله باتباعه باطلا ولهوًا، وخدعتهم الحياة الدنيا وشغلوا بزخارفها عن العمل للآخرة، فيوم القيامة ينساهم الله تعالى ويتركهم في العذاب الموجع، كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا، ولكونهم بأدلة الله وبراهينه ينكرون مع علمهم بأنها حق.

ثالثًا- فقه الأولويات

نجد أن الله تعالى ذكر الحياة الدنيا مع الآخرة في آيات كثيرة في القرآن الكريم، ويفضل الآخرة على الدنيا بلفظ صريح أو ضمني. فتقديم الآخرة على الدنيا يندرج تحت مصطلح فقه الأولويات.

قال الله تعالى:

( قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ )

النساء :٧٧

فلو نظرنا إلى الآية الكريمة بتدبر وتفكر، نرى أن الله تعالى فضل الآخرة على متاع الدنيا فقط لمن اتقى.

قال الله تعالى:

( فَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ )

الشورى :٣٦

فما أوتيتم- أيها الناس- من شيء من المال أو البنين وغير ذلك فهو متاع لكم في الحياة الدنيا، سُرعان ما يزول، وما عند الله تعالى من نعيم الجنة المقيم خير وأبقى للذين آمنوا بالله ورسله، وعلى ربهم يتوكلون.

قال الله تعالى:

( وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ )

العنكبوت :٦٤

وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، تلهو بها القلوب وتلعب بها الأبدان؛ بسبب ما فيها من الزينة والشهوات، ثم تزول سريعًا، وإن الدار الآخرة لهي الحياة الحقيقية الدائمة التي لا موت فيها، لو كان الناس يعلمون ذلك لما آثروا دار الفناء على دار البقاء.

 

Share This