1- مفهوم الفلاح

الفلاح هو الفوز بخير الدنيا والآخرة

2- كلمة الفلاح

       في

  القرآن الكريم

وردت كلمة الفلاح في القرآن الكريم (٤٠) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد 4 مرات

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

المؤمنون:١

– الفعل المضارع

ورد ٢٣   مرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام:٢١

– اسم الفاعل

ورد  13  مرة

قال الله تعالى:

﴿ أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة:٥

وجاء الفلاح في الاستعمال القرآني بمعنى البقاء والفوز والسعادة .

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

المؤمنون: ١

أي: قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح

3- الكلمات ذات الصلة

       بكلمة الفلاح

– الفوز

الظفر بالخير مع حصول السلامة

قال الله تعالى:

﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

التوبة 72

أ- النصر

هو الفوز والغلبة على الأعداء.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾

البقرة 214

بٍ – النجاة

هي الخلاص من كل مخوفٍ مرهوبٍ ونظيرها السلامة .

قال الله تعالى:

﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ﴾

غافر 41

4 – منزلة الفلاح

        في

   القرآن الكريم 

تنوعت أساليب القرآن الكريم في الحديث عن منزلة الفلاح، والترغيب في تحصيله، ومن ذلك:

1- ذكر الأسباب التي تعين

على تحصيل الفلاح

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾

القصص: ٦٧

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

الحج: ٧٧

2- التنويه بصفات

عباد الله المفلحين

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

المؤمنون: ١ -١١

3- التنويه بذكر الثواب العظيم

المقارن للفلاح في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ الم. ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ٥

قال الله تعالى  :

﴿ لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التوبة: ٨٨

4   – ذكر نماذج مشرقة ممن

اتصفوا بصفات الفلاح

أ – الصحابة

الصحابة رضي الله عنهم عمومًا، ويلحق بهم من صنع صنيعهم ممن جاء بعدهم.

قال الله تعالى  :

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الأعراف: ١٥٧

ب – الأنصار

قال الله تعالى  :

﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الحشر: ٩

5- الترهيب من الأعمال التي

تمنع من تحقق الفلاح

وهي التي تكون سببًا من أسباب حرمانه.

قال الله تعالى  :

﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّار إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام : ١٣٥

﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴾

طه: ٦٩

6- التخويف من نقيض وصف الفلاح ومقابله

وهو الخيبة والخسران في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى  :

﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾

المؤمنون : ١٠٢ -١٠٣

﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾

الأعراف : ٨-٩

7- التخويف من الآثار السيئة

لمخالفة بعض أسباب الفلاح

كالاختلاف والفرقة والتنازع.

قال الله تعالى  :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

آل عمران: ١٠٤-١٠٥

5- أسباب الفلاح

بين القرآن الكريم في كثير من الأيات الأسباب التي توصل إلى تحقيق الفلاح ، وهي على ضربين ، هما

أولًا: أعمال القلوب

وهي حركة القلب وإرادته الموافقة لما استقر فيه من العلم والتصديق.

ومن أعمال القلوب التي جعلها الله جل ثناؤه سببًا في تحقق أصل الفلاح وكماله ، الأتي

1- الإيمان

هو السبب الأعظم في كل فلاح دنيوي وأخروي، فكلما قوي الإيمان في قلب العبد واستحكم، كلما كمل فلاحه

قال الله تعالى :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

المؤمنون : ١

﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾

القصص: ٦٧

وقد نص الله جل وعز في مواطن من كتابه الكريم على بعض أصول هذا الإيمان بمفردها، وعلق عليها تحقق ذلك الفلاح، ومنها:

أ- الإيمان بالغيب

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ٣-٥

والمقصود به التصديق بكل ما غاب عن العبد مما لا تدركه الحواس ولا العقول وحدها؛ لأنه لا يعرف إلا بوحي الله إلى رسله، ومن ذلك ما أخبر الله به في كتابه العزيز، من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، والإيمان بالحياة بعد الممات.

ب – الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ٤-٥

والمعنى أي: يصدقون بما جئت به من الله جل وعز، وما جاء به من قبلك من المرسلين، لا يفرقون بينهم، ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم.

ج – الإيمان باليوم الآخر

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ  .أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ٤-٥

يوقنون بكل ما أعده الله لخلقه يوم القيامة، فهم موقنون بالبعث والقيامة، والجنة، والنار، والحساب، والميزان، والثواب والعقاب.

د- الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم

وذلك بنصرته، وإتباع ما جاء به.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الأعراف: ١٥٧

اشتملت هذه الآية على أربعة أفعالٍ، هي من أسباب حصول الفلاح في الدنيا والآخرة، وهي تصديق النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، والإقرار بنبوته، وتوقيره وتعظيمه، ونصرته على من يعاديه، ثم إتباع القرآن وما تضمنه من شرائع الإسلام التي أنزلت عليه.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

النور: ٥١

ويدخل تحت هذا الأصل من أصول الإيمان: التسليم الكلي، والانقياد التام ظاهرًا وباطنًا لحكم الله جل ثناؤه ، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم،

2- التقوى

وهي أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه من غضب ربه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، بفعل كل ما أمر الله به ، وترك كل ما نهى الله عنه .

قال الله تعالى:

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ٢٠٠

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

المائدة: ١٠٠

3- الصبر والمصابرة

قد جاء في موطنٍ واحدٍ تعليق الفلاح على مجموعة أمورٍ منها الصبر والمصابرة .

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ٢٠٠

والمراد بالصبر هنا الصبر على جميع معاني طاعة الله جل ثناؤه، فيما أمر به، وفيما نهى عنه، فيدخل فيه الصبر على الجهاد، والصبر على الصلوات وفرائض الإسلام، والصبر على المصائب، والصبر على فعل الخير. فلا يدع ذلك الدين، وتلك الطاعة لشدةٍ تعتريه ولا لرخاء حتى يأتيه اليقين.

4- مطالعة آلاء الله ونعمائه

قال الله تعالى:

﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

الأعراف : ٦٩

إذ علق الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة على تذكر نعم الله والتفكر فيها، وفي ذلك سرٌ لطيفٌ، وهو أن ذكر النعم، وإدامة النظر فيها، واستشعار عظمتها، يبعث في النفس تعظيم الـمنعم سبحانه، ومحبته، والخضوع له، والمداومة على شكره بالقلب واللسان والجوارح، فتقابل تلك النعم حينئذٍ بالطاعات.

5- التوبة

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾

القصص: ٦٤-٦٧

 ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

النور: ٣١

خاطب الله تعالى خلقه أن يتوبوا إليه؛ بالرجوع إلى طاعته سبحانه في امتثال ما أمر به، وترك ما نهى عنه، وبالرجوع مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا، إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا.

7- الإخلاص

الإخلاص  يعني أن يتوخى المسلم في كل ما يعمله إرضاء الله تعالى والطمع فيما عنده، فلا الرياء مقصده ولا السمعة، ولا الفخر باعثه .

وقد جاء في سياق الإخلاص في النفقة

قال الله تعالى:

 ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  ﴾

الروم: ٣٨

إنما يبغي بذلك كله وجه الله، لا يريد جزاءً ولا شكورا

قال الله تعالى:

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾

الإنسان: ٨-٩

8- الخشوع

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

المؤمنون: ١-٢

والخشوع في الصلاة إنما يتحصل لـمن فرغ قلبه للصلاة، واشتغل بها عما عداها، فأحضر قلبه بين يدي مولاه، واستحضر قربه وعظمته جل جلاله، وتدبر جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته ، فتنتفي بذلك الخواطر والأفكار الرديئة.

9- موالاة الله ورسوله والمؤمنين،

والبراءة ممن حاد الله ورسوله

لما كان الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان؛ أخبر الله جل ثناؤه أن الاتصاف بوصف الإيمان مانع من موادة الكفار ومحبتهم ولو كانوا أقرب الناس، وأنه لا يجتمع في قلب المؤمن محبة الله، ومحبة من حاد الله ورسوله، وخالف أمر الله ونهيه .

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ  أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ  أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ  أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

المجادلة: ٢٢

ثانيًا: أعمال الجوارح

1- العمل الصالح

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾

القصص: ٦٧

العمل الصالح هو أن يعمل بما أمره الله بعمله في كتابه، ، فيؤدي الفرائض ، ويجتنب المعاصي، وكلما كانت حاله أكمل، كان فلاحه وفوزه وسعادته في الدنيا والآخرة أكبر . ومن الأعمال الصالحة التي اشتملت آيات القرآن الكريم عليها ، ما يلي

أ- الصلاة

هي من أعظم أركان الإسلام، التي علق عليها الفلاح، وقد جاء ذلك في العديد من المواضع في القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

المؤمنون : ١-٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

الحج : ٧٧

ب – النفقة في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ٣-٥

ولفظ النفقة في الآية عامٌ في جميع النفقات ، ويشمل ذلك النفقات الواجبة والمستحبة، التي تبذل احتسابا وتقربًا إلى الله جل وعلا، على قدر ميسورهم وجهدهم.

ت-  ذكر الله تعالى

ذكر الله هي من أعظم العبادات في الإسلام  .

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

الأنفال : ٤٥

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ﴾

الأعلى : ١٤- ١٥

ث – الجهاد في سبيل الله

وعد الله المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، بكل خير وفلاح في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى :

﴿ لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التوبة: ٨٨

والجهاد بذل الجهد في قتال الأعداء من الكفار والمشركين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي التام في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد . ويدخل تحت لفظ الجهاد بذل الجهد واستفراغ الوسع في مجاهدة الشيطان وخطواته، ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء لحملها على فعل الطاعة وترك المعصية.

ج – علق الفلاح على الثبات عند لقاء الأعداء

وقد جاء ذلك من أسباب تحقق الفلاح في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

الأنفال: ٤٥

ح – فعل الخير والدعوة إليه

وقد جاء ذلك من أسباب تحقق الفلاح في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٠٤

﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

الحج: ٧٧

خ – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وقد جاء ذلك من أسباب تحقق الفلاح في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٠٤

والمقصود به الأمر بكل ما يقرب العباد إلى الجنة، ويبعدهم من النار، والنهي عن كل ما يقربهم إلى النار ويبعدهم من الجنة.

د – البعد عن كل ما كان من عمل الشيطان

ومن صفاتهم بُعدهم عن كل ما كان من عمل الشيطان وما يدعو إليه من الآثام .

قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

المائدة:90

6- صفات المفلحين

في القرآن الكريم آيات كثيرة مشتملة على صفات المفلحين وأوصافهم وأعمالهم؛ فجديرٌ بكل مسلم أن يتأمل كتاب الله وأن يعرف الفلاح منه وأن يهتدي بهداياته العظيمة .

1- زكاة النفس

من صفاتهم تزكيتهم لبواطنهم وسرائرهم؛ وذلك بتنقية القلوب من الأوصاف المشينة والخصال الذميمة .

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴾

الأعلى: ١٤

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا .  وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

الشمس : ٩-١٠

ولفظ التزكية في الآيات عامٌ يدخل فيه تزكية النفس وتطهيرها بالإيمان الذي هو ضد الكفر، وبالطاعة التي هي ضد المعصية، وبالأخلاق الحميدة التي هي ضد الأخلاق الرذيلة .

2- الوقايه من الشح

قال الله تعالى:

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التغابن: ١٦

﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الحشر: ٩

ومن الصفات التي لها آثارٌ ذميمة، وجاءت النصوص بذمها، والثناء على من زكى نفسه فتطهر منها، وتحلى بضدها صفة الشح؛ وقد جاء التصريح بأن توقي شح النفس من صفات المفلحين.

3- فعل الخير

حث الله عزو جل عباده المؤمنين على فعل الخير، والسعي في طلب كل وسيلة تقرب إليه سبحانه، من الإيمان به، ومحبته، وطاعته، والعمل بما يرضيه، وعلق على هذا تحقق الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى:

﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

الحج: ٧٧

4- أداء الأمانات والحقوق

عظم الله تعالى شأن الحقوق وأمر بالقيام بها، ومن ذلك

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ  . فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ .  وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ

المؤمنون : 1- 8

5- العطاء

ومن صفات المفلحين العطاء

قال الله تعالى:

﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

الروم : ٣٨

6- البعد عن المحرمات

ومن صفات المفلحين اتقاؤهم ما حرَّم الله تعالى .

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾

المؤمنون 2- 3

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

المائدة : ٩٠

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٣٠

 ( قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

المائدة :100

7- التقوى

تحقيقهم لتقوى الله عز وجل ومجاهدتهم أنفسهم لنيل الوسيلة إليه والقرب منه .

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

المائدة :35

8- ذِكرهم لله

ومن صفات المفلحين عباد الله: ذِكرهم لله جل في علاه بالكثرة، يذكرون الله تعالى ذكرًا كثيرا .

قال الله تعالى:

 ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

الأنفال:45

9-  ذِكرهم لآلاء الله

ومن صفاتهم: ذِكرهم لآلاء الله المتوالية ونعَمه المتتالية وعطاياه التي لا تعد ولا تحصى .

قال الله تعالى:

 ( فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

الأعراف :69

7- أسباب عدم الفلاح  

وبالتتبع والاستقراء لآيات الفلاح في القرآن الكريم يمكن حصر موانع الفلاح وأسباب حرمانه، وتصنيفها فيما يلي:

1- الكفر

وإنما كان الكفر من موانع الفلاح ؛ لأنه أعظم ما ينافي الإيمان وتوحيد الله الذي من أجله خلق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾

المؤمنون: ١١٧

﴿ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾

القصص: ٨٢

2- الردة

الردة هي الرجوع من الإسلام إلى الكفر .

في قصة الفتية الذين آمنوا بالله، وفروا بدينهم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾

الكهف: ٢٠

أي ولن تدركوا السعادة والفوز في الدنيا والآخرة إن عدتم إلى الكفر بعد إذ أنقذكم الله منه؛ لأن الكفر يحبط العمل ويوجب الخلود في النار .

3- ارتكاب الكبائر

الكبائر من أعظم الموانع التي تحرم العبد كمال الفلاح في الدنيا والآخرة، وفيما يلي ذكر لتلك الكبائر

أ – الخمر والميسر

وقد علق الفلاح على اجتناب الخمر والميسر

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

المائدة: ٩٠

الخمر والميسر مانعة من تحقق كمال الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة لما اشتملت عليه من الآثار السيئة والآثام الكبيرة.

ب – الربا

هو الزيادة على الدين مقابل الأجل، وهو من كبائر الذنوب التي تحول بين العبد وبين الفلاح.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٣٠

أن من لم يترك الربا لم يحصل له كمال الفلاح في الدنيا والآخرة.

3- التعدي على أعراض الناس بالزنا والفجور

الزنا من كبائر الذنوب ومانع من موانع كمال الفلاح في الدنيا والآخرة

– في قصة يوسف عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ  إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ  إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

يوسف: ٢٣

ونفي الفلاح عن الظالمين يعم كل ظالمٍ، وأولى من يدخل تحته في هذا السياق من قابل الإحسان بالإساءة، فخان من أحسن إليه، وتعدى على عرضه وشرفه.

4- الظلم

الظلم هو من أعظم موانع الفلاح في القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام: ٢١

﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

الأنعام: ١٣٥

﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ  إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

القصص: ٣٧

﴿ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾

يوسف: ٢٣

5- افتراء الكذب على الله

افتراء الكذب على الله تعالى والتكذيب بآياته

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾

يونس: ٦٩

﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾

النحل: ١١٦

وافتراء الكذب على الله هو بتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله، ثم نسبة ذلك إليه سبحانه.

6- الإجرام

المجرم هو من قطع صلته بالله تعالي ، و هو من موانع الفلاح .

قال الله تعالي :

﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

يونس: ١٧

7- السحر

والسحر من موانع تحقق الفلاح الدنيوي والأخروي .

قال الله تعالي :

﴿ قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ  أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾

يونس: ٧٧

﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴾

طه: ٦٩

8- ثواب المفلحين

بين القرآن الكريم في كثير من الأيات ثواب المفلحين، وذلك في الدنيا و الآخرة من خلال ما يلي:

أولًا: ثواب المفلحين في الدنيا

أ – الهداية

قد أكرم الله جل ثناؤه المتقين من عباده والمحسنين؛ القائمين بأسباب الفلاح الظاهرة والباطنة على الكمال، أن وفقهم للهداية التامة .

قال الله تعالي :

﴿ الم . ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

البقرة: ١-٥

2- الحصول على الخيرات

وصف الله تعالي المفلحين بأنهم الذين ظفروا وفازوا بكل مطلوب لهم في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالي :

﴿ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

التوبة: ٨٨

ثانيًا: ثواب المفلحين في الآخرة

١ – النجاة من النار

أخبر الله تعالي أن ثقل الموازين بالحسنات يوم القيامة وما ترتب عليه، هو من الفلاح الذي ظفر به المفلحون بالنجاة من النار .

قال الله تعالي :

﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾

المؤمنون: ١٠٢-١٠٣

٢ – وراثة الفردوس

وعد الله جل ثناؤه عباده المؤمنين الذين حققوا أسباب الفلاح في الدنيا بالظفر والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة .

قال الله تعالى:

﴿ لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

التوبة: ٨٨ –  89

Share This