1- مفهوم النصيحة
النصيحة هي دعوة يوجهها الناصح إلى المنصوح ، بفعل ما ينفعه أو ترك ما يضره أو تعليمه ما يجهله ونحوها من وجوه الخير.
قال الله تعالى :
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾
الأعراف : 67 – 68
فهذا هودعليه السلام يذَّكر قومه بأنه أدى الرسالة وبلَّغ عن الله سبحانه وتعالى، و نصحهم لما فيه خيرهم .
2- كلمة النصيحة
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (نصح) وصيغها في القرآن الكريم ١٣مر ة. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
وردت ٣ مرات
قال الله تعالى:
﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
التوبة:٩١
– الفعل المضارع
وردت مرتين
قال الله تعالى:
﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الأعراف:٦٢
– المصدر
وردت مر ة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾
هود:٣٤
– اسم الفاعل
وردت ٦ مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾
القصص:٢٠
– الصفة المشبهة
وردت مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾
التحريم:٨
وجاءت النصيحة في القرآن الكريم بمعني الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد.
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة النصيحة
– الوعظ
الوعظ هو تذكير الإنسان بما يلين قلبه من ثوابٍ وعقاب
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾
النساء 66
– الإرشاد
الإرشاد هو الهداية إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا، والتنبيه إلى الرشد والفضيلة.
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾
غافر 29
– البلاغ
البلاغ هو بيان أمر ما وإيصاله للآخرين على الوجه الصحيح ببلاغة وفصاحة لسان.
قال الله تعالى:
﴿ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾
المائدة 99
– التعيير
التعييرهو إظهار السوء بذكر من الصفات أو الأعمال ما يدعو إلى الخجل وإشاعته في قالب النصح، و ذلك بغرض الأذى.
4- الترغيب في النصيحة
النصوص القرآنية تفيد أن النَّصِيحَة من أبلغ ما يوجهها الأنبياء عليهم السلام إلى قومهم، وأنَّها تؤدي ثمارها في حالة السلب والإيجاب بالنسبة للنَّاصح، فإن قبلها القوم، عاد نفعها عليه وعليهم في الدنيا والآخرة، وإن رفضوها، فالنتيجة الحتمية هي العذاب لهم، والأجر للناصح.
1- بيان أن التناصح بين المسلمين
فرع عن الإيمان وشعبة من شعبه
إن التناصح بين المسلمين له فضل عظيم عند الله تعالى، وهو فرع عن الإيمان وشعبة من شعبه.
قال الله تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
العصر:١- ٣
2- التحذير مما وقع للأمم السابقة
عندما تركوا التناصح بينهم
وقد حذرنا القرآن الكريم مما وقع للأمم قبلنا عندما تركوا التناصح بينهم.
قال الله تعالى:
﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾
المائدة: ٧٨ -٧٩
3- الانتفاع بالنصيحة بيد الله
وحده وبمشيئته
فالناصح يبذل ما في وسعه من نصح للآخرين بإخلاص ولين، ويصبر ويتحمل العناء، ولكن الأمر كله بيد الله تعالى فهو الهادي.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾
القصص: ٥٦
– على لسان نوح عليه السلام
عندما أصر قومه على الكفر، وطلبوا منه أن يأتيهم بما وعدهم من العذاب.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
هود: ٣٤
ولا ينفعكم نصحي واجتهادي في دعوتكم للإيمان، إن كان الله يريد أن يضلَّكم ويهلككم، هو سبحانه مالككم، وإليه تُرجَعون في الآخرة للحساب والجزاء.
5- أنواع النصيحة
في
القرآن الكريم
تنقسم النصيحة بطبيعة الغرض منها إلى نوعين ،هما
أولًا: النصيحة المحمودة
أ – تعريفها
النصيحة المحمودة هي التي يراد بها الخير للآخرين، بحيث تكون سرًا لا علانية؛ لأن الغرض منها الإصلاح وليس الفضيحة أو التوبيخ، وتكون بلين ورفق وإخلاص نية من الناصح، والنصيحة المحمودة تحمل خيرًا بحيث تحمي الآخرين من العقاب والوقوع في الفساد وتسير بهم نحو الهداية والصلاح ومن ذلك نصيحةالأنبياء جميعهم كانت تحمل الخير والشفقة فمضمونها الدعوة إلى توحيد الله وتصديق رسله وكتبه.
ب – نماذج من النصيحة المحمودة
من النماذج التي يظهر فيها بصورة النصيحة المحمودة قالبًا ومضمونًا، ما يأتي:
1- على لسان نوح عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الأعراف: ٦٢
أي: إنني رسول من رب العالمين، أرسلني إليكم، فأنا أبلغكم رسالات ربي، وأنصح لكم في تحذيري إياكم عقاب الله على كفركم به، وتكذيبكم إياي، وردكم نصيحتي، وأعلم من الله ما لا تعلمون من صفاته ورحمته وعذابه، وشدة بطشه على أعدائه وأن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين .
2- على لسان صالح عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾
الأعراف: ٧٩
أي: تولى عنهم صالح عند اليأس من إجابتهم، وهو مغتم متحسر على ما فاته من إيمانهم، حزنا عليهم، وقال: يا قوم لقد بذلت فيكم منتهى وسعي وجهدي في إبلاغكم النصيحة، ولكنكم لا تحبون الناصحين، فوجبت عليكم كلمة العذاب .
3- على لسان نبي الله شعيب عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾
الأعراف: ٩٣
فأعرض شعيب عنهم حينما أيقن بحلول العذاب بهم، وقال: يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم بالدخول في دين الله والإقلاع عما أنتم عليه، فلم تسمعوا ولم تطيعوا، فكيف أحزن على قوم جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسله؟
4- على لسان هود عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾
الأعراف:٦٨
أُبلِّغكم ما أرسلني به ربي إليكم، وأنا لكم – فيما دعوتكم إليه من توحيد الله والعمل بشريعته – ناصح، أمين على وحي الله تعالى.
5- موقف مؤمن آل فرعون من موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾
القصص: ٢٠
وجاء رجل من آخر المدينة يسعى، قال يا موسى: إن أشراف قوم فرعون يتآمرون بقتلك، ويتشاورون، فاخرج من هذه المدينة، إني لك من الناصحين المشفقين عليك.
6- نصح أخت موسى عليه السلام لآل فرعون
ومن النصح المحمود الذي ورد في القرآن الكريم، نصح أخت موسى عليه السلام لآل فرعون في أمر إرضاع موسى عليه السلام عندما التقطه آل فرعون.
قال الله تعالى:
﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾
القصص: ١٢
وحرمنا على موسى المراضع أن يرتضع منهن مِن قبل أن نردَّه إلى أمه، فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يضمنون رضاعه والقيام بمصالحه، وهم حافظون له، ناصحون للملك، بخدمته والمحافظة عليه لا يمنعونه ما ينفعه في تربيته وإغذائه، ولا يخونونكم فيه .
7- نصح المؤمنين فيما بينهم
قال الله تعالى:
﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
التوبة: ٩١
أي: إن هذه الأصناف الثلاثة لا حرج ولا إثم في قعودهم عن الجهاد الواجب على شرط أن ينصحوا لله ورسوله: أي يخلصوا لله في الإيمان وللرسول في الطاعة .
ثانيًا: النصيحة المذمومة
أ – تعريفها
النصيحة المذمومة هي تلك النصيحة التي نهى الشرع عنها، فغرضها خداع الآخرين وغشهم والنيل منهم وإلحاق الأذى بهم
ب – نماذج من النصيحة المذمومة
من النماذج التي يظهر فيها بصورة النصيحة المذمومة قالبًا ومضمونًا، ما يأتي:
1- نصيحة الشيطان الرجيم مع آدم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾
الأعراف: ٢0- 21
كانت نصيحته مذمومة تحمل الشر والحقد لآدم عليه السلام بعد أن فضله الله عليه وأمره بالسجود له، فكيف يعقل أن يريد بهم خيرًا، وهو نفسه الذي رفض السجود لآدم عليه السلام، وتوعد بالنيل من ذريته وإضلالهم عن الحق والقعود لهم في كل مرصد لإغوائهم.
2- نصيحة إخوان يوسف عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴾
يوسف: ١١
هذه الآية تبين كيف أظهر إخوان يوسف عليهم السلام حرصهم على أخيهم يوسف، وخوفهم عليه، ونصحهم له وتعهدهم لأبيهم برعايته، ومع ما يحمله كلامهم من طابع النصح إلا أنه كان نصحًا غير محمود بل مذموم فقد أرادوا الخير في ظاهر كلامهم ولكن في باطنه أرادوا إيقاع السوء بيوسف عليه السلام فقد أضمروا بداخلهم التخلص منه .
6- آداب النصيحة
في
القرآن الكريم
لا بد أن نعلم بأن المقصود من النصيحة ليس تقديم النصيحة فحسب وإنما أن يحصل الانتفاع بها، لذا يتعين على الناصح القيام بعدة أمور حتى تجدي النصيحة نفعها، ويجد أثرها في قلوب الآخرين، ومن ذلك ما يأتي:
1- أن يكون الناصح على علم وبصيرة بما ينصح
يجب أن يكون الناصح عالمًا بالأمور التي ينصح بها.
قال الله تعالى:
﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الأعراف: ٦٢
فلا ينصح في أمور يجهلها، فيضل الناس بدلًا من أن ينفعهم.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾
الإسراء: ٣٦
2- أن يكون عاملًا بما ينصح به
وأن يكون عاملًا بما يقول وليس ممن يخالف قوله فعله.
قال الله تعالى:
﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
الصف: ٣
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
البقرة: ٤٤
3- الرفق واللين عند النصح
قال الله تعالى:
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
آل عمران:159
﴿ وقوله سبحانه لما بعث موسى وهارون إلى فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾
طه:44
4- الأسلوب المناسب للنصيحة
الأسلوب المناسب للنصيحة وإيضاح الأدلة بالأسلوب الحسن، لأن هذا أقرب إلى الانتفاع بالحق وقبوله وتأثر المدعو.
قال الله تعالى:
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
الإسراء:53
﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾
البقرة :83
﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾
النحل :125
5- الإخلاص في النصيحة وابتغاء وجه الله بها
إن النصيحة عبادة وتقرب إلى الله عز وجل
– عن نصح نوحًا عليه السلام لقومه
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾
الأعراف: 68
فالناصح يبتغي بنصيحته الرضا والأجر من الله سبحانه وتعالى، وإبراء ذمته، مخلصًا في أدائها، مشفقًا على الناس، لأنه محاسب على نيته ومثاب عليها
قال الله تعالى:
(لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا . إنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا)
الإنسان:9-10
7- مجالات النصيحة
في
القرآن الكريم
تعتبر النصيحة من الأمور الهامة التي دعا لها القرآن الكريم ، ومن المجالات التي تتناولها النصيحة الأمور الأتية
أولًا- أمور تتعلق بالجانب الديني
من أهم الأمور الدينية التي يجب النصح والتذكير بها كل ما يتعلق بالعقيدة السليمة من تذكير بالله وتوحيده لله وعدم الشرك به، واثبات أسمائه وصفاته، وتصديق أنبيائه وما جاؤوا به من كتب وشرع، وأوامر ونواهٍ، وكل ما يتعلق بالأمور التعبدية سواء كانت شعائر كالصلاة والصيام والزكاة والحج، وكل ما فيها من أحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو عبادات تعاملية وذلك بالتحلي بالأخلاق الإسلامية وترك الأخلاق الذميمة التي نهى عنها الإسلام كالصدق، والأمانة، والإخلاص، وعدم الكذب، وعدم الغيبة، وعدم النميمة، وغض البصر، لذلك ينبغي على المسلم أن يسعى دوما لنصح إخوانه وأهل زمانه .
– على لسان لقمان من نصائح ومواعظ لابنه
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ . يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ . وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾
لقمان: ١٣ – ١٩
ثانيًا- أمور تتعلق بالجوانب الدنيوية
لا تتوقف النصيحة على أمور الدين، بل تتعداها إلى النصح في جميع الأمور الدنيوية، كأن يستنصحك أحدهم حول وظيفة، أو سيارة يريد شراءها، فعلى المسلم أن يشير عليه وينصحه بما فيه الخير والنفع له، فلا يغشه في النصيحة ولا يخدعه، وكذلك إذا أحس أن أخاه المسلم في خطر فعليه أن ينبهه .
– عن قصة موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾
القصص:٢٠
وجاء رجل من آخر المدينة يسعى، قال يا موسى: إن أشراف قوم فرعون يتآمرون بقتلك، ويتشاورون، فاخرج من هذه المدينة، إني لك من الناصحين المشفقين عليك.
فهكذا يجب أن يكون المسلم ناصحا ً لغيره ومحذرا ً له من أي ضرر قد يلحق به أو أي خطر قد يهدد حياته، بل عليه أن يدله على طريق النجاة إن كان على علم بها، وكذلك الأمور الدنيوية الأخرى عليه أن يقدم النصح فيما فيه خير للمسلمين في أمور دنياهم.
8- أساليب النصيحة
في
القرآن الكريم
من الأساليب المختلفة للنصيحة في القرآن الكريم ،الأتي
1ـ بيان طريق الصواب
هذا هو الأُسلوب الأوّل من أساليب النصيحة وهو طريق مباشر، يتمثّل ببيان طريق الصواب الذي يجب على الناس اتّباعه، فالناصح يبيّن للأفراد ما عليهم اتّباعه والأخذ به .
– عن النبي شعيباً عليه السلام
يُبيّن للناس ما عليهم فعله والطريق الذي يجب عليهم سلوكه،
قال الله تعالى:
( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
الأعراف: 85
– عن النبي هود عليه السلام
وذلك من خلال نصحه لقومه، ووصفه لهم طريق النجاة
قال الله تعالى:
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)
هود: 52.
2ـ الإنذار بالمخاطر المترتّبة
أُسلوب آخر في النصيحة عن طريق بيان الآثار السلبية والمخ%
أحدث التعليقات