1- مفهوم الركوع
هو الانحناء في الصلاة بقصد الخضوع لله تعالى تعظيمًا وإجلالًا ، للدلالة على الخضوع والاستسلام والطاعة تعبدًا.
2- كلمة الرّكوع
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (ركع) وصيغها في القرآن الكريم ١٣ مرة. والصيغ التي وردت هي:
– الفعل المضارع
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾
المرسلات: ٤٨
– فعل الأمر
ورد ٤مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
البقرة: ٤٣
– اسم الفاعل
ورد 5 مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾
ص: ٢٤
– الجمع
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
الحج: ٢٦
وجاء الركوع في الاستعمال القرآني على ثلاثة أوجه:
1- الركوع بمعني الصلاة
قال الله تعالى:
﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
البقرة: ٤٣
أي : صلّوا مع المصلّين
2- الركوع بمعني السجود
قال الله تعالى:
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾
ص: ٢٤
يعني: ساجدًا.
3- الركوع بعينه
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾
المائدة: ٥٥
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الرّكوع
– السجود
هو إلصاق الرأس والأطراف بالأرض على هيئة مخصوصة في الصلاة وغيرها، يقول فيها العبد ألفاظًا مخصوصة؛ تعظيمًا وإجلالًا للمعبود، وخضوعًا وانكسارًا من العبد على سبيل التعبد.
قال الله تعالى:
﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾
الفتح: 29
– القنوت
هو طول القيام في الصلاة طاعة لله، على هيئة مخصوصة، في وقت مخصوص، تعظيمًا لله وإجلالًا.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
النحل: 120
– الخشوع
إقبال المرء بقلبه على الله في دعائه وصلاته؛ خوفًا وانقيادًا، مع خضوع الجوارح والأعضاء.
قال الله تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
المؤمنون: 1- 2
4- الركوع في شرائع
جميع الأمم
نجد أن الركوع أو السجود أو كليهما كانا عند جميع الأمم وفي شرائعهم المنزلة، كما أشار الله عز وجل إلى ذلك
قال الله تعالى:
﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
آل عمران: ٤٣
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾
ص: ٢٤
وقوله سبحانه آمرًا إبراهيم عليه الصلاة والسلام
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
الحج: ٢٦
﴿ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
البقرة: ١٢٥
5- الحث على الركوع
في
القرآن الكريم
لقد وردت لفظة الركوع ومشتقاتها في القرآن الكريم بأسلوب يحث على الركوع ، ومنها ما يأ تي
١- أسلوب الأمر
وقد جاء ذلك في الآيات الأ تية
قال الله تعالى:
﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
البقرة: ٤٣
﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
آل عمران: ٤٣
أمر صريح من الله لمريم عليها الصلاة والسلام بالخضوع له بالطاعة،
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
الحج: ٧٧
2- أسلوب الثناء على الراكعين
يعتبر الركوع من أهم الصفات التي يتميز بها العبد المسلم بخضوعه لربه جل جلاله، منحنيًا بهامته لخالقه ورازقه بكل عبودية وتعظيم وإخلاص لله تعالى. ولقد أثنى الله عز وجل على الراكعين في أكثر من آية وردت بآيات الذكر الحكيم ، منها ..
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾
المائدة: ٥٥
إنما ناصركم – أيُّها المؤمنون- الله ورسوله، والمؤمنون الذين يحافظون على الصلاة المفروضة، ويؤدون الزكاة عن رضا نفس، وهم خاضعون لله.
قال الله تعالى:
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾
ص: ٢٤- 25
وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب. فغفرنا له ذلك، وجعلناه من المقرَّبين عندنا، وأعددنا له حسن المصير في الآخرة.
قال الله تعالى:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
التوبة: ١١٢
ومن صفات هؤلاء المؤمنين الذين لهم البشارة بدخول الجنة أنهم التائبون الراجعون عما كرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه، الذين أخلصوا العبادة لله وحده وجدوا في طاعته، الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير أو شر، الصائمون، الراكعون في صلاتهم، الساجدون فيها، الذين يأمرون الناس بكل ما أمر الله ورسوله به، وينهونهم عن كل ما نهى الله عنه ورسوله، المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه، القائمون على طاعته، الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ . يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾
آل عمران: ٤2- 43
واذكر -أيها الرسول- حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله اختاركِ لطاعته وطهَّركِ من الأخلاق الرذيلة، واختاركِ على نساء العالمين في زمانك. يا مريم داومي على الطاعة لربك، وقومي في خشوع وتواضع، واسجدي واركعي مع الراكعين؛ شكرًا لله على ما أولاكِ من نعمه.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
البقرة: ١٢٥
﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
الحج: ٢٦
واذكر- أيها النبي- إذ بَيَّنا لإبراهيم – عليه السلام- مكان البيت، وهيَّأناه له وقد كان غير معروف، وأمرناه ببنائه على تقوى من الله وتوحيده وتطهيره من الكفر والبدع والنجاسات؛ ليكون رحابًا للطائفين به، والقائمين المصلين عنده.
3- أسلوب ذم الذين لا يركعون لله تعالى
وقد ورد في موضع واحد.
قال الله تعالى:
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ . وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴾
المرسلات: ٤7- 48
هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء.وإذا قيل لهؤلاء المشركين: صلُّوا لله، واخشعوا له، لا يخشعون ولا يصلُّون، بل يصرُّون على استكبارهم.
4- أسلوب بيان حسن الجزاء للراكعين
أ- في الدنيا
الركوع سبب من أسباب قبول التوبة.
– عن بني إسرائيل
فقد جعل الله سبحانه الركوع سببًا للتوبة عن بني إسرائيل، وشكرًا لله عز وجل على أن سهّل لهم فتح بيت المقدس
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾
البقرة: ٥٨
ركعًا منحنين خاضعين لله سائلينه أن يحطّ عنهم سيئاتهم،
– عن داوود عليه السلام
ونرى ذلك واضحًا في قبول التوبة والفلاح بقصة داوود عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ . فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾
ص: ٢٤ -٢٥
أي: ألقى بنفسه نحو الأرض متطامنًا متواضعًا لله عز وجل، سائلًا ربه بأن يغفر له ذنبه، تائبًا مما وقع فيه من الخطأ.
ب – في الآخرة
– البقاء في الجنة للذين يركعون له في الدنيا
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
الحج: ٧٧
يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا في صلاتكم، واعبدوا ربكم وحده لا شريك له، وافعلوا الخير كصلة الرحم ومكارم الأخلاق؛ لعلكم تفوزون بالبقاء في الجنة.
– العذاب الشديد للذين لا يركعون له في الدنيا
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ . وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾
المرسلات: ٤٨-٤٩
وإذا قيل لهؤلاء المشركين: صلُّوا لله، واخشعوا له، لا يخشعون ولا يصلُّون، بل يصرُّون على استكبارهم. هلاك وعذاب شديد يوم القيامة للمكذبين بيوم الحساب والجزاء.
أحدث التعليقات