1- مفهوم الصلاح
الصلاح هو الاستقامة على ما أمربه الله تعالى والبعد عن ما نهي عنه ، وهو ضد الفساد .
قال الله تعالى:
(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )
الأعراف:56
2- كلمة الصلاح
في
القرآن الكريم
وردت كلمة الصلاح وصيغها في القرآن الكريم (١٨0) مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– صيغة الفعل
ورد 30 مرة
قال الله تعالى:
( وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ )
الأنفال:1
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾
الرعد:٢٣
– صيغة الاسم
ورد 150 مرة
قال الله تعالى:
( والصلح خير)
النساء:128
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
فصلت:٤٦
ولفظ (صلح) ومشتقاته ورد في القرآن على معان، نذكر منها:
–1 الإيمان
قال الله تعالى:
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ ﴾
الرعد:٢٣
يعني: ومن آمن من آبائهم.
قال الله تعالى:
( فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ )
المنافقون:10
أي: أكن من المؤمنين.
-2 حسن المنزلة
قال الله تعالى:
( وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )
البقرة:130
يعني في الدار الآخرة حَسُنت منزلته وكرامته عند الله
قال الله تعالى:
﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾
يوسف:٩
يعني: تحسن منزلتكم عند أبيكم.
3- تسوية الخلق
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
الأعراف:١٨٩
أي: دعَوا الله ربهما أن يكون المولود بشرًا سويًّا
4- التزام شرع الله
قال الله تعالى:
( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ )
هود:88
أي: ليس لي هدف من ورائي دعوتكم إلا أن تلتزموا شرع الله، فتأتمروا بأمره، وتنتهوا بنهيه.
قال الله تعالى:
( إلا الذين تابوا وأصلحوا )
البقرة :160
أي: تابوا عن المعاصي، والتزموا شرع الله.
5- الطاعة
قال الله تعالى:
( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
البقرة:25
أي: آمنوا بالله وأطاعوه.
قال الله تعالى:
( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا )
الأعراف :56
أي: بعد قيام الطاعة فيها لله تعالى.
6- الوفاء وحسن الصحبة
قال الله تعالى:
( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ )
القصص:27
يعني: في حسن الصحبة والوفاء بما قلت.
7- المرسلين
قال الله تعالى:
( رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ )
الشعراء:83
( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ )
يوسف :101
أي: اجعلني رسولاً إلى خلقك
8- الرفق
قال الله تعالى:
( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ )
الأعراف:142
أي: ارفق بهم.
هذه أهم المعاني التي ورد عليها لفظ (صلح) ومشتقاته في القرآن، وهي معان مستفادة من السياقات التي وردت فيها ، وهي في جملتها تفيد معنى (الصلاح) بمعناه العام، الذي هو خلاف الفساد، وبمعناه الشرعي، الذي هو طاعة الله والتزام أحكامه.
3- كلمات ذات الصلة
بكلمة الصلاح
– الإصلاح
الإصلاح هو إرجاع الشيء إلى حالة اعتداله بإزالة ما طرأ عليه من الفساد
قال الله تعالى:
( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ )
هود: 88
وما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه إلا إصلاحكم قَدْر طاقتي واستطاعتي
– الصلح
الصلح هو عبارة عن عقد وضع لرفع المنازعة بالتراضي.
قال الله تعالى:
( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا )
النساء: 128
– الفساد
الفساد هو خروج الشيء عن الاستقامة ، قليلًا كان الخروج عنه أو كثيرًا، ويضاده الصلاح
قال الله تعالى:
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾
الروم 41
4 – الله تعالى هومصدر
صلاح الإنسان
وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحًا، وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح
– إصلاح الحال
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾
محمد:٢
– إصلاح الأعمال
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾
الأحزاب:٧0 – 71
– إصلاح الذرية
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾
الأحقاف:١٥
– لا يصلح عمل المفسدين
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾
يونس:٨١
أي: المفسد يضاد الله في فعله، فإنه يفسد والله تعالى يتحرى في جميع أفعاله الصلاح، فهو إذا لا يصلح عمله .
5- أنواع الصلاح
الصلاح في القرآن الكريم يأتي على نوعين هما:
أولًا: صلاح الخلق
وصلاح الخلق على قسمين:
١ – الصلاح المادي
وهو استواء الخلق والعقل
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
الأعراف:١٨٩-١٩٠
هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل، دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك. فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا، جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما .
قال الله تعالى:
﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
الأنبياء: ٨٩-٩٠
واذكر – أيها الرسول – قصة عبد الله زكريا حين دعا ربه أن يرزقه الذرية لما كَبِرت سنُّه قائلا رب لا تتركني وحيدًا لا عقب لي، هب لي وارثًا يقوم بأمر الدين في الناس من بعدي، وأنت خير الباقين وخير مَن خلفني بخير. فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له على الكبر ابنه يحيى، وجعلنا زوجته صالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عاقرًا، إنهم كانوا يبادرون إلى كل خير، ويدعوننا راغبين فيما عندنا، خائفين من عقوبتنا، وكانوا لنا خاضعين متواضعين.
٢ – الصلاح المعنوي
والمراد به الإيمان والاستقامة على الدين
– في بني إسرائيل
قال الله تعالى:
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ ﴾
الأعراف:١٦٨
وفرَّقنا بني إسرائيل في الأرض جماعات، منهم الصالحون القائمون بحقوق الله وحقوق عباده، ومنهم المقصِّرون الظالمون لأنفسهم
قال الله تعالى:
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:١١٣-١١٤
فقد بين الله تعالى في الآية أن أهل الكتاب ليسوا سواء بل إن منهم أمة أهل الإيمان، ومنهم أمة أهل الكفر، فهم غير متساوين، ولكنهم متفاوتون في الصلاح والفساد، والخير والشر.
– عن يحيى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:٣٩
والصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه، وإلى الناس حقوقهم.
– عن عيسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ . وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:٤٦
فهو معدود من أهل الصلاح والفضل في قوله وعمله.
والآيات الواردة في وصف الأنبياء بالصلاح كثيرة وما ذكرناه هو على سبيل المثال لا الحصر.
– في وصف الأفراد من غير النبيين
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾
الكهف:٨٢
وأما الحائط الذي عدَّلتُ مَيْلَه حتى استوى فإنه كان لغلامين يتيمين في القرية التي فيها الجدار، وكان تحته كنز لهما من الذهب والفضة، وكان أبوهما رجلا صالحًا، فأراد ربك أن يكبَرا ويبلغا قوتهما، ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك بهما .
– في صلاح الجن
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ﴾
الجن:١١
يقول تعالى مخبرًا عن الجن أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم: وأنا منا الأبرار المتقون، ومنا قوم دون ذلك كفار وفساق، كنا فرقًا ومذاهب مختلفة.
ثانيًا: صلاح الأعمال
إن صلاح الأعمال يكون فى إخلاصها لله سبحانه وتعالى، فالعمل الصالح هو ما أريد به وجه الله تعالى وينتظم جميع أنواعه
أ – صلاح الخلق
1- صلاح الأنبياء عليهم السلام
وصف الله سبحانه وتعالى الأنبياء عليهم السلام بالصلاح
– عن إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
البقرة:١٣٠
– عن يحيى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:٣٩
– عن عيسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ . وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:45- 46
– عن زكريا وإلياس عليهم السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
الأنعام:٨٥
– عن لوط عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ . وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
الأنبياء:٧٤-٧٥
– عن إسماعيل عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ . وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
الأنبياء:٨٥-٨٦
– عن يونس عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ . لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ . فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
القلم:٤٨-٥٠
ويمكن بيان الحكمة من وصفهم بالصلاح لتعظيم صفة الصلاح، وتعظيم للموصوف بها ، وخص الأنبياء بذكر الصلاح؛ لأنه لا يتخلل صلاحهم خلاف ذلك .
والصلاح على إطلاقه هو أكمل صفة وأتمها يمكن أن يظفر بها إنسان حتى الأنبياء فهى الكمال الإنسانى فى أعلى مراتبه وأشرف منازله، ولهذا كان من دعوات الأنبياء عليهم السلام أن يكونوا من عباد الله الصالحين.
– على لسان سليمان عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾
النمل:١٩
-على لسان إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾
الشعراء:٨٣
2 – الذرية الصالحة
أما الحكمة من الدعاء بطلب الذرية الصالحة لأن الصلاح أفضل الصفات
قال الله تعالى:
﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ . فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾
الصافات: ١٠٠- 101
وقال إبراهيم رب أعطني ولدًا صالحًا. فأجبنا له دعوته، وبشَّرناه بغلام حليم، أي: يكون حليمًا في كبره، وهو إسماعيل.
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾
الفرقان:٧٤
لأن نعمة الولد تكون أكمل إذا كان صالحًا فإن صلاح الأبناء قرة عين للآباء، ومن صلاحهم برهم بوالديهم.
قال الله تعالى:
﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الأحقاف:١٥
وفي الآية إشارة لرغبة المؤمن في أن يتصل عمله الصالح في ذريته، وأن يؤنس قلبه شعوره بأن في عقبه من يعبد الله ويطلب رضاه، والذرية الصالحة أمل العبد الصالح
ثانيًا: أسباب صلاح الخلق
١- الاصطفاء الإلهي
إن من أسباب صلاح الخلق الاصطفاء الإلهي ، والاصطفاء حال يستحقه العبد بكونه صالحًا مؤدي حقوق الله عليه .
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
البقرة:١٣٠
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ . لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ . فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
القلم:٤٨-٥٠
وهذا الاصطفاء هو بمشيئة الله تعالى واختياره
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾
الشورى:١٣
﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾
فاطر:٣٢
﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ ﴾
طه:١٢٢
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
النحل:١٢٠-١٢١
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اجتباء بعض الخلق بالتعيين .
٢ – المسارعة في الخيرات
إن من أسباب صلاح الخلق المسارعة في الخيرات، فقد ذكر سبحانه أن من أسباب صلاح بعض أهل الكتاب وغيرهم هو المسارعة في الخيرات.
قال الله تعالى:
﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
آل عمران:١١٤
ليس أهل الكتاب متساوين: فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله ، يقومون الليل يتلون آيات الله ، مقبلين على مناجاة الله في صلواتهم. يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالخير كله، وينهون عن الشر كلِّه، ويبادرون إلى فعل الخيرات، وأولئك مِن عباد الله الصالحين.
قال الله تعالى:
﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾
الأنبياء:٩٠
فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له على الكبر ابنه يحيى، وجعلنا زوجته صالحة في أخلاقها وصالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عاقرًا، إنهم كانوا يبادرون إلى كل خير، ويدعوننا راغبين فيما عندنا، خائفين من عقوبتنا، وكانوا لنا خاضعين متواضعين. فالمسارعة في الخيرات سبب لصلاح الذرية والأزواج، ماديًّا ومعنويًّا، خَلْقًا وخُلُقًا .
٣ – الدعاء
إن من أسباب صلاح الخلق الدعاء، فقد أرشد الله تعالى الإنسان إلى ذلك
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾
الأحقاف:١٥
و لما كان الدعاء سببًا في صلاح الخلق كان من سنة الأنبياء عليهم السلام،
– عن إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾
الشعراء: ٨٣
قال إبراهيم داعيًا ربه: ربِّ امنحني العلم والفهم، وألحقني بالصالحين، واجمع بيني وبينهم في الجنة.
– عن سليمان عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾
النمل :١٩
فقد دعا سليمان ربه بأن يوفقه؛ لأن يعمل صالحًا، وأن يدخله في عباده الصالحين في الجنة مما يدل على أن الدعاء سبب في صلاح الخلق.
– عن يوسف عليه السلام
﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾
يوسف:١٠١
ثم دعا يوسف ربه قائلا ربِّ قد أعطيتني من ملك “مصر”، وعلَّمتني من تفسير الرؤى وغير ذلك من العلم، يا خالق السموات والأرض ومبدعهما، أنت متولي جميع شأني في الدنيا والآخرة، توفني إليك مسلمًا، وألحقني بعبادك الصالحين من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار.
٤- التواصي بالحق والتواصي بالصبر
إن من أسباب الصلاح التواصي بالحق بين الناس
قال الله تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
العصر:١-٣
والحق الذي ذكر الله بالتواصي به هو كتاب الله تعالى، وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله ، لأن الصبرملاك استقامة الأعمال ومصدرها فإذا تخلق به المؤمن صدرت عنها الحسنات والفضائل بسهولة.
ثالثًا: مظاهر صلاح الخلق
١- تحري أكل الطيبات
إن من مظاهر صلاح الخلق تحري أكل الطيبات
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
المؤمنون:٥١
فقد أمر الله كل نبى فى زمانه بأن يأكل من المال الحلال مالذ وطاب، وأن يعمل صالح الأعمال، ليكون ذلك جزاء ما أنعم به عليه من النعم الظاهرة والباطنة.
وهذا الأمر، وإن كان موجهًا إلى الأنبياء، فإن أممهم تبع لهم .
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾
البقرة:١٧٢
وفي تقديم أكل الطيبات على العمل الصالح إيماء إلى أن العمل الصالح لا يتقبل إلا إذا سبق بأكل المال الحلال.
٢ – الصدقات
إن من مظاهر الصلاح الصدقات بكل أنواعها، وذلك لارتباط العمل الصالح بها .
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
المنافقون: ١٠
وأنفقوا -أيها المؤمنون- بالله ورسوله بعض ما أعطيناكم في طرق الخير، مبادرين بذلك من قبل أن يجيء أحدكم الموت، ويرى دلائله وعلاماته، فيقول نادمًا: ربِّ هلا أمهلتني، وأجَّلت موتي إلى وقت قصير، فأتصدق من مالي، وأكن من الصالحين الأتقياء.
وقد بين الله تعالى أن غير المتصدقين من المؤمنين قد أخلوا بسبب رئيس من أسباب الصلاح حيث
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ .فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾
التوبة:٧٥-٧6
ومن فقراء المنافقين مَن يقطع العهد على نفسه: لئن أعطاه الله المال ليصدَّقنَّ منه، وليعمَلنَّ ما يعمل الصالحون في أموالهم، وليسيرَنَّ في طريق الصلاح. فلما أعطاهم الله من فضله بخلوا بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير، وتولَّوا وهم معرضون عن الإسلام.
6 – صلاح الأعمال
أولًا: اقتران الإيمان بالعمل الصالح
يقترن العمل الصالح بالإيمان في القرآن الكريم في خمس وسبعين مرة، مع الوعد والبشرى بأن من يعمل صالحا وهو مؤمن، فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا، ولا كفران لسعيه، له جزاء الحسنى، وحياة طيبة. ومن الآيات التي اقترن فيها العمل الصالح بالإيمان
قال الله تعالى:
﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾
البقرة:٢٥
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
البقرة:٨٢
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾
آل عمران:٥٧
وغيرها من الآيات الكثير.
والآيات التي قرن الإيمان فيها بالعمل الصالح، يفسر الإيمان فيها بما في القلوب من المعارف والتصديق، والاعتقاد والإنابة، والعمل الصالح بجميع الشرائع القولية والفعلية.
ثانيًا: أسباب صلاح الأعمال
إن العمل لا يكون صحيحًا مقبولًا عند الله إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط على وجه الإجمال، وهذه الشروط هي:
الشرط الأول: أن يكون العامل مؤمنًا موحدًا.
قال الله تعالى:
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾
الكهف:١١٠
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾
النساء:١٢٤-١٢٥
الشرط الثاني: الإخلاص وهو أن يقصد بعمله وجه الله عز وجل.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾
الزمر: 2
﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾
الأعراف: 29
الشرط الثالث: المتابعة وهو أن يعمل مهتديا بالشريعة من دون غلو أو ابتداع.
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
آل عمران:٣١
وكل عمل لا يقوم على أسباب العمل الصالح يكون يوم القيامة لا قيمة له ولا وزن
قال الله تعالى:
﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾
الفرقان:٢٣
ثالثًا: تمني القيام بالعمل الصالح بعد الموت
بين الله تعالى أن من لا يعمل صالحًا يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيعمل صالحًا
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ . وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾
فاطر:٣6- 37
والذين كفروا بالله ورسوله لهم نار جهنم الموقدة، لا يُقْضى عليهم بالموت، فيموتوا ويستريحوا، ولا يُخَفَّف عنهم مِن عذابها، ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كلَّ متمادٍ في الكفر مُصِرٍّ عليه. وهؤلاء الكفار يَصْرُخون من شدة العذاب في نار جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم، وردَّنا إلى الدنيا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمله في حياتنا الدنيا، فنؤمن بدل الكفر، فيقول لهم: أولم نُمْهلكم في الحياة قَدْرًا وافيًا من العُمُر، يتعظ فيه من اتعظ، وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم، فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب الله.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾
السجدة:١٢
ولو ترى -أيها المخاطب- إذ المجرمون الذين أنكروا البعث قد خفضوا رؤوسهم عند ربهم من الخزي والعار قائلين: ربنا أبصرنا قبائحنا، وسمعنا منك تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا، وقد تُبْنا إليك، فارجعنا إلى الدنيا لنعمل فيها بطاعتك، إنا قد أيقنَّا الآن ما كنا به في الدنيا مكذبين من وحدانيتك، وأنك تبعث من في القبور. ولو رأيت -أيها الخاطب- ذلك كله، لرأيت أمرًا عظيمًا، وخطبًا جسيمًا.
ولا يقتصر تمني من لا يعمل صالحًا على ذلك في الآخرة بل يتمنى قبل ذلك عند حضور الموت
قال الله تعالى:
﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
المؤمنون:٩٩-١٠٠
يخبر الله تعالى عن حال المحتضر من الكافرين أو المفرطين في أمره تعالى، حتى إذا أشرف على الموت، وشاهد ما أُعِدَّ له من العذاب قال: رب ردُّوني إلى الدنيا. لعلي أستدرك ما ضيَّعْتُ من الإيمان والطاعة. ليس له ذلك، فلا يجاب إلى ما طلب ولا يُمْهَل. فإنما هي كلمة هو قائلها قولا لا ينفعه، وهو فيه غير صادق، فلو رُدَّ إلى الدنيا لعاد إلى ما نُهي عنه، وسيبقى المتوفَّون في الحاجز والبَرْزخ الذي بين الدنيا والآخرة إلى يوم البعث والنشور.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾
الأنعام : 27 – 28
ولو ترى -أيها الرسول- هؤلاء المشركين يوم القيامة لرأيت أمرًا عظيمًا، وذلك حين يُحْبَسون على النار، ويشاهدون ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا: ياليتنا نُعاد إلى الحياة الدنيا، فنصدق بآيات الله ونعمل بها، ونكون من المؤمنين. ليس الأمر كذلك، بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم: لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا، وكنا من المؤمنين.
7 – جزاء الصلاح في الدنيا والآخرة
بين الله تعالى في كتابه الكريم الجزاء على الصلاح، وأنه يكون في الدنيا للصالحين، ويكون كذلك في الآخرة بسبب صلاحهم.
أولًا: جزاء الصلاح في الدنيا
إن جزاء الصلاح في الدنيا يتمثل فيما يأتي:
١- وراثة الأرض
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾
الأنبياء:١٠٥
ولقد كتبنا في الكتب المنزلة من بعد ما كُتِب في اللوح المحفوظ: أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون الذين قاموا بما أُمروا به، واجتنبوا ما نُهوا عنه
٢- صلاح الأولاد
ذكر الله سبحانه وتعالى أن من جزاء الصلاح في الدنيا صلاح الأولاد
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا . فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾
الكهف:٨0 – 81
وأما الغلام الذي قتلته فكان في علم الله كافرًا، وكان أبوه وأمه مؤمِنَيْن، فخشينا لو بقي الغلام حيًا لَحمل والديه على الكفر والطغيان؛ لأجل محبتهما إياه أو للحاجة إليه. فأردنا أن يُبْدِل الله أبويه بمن هو خير منه صلاحًا ودينًا وبرًا بهما.
٣ – ولاية الله تعالى
ثبتت ولاية الله تعالى للصالحين
﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾
الأعراف:١٩٦
والمعنى: أن الله تعالى هو حسبي وكافي، وهو نصيري وعليه متكلي وإليه ألجأ، وهو وليي في الدنيا والآخرة وهو ولي كل صالح بعدي .
٤ – النجاة من المجرمين
إن الله تعالى ينجي الصالحين من أعدائهم، ومن مكاره الدنيا والآخرة، وشدائدهما، كما
– نجى الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ . قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ . وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾
الأنبياء:٦٨ -٧0
وقالوا: حَرِّقوا إبراهيم بالنار؛ غضبًا لآلهتكم إن كنتم ناصرين لها. فأشْعَلوا نارًا عظيمة وألقوه فيها، فانتصر الله لرسوله وقال للنار: كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم، فلم يَنَلْه فيها أذى، ولم يصبه مكروه. وأراد القوم بإبراهيم الهلاك فأبطل الله كيدهم، وجعلهم المغلوبين الأسفلين.
– نجى الله تعالى نبيه لوط عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ . وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
الأنبياء:٧٤-٧٥
وآتينا لوطًا النبوة وفصل القضاء بين الخصوم وعلمًا بأمر الله ودينه، ونجيناه من قريته “سدوم” التي كان يعمل أهلها الخبائث. إنهم كانوا بسبب الخبائث والمنكرات التي يأتونها أهل سوء وقُبْح، خارجين عن طاعة الله. وأتمَّ الله عليه النعمة فأدخله في رحمته بإنجائه ممَّا حلَّ بقومه؛ لأنه كان من الذين يعملون بطاعة الله.
– نجى الله تعالى نبيه موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون وقومه
قال الله تعالى:
﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ . كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ . وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ﴾
طه:٨٠-٨٢
يا بني إسرائيل اذكروا حين أنجيناكم مِن عدوكم فرعون، وجَعَلْنا موعدكم بجانب جبل الطور الأيمن لإنزال التوراة عليكم، ونزلنا عليكم في التيه ما تأكلونه، مما يشبه الصَّمغ طعمه كالعسل، والطير الذي يشبه السُّمَانَى. كلوا من رزقنا الطيب، ولا تعتدوا فيه بأن يظلم بعضكم بعضًا، فينزل بكم غضبي، ومَن ينزل به غضبي فقد هلك وخسر. وإني لَغفار لمن تاب من ذنبه وكفره، وآمن بي وعمل الأعمال الصالحة، ثم اهتدى إلى الحق واستقام عليه.
٥ – الاصطفاء الإلهي
أن الله يصطفي إليه من يشاء من خلقه، ويختار لنفسه وولايته من أحب، ويوفق للعمل من أقبل إلى طاعته، وراجع التوبة من معاصيه.
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾
الشورى:١٣
الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه. و الاصطفاء هو الاختيار بإخراج الصفوة من العباد والصالح من بني آدم .
قال الله تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ . لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ . فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
القلم:٤٨-٥٠
فاصبر – أيها الرسول – لما حكم به ربك وقضاه، ومن ذلك إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم، ولا تكن كصاحب الحوت، وهو يونس -عليه السلام- في غضبه وعدم صبره على قومه، حين نادى ربه، وهو مملوء غمًّا طالبًا تعجيل العذاب لهم، لولا أن تداركه نعمة مِن ربه بتوفيقه للتوبة وقَبولها لَطُرِح مِن بطن الحوت بالأرض الفضاء المهلكة، وهو آتٍ بما يلام عليه، فاصطفاه ربه لرسالته، فجعله من الصالحين الذين صلحت نياتهم وأعمالهم وأقوالهم.
٦ – التوفيق للهداية للحق والصواب
من الجزاء على الصلاح في الدنيا التوفيق للهداية للحق والصواب
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾
يونس:٩
إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل إليه؛ بسبب إيمانهم .
٧ – المودة والمحبة في قلوب الخلق
ومن الجزاء على الصلاح في الدنيا أن الله تعالى يجعل المودة والمحبة في قلوب الخلق للصالحين بسبب صلاحهم،
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ﴾
مريم:٩٦
إن الذين آمنوا بالله واتَّبَعوا رسله وعملوا الصالحات وَفْق شرعه، سيجعل لهم الرحمن محبة ومودة في قلوب عباده.
٨ – فضل الله
إن من جزاء العمل الصالح في الدنيا أن الله تعالى يتفضل على الذين آمنوا وعملوا الصالحات بنعمه ورزقه زيادة على ما يطلبوه منه سبحانه
قال الله تعالى:
﴿ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
الشورى:٢٦
ويستجيب الذين آمنوا بالله ورسوله لربهم لِمَا دعاهم إليه وينقادون له، ويزيدهم من فضله توفيقًا ومضاعفة في الأجر والثواب.
٩ – الخروج من الظلمات إلى النور
إن الله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب كي يخرج الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بما أمرهم الله به وأطاعوه من الظلمات إلى النور، يعني من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمة الباطل إلى ضياء الحق، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الباطل إلى الحق،
قال الله تعالى:
﴿ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾
الطلاق:١١
10- الخيرية بين الخلق
إن الخيرية بين الخلق جزاء للعمل الصالح
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
البينة:٧
إن الذين صَدَّقوا الله واتبعوا رسوله وعملوا الصالحات، أولئك هم خير الخلق.
ثانيًا: جزاء الصلاح في الآخرة
يتمثل جزاء الصلاح في الآخرة في النقاط الآتية
١ – مغفرة الذنوب وتكفير السيئات
ذكر الله تعالى في آيات كثيرات أن جزاء العمل الصالح في الآخرة هو مغفرة الذنوب وتكفير السيئات
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ﴾
طه:٨٢
﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾
الفرقان:٧٠
والمراد بالغفران والمغفرة من الله هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب، والمراد بتكفير السيئات: سترها بالإيمان والعمل الصالح، والمراد إزالتها ولم يؤاخذهم بها.
٢ – الجنة و نعيمها
بين الله تعالى في آيات كثيرات أنه سيدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات الجنة وأن لهم فيها نعيم دائم وأزواج مطهرة وظلال وارف
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾
النساء:٥٧
والذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان بالله تعالى والتصديق برسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، واستقاموا على الطاعة، سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار، ينعمون فيها أبدًا ولا يخرجون منها، ولهم فيها أزواج طهرها الله مِن كل أذى، وندخلهم ظلا كثيفًا ممتدًا في الجنة.
٣ – الدرجات العليا
بين الله تعالى أن الدرجات العلى هي جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ . جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴾
طه:٧٥- 76
ومن يأت ربه مؤمنًا به قد عمل الأعمال الصالحة فله المنازل العالية في جنات الإقامة الدائمة، تجري من تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، وذلك النعيم المقيم ثواب من الله لمن طهَّر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده فأطاعه واجتنب معاصيه، ولقي ربه لا يشرك بعبادته أحدًا من خلقه.
٤ – مرافقة الذين أنعم الله عليهم
أخبر الله تعالى أن مرافقة الذين أنعم الله عليهم من جزاء الصلاح في الآخرة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ﴾
النساء:٦٩
ومن يستجب لأوامر الله تعالى وهدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فأولئك الذين عَظُمَ شأنهم وقدرهم، فكانوا في صحبة مَن أنعم الله تعالى عليهم بالجنة من الأنبياء والصديقين الذين كمُل تصديقهم بما جاءت به الرسل، اعتقادًا وقولا وعملا والشهداء في سبيل الله وصالح المؤمنين، وحَسُنَ هؤلاء رفقاء في الجنة.
٥ – رضا الله
ثبت رضا الله تعالى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ . جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾
البينة:٧-٨
رضي الله عنهم فقبل أعمالهم الصالحة، ورضوا عنه بما أعدَّ لهم من أنواع الكرامات، ذلك الجزاء الحسن لمن خاف الله واجتنب معاصيه.
أحدث التعليقات