1- مفهوم التوحيد
هو نفي الشريك والمثيل عن الله تعالى بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
2- وجوب التوحيد
أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لدعوة الناس إلى التوحيد، وهو عبادة الله ومعرفته والإقبال عليه وعدم الإشراك به .
قَال الله تعالى:
( إلهكم إله واحد )
النحل : 5
( وما من إله إلا الله )
آل عمران : 62
( قل هو الله أحد )
الإخلاص : 1
( الله لا إله إلا هو )
التغابن : 13
3- التوحيد حقيقة فطرية
الفطرة هى الشعور المغروس في النفس الإنسانية بوجوده سبحانه، وبتوحيده سبحانه وتعالى بربوبيته وألوهيته، إن هذه الغريزة الدينية المركوزة في داخل كل إنسان منذ بداية خلقه، هي البوصلة التي توجّه قلبه وعقله إلى توحيد الله تعالى قبل أيّ دليلٍ آخر.
قَال الله تعالى:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
الروم : ٣٠
وبما أن معرفة الله وتوحيده فطرةٌ في النفوس؛ لذلك لمّا شك الأقوام المكذبون لرسلهم في الدعوة لتوحيد الله، استغرب الرسل هذا الشك
قَال الله تعالى:
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
إبراهيم : ١٠
والمخاطبون حين نزول القرآن يعرفون ربهم الذي خلقهم، وتنطق فطرهم بالحق عندما تسأل، ويؤازر هذه الفطرة العقل الصحيح؛ إذ جعله الله تعالى نورًا للإنسان.
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ . قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ . قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ ﴾
المؤمنون : ٨٤- ٨٩
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾
العنكبوت : ٦١
وهذه الغريزة الفطرية لم تكن مقتصرة على النفوس البشرية وحدها، بل حتى الطير والجمادات وغيرها، قد فطرها ربّها وخالقها على تسبيحه وتحميده وتنزيهه، نطقًا لا يفهمه إلاّ الذي أنطقها.
قال الله تعالى:
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾
الإسراء : ٤٤
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾
النور : ٤١
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾
الحج : ١٨
وإذا كان التوحيد حقيقةً فطريّة، فمن البدهيّ أن يكون الأصل في البشرية هو التوحيد، وأن يكون الشرك انحرافًا طارئًا دخيلًا عليها، فالتوحيد له أقدميته وأسبقيته على الشرك .
قال الله تعالى:
﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾
البقرة : ٢١٣
﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ﴾
يونس : ١٩
كان الناس على دين واحد وهو الإسلام، ثم اختلفوا بعد ذلك، فكفر بعضهم، وثبت بعضهم على الحق.
وأنّ الفطرة تدعو المرء إلى الاتجاه إلى الخالق، لكنّ الإنسان تحيط به مؤثرات كثيرة تجعله ينحرف، منها
أ – فيما يلقيه الشيطان
فقد أخذ الشيطان على نفسه العهد بإضلال بني آدم.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾
النساء : 119
ولأدعونَّهم إلى تغيير خلق الله في الفطرة . ومن يستجب للشيطان ويتخذه ناصرًا له من دون الله القوي العزيز، فقد هلك هلاكًا بيِّنًا
ب – فيما يغرسه الآباء في نفوس الأبناء
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾
المائدة : 104
ج – فيما يلقيه الكتّاب والمعلمون من أفكار
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾
الأحزاب : 67
وكثيرًا ما تنكشف الحجب عن الفطرة المشوّهة؛ فتزول عنها الغشاوة التي رانت عليها، عندما تصاب بمصاب أليم، أو تقع في مأزق لا تجد فيه من البشر عونًا، وتفقد أسباب النجاة، فكم من ملحد عرف ربّه وآب إليه عندما أحـيط به، وكم من مشرك أخلص دينه لله لضرٍّ نـزل به.
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
يونس : ٢٢
3- فضل التوحيد
في
القرآن الكريم
1- التوحيد سبب خلق الإنس والجن
إن توحيد الله تعالى هو أعظمُ عملٍ، وأشرف مهمة، وهو السبب الذي خلَق الله سبحانه من أجلِه الإنسَ والجن
قال الله تعالى:
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )
الذاريات : 56
2- التوحيد سبب لقَبول العمل الصالح
إن التوحيد شرطٌ لقبول العمل الصالح، والعمل لن يصبح صالحًا ولا مقبولًا إذا كان منافيًا للتوحيد وشروطِ الوفاء به؛
قال الله تعالى:
( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )
الكهف : 110
ولذا فالتوحيد والإخلاص في تحقيقه هو السببُ لقبول العمل ودخول الجنة
3- التوحيد سبب الخلود في الجنة
وتجنب الخلود في جهنم
هناك العديد من الأدلة الشرعيةِ من القرآن الكريم على فضل التوحيد في الخلود في الجنة، وتجنُّبِ الخلود في جهنم .
قال الله تعالى:
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )
النساء : 48
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا )
النساء : 116
4 – التوحيد سبب التوفيق إلى طريق الحق
قال الله تعالى :
( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )
الأنعام : 82
الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الطمأنينة والسلامة، وهم الموفقون إلى طريق الحق.
4 – أقسام التَّوحيد
قسَّم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
1- توحيد الربوبية
الربوبية مشتقة من الرب، وتعني إفراد الله -تعالى- بالخلق والملك والتدبير، فلا خالق في الوجود إلا الله تعالى، ولا مالك للكون سواه، ولا مُصرِّف لشؤون الخلق والكون سواه، فهو مقسّم الأرزاق، وهو المحيي والمميت .
قَال الله تعالى:
( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين )
غافر: 64
( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )
القصص : 68
( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
يوسف : 100
ولطف الله من تدبيره وتصرفه سبحانه، والذي لا ينبغي لأحدٍ غيره، وهو من لوازم الربوبية.
2– توحيد الأُلوهية
والألوهية مشتقة من الإله ويتحقق هذا النوع من التوحيد بإفراد العبادة لله تعالى وحده لا شريك له بالدعاء والتوكل والاستعانة وغيرها من العبادات
قَال الله تعالى:
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ )
الأنبياء : 25
( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ )
النحل : 36
( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره )
هود : 61
( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
التغابن : 13
3– توحيد الأسماء و الصفات
ويكون بالإيمان بجميع ما ورد في القرآن الكريم من أسماء الله، أو صفاته التي اتصف بها ، وإفراد الله – سبحانه – بأسمائه الحسنى وصفاته العلى لا شريك له في ذلك، ولا مثيل
قَال الله تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
الأعراف : 180
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾
طه : 8
5- التوحيد دعوة
الرسل جميعا
يلاحظ أن الجانب الأهم في دعوة الرسل عليهم السلام هو توحيد الله تعالى بالعبادة وإفراده بها، فالتوحيد هو أول دعوة الرسل
– نوح عليه السلام
قَال الله تعالى:
( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ )
الأعراف : 59
– هود عليه السلام
قَال الله تعالى:
( وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ )
الأعراف : 65
– صالح عليه السلام
قَال الله تعالى:
( وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ )
الأعراف : 73
– شعيب عليه السلام
قَال الله تعالى:
( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ )
الأعراف : 85
– عيسى عليه السلام
قَال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾
المائدة : ٧٢
– محمد صلى الله عليه وسلم
قد أمره الله تعالى أن يقول للناس في كلمات جامعة
قَال الله تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾
الإخلاص : 1- 4
– دعوة جميع الرسل لأقوامهم
قَال الله تعالى:
( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )
النحل : 36
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )
الانبياء : 25
6 – أدلة التوحيد
في
القرآن الكريم
والان إذا كان لابد للكون من إله خالق كل شيء .. فلماذا لايكون له اكثر من خالق أوشريك في عملية الخلق كما اعتقد ويعتقد بعض الناس .. ويبرهن القرآن الكريم على فساد تلك الفكرة بالأدلة التالية
1- الأدلة المنطقية
الأدلة المنطقية هي الأدلة التي للعقل قدرة على التفكير فيها، والنظر والاعتبار إذا سلك المسلك الصحيح.
قَال الله تعالى:
( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )
المؤمنين : 91
( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ )
الانبياء : 22
وواضح من الأيتين إن لو كان هناك ألهة غيرالله إما ان يذهب كل إله بخلقه وسلطانه و إما ان يعلو بعضهم على بعض كشأن ملوك الدنيا ، مما يتسبب في ان يعم الفساد والاضطراب الكون .. وبما ان الكون مستمر في نظامة بلا اي اضطراب فاءن لا وجود لاي إله إلا الله .
قَال الله تعالى :
( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا )
الإسراء : 42
قل – أيها الرسول- للمشركين: لو أن مع الله آلهة أخرى ، إذًا لطلبَتْ تلك الآلهة طريقًا إلى مغالبة الله ذي العرش العظيم.
2 – الأدلة الكونية الحسية
آيات الله جل وعلا وعجائبه في خلقه كثيرة وعظيمة، وأنّى التفت الإنسان ببصره وجد دليل وحدانية الله تعالى ماثلًا أمامه، ولقد زوّد الله الإنسان بمداركه وقواه الحسّيّة من سمعٍ وبصرٍ وذوقٍ وشمٍّ ولمسٍ، حواسٌّ يكتشف بها العالم من حوله، ويقف بها على عجائب مصنوعات الله، فلعلّ في ذلك ما يأخذ بناصيته إلى معارج التوحيد، ويرحم أقدامه من مواطئ الشّرك والكفران.
قال اللَّهَ تعالى:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
البقرة : 21- 22
( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيام ثُمَّ استوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمر مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾
يونس : 3
( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ . إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
البقرة : 163 – 164
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ . مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾
الحج : 73- 74
( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا استجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾
فاطر: 13 – 17
7- شروط تحقيق كلمة التوحيد
لشهادة أن لا إله إلا الله شروط يجب على كل مسلم أن يحققها ، ولتحقيق معنى هذه الكلمة شروطٌ هي
1- العلم
قَال الله تعالى:
( فاعلم أنه لا إله إلا الله ﴾
محمد : 19
فاعلم – أيها النبي- أنه لا معبود بحق إلا الله، واستغفر لذنبك، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات .
قَال الله تعالى:
( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
آل عمران : 18
شهد الله أنه المتفرد بالإلهية، وقَرَنَ شهادته بشهادة الملائكة وأهل العلم، على أجلِّ مشهود عليه، وهو توحيده تعالى وقيامه بالعدل، لا إله إلا هو العزيز الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، الحكيم في أقواله وأفعاله.
2 – اليقين
فلابد أن يوقن بقلبه ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله تعالى
قَال الله تعالى:
( يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ )
آل عمران : 167
لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. والله أعلم بما يُخفون في صدورهم.
3- الانقياد
هو الاستسلام والإذعان، وعدم التعقب بشيء من أحكام الله تعالى
قَال الله تعالى:
( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ )
الصافات : 35
إن أولئك المشركين كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله، ودعوا إليها، وأُمروا بترك ما ينافيها، يستكبرون عنها وعلى من جاء بها.
4 – الصدق
من قالها بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإنها لا تنجيه،وذلك حال المنافقين.
قَال الله تعالى:
( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ )
الأحزاب : 23
من المؤمنين رجال أوفوا بعهودهم مع الله تعالى، وصبروا على البأساء والضراء وحين البأس
قَال الله تعالى:
( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ )
الأحزاب : 24
ليثيب الله أهل الصدق بسبب صدقهم وبلائهم وهم المؤمنون، ويعذب المنافقين إن شاء تعذيبهم .
5 – الإخلاص
ارتبط قبولُ الأعمال بالنية الخالصة لله سواءٌ أكان ذلك في الاعتقاد، أم في العبادة وسائر الأعمال وهذا يتطلب من المسلم أن يكون صادقاً في عقيدته، مخلصاً فيها، فينقيها من الشرك والرياء والنفاق.
قَال الله تعالى:
( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ )
الزمر : 2
فاعبد الله وحده، وأخلص له جميع دينك.
قَال الله تعالى:
( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ )
الزمر :11
قل – أيها الرسول – للناس: إن الله أمرني ومن تبعني بإخلاص العبادة له وحده دون سواه .
6 – محبة الله
محبة الله هي إيثار محبة الله على ما سواه بالتزام أمره واجتناب نهيه في كل كبير وصغير ، وشرط المحبة لله الإحسان في العمل واتباع الشرع
قَال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )
البقرة : 165
والمؤمنون أعظم حبا لله من حب هؤلاء الكفار لله ولآلهتهم؛ لأن المؤمنين أخلصوا المحبة كلها لله، وأولئك أشركوا في المحبة.
أحدث التعليقات