1- مفهوم الفتح

الفتح هو ما يقابل الإغلاق ، أي رفع الإغلاق والسدّ والحجب والمنع ،  وأنّ مفهوم الفتح في كلّ مورد بحسبه وعلى مقتضاه ، فقد يكون الفتح

أ – مادّيّا

قال الله تعالى :

( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ)

القمر : 11

ب – معنويّا

قال الله تعالى :

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ  )

الأعراف:89

2- كلمة الفتح

    في

القرآن الكريم 

وردت كلمة (الفتح ) وصيغها في القرآن الكريم (38) مرة . والصيغ التي وردت هي:

أ – صيغة الفعل

ورد 20 مرة

قال الله تعالى :

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ )

الأعراف :89

ب – صيغة الاسم

ورد  18مرة

قال الله تعالى :

( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ  )

المائدة :52

لفظ (الفتح) جاء في القرآن الكريم بالمعاني الأتية :

الأول- بمعنى الفتح المادي

1- عن اخوة يوسف

قال الله تعالى:

( وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ )

يوسف: 65

أي: ولما فتحوا أوعيتهم وجدوا ثمن بضاعتهم الذي دفعوه قد رُدَّ إليهم

2- عن يأجوج ومأجوج

قال الله تعالى:

 ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ )

الأنبياء: 96

أي:  يفتحون أبوابا فى القشرة الأرضية ويخرجون الى سطح الأرض يموجون بين البشر .

الثاني ـ بمعنى الفتح مجازيا

1- عن كفار قريش

قال الله تعالى:

( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ  )

الحجر: 14

أي: ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا في الباب يصعدون.

2- في حق أصحاب النار

قال الله تعالى :

( حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )

الزمر:71

أي: فُتحت أبواب النار ليدخل منها الكافرون والعاصون.

3- عن طوفان قوم نوح

قال الله تعالى:

( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ )

القمر: 11

4-عن قيام الساعة

قال الله تعالى:

( وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا )

النبأ: 19

5- عن إستحالة دخول الكافرين الجنة

قال الله تعالى:

 ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ )

الاعراف: 40

الثالث – بمعنى القضاء والحكم

قال الله تعالى :

( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا )

الفتح :1

أي : إنا قضينا لك عليهم بالنصر والظفر .

قال الله تعالى :

( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ )

سبأ:26

أي : يقضي بيننا.

قال الله تعالى :

( فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )

الشعراء: 118

وقوله: (فتحا) يريد حكما مشددا

قال الله تعالى :

( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ )

السجدة:29

يوم القضاء الذي يقع فيه عقابكم، لا ينفع الكفار إيمانهم، ولا هم يؤخرون للتوبة والمراجعة.

قال الله تعالى :

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ )

الأعراف :89

أي: أقضى بيننا

الرابع – بمعنى النصر

قال الله تعالى :

( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ  )

النساء:141

أي: نصر، وتأييد، وظفر.

قال الله تعالى :

( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ )

الأنفال :19

الاستفتاح: طلب النصر، أي: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.

قال الله تعالى :

( ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين )

السجدة: 28

أي: النصر

( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ )

النساء: 141

أي : نصر مِّنَ اللَّهِ

قال الله تعالى :

( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا )

الفتح: 1

( فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ )

المائدة: 52

يأتى بالفتح أى بالنصر .

الخامس – بمعنى الإرسال

قال الله تعالى :

( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ  )

فاطر:2

أي: ما يرسل الله للناس من رزق وخير

السادس  – بمعنى فتح مكة خاصة

قال الله تعالى :

( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ )

المائدة :52

 (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ )

الحديد:10

( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا )

الفتح: 18

( فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا )

الفتح: 27

المراد بـ(الفتح) هنا: فتح مكة

و إذا تتبعنا لفظ (الفتح) في القرآن الكريم نجد أن هذا اللفظ جاء على معنيين رئيسين: الفتح المادي، وهو الأصل في معنى الفتح لغة، والفتح المعنوي، وأكثر ما جاء هذا اللفظ بحسب هذا المعنى الأخير، وجاء بدرجة أقل بمعنى الفتح المادي.

3-  الفتح فى حق

     الله تعالى

أ – اللّٰه تعالى

هو الفتاح

من معانى اسم الله تعالى (الفتّاح) أي أنه الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، ويحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون

قال الله تعالى :

( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ )

سبأ : 26

 ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ )

سبأ: 26

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ )

الأعراف: 89

فالفتح يأتي في  القرآن الكريم  بأمر الله تعالى .

ب – دوافع الفتح الألهى

1- الرحمة

قال الله تعالى :

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾

فاطر: 2

ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم وغير ذلك من النعم، فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة، وما يمسك منها فلا أحد يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. وهو العزيز القاهر لكل شيء، الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وَفْق حكمته.

2- الإختبار

قال الله تعالى :

( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )

الانعام: 44

فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها، فتحنا﴿ وسعنا ﴾  عليهم أبواب كل شيء من الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش، وبالضراء صحة في الأجسام؛ استدراجا منا لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطيناهم من الخير والنعمة أخذناهم بالعذاب فجأة، فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.

3- الخير

قال الله تعالى :

( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )

الاعراف: 96

ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه، لفتح الله لهم أبواب الخير من كلِّ وجه، ولكنهم كذَّبوا، فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم ومعاصيهم.

4- العذاب الشديد

قال الله تعالى :

 ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ . حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ )

المؤمنون: 76 : 77

ولقد ابتليناهم بصنوف المصائب فما خضعوا لربهم، وما دعوه خاشعين عند نزولها. حتى إذا فتحنا عليهم بابًا من العذاب الشديد في الآخرة، إذا هم فيه آيسون من كل خير، متحيرون لا يدرون ما يصنعون.

5- النصر

قال الله تعالى :

( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ )

المائدة:52

فعسى الله أن يأتي بالنصر وينصر نَبِيَّه، ويُظْهِر الإسلام والمسلمين على الكفار، أو يُهيِّئ من الأمور ما تذهب به قوتهم .

4 – يوم الفتح 

يوم القيامة يأتي بمعنى يوم الفتح

قال الله تعالى :

 ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ )

السجدة: 29

يوم القضاء الذي يقع فيه عقابكم، لا ينفع الكفار إيمانهم، ولا هم يؤخرون للتوبة والمراجعة.

 

Share This