مفهوم الْمَلِكُ في القرآن الكريم
1- مفهوم الْمَلِكُ
يُطلق اسم الملك على كل من بيده مُطلق التصرف بالأمر والنهي والقوة والسلطان والجبروت سواء في نفسه أو في غيره أو في مملكته.
2- كلمة الملك
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (ملك) وصيغها في القرآن الكريم ١١٧ مرة. والصيغ التي وردت هي:
– الفعل الماضي
ورد ١٦ مرة
قال الله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾
النور :٥٨
– فعل المضارع
ورد ٢٨ مرة
قال الله تعالى :
﴿ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾
النمل:٢٣
– اسم الفاعل
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى :
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴾
يس:٧١
– اسم المفعول
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى :
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ ﴾
النحل:٧٥
– صيغة المبالغة
وردت مرة واحدة
قال الله تعالى :
﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
القمر:٥٥
– الأسماء
ورد ١٩مرة
قال الله تعالى :
﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾
الأعراف:١٨٥
– المصدر
ورد 4٩مرة
قال الله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
البقرة:١٠٧
وجاء الملك في القرآن على وجهين:
1- التملك والتولي
قال الله تعالى :
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾
المائدة: ٢٠
أي: جعلهم متمكنين من تولي الأمور
قال الله تعالى :
2- القوة على تولى الأمر
قال الله تعالى :
﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾
النمل: ٣٤
3- كلمات ذات صلة
بكلمة الملك
– السلطان
السلطان هو المتمكن من القهر والتسلط ، وإن لم يكن يملك .
قال الله تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ﴾
إبراهيم: 22
– التمكين
التثبيت والتقوية، وإعطاء المقدرة على التصرف.
قال الله تعالى :
﴿ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ﴾
يوسف: 56
4 – الله تعالى هو
الملك الحق
أولًا – اسم الله (المَلِك)
سمي الله تبارك وتعالى نفسه بالملك في القرآن الكريم .
قال الله تعالى :
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ ﴾
الحشر: 23
﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾
طه :114
﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾
المؤمنون :116
﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾
الجمعة :1
والملك هو الآمر، الناهي، المعز، المذل، الذي يصرف أمور عباده كما يحب، ويقلبهم كما يشاء، وله من معنى الملك ما يستحقه من الأسماء الحسنى كالعزيز، الجبار، المتكبر، الحكم، العدل، الخافض، الرافع، المعز، المذل، العظيم، الجليل، الكبير، الحسيب، المجيد، الولي ، مالك الملك، المقسط، الجامع، إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك.
ثانيًا- شمول ملك الله للكون
جمع الله تعالى ملك السماوات والأرض لنفسه في تسعة عشر موضعًا في كتابه ، منها
قال الله تعالى :
﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ﴾
المائدة :120
﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾
الحديد: 5
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
الجاثية : 27
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
البقرة:107
ثالثًا – أساليب تقرير الله تعالى
حقيقة ملكه
وقد قرر الله تعالى حقيقة ملكه هذه بأساليب عدة، منها
– أسلوب الخبر
قال الله تعالى :
﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ ﴾
الأنعام: ١٢
﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
يونس: ٥٥
– أسلوب الإنشاء
قال الله تعالى :
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾
الأنعام: ١
رابعا – ما يترتب علي ملكية الله تعالى
للسماوات والأرض
وملكية الله سبحانه وتعالى للسماوات والأرض التي تكررت في القرآن الكريم كان الغرض منها التذكير بشأنها في مواطن عدة، ترتبت عليها كثير من القضايا، من أهمها:
1- التوحيد
قال الله تعالى :
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾
الفرقان: 2
2- القدرة
قال الله تعالى :
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
آل عمران: ١٨٩
﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ د﴾
المائدة: ١٢٠
3- الخلق والإحياء والإماتة
قال الله تعالى :
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾
المائدة: ١٧
﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾
الأعراف: ١٥٨
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾
التوبة: ١١٦
﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾
الشورى: ٤٩
4- الشهادة
قال الله تعالى :
﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾
البروج: ٩
5- المصير والرجوع
قال الله تعالى :
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾
المائدة: ١٨
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾
النور: ٤٢
﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾
الحديد: ٥
﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
الزمر: ٤٤
6- الثواب والعقاب
قال الله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾
المائدة: ٤٠
﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ﴾
الفتح :١٤
خامسا – المتفرد بالملك يوم القيامة
إن صفة الملكية يوم القيامة لله تعالى لم ولن يشاركه أحد فيها من قبل، ولا من بعد، فهو مالك يوم الدين، وحده لا شريك له
قال الله تعالى :
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾
الحج: ٥٦
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَٰنِ ﴾
الفرقان: ٢٦
﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
الفاتحة: 4
وصفة الملكية هي التي سيثبتها الله لنفسه أمام الأشهاد في ذلك اليوم العصيب .
قال الله تعالى :
﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾
غافر: ١٦
سادسا – الله تعالى هو المالك
الحقيقي لكل شيء
ليس من مالك حقيقي لكل شيء إلا الله
قال الله تعالى :
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾
الإسراء : ١١١
﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
يس 83
( فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم )
المؤمنون :116
أما حينما تقول: هذا البيت ملكي، هذا ملك مجازي ، أما على الحقيقة فليس من مالكٍ إلا الله .
قال الله تعالى :
﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴾
الرحمن: 24
وله سبحانه وتعالى السفن الضخمة التي تجري في البحر بمنافع الناس، رافعة قلاعها وأشرعتها كالجبال.
سابعا – الله مالك الملك يعطي
ملكه مَن يشاء من عباده
قال الله تعالى :
﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
البقرة 247
﴿ رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾
يوسف: 101
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ﴾
آل عمران ٢٦
5 – تسمية غير الله بالملك
في
القرآن الكريم
من سنة الله تعالى في خلقه وتمام حكمته أن قسم المُلك بين عباده فليس من الحكمة أن يتساوى الناس في المُلك وقد سمى الله بعض عباده ملوكاً في كتابه الكريم .
– عن ملك آل إبراهيم عليهم السلام
قال الله تعالى :
﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾
النساء : 54
-عن طالوت
قال الله تعالى :
﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
البقرة : 247
– عن ملك مصر
قال الله تعالى :
﴿ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم ﴾
يوسف : 76
﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾
يوسف: 43
– عن ملك يوسف عليه السلام
قال الله تعالى :
﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾
يوسف : 101
– عن ملك داود عليه السلام
قال الله تعالى :
﴿ وَآتَاهُ اللهُ المُلْكَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾
البقرة : 251
﴿ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ ﴾
ص : 20
– عن ملك سليمان عليه السلام
قال الله تعالى :
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾
البقرة 102
﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ . وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ .وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ . هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
ص : 35 ـ 39
– عن الذي أعطاه الله المُلْك فتجبَّر
قال الله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
البقرة 258
– عن ملوك بني إسرائيل
قال الله تعالى :
﴿ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا ﴾
المائدة : 20
أي انّ طائفة منهم صاروا ملوكاً بأمر من الله سبحانه .
يتضح مما سبق أن اسم الملك يطلق على غير الله تعالى وهذا يتم بإذن الله ومن تمام حكمته ولا تتعدى على ملك الله بل أن كل هذا من ملك الله .
قال الله تعالى :
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
آل عمران : 36
قد يسمى بعض المخلوقين ملكا، إذا اتسع ملكه إلا أن الذي يستحق هذا الاسم هو الله جل وعز لأنه مالك الملك، وليس ذلك لأحد غيره، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
فالمخلوقات لا تملك شيئا، وقد أنكر تعالى على المشركين الذين عبدوا هذه المخلوقات التي هي مثلهم في الضعف والعبودية لله تعالى وأنها لا تملك من السماوات والأرض شيئاً ولا مثقال ذرة ولا تنفع أحداً ولا تضره.
قال الله تعالى :
( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ )
النحل: 73
( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ )
المائدة: 76
( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ )
سبأ: 22
( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ )
فاطر: 13
وكل من ملك شيئا فإنما هو بتمليك الله له،
قال الله تعالى:
( يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
البقرة:247
ولكن من الناس من يطغى ويظن أنه المالك الحقيقي وينسى أنه مستخلف فقط فيما آتاه الله من ملك ومال وجاه وعقار، فيتكبر ويتجبر ويظلم الناس بغير حق، كما حكى الله سبحانه عن فرعون الذي نسى نفسه وزعم لنفسه الملك بل والألوهية .
قال الله تعالى:
( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ )
الزُّخرف: 51
( فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى )
النازعات: 23-24
ودعا قومه إلى هذه الضلالة الكبرى فاستجابوا له فعاقبهم جميعاً،
قال الله تعالى:
( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ )
الزخرف: 54-56
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى )
النَّازعات: 26
وإهلاك الله سبحانه لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم متكبر من ملوك الأرض، تفرعن على الناس فيما آتاه الله من ملك، وظن أنه مخلد، ونسي أن ملكه زائل وأن إقامته في ملكه مؤقتة وأن الموت مدركه لا محالة، قال تعالى منبهاً عباده إلى ذلك
قال الله تعالى:
( وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ )
المائدة: 18
( إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ )
مريم : 40
( وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )
الحديد : 10
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ )
آل عمران :26
6 – حق الملك جل جلاله علي الناس
1- أن تعتقد أنه لا يملك أمر نفعِك أو ضرك إلا الملكُ
فتَسير في حياتك هذه بوجه واحدٍ، لا تقول إلا الحق، ولا تعمل إلا الحق، ولا تَجبن في مواجهة مَن لا يملك مِن أمرك فضلًا عن أمر نفسه شيئًا؛
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾
يونس: 49
فكما أنه لا يملك إنهاء أجَلِك إلا الملك، فكذلك لا يَملك نفعَك أو ضرَّك إلا الملك؛
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا . قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ﴾
الجن: 20- 21
2- ألا تسال غيره ولا تطلب ممن سواه
لأنه لا يملك على الحقيقة غيره ولا يُدبر الأمر سواه، فكل ما أردتَ وتمنيتَ قليلًا كان أو كثيرًا – مِن شفاءٍ أو صحةٍ، أو مالٍ أو ولدٍ أو زوجة، أو نجاحٍ في حياة عملية، أو زوجية، أو صلاحٍ في دين، أو غير ذلك – كل ذلك لا يَملِك خزائنه إلا الله. فكيف تطلب ممن لا يملك شيئًا وتترك باب مَن يملك كل شيء؟!
قال الله تعالى:
﴿ لهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾
الحديد : 5
﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾
فاطر : 13
﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا ﴾
النحل : 73
﴿ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴾
الإسراء : 56
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾
يونس : 31
﴿ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴾
الزمر : ٦
3- استحقاقه وحده للعبادة
لما كان الحق هو الخالق لكل شيء، والمالك لكل شيء، والمتصرف في كل شيء، فإنه وحده المستحق للعبادة دون سواه، والآلهة التي تُعبَد من دونه مخلوقة مملوكة مربوبة، لا تملك مِن دون الله شيئًا، وألوهيتها باطلة، وعبادتها ظلم وضلال .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
العنكبوت: 17
﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
فاطر: 13 -14
﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾
الفرقان: 3
﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴾
الإسراء: 56
فالذي يملك كشف الضر وحده، والذي يقدر على تحويل كل شيء وحده، والتحكم في كل شيء وحده، والهيمنة على كل شيء وحده – الملك جل جلاله الذي لا يستحق العبادة سواه.
4- الطاعة المطلَقة
فإذا كان الملك الحقيقي الدائم الكامل لله تعالى وحده لا شريك له، فالطاعة المطلقة إنما تكون له وحده لا شريك له؛ لأن مَن سواه مِن ملوك الأرض إنما هم عبيدٌ له تحت إمرته؛ فلا بد مِن تقديم طاعة الملك على طاعة من سواه، وحكمه على حكم مَن سواه، فلا طاعة لأحد إلا في حدود طاعته، أما في معصيته فلا سمع ولا طاعة؛
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
النساء: 65
5- أن تعتقد أنه ملك الملوك فلا يتسمَّى بذلك غيره
قال الله تعالى:
﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾
مريم :65
فهو الله رب السموات والأرض وما بينهما، ومالك ذلك كله وخالقه ومدبره، فاعبده وحده – أيها النبي – واصبر على طاعته أنت ومَن تبعك، ليس كمثله شيء في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. هل تعلم له سميا» مسمى بذلك؟ لا. مسمى بذلك؟ لا.
ويلتحق بذلك ما في معناه؛ كأحكم الحاكمين، وسلطان السلاطين، وقاضي القضاة، وأمير الأمراء ونحو ذلك؛ لأن الملك جل جلاله هو الأحق بذلك، ولا شريك له في ذلك.
6- أن نتواضع له
فإن مَن عرف أن الله هو الملك الحق، فلا بد أن يتواضع ولا يرفع نفسه فوق منزلة العبيد، حتى لو كان مِن الملوك؛ فإنه لا يعدو كونه عبدًا فقيرًا يقع تحت قهر الله وسلطانه.
قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ )
فاطر: 17:15
7- أن تعلم أن لكل ملكٍ حِمًى
فمَن أراد لنفسه النجاة، فليتَّق عقوبة الملك باجتناب محارمه؛
قال الله تعالى:
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )
البقرة :187
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
البقرة :229
( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )
البقرة :230
( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )
الطلاق: 1
فإذا كان الملوك يجمعون الأرض التي لهم، ويُحيطونها بحمى وسياج، فلا يدنو منها أحدٌ، فمن اقترب منها أو تجاوزها فقد عرَّض نفسه للعقوبة البالغة، فكيف تُتَجاوزُ حدودُ الملك ويُستهان بحقوقه؟!
8- اتقِ الله فيما تملِك
إذا أردت النجاة بين يدي الله، فانظرْ لكل ما ملكته بنظرتين:
الأولى: أنه قد يُسلَبُ منك في أي لحظة، وغالب السلب إنما يكون على سبيل العقوبة، فوجب أن تكون على حذرٍ؛
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾
الأنعام: 46
الثانية: أن تصرُّفك فيما تملِك ابتلاءٌ وامتحان وفتنة؛
قال الله تعالى:
﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾
المائدة: 48
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾
الكهف: 7
وكلما زاد ملكك زادتْ فتنتك، فاَّتقِ الله فيما تملك
9- أن تكون على يقين من أن كل ملك في هذه الدنيا زائلٌ
فكل مَلِك في هذه الدنيا ينتهي ملكه بالموت أو بفقْد السيطرة عليه، لكن الله هو الملك الذي لا يُقهر .
قال الله تعالى:
﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
القصص: 88
10- أنه فعَّال لما يريد
الملك الحق هو الذي يكون له الأمر والنهي فيتصَّرف في خلقه بقوله وأمره
قال اللَّه تعالى :
( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
يس : 82
فالملك الحق هو اللَّه جل جلاله ، فكل شيءٍ تحت قهره ويحدث بقَدَرِه ويتحرك بأمره
– في خلق السماوات والأرض
قال الله تعالى :
( فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )
فصلت : 11
– في خلق آدم وذريته
قال الله تعالى :
( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
آل عمران 59
– في نجاة إبراهيم عليه السلام من النار
قال الله تعالى :
( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ )
الأنبياء : 69
فعندما كسَّر الأصنام التي تُعبد من دون الله أراد قومه أن يحرقوه ، فلما ألقوه في النار ما بعث الله ريحًا لتطفئها ولا ماءً ليخمدها ولا ملكًا ليُخرج إبراهيم ، إنما تكلم بكلمة إلى النار فخضعت لأمر الملك الجبار
– في عقوبة أصحاب السبت
لما اعتدى أصحاب السبت واحتالوا على أمر الله فاصطادوا يوم السبت عاقبهم الله ولكن بِمَ عاقبهم ؟ عاقبهم بكلمة منه ، كلمة غيرت حياتهم وصورتهم وآخرتهم إلى أبشع حال ، فأما صورتهم فتحولت إلى صورة القرود ونهايتهم في جهنم وبئس الورد المورود ، وذلك جزاء ناقض العهود
قال الله تعالى :
( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ . فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ )
البقرة : 65- 66
( فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ )
الأعراف : 166
11- التحاكم إلى الله تعالى
لأنه ملك الملوك، فلا يُتحاكم إلي غير الله تعالى
قال الله تعالى :
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
النساء: 65.
فلا يجوز أن يُتحاكم إلى أي حُكم سوى حُكم الله تعالى
قال الله تعالى :
( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )
يوسف: 40
( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون )
المائدة : 50
فهو الذي يعلم مصالح الخلق، وما ينفعهم، وما فيه سعادتهم، وفلاحهم، ورشدهم، فلا يجوز أن يتوجه بالتحاكم إلى غيره -جل جلاله-.
قال الله تعالى :
( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
النور: 51
وأخيرًا:
قد يُصبح الإنسان ملِكًا دون أن تكون له رعية يَحكمها إذا قهَر الإنسان شهوته، وتغلَّب على نفسه ووساوس شيطانه، وسيطر على هواه، وحكَم لسانه وعينيه وأُذنيه، فالملك على الحقيقة هو مَن ملَك نفسه وملَك نجاتها.
7- الملك، المليك، المالك
إن الملك والمليك ومالك الملك ثبتت في القرآن الكريم ، وأما معانيها فمتقاربة فهي صفات تفيد ملك الله تعالى لخلقه
أ- مَالِكَ
وذكر اسم مالك مرتين
قال الله تعالى:
( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )
الفاتحة : 4
( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ )
آل عمران: 26
ملك الشيء أي حازه وانفرد باستعماله والانتفاع به أو التصرف فيه والاسم مالك .
– المَلِيكٍ
وورد بصيغة المبالغة من مالك
قال الله تعالى:
( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ )
القمر: 55
عند مليك مثال مبالغة، أي عزيز الملك واسعه «مقتدر» قادر لا يعجزه شيء وهو الله تعالى
3- الْمَلِكُ
هو اسم من أسماء الله الحسنى .
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ ﴾
الحشر: 23
﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾
المؤمنون: 116
﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾
الجمعة: 1
وهو يعني ذو الملك وصاحب التصرف فيما يملك بجميع الوجوه ما علمناه منها وما لم نعلم.
أحدث التعليقات