1- مفهوم اليقين
يعرف اليقين بأنه زوال الشك، وانعدامه 0 فهو العلم المستقر الذي لا يتغير ولا يتحول في القلب .
قَال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 0أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
البقرة: 4- 5
2- كلمة اليقين
في
القرآن الكريم
وردت كلمة اليقن وصيغها في القرآن الكريم (٢٨) مرة. والصيغ التي وردت هي:
-الفعل الماضي
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى :
﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾
النمل:١٤
– الفعل المضارع
ورد 13 مرة
قال الله تعالى :
﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
البقرة :٤
-اسم الفاعل
ورد ٦ مرات
قال الله تعالى :
﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾
الأنعام:٧٥
-الصفة المشبهة
ورد ٨ مرات
قال الله تعالى :
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾
الحجر:٩٩
وجاءت كلمة اليقين في الاستعمال القرآني على خمسة أوجه:
1- التصديق
قال الله تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
البقرة:٤
أي: بالبعث يصدقون.
2- الصدق
قال الله تعالى :
﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾
النمل: ٢٢
أي: بخبر صدق.
3- المشاهدة والعيان
قال الله تعالى :
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴾
التكاثر:٥
أي: علم العيان.
4- الموت
قال الله تعالى :
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾
الحجر:٩٩
يعني: الموت.
5- العلم المتيقن
عن المسيح عليه السلام
قال الله تعالى :
﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾
النساء: ١٥٧
أي: وما قتلوه علمًا.
3- صفات أهل اليقين
يتصف أهل اليقين بالعديد من الصفات ، فهم
1- الذين يؤمنون بالغيب
قَال الله تعالى:
﴿ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
البقرة :4
فأهل اليقين يؤمنون بالبعث والجزاء والحساب والجنة والنار
2- الذين يوقنون بأن الرزق بيد الله وحده
قَال الله تعالى:
( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ . وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )
سورة الذاريات 20-22
3- الذين لا يزيغون عن الحق ولا تتشابه عليهم الأمور
قَال الله تعالى:
( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
البقرة 118
فأهل اليقين الحق عندهم واضح, لذا فهم لا يراءون ولا ينافقون
4- الذين يحكمون شرع الله تعالى
قَال الله تعالى:
( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
المائدة 50
وأهل اليقين يحكمون شرع الله تعالى في جميع أمورهم , فلا يحكمون الهوى ولا الطاغوت
5- الذين يؤمنون بالقرآن الكريم
قَال الله تعالى:
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )
السجدة 24
فأهل اليقين يدورون مع القرآن حيث دار يتخلقون بأخلاقه ويقفون عند حدوده
6- الذين يؤمنون بآيات الله وإعجازه في كونه
قَال الله تعالى:
( إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ 0وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ )
سورة الجاثية 3-4
فمن صفات أهل اليقين أنهم يتفكرون في ملكوت الله ويرون إعجاز الله في خلقه .
وعن إبراهيم عليه السلام
قَال الله تعالى:
( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ )
الأنعام75
8– الذين يؤمنون بالموت والحساب
قَال الله تعالى:
( وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )
النمل3
فأهل اليقين حينما يؤمنون بالموت والحساب فإنهم يستعدون لذلك بالأعمال الصالحة ويوقنون تماما أنهم مقبلون على رب يحاسب على الصغيرة والكبيرة .
قَال الله تعالى:
( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )
الحجر 99
واستمِرَّ في عبادة ربك مدة حياتك حتى يأتيك اليقين، وهو الموت.
9- الذين يؤمنون حقَّ الإيمان
قَال الله تعالى:
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ )
السجدة24
4 – مكانة اليقين
أن لليقين مكانة كبيرة فاليقين هو لب الدين ومقصوده الأعظم. ويزيد العبد خضوعًا واستكانة لمولاه. كما يضع صاحبه دائمًا في موضع الإخلاص والصدق. ضابط قوي يرقب العلاقة بين المسلم وربه، ويجعلها تلتزم خط السلامة والأمان حتى يصل إلى دار الرضوان . و لمكانة اليقين ومنزلته فقد خصَّ الله تعالى أهله ، بالأتي
– بانتفاعهم بالآيات والبراهين
قال الله تعالى :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾
الذاريات: ٢٠
– بالهدى والفلاح من بين العالمين
قال الله تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
البقرة: ٤ – ٥
– وأخبر عن أهل النار بأنهم لم يكونوا من أهل اليقين
قال الله تعالى :
﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾
الجاثية٣٢
5- مقامات اليقين
المتأمل في القرآن يجد أن لليقين ثلاثة مقامات تحدث عنها القرآن ، وهي
الأولى: علم اليقين
علم اليقين هو العلم بالشيء من مصدر ثقةٍ دون أدنى شكٍ
قال الله تعالى :
( كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ )
التكاثر5
الثانية: عين اليقين
هو رؤية ما أخبر به الشخص بأم عينه
قال الله تعالى :
( ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ )
التكاثر 7
الثالثة: حق اليقين
هو التمتع بالشيء الذي أخبر عنه وتجربته بنفسه
قال الله تعالى :
( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ )
الواقعة 74
وتترتب هذه الثلاثة من الأقل للأعلى درجةٍ وهذا الترتيب هو : أولاً علم اليقين، ثم عين اليقين، ثم حق اليقين وهو أعلى المراتب
و نوضح تلك المقامات بالمثال التالي:
أ – في القرآن الكثير من أوصاف الجنة ونعيمها فهذا الكلام هو علم اليقين لعلمنا بثقة مصدره وهو الله تعالى.
ب- إذا رأينا الجنة بأم أعيننا يتحول علم اليقين إلى عين اليقين لرؤية الشيء المخبر عنه بالعين .
ج – والمرتبة الأخيرة هي دخول الجنة والتمتع بنعيمها فهنا تحول عين اليقين بعد رؤية الشيء إلى حق اليقين وهو تجربة الشيء بنفسك.
يوضح الحق سبحانه وتعالى تلكم المقامات ، مبينًا المقامين الأولين
قال الله تعالى :
﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ . ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾
التكاثر: 5- 7
6 – أسباب حصول اليقين
المتدبر لآيات القرآن الكريم يتبين له أن القرآن قد بين ثلاثة أسباب تؤدي لحصول اليقين نوردها فيما يلي:
1- الإيمان
لا شك أن اليقين الحقيقي الثابت الذي لا يتزعزع بزمانٍ ولامكانٍ ولا حالٍ ينبع من معين الإيمان بالله وبقضاءه وقدره واليوم الآخر، فهناك تلازم بين الإيمان واليقين، فالأول سبب في تحقق الثاني.
قال الله تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
البقرة: ٤
والذين يُصَدِّقون بما أُنزل إليك أيها الرسول من القرآن ، وبكل ما أُنزل مِن قبلك على الرسل من كتب، كالتوراة والإنجيل وغيرهما، ويُصَدِّقون بدار الحياة بعد الموت وما فيها من الحساب والجزاء، تصديقا بقلوبهم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم الآخرة؛ لأن الإيمان به من أعظم البواعث على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ومحاسبة النفس.
قال الله تعالى :
﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ . هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
النمل: 1-3
﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ . هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
لقمان: 2-4
وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح؛ لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق.
قال الله تعالى :
﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾
السجدة: ١٢
ولذلك عندما حاول المشركون إظهار تحسرهم وندمهم – يوم لا ينفع الندم- لعدم يقينهم بوعد الله وحسابه ، تمنوا الرجوع إلى الحياة الدنيا؛ ليكونوا من المؤمنين الذين يكونون من أصحاب اليقين، ولكن هيهات فقد فات الأوان
2- التفكر
إن التفكر والتأمل والتدبر في الكون وما أوجده الله فيه من مخلوقات وأشياء عديدة ومتنوعة بعقل مجرد يوصل لا محالة إلى اليقين بألوهية وربوبية الخالق الموجد الحق سبحانه وتعالى .
قال الله تعالى :
﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
الرعد 3
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ . كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ ﴾
طه: ٥٣ – 54
﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
الرعد: ٤
ولهذا يري الحق سبحانه وتعالى إبراهيم ما تحتوي عليه السموات والأرض من ملك عظيم، وقدرة باهرة، ليستدل به على وحدانيتنا وليكون من الموقنين بها.
قال الله تعالى :
﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾
الأنعام: ٧٥
الله تعالى هو الذي رفع السموات السبع بقدرته من غير عمد كما ترونها، ثم استوى -أي علا وارتفع- على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، وذلَّل الشمس والقمر لمنافع العباد، كلٌّ منهما يدور في فلكه إلى يوم القيامة. يدبِّر سبحانه أمور الدنيا والآخرة، يوضح لكم الآيات الدالة على قدرته وأنه لا إله إلا هو؛ لتوقنوا بالله والمعاد إليه، فتصدقوا بوعده ووعيده وتُخْلصوا العبادة له وحده.
قال الله تعالى :
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾
الرعد: ٢
والأرض وسيلة وسببًا من أسباب اليقين ، ففي الأرض آياتٌ تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره لمن يتدبر ويتفكر ويعقل، من الجبال والبحار والأشجار والثمار والنبات وغيرها مِنَ الدلالات على قدرة الله سبحانه وتعالى ووحدانيته للموقنين.
قال الله تعالى :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾
الذاريات: ٢٠
وإذا نظرنا إلى الإنسان خلقًا وإيجادًا وما يبثه الحق من دابة تدب على الأرض من غير جنس البشر يصل بالإنسان إلى تحقيق اليقين.
قال الله تعالى :
﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
الجائية: ٤
فإذا نظرت في ما حولك واستخدمت عقلك ستصل إلى النتيجة الحتمية وبأعلى الطمأنينة أن الخالق المدبر هو الله وهذا هو اليقين حقًّا
قال الله تعالى :
﴿ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾
الدخان: ٧
3- تدبر القرآن
قال الله تعالى :
﴿ هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
الجاثية 20
هذا القرآن الذي أنزلناه إليك أيها الرسول بصائر يبصر به الناس الحق من الباطل، ويعرفون به سبيل الرشاد، وهدى ورحمةٌ لقوم يوقنون بحقيقة صحته، وأنه تنزيل من الله العزيز الحكيم.
وهكذا فإن قراءة القرآن وتدبره بعناية ترسخ اليقين وتقوي منه، وتؤكد صدق القرآن ونبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم. فالإخبار عن المغيبات عن طريق القرآن الكريم من شأنه أن تجعل الإيمان في قلوب المؤمنين الصادقين يزداد رسوخا وثباتا، فمن تدبر القرآن طالبًا للهدى منه تبين له طريق الحق.
7 – ثمرات اليقين
لليقين ثمرات بينها القرآن ومن أهمها ما يأتي:
1- الرضا بحكم الله
قَال الله تعالى:
﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
المائدة: ٥٠
تبين الآية أن اليقين والإيمان الحقيقي من علاماته الرضا بحكم الله في كل الأحوال وفي كل الأمور ونبذ كل حكم يخالف حكم الله .
2- الثبات على الأعمال الصالحة
قَال الله تعالى:
﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾
الحجر: ٩٩
واستمِرَّ في عبادة ربك مدة حياتك حتى يأتيك اليقين، وهو الموت. وامتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فلم يزل دائبًا في عبادة الله، حتى أتاه اليقين من ربه.
قَال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾
مريم: ٣١
أي: أبدًا، فالمؤمن الحقيقي تكون عبادته لله ليست عبادة مؤقتة أو مرتبطة بزمان معين أو مكان معين أو عبادة ليسر أو عسر، بل عبادة الموقن الحقيقي عبادة دائمة وفي كل الأوقات والأزمان والأمكان.
3- الثقة في وعد الله ووعيده
قَال الله تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾
الروم: ٦٠
فاصبر -أيها الرسول- على ما ينالك مِن أذى قومك وتكذيبهم لك، إن ما وعدك الله به من نصر وتمكين وثواب حق لا شك فيه، ولا يستفزَّنَّك عن دينك الذين لا يوقنون بالميعاد، ولا يصدِّقون بالبعث والجزاء.
4- الإمامة في الأرض
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾
السجدة: ٢٤
وجعلنا الكتاب المنزل على موسى عليه السلام هدىً لقومه وجعلنا منهم أئمةً يهدون الناس ويدعونهم إلى ما في التوراة من دين الله وشرائعه لصبرهم وإيقانهم بالآيات.
5- الانتفاع بهداية القرآن ورحمته
قال الله تعالى:
﴿ هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
الجاثية: ٢٠
يبين الحق سبحانه وتعالى أن الإيمان واليقين بالقرآن وما فيه من شرع الله يجعل صاحبه يدرك الفلاح في الدنيا والآخرة.
6- الفلاح في الدنيا والآخرة
قَال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
البقرة: ٤ – ٥
خص سبحانه وتعالى أهل اليقين بالفلاح ، والمفلحون هم الفائزون بالجنة والباقون فيها .
أحدث التعليقات