1- مفهوم الولاء

هو التقرب وإظهار الود بالأقوال والأفعال والنوايا لمن يتخذه الإنسان وليًّا

2- كلمة الولاء

        في

القرآن الكريم

وردت كلمة ولي وصيغها في القرآن الكريم (١٢٤) مرة. وهي:

– الفعل الماضي

ورد  ٣مرات

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾

المجادلة:١٤

– الفعل المضارع

ورد  ١١مرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾

الأعراف:١٩٦

– المصدر

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾

الكهف:٤٤

– اسم الفاعل

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ

الرعد:١١

– اسم المفعول

ورد ٢١مرة

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

محمد:١١

– الصفة المشبهة

ورد ٨٦ مرة

قال الله تعالى:

﴿ وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ ﴾

الأنعام :٧٠

وجاء الولاء في القرآن على أربعة أوجه :

1- الرب

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأنعام:١٤

يعني: ربًّا

2- الولد

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا

مريم:٥

يعني: ولدًا

3- الناصر

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾

الدخان: ٤١

4- المولى الذي يعتق

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ

الأحزاب :٥

3- كلمات ذات الصلة

     بكلمة الولاء

– النصرة

هي إعانة المظلوم والدفاع عنه .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾

آل عمران :123

– التعاون

مساعدة النَّاس بعضهم بعضًا لفعل الشَّيء

قال الله تعالى:

﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾

المائدة: 2

– البراء

هو التباعد عن الشيء والعداوة له، والبراء ضد الولاء

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴾

الزخرف: 26

4 – أنواع الولاية

        في

القرآن الكريم

الولاية في القرآن الكريم تنقسم إلى الأنواع الأتية :

أولا- ولاية الله تعالى

إن الكلام عن ولاية الله عز وجل لعباده تتطلب بيان مايلي

1- الله تعالى هو الولي

لقد سَمَّى الله عز وجل نفسه باسم (الولي)، فهو من أسمائه الحسنى .

قال الله تعالى:

﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ

الشورى:٩

﴿ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

الشورى:٢٨

والمعنى المراد هو قصر الولاية الحقة على الله تعالى وحده.

2- أقسام ولايه

الله تعالى

أن ولايه الله تعالى  لعباده تنقسم إلى قسمين:

أ – ولاية عامة لجميع خلقه

أن الله تعالى هو وحده الذي يتولى أمور الخلائق، فهو الولي الذي صرف لخلقه ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم وأخراهم، دون تمييز بين مؤمن، أو كافر، أو منافق، فهي ولاية عامة لجميع الناس.

قال الله تعالى:

﴿ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

الشورى:٩

الله تعالى هو الولي الحق ، لإنه وحده القادر على إحياء الموتى، وهو على كل شيء قدير.

قال الله تعالى:

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾

الشورى:٢٨

فالله تعالى هو الذي ينزل المطر الغزير ، فيخرج به الأقوات للخلائق.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

الأنعام:١٤

فالله تعالى هوالذي أبدع السماوات والأرض.

ب – ولاية خاصة لأصفيائه المؤمنين

أن الله تعالى هو ولي المؤمنين حيث يتولى نصرهم وإرشادهم .

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

البقرة :٢٥٧

أنَّ الله تعالى وليُّ الذين آمنوا حيث يتولاهم بالنصرة والإرشاد، فهو وحده الذي يخرجهم من ظلمات الضلالة إلى نور الهداية، ولا يقدر على هذا إلا الله عز وجل.

– عن يوسف عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾

يوسف:١٠١

فنادى ربه: يا رب أعطيتني من نعمة الدنيا الجاه والسلطان، ومن نعمة العلم تفسير الرؤيا، فيا مبدع السماوات والأرض وخالقهما على غير مثال سابق، أنت يا رب متولي أموري وشؤوني في الدنيا والآخرة، فاقبضني مسلمًا، واجعل لحاقي بالصالحين .

لأجل هذا يعترف المؤمنون دائمًا بأن الله عز وجل هو وليهم ومولاهم.

قال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا ﴾

البقرة: ٢٨٦

أي: لا تعاقبنا على فرضٍ تركناه، أو على حرامٍ فعلناه نسيانًا، أو أخطأنا الصواب في العمل جهلًا منا بواجبه الشرعي ، ولا تكلفنا من الأعمال الشاقة إن كانت فوق طاقتنا ، وامح ذنوبنا، واستر عيوبنا، وأحسن إلينا، أنت مالك أمرنا ومدبره  .

3- أسباب ولاية

الله تعالى لعباده

من خلال النظر في آيات القرآن الكريم نجد أن أسباب ولاية الله عز وجل تتمثل في الآتي:

أ- الإيمان

في بيان ولايه الله عز وجل لأهل الإيمان

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا

محمد:١١

ب – التقوى

في بيان ولايه الله عز وجل لأهل التقوى

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ

الجاثية: ١٩

ج – الصلاح

على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ

الأعراف:١٩٦

وهكذا تتضح ولاية الله تعالى الخاصة بأوليائه وأصفيائه المؤمنين المتقين الصالحين.

4- آثار ولاية الله للمؤمنين

إن المؤمنين عندما يتخذون الله وليًّا فلا يتولون غيره، تظهر عليهم آثار ولاية الله تعالى لهم. ومن هذه الآثار

أ – البشرى في الحياة الدنيا و الآخرة

قال الله تعالى:

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ  . لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

يونس:٦٢-٦٤

ب – هو الطريق الموصل

إلى رضا الله وجنته

قال الله تعالى:

﴿ وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ . لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

الأنعام:١٢٧-١٢٦

5- أسباب الحرمان من ولاية الله

من خلال النظر في آيات القرآن الكريم نجد أن أسباب الحرمان من ولاية الله عز وجل تتمثل في الآتي:

أ- الكفر

فالشخص الذي لا يؤمن بالله عز وجل كيف يكون الله تعالى وليه وناصره في الدنيا وفي الآخرة؟

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا . خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾

الأحزاب: ٦4-٦5

أي: إن الله عز وجل لعن الكافرين فخذلهم وطردهم من رحمته، وأعد لهم في الآخرة جهنم ماكثين فيها أبدًا بلا انقطاع، فلا يجدون فيها وليًّا قريبًا ينفعهم، ولا نصيرًا مانعًا يمنعهم من عذاب الله عز وجل.

ب- النفاق

إن الشخص المنافق هو الذي يظهر خلاف ما يبطن، فمن اتصف بهذه الخصلة السيئة يحرم نفسه من ولاية الله عز وجل له في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾

الأحزاب: ١٧

ت- اتباع الهوى

إن من لم يأتمر بأوامر الله تعالى، وينتهي عما نهى الله تعالى عنه، فإنه يعرض نفسه للحرمان من ولاية الله تعالى، وحفظه ورعايته ونصرته له.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴾

الرعد :٣٧

ث- الضلال

الضلال هو عكس الهداية والتوفيق، فمن كان على ضلالة فكيف يكون الله تعالى وليه وناصره؟!

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ ﴾

الإسراء:٩٧

ج – الظلم

قال الله تعالى:

﴿ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾

الشورى :٨

والظالمون أنفسهم بالشرك ما لهم من وليٍّ يتولى أمورهم يوم القيامة، ولا نصير ينصرهم من عقاب الله تعالى.

ح- عمل السيئات

ومن يعمل عملا سيئًا يجز به، ولا يجد له سوى الله تعالى وليّاً يتولى أمره وشأنه، ولا نصيرًا ينصره، ويدفع عنه سوء العذاب.

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾

النساء:١٢٣

خ – الاستكبار

الاستكبار حالة تمنع صاحبها من نيل ولاية الله تعالى له،

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾

النساء :١٧٣

ثانيا- ولاية الملائكة للمؤمنين

في معرض الحديث عن أمرٍ حدث بين النبي صلى الله عليه وسلم وبعض زوجاته.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ﴾

التحريم:٤-٣

فإن الله جل جلاله هو وليه وناصره، وكذلك جبريل عليه السلام هو مولاه، بالإضافة إلى صالح المؤمنين وخيارهم أيضًا، وكذلك الملائكة كلهم هم ظهراء وولاة وأعوان للنبي صلى الله عليه وسلم.

1- أسباب ولاية الملائكة للمؤمنين

من خلال النظر في آيات القرآن الكريم، وجعلها موجبة لولاية الملائكة للمؤمنين تتمثل في الأ تي :

أ – استقامة المؤمنين على

الصراط المستقيم علمًا وعملًا

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾

فصلت:٣٠-٣1

فهؤلاء المؤمنون الذين أقروا بربوبية الله تعالى وتوحيده، وداموا على هذا التوحيد حتى ماتوا، فلم يلتفتوا إلى إله غيره عز وجل، واستقاموا وثبتوا على أمر الله تعالى فامتثلوا لأوامره، واجتنبوا نواهيه، فهؤلاء يستحقون ولاية الملائكة لهم .

2- آثار ولاية الملائكة للمؤمنين

تتمثل آثار ولاية الملائكة للمؤمنين في الآتي:

أ- حفظكم ومعونتكم في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾

فصلت:٣٠-٣1

ب – تثبيت المؤمنين في ساحات الجهاد

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

الأنفال :١٢

ثالثا – ولاية المؤمنين

بين بعضهم البعض

يأمر الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا بعضهم أولياء بعض .

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾

التوبة:٧١

ولا يتخذوا غيرهم أولياء

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾

الممتحنة: ١

1- أسباب ولاية المؤمنين بعضهم البعض

ذكرت بعض آيات القرآن الكريم أسباب ولاية المؤمنين بعضهم البعض

أ- رابطِة الدين

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة:٧١

لأن الدين الذي اعتنقه هؤلاء المؤمنون، وتمسكوا به، يوجب لهم الولاية، فيصير بعضهم أولياء لبعض .

2- آثار ولاية المؤمنين لبعضهم

بعد أن ذكر الله عز وجل موجبات ولاية المؤمنين لبعضهم البعض، وصف آثار هذه الولاية الحقة للمؤمنين سواء كانت في الدنيا أم في الآخرة، وهي متمثلة في النقاط الآتية:

أ- رحمة الله عز وجل بهم

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

التوبة:٧١

ب – الغلبة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

المائدة:٥٦

ومن وثق بالله وتولَّى الله ورسوله والمؤمنين، فهو من حزب الله، وحزب الله هم الغالبون المنتصرون.

ت – الفلاح في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

المجادلة:٢٢

3- ولاية المؤمنين للكافرين والظالمين

لقد حذر الله تعالى المؤمنين من اتخاذهم الكافرين والظالمين أولياء من دون المؤمنين ، ويترتب على ولاية المؤمنين للكافرين والظالمين جملة من الآثار، ومنها:

أ- براءة الله تعالى منه

قال الله تعالى:

﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾

آل عمران:٢٨

ينهى الله المؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء بالمحبة والنصرة من دون المؤمنين، ومَن يتولهم فقد برِئ من الله، والله برِيء منه .

ب – وقوعهم في دائرة الكفر

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ  وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾

المائدة:٥١

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ وأنصارًا. ومن يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم، وحكمه حكمهم.

ج – الحكم عليهم بالضلال

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾

الممتحنة:١

يا أيها المؤمنون ، لا تتخذوا عدوي وعدوكم خلصاء وأحباء، تُفْضون إليهم بالمودة سرًّا ، ومن يفعل ذلك منكم فقد أخطأ طريق الحق والصواب، وضلَّ عن قصد السبيل.

رابعا – ولاية الشيطان

يتطلب الحديث عن ولاية الشيطان توضيح ما يأتي:

1- صفات أولياء الشيطان

تحدث القرآن الكريم عن صفات أولياء الشيطان ، وهي متمثلة فيما يأتي:

أ – الشرك وعدم الإيمان

الله عز وجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون، فعدم الإيمان موجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

الأعراف:٢٧

أما المؤمنون فقد أخبر الله تعالى أنه لم يجعل للشيطان عليهم سلطانًا ولا سبيلًا، فالمشركون الذين يتصفون بالشرك وعدم الإيمان هم أولياء الشيطان.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾

النحل:٩٩-١٠٠

ب – الاغترار بالباطل

تعد هذه الصفة مهمة في طريق اتباع الشيطان، ويكسبها الشيطان لأوليائه حتى يغويهم به، فالشيطان لا يحارب أهل الحق وحده؛ بل يحتاج إلى أتباع ومعاونين ومناصرين، ولا بد أن يكون هؤلاء الأتباع بعيدين كل البعد عن الحق والإيمان، ولا يتأتى هذا البعد إلا بزيادة اغترارهم بالباطل الذي هم عليه، فلا يرون الحق إلا فيما هم عليه، وغيره لا يكون صوابًا، فيدخل الشيطان إلى نفوس أتباعه من مدخل يتميز بضعفهم فيه، ألا هو حب الذات والظهور، فيبدأ الشيطان بالوسوسة لأتباعه، ويوحي إليهم أنه على حق، وأنهم هم الأقوى، وأن عليهم الآن محاربة المؤمنين بكل ما يتصفون به من كبر وغرور.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾

النساء:١19- 120

ج – الخوف من الشيطان

إذا كان الشيطان قد أغرى حب الذات والظهور في أوليائه، وهو من أشعل فيهم الكبر والغرور، وسخرهم الشيطان للحرب على الحق وأهله، فإن هؤلاء الأولياء يصبحون ضعفاء أمام سيدهم الشيطان فيخافون منه، وينفذون أوامره، ولا يعصون منها شيئًا.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾

النحل:٩٩-١٠٠

د – الجدال بالباطل

أنه يوجد من الناس من يخاصم ويجادل في دين الله تعالى بغير حجة ولا علم، ويتمرد على الله عز وجل. وقد بين الله تعالى أن ما يقوله هؤلاء الأولياء من جدال، وما يفعلونه من عداء للحق وأهله، إنما هو وحي من الشيطان إليهم

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ﴾

الحج:٣

﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾

الأنعام:١٢١

2- آثار ولاية الشيطان

بعد عرض صفات أولياء الشيطان التي ذكرها القرآن الكريم، بين الله تعالى ما يترتب على ولاية الشيطان من آثار، ومنها:

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا. أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾

النساء:١١9-١٢١

﴿ فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ  إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

الأعراف:٣٠

﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

النحل:٦٣

خلاصة القول: إن من آثار ولاية الشيطان، أن الضلالة قد حقت عليهم، فكذبوا الرسل، فلهم عذاب أليم موجع في الآخرة؛ لأنهم رضوا بولاية الشيطان، فاستحقوا هذا العذاب .

خامسا – ولاية الكافرين والمنافقين

والظالمين لبعضهم البعض

إن الحديث عن هذا الأمر يقتضي الحديث عن الأتي:

1- ولاية الكافرين

بعضهم البعض

تحدث القرآن الكريم عن اتخاذ الكافرين بعضهم البعض أولياء .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾

الأنفال:٧٣

والمعنى: إن الكفار بعضهم أولياء بعض في النصرة والتعاون على قتال المسلمين، فهم في جملتهم فريق واحد ضد الحق وأهله- وإن كان بعضهم يعادي بعضًا .

2- ولاية المنافقين للكافرين

كما تحدث القرآن الكريم عن ولاية الكافرين لبعضهم البعض، فإنه تحدث عن ولاية المنافقين للكافرين .

قال الله تعالى:

﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ .

النساء:١٣٨

3- ولاية الظالمين لبعضهم البعض

تحدث القرآن الكريم أيضًا عن ولاية الظالمين لبعضهم البعض.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ  ﴾

الجاثية:١٦-١٩

وإن الظالمين المتجاوزين حدود الله من المنافقين واليهود وغيرهم بعضهم أنصار بعض على المؤمنين بالله وأهل طاعته .

5- أساليب القرآن في

  الحديث عن الولاء

استخدم القرآن الكريم في حديثه عن الولاء مجموعة من الأساليب، و كان منها ما يأتي:

1- النهي

فقد استخدم القرآن الكريم (لا) الناهية للتعبير عن عدم اتخاذ الكافرين سواء كانوا مشركين أم يهودًا ونصارى

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ  ﴾

المائدة:٥١

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾

الممتحنة:١٣

2- الاستفهام

هذا الأسلوب غرضه الإنكار؛ للتأكيد على نهي اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، والأمثلة عليه منها

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾

النساء : ١٣٩

الذين يوالون الكافرين، ويتخذونهم أعوانًا لهم، ويتركون ولاية المؤمنين، ولا يرغبون في مودتهم. أيطلبون بذلك النصرة والمنعة عند الكافرين؟ إنهم لا يملكون ذلك، فالنصرة والعزة والقوة جميعها لله تعالى وحده.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾

الكهف:٥٠

أفتجعلونه -أيها الناس- وذريته أعوانًا لكم تطيعونهم وتتركون طاعتي، وهم ألد أعدائكم؟ قَبُحَتْ طاعة الظالمين للشيطان بدلا عن طاعة الرحمن.

3- التحدي

وهو أسلوبٌ يقصد من خلاله تعجيز الطرف الآخر، وإظهار كذبه فيما ادعاه، وقد استخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب في حديثه عن الولاء، حيث تحدى الله عز وجل فيه اليهود .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾

الجمعة: ٦ -٧

4- التهديد

وهو أسلوب يحمل معنى التخويف والتوعد للمؤمنين إن والوا الكافرين وناصروهم وصادقوهم .

قال الله تعالى:

﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾

آل عمران: ٢٨

8- الولاء في المثل القرآني

كان لموضوع الولاء نصيب في أمثال القرآن الكريم، ومعلومٌ أن من أغراض الأمثال القرآنية تقريب الصورة المعنوية إلى الذهن بتشبيهها بشيء مادي محسوس يدركه العقل البشري. ومن الأمثلة على ذلك:

قال الله تعالى:

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ . إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

العنكبوت:٤١-٤٣

فيعد هذا مثلًا ضربه الله تعالى لمن عبد غيره من الأصنام والأوثان من أجل التعزز والتقوي وحصول المنفعة، ولكن الأمر في حقيقته غير ذلك. فمثل هذا كمثل العنكبوت التي هي من الحشرات الضعيفة، وبيتها من أضعف البيوت وأوهنها.

Share This