1- مفهوم الوجه
الوجه هو ما يحصل به المواجهة والاستقبال لكل شيء
2- كلمة وجه
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (وجه) وصيغها في القرآن الكريم (٧٥) مرة . والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد مرتين
قال الله تعالى :
﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ﴾
الأنعام:٧٩
– الفعل المضارع
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى :
﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾
النحل:٧٦
– الأسماء
ورد ٧٢ مرة
قال الله تعالى :
﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾
البقرة :١١٥
وجاء الوجه في القرآن على أربعة أوجه :
1- الدين
قال الله تعالى :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾
النساء:١٢٥
يعني: أخلص دينه لله.
2- الوجه بعينه
قال الله تعالى :
﴿َ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾
النساء: 43
يعني: الوجه بعينه.
3- أول
قال الله تعالى :
﴿َ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ ﴾
آل عمران:٧٢
يعني: أول النهار.
4- الحقيقة
قال الله تعالى :
﴿َ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَا ﴾
المائدة:١٠٨
أي: على حقيقتها
3- ذكر الوجه
في
القرآن الكريم
ذكر القرآن الكريم الوجه في حق ، الأتى
أولا – الوجه في حق
الله تعالى
أ – معناه
وجه الله أتى في القرآن الكريم بالمعانى الأتية
1- رضا الله وثوابه
وجه الله هو السبيل أو الوسيلة أوالفعل المُوصل إلى رضا الله وثوابه
قَال الله تعالى:
( إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ )
الليل : 20
لكنه يبتغي بذلك طلب ثواب الله
قَال الله تعالى:
( وَمَا تُنفِقُونَ إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ )
البقرة: 272
﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾
الإنسان : 9
إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم.
قَال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ )
الرعد: 22
( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ )
الروم: 39
وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلبًا لثوابه .
قَال الله تعالى:
( ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ )
الروم: 38
ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم ثوابه
2- ذاته
قَال الله تعالى:
( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ )
القصص88
كل شيء هالك وفانٍ إلا إياه .
قَال الله تعالى:
( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )
الرحمن: 26- 27
كل مَن على وجه الأرض مِن الخلق هالك، فلا يبقى إلا ذاته .
3- ملكه
قَال الله تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾
البقرة : 115
ولله جهتا شروق الشمس وغروبها وما بينهما، فهو مالك الأرض كلها. فأي جهة توجهتم إليها في الصلاة بأمر الله لكم فإنكم لم تخرجوا عن ملكه .
ب – ابتغاء وجه الله بالأعمال الصالحة
كل الأعمال الصالحة يبتغى بها وجه الله، وهناك من الأعمال الصالحة ما تكرر كثيرًا، ومنها:
1- الصبر
قَال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ )
الرعد :22
وهم الذين صبروا على الأذى وعلى الطاعة، وعن المعصية طلبًا لرضا ربهم .
2- إيتاء حق ذي القربى والمساكين وابن السبيل
قال الله تعالى:
( فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ )
الروم:٣٨
فأعط -أيها المؤمن- قريبك حقه من الصلة والصدقة وسائر أعمال البر، وأعط الفقير والمحتاج الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة، ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم ثواب الله .
3 – إيتاء الزكاة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ )
الروم:٣٩
وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلبًا لثوابه، فهذا هو الذي يقبله الله ويضاعفه لكم أضعافًا كثيرة.
4 – إطعام المسكين واليتيم والأسير
قال الله تعالى:
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾
الإنسان:٨ – 9
ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم.
ثانيا – الوجه بالنسبة للبشر
ينقَسم الوجه بالنسبة للبشر إلى قَسمين ، وهما
أ – الوجه بالمعنى المجازى
أن تكون أعماله الصالحة فى إتّجاه واحد ، وفى وجهة واحدة ، وهي رب العزة وحده لا شريك له .
1- أَسْلاَمَ الوَجْهَهُ لِلَّهِ
قَال الله تعالى:
( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )
النساء 125
لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده، وهو موحد .
قَال الله تعالى:
( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى )
لقمان 22
ومن يُخْلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى، وهو محسن في أقواله، متقن لأعماله، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته.
2- أَقِامْه الوجه لِلدِّينِ
قَال الله تعالى:
( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا )
الروم 30
فأقم – أيها الرسول أنت ومن اتبعك – وجهك، واستمر على الدين الذي شرعه الله لك، وهو الإسلام الذي فطر الله الناس عليه .
قَال الله تعالى:
( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ )
الروم43
فوجِّه وجهك – أيها الرسول – نحو الدين المستقيم، وهو الإسلام، منفذًا أوامره مجتنبًا نواهيه، واستمسك به من قبل مجيء يوم القيامة، فإذا جاء ذلك اليوم الذي لا يقدر أحد على ردِّه .
قَال الله تعالى:
( وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ )
يونس 105
وأن أقم – أيها الرسول- نفسك على دين الإسلام مستقيمًا عليه غير مائل عنه إلى يهودية ولا نصرانية ولا عبادة غيره، ولا تكونن ممن يشرك في عبادة ربه الآلهة والأنداد، فتكون من الهالكين.
3- ابْتِغَاءَ وجه ربه
هو إخلاص العمل و ابتغاء الأجر والثواب من الله تعالى، وليس المقصود منها صفة الوجه.
قَال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ )
الرعد22
وهم الذين صبروا على الأذى وعلى الطاعة، وعن المعصية طلبًا لرضا ربهم، وأدَّوا الصلاة على أتمِّ وجوهها، وأدَّوا من أموالهم زكاتهم المفروضة، والنفقات المستحبة في الخفاء والعلن، ويدفعون بالحسنة السيئة فتمحوها، أولئك الموصوفون بهذه الصفات لهم العاقبة المحمودة في الآخرة.
قَال الله تعالى:
( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى . الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى . وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى . إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى )
الليل : 17- 20
وسيُزحزَح عنها شديد التقوى، الذي يبذل ماله ابتغاء المزيد من الخير. وليس إنفاقه ذاك مكافأة لمن أسدى إليه معروفا، لكنه يبتغي بذلك وجه ربه الأعلى ورضاه، ولسوف يعطيه الله في الجنة ما يرضى به.
قَال الله تعالى:
( وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ )
البقرة : 272
وما تبذلوا من مال يَعُدْ عليكم نَفْعُه من الله، والمؤمنون لا ينفقون إلا طلبًا لمرضاة الله. وما تنفقوا من مال – مخلصين لله – توفوا ثوابه، ولا تُنْقَصُوا شيئا من ذلك.
قَال الله تعالى:
( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
الروم : 38
فأعط -أيها المؤمن- قريبك حقه من الصلة والصدقة وسائر أعمال البر، وأعط الفقير والمحتاج الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة، ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم وجه الله، والذين يعملون هذه الأعمال وغيرها من أعمال الخير، أولئك هم الفائزون بثواب الله الناجون مِن عقابه.
قَال الله تعالى:
( وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ )
الروم : 39
وما أعطيتم قرضًا من المال بقصد الربا، وطلب زيادة ذلك القرض؛ ليزيد وينمو في أموال الناس، فلا يزيد عند الله، بل يمحقه ويبطله. وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلبًا لثوابه، فهذا هو الذي يقبله الله ويضاعفه لكم أضعافًا كثيرة.
ب – الوجه البشرى بمعناه الحقيقى
الوجه الظاهريّ المحسوس للإنسان ، وهو العضو المخصوص الّذى يتوجّه اليه عند اللقاء والمكالمة والمخاطبة .
قَال الله تعالى:
( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً )
النساء 43
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
النحل: 58
( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ )
البقرة 144
( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ )
الذاريات: 29
( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ )
آل عمران106
( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )
الفتح: 29
4- حالات الوجوه
في
القرآن الكريم
ذكر الله تعالى حالات الوجوه في الدنيا و الآخرة ، فَفِي الدنيا يظهر نور الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ عَلَى وُجُوهِ الْمؤْمِنِينَ، وَتظهر ظُلْمَةُ الكفر وَالنِّفَاقِ عَلَى وجوه الْمكَذِّبِينَ،وَأَمَّا فِي الآخرة فَأَوْصَافُ وجوه الْمؤْمِنِينَ وَأَوْصَافُ وجوه الْمكَذِّبِينَ فِي الْقُرْآنِ عَجِيبَةٌ؛ جَاءَتْ فِي جُمْلَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الْآيَاتِ الْوَاضِحَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ وَبَيَانٍ .
أولا – وجوه أهل الدنيا
دلالات متعلقة بوجوه أهل الدنيا
1- الوجوه الحزينة المهمومة
قَال الله تعالى:
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
النحـل: 58
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
الزخرف : 17
ويظهر من الآيتين السابقتين أن دلالة الوجه على الحزن والهم واضحة جلية، وتأثيرهـا عميق، وهذه الحالة مشاهدة في حياة الناس على مر العصور والأزمان، ويمكن ملاحظتها فـي حياتنا اليومية، وذلك في حال وقوع مصيبة أو هم بأي إنسان، أو أن يحدث له مـا لا يرغـب، فسرعان ما يتبدل لون وجهه ليميل إلى السواد.
2- الوجوه الكارهة للحق
قَال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
الحج: 72
وإذا تتلى آيات القرآن الواضحة على هؤلاء المشركين ترى الكراهة ظاهرة على وجوههم، يكادون يبطشون بالمؤمنين الذين يدعونهم إلى الله تعالى، ويتلون عليهم آياته. قل لهم -أيها الرسول-: أفلا أخبركم بما هو أشد كراهة إليكم من سماع الحق ورؤية الداعين إليه؟ النار أعدَّها الله للكافرين في الآخرة، وبئس المكان الذي يصيرون إليه.
3- المقهورة المهانة الوجوه
قَال الله تعالى:
﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾
الإسراء : 7
إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم، فإذا حان موعد الإفساد الثاني سَلَّطْنا عليكم أعداءكم مرة أخرى؛ ليذلوكم ويغلبوكم، فتظهر آثار الإهانة والمذلة على وجوهكم، وليدخلوا عليكم “بيت المقدس” فيخرِّبوه، كما خرَّبوه أول مرة، وليدمروا كل ما وقع تحت أيديهم تدميرًا كاملا.
4- الوجوه التائھة الحائرة
قَال الله تعالى:
﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
الملك : 22
أفمن يمشي منكَّسًا على وجهه لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب، أشد استقامة على الطريق وأهدى، أَمَّن يمشي مستويًا منتصب القامة سالمًا على طريق واضح لا اعوجاج فيه؟ وهذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن.
5- الوجوه العابدة الحسنة
قَال الله تعالى:
﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾
الفتح 29
محمد رسول الله، والذين معه على دينه أشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم، يرجون ربهم أن يتفضل عليهم، فيدخلهم الجنة، ويرضى عنهم، علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجوههم من أثر السجود والعبادة،
6- الوجوه الداعية المتشوقة
قَال الله تعالى:
﴿ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾
البقرة 144
قد نرى تحوُّل وجهك -أيها الرسول- في جهة السماء، مرة بعد مرة؛ انتظارًا لنزول الوحي إليك في شأن القبلة، فلنصرفنك عن “بيت المقدس” إلى قبلة تحبها وترضاها، وهي وجهة المسجد الحرام بـ “مكة”، فولِّ وجهك إليها. وفي أي مكان كنتم -أيها المسلمون- وأردتم الصلاة فتوجهوا نحو المسجد الحرام. وإن الذين أعطاهم الله علم الكتاب من اليهود والنصارى لَيعلمون أن تحويلك إلى الكعبة هو الحق الثابت في كتبهم. وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء المعترضون المشككون، وسيجازيهم على ذلك.
ثانيا – وجوه أهل الآخرة
جاء في كتاب اﷲ تعالى آيات كريمات يظهر فيها أوصاف لملامح وجوه النـاس التـي ظهر عليها التأثر بمواقف معينة أو سلوكيات خاصة ، وكذلك وصف وجوه الناس في الآخرة ، إن كانوا من أهل الجنة أم من أهل النار
أ- وجوه السعداء في الآخرة
1- الوجوة المشرقه الفرحة
قَال الله تعالى:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ .ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴾
عبس:٣٨-٣٩
أي: مضيئة مشرقة بنور الإيمان
2- الوجوه الوضيئة المبيضة
قَال الله تعالى:
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
آل عمران:١٠٦-١٠٧
ابيضاض الوجوه: إشراقها واستبشارها وسرورها بعملها
3- الوجوه النَّضِرة
قَال الله تعالى:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾
القيامة:٢٢
﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾
المطففين:٢٤
مضيئةٌ حسنةٌ
4- الوجوه الناعمة
قَال الله تعالى:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴾
الغاشية:٨
قد جرت عليهم نضرة النعيم، فنضرت أبدانهم، واستنارت وجوههم، وسروا غاية السرور
5- الوجوه الخاشعة المستسلمة
قَال الله تعالى:
﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾
طه 111
وخضعت وجوه الخلائق، وذلَّت لخالقها، الذي له جميع معاني الحياة الكاملة كما يليق بجلاله الذي لا يموت، القائم على تدبير كلِّ شيء، المستغني عمَّن سواه. وقد خسر يوم القيامة مَن أشرك مع الله أحدًا من خلقه.
ب – وجوه الأشقياء في الآخرة
1- الوجوه المسودة الكئيبة
قَال الله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾
الزمر:٦٠
هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة . وقد جعل الله اسوداد الوجوه يوم القيامة علامة على سوء المصير .
قَال الله تعالى:
﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾
آل عمران : 106
2- الوجوه الباسرة
قال الله تعالى:
﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴾
القيامة:٢٤
شديدة العبوس والكلوح والتكره لما هي فيه من الغم كأنها قد غرقت فيه فرسبت بعد أن سبرت أحوالها، فلم يظهر لها وجه خلاص
3- الوجوه المهانة المقهورة
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴾
الملك 27
فلما رأى الكفار عذاب الله قريبًا منهم وعاينوه، ظهرت الذلة والكآبة على وجوههم، وقيل توبيخًا لهم: هذا الذي كنتم تطلبون تعجيله في الدنيا.
4- الوجوه الخاضعة الذليلة
قال الله تعالى:
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ . عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴾
الغاشية:٢-٣
يومئذ وجوه خاشعة ذليلة متعبة مرهقة عملت ونصبت فلم تحمد العمل ولم ترض العاقبة، ولم تجد إلا الوبال والخسارة، فزادت مضضًا وإرهاقًا وتعبًا
5- الوجوه المنكرة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ﴾
الحج:٧٢
وإذا تتلى آيات القرآن الواضحة على هؤلاء المشركين ترى الكراهة ظاهرة على وجوههم .
5- الوجه مرآة النفس
إن الوجه هو المرآة التي تعكس ما يختلج في النفس البشرية من أفكـار ومـا يعتـري الإنسان من عواطف ، فعندما تتأمل في وجه إنسان فإنك تكتشف ما يفكر فيه ، كما يتحقق ذلك من خلال تأمل عيون الآخرين .
قال الله تعالى:
( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ )
الحج : 72
وإذا تتلى آيات القرآن الواضحة على هؤلاء المشركين ترى الكراهة ظاهرة على وجوههم .
قال الله تعالى:
( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )
الفتح : 29
علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجوههم من أثر السجود والعبادة،
قال الله تعالى:
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
النحـل: 58
قرر القرآن الكريم أن الإنسان إذا أصابه الأسى و الحزن أسود وجهه ؛ كراهية لما سمع، وامتلأ غمًّا وحزنًا.
قال الله تعالى:
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ )
الزخرف : 17
وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى التي نسبها للرحمن حين زعم أن الملائكة بنات الله صار وجهه مُسْوَدَّا من سوء البشارة بالأنثى، وهو حزين مملوء من الهم والكرب.
وهكذا يقرر القرآن في آياته أن الوجه مرآة النفس و أن عليه تنعكس حالات الإنسان لاسيما العاطفية منها و ما يتصل بشعوره ووجدانه، فمن السهل ملاحظة الأسى والأسف ظاهرين على الوجه بما يخالطه من علامات القناعة و السواد بعكس السعادة والطمأنينة والإيمان و السكينة إذ تخط على الوجه علامات النور والرضا.
أحدث التعليقات