مفهوم النْسَخْ في القرآن الكريم
1- مفهوم النْسَخْ
كلمة نسخ لها معان كثيرة
أ- المعنى اللغوي
هو الإزالة أو الإبطال أو التبديل .
ب- المعنى الاصطلاحي
هو إزالة آية أو تغيير آية أو تبديل حكم آية بحكم آية آخر .
ت – المعنى في القرآن
هو الكتابة والإثبات وليس بمعنى الحذف والإلغاء .
والمعانى السابقة لكلمة نسخ تستند عند الكثيرأساسا على الأية التالية
قَال الله تعالى:
﴿ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
البقرة : 106
وذلك يدفعنا أولا لفهم وتفسير كلمتى ﴿ نسخ ﴾ و﴿ أية ﴾ ، لكى نحدد المعنى الصحيح لمفهوم النْسَخْ في القرآن الكريم .
2- معني (النسخ)
ومعني (الآية )
فى
القرآن الكريم
قَال الله تعالى:
( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
البقرة : 106
هنا سنوضح موضوع النسخ وماذا يعنى وكيف نفهم الآية السابقة المثيرة للجدل .
أولا – النسخ
وردت كلمة ( نسخ ) في القرآن الكريم 4 مرات في 4آيات . سنتوقف مع كل آية على حدة لنتعرف على معنى كلمة ( نسخ ) فى القرآن الكريم.
1- الآية الأولي
قَال الله تعالى :
﴿ مّا يَوَدّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزّلَ عَلَيْكُمْ مّنْ خَيْرٍ مّن رّبّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
البقرة : 105-106
ما يحب الكفار من أهل الكتاب والمشركين أن يُنزَّل عليكم أدنى خير من ربكم قرآنًا أو علمًا، أو نصرًا أو بشارة ، والله يختص برحمته مَن يشاء مِن عباده بالنبوة والرسالة ، والله ذو العطاء الكثير الواسع. أى ما نثبته -وما نكتب من آية أو معجزة- أو ننسها والمقصود انتهاء ونسيان زمنها لأنها معجزة حسية وقتية تنتهى بانتهاء زمانها ، فيأت الله بخير منها أو مثلها، لأن الله على كل شىء قدير. فالله هو الذى أنزل الآيات المختلفة على الأنبياء السابقين، يثبت اللاحقة ويجعلها تنسى الناس السابقة، واللاحقة إن لم تكن مثل السابقة فهى خير منها.
قَال الله تعالى :
﴿ وَإِذَا بَدّلْنَآ آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾
النحل : 101
فالله تعالى أبدلهم بالآيات الحسية آية عقلية هى القرآن ولكنهم اتهموا محمداً بالافتراء .
2- الآية الثانية
قَال الله تعالى:
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ وَلاَ نَبِيّ إِلاّ إِذَا تَمَنّىَ أَلْقَى الشّيْطَانُ فِيَ أُمْنِيّتِهِ فَيَنسَخُ اللّهُ مَا يُلْقِي الشّيْطَانُ ثُمّ يُحْكِمُ اللّهُ آيَاتِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشّيْطَانُ فِتْنَةً لّلّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾
الحج : 52 -53
والمعنى العام للآيات أن الشيطان يحاول دائماً التدخل ليفسد الوحى الذى ينزل على كل رسول أو نبى، ويتجلى ذلك التدخل الشيطانى بالأحاديث الكاذبة المنسوبة لله أو للرسول والتى تعارض الوحى الحقيقى، ويسمح الله بكتابة وتدوين- أى نسخ- هذا الوحى الشيطانى
– ﴿ فَيَنسَخُ اللّهُ مَا يُلْقِي الشّيْطَانُ ﴾
أى يكتب الله ما يلقيه الشيطان، وفى المقابل
– ﴿ ثُمّ يُحْكِمُ اللّهُ آيَاتِهِ ﴾
لتكون حجة على الوحى الشيطانى وأعوانه. أما ما يلقيه الشيطان فينسخه الله أى أن يسمح الله له باستمراره ووجوده، والتعليل جاء فى قوله تعالى:
– ﴿ لّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشّيْطَانُ فِتْنَةً لّلّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ﴾
اذن ما تم نسخه من القاء الشيطان هو موجود وليس محذوفا ، ولأنه موجود فسيكون اختبارا للذين فى قلوبهم مرض. وفى نفس الوقت يكون ذلك الوحى الشيطانى المكتوب المنسوخ فى مجلدات وكتب – يكون دليلا للمؤمنين ليزدادوا ايمانا. تقول الآية التالية
– ﴿ وَلِيَعْلَمَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ أَنّهُ الْحَقّ مِن رّبّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ﴾
ثم تقول الآية أن الوحى الشيطانى سيظل مكتوباً ومدوناً أى منسوخاً- وسارى المفعول إلى أن تقوم الساعة .
قَال الله تعالى:
– ﴿ وَلاَ يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مّنْهُ حَتّىَ تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾
الحج :55
والأحاديث الضالة كثيرة مكتوبة ومنسوخة ومدونة فى ملايين النسخ، ولكنها مما يعارض القرآن، ومع ذلك فأكثرية الناس يؤمنون بها ويدافعون عنها وسيظل هذا موقفهم إلى يوم القيامة، وبذلك ينجح الشيطان فى غواية الأكثرية من البشر.وهذا المعنى عن وجود الوحى الشيطانى حرباً على وحى الله تعالى وأنبيائه جاء فى الآية التالية
قَال الله تعالى:
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾
الأنعام :112
إذن ذلك الوحى الشيطانى إنما يوحى ويدون ويكتب وينسخ ويسجل بمشيئة الله
﴿ وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾
الأنعام :112
3- الآية الثالثة
قَال الله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ. وَتَرَىَ كُلّ أُمّةٍ جَاثِيَةً كُلّ أمّةٍ تُدْعَىَ إِلَىَ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. هَـَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقّ إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
الجاثية : 27 29
ففى يوم الحساب كل أمة تكون جاثمة على رُكَبها ، تنتظر دورها حين تدعى إلى كتاب أعمالها الذى يسجل أحداث عصرها. ويقال لهم أن كتاب أعمالهم ينطق عليهم بالحق إذا كانت نستنسخ ما كانت كل أمه تعمله. فقوله تعالى :
– ﴿ إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
أى تكتب أعمالهم نسخاً. ومثل ذلك جاء فى الآيات التالية
– عن وظيفة الملائكة
قَال الله تعالى :
﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لاَ نَسْمَعُ سِرّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىَ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾
الزخرف : 80
. فالملائكة تكتب وتسجل- أو تنسخ كل أعمالهم.
– عن بعض المشركين
قَال الله تعالى :
﴿ أَفَرَأَيْتَ الّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لاُوتَيَنّ مَالاً وَوَلَداً. أَطّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتّخَذَ عِندَ الرّحْمَـَنِ عَهْداً. كَلاّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً ﴾
مريم : 77: 79
أى أن الملائكة ستنسخ أى تكتب قوله الآثم وسيؤاخذ به.
– عن المنافقين
قَال الله تعالى :
﴿ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيّتَ طَآئِفَةٌ مّنْهُمْ غَيْرَ الّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ ﴾
النساء: 81
أى أن أعمالهم يسجلها الله مهما أخفوها. إذن قوله تعالى فى ما جاء فى الآية التالية .
– ﴿ إِنّ كُنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
يعنى نكتب ونسجل وندون ونثبت. وليس بالطبع معناها أنا كنا نحذف أو نلغى ما كنتم تعملون.
4- الآية الرابعة :
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَماّ سَكَتَ عَن مّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الألْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لّلّذِينَ هُمْ لِرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾
الأعراف :154
فالآية تتحدث عن موسى حين رجع إلى قومه غضبان أسفا وقد وجدهم يعبدون العجل، فتملكه الغضب وألقى الألواح، ثم حين هدأ وسكت عنه الغضب أخذ الألواح وفى نسختها أى فى المدون والمسجل والمكتوب فى هذه الألواح .
وفى آية أخرى يقول تعالى عن نفس الألواح
قَال الله تعالى :
﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِن كُلّ شَيْءٍ مّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لّكُلّ شَيْءٍ ﴾
الأعراف : 145
إذن فالنسخ هنا كما فى الآيات الأخرى معناه الكتابة والإثبات والتدوين وليس العكس .
فكلمة (نسخ) وردت في القرآن الكريم بمعني الكتابة والإثبات وليس عكسها.
ثانيا – الآية
أن الملاحظ أن كل التفسيرات بشأن هذه الآية حصرت كلمة (آية) فى أنها تشير الى الآيات القرآنية وأنه تم نسخ لبعضها، ولكن بتتبع كلمة (آية) نجد أنها تدل على معاني عديدة فى القرآن الكريم ، وهي
1- مخلوقات الله تعالى
قَال الله تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الشعراء : 7 -8
( وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ )
يس : 33
﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴾
الإسراء : 12
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾
يوسف : 105
2- نصر الله تعالى الرسل
وذلك النصر على الكافرين للتأكيد على صدق دعواهم وصدق الوعيد لهم بالهلاك
قَال الله تعالى :
﴿ وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الشعراء : 65- 67
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الشعراء : 189 – 190
نصر المؤمنين على الكافرين فى موقعة بدر
قَال الله تعالى :
﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾
آل عمران : 13
3- نجاة ابراهيم عليه السلام من النار
قَال الله تعالى :
( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
العنكبوت :24
4- سفينة نوح عليه السلام
حمل قوم نوح على السفينة التى كانت أول سفينة فى تاريخ البشرية
قَال الله تعالى :
﴿ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾
يس : 41
5- نصر النبي يوسف عليه السلام علي أخوته
وذلك رغم ظلمهم له وكيدهم به، وتحقيق رؤيته المنامية بعد سنوات طوال فى أحداث تبدو طبيعية بينما فيها تحقيق لمشيئة الله تعالى ووعده .
قَال الله تعالى :
﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴾
يوسف: 7
6 – الإسراء بالرسول (ص)
قَال الله تعالى :
﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
الإسراء : 1
7- مولد عيسي عليه السلام
وذلك دون أب وكلامه وهو طفل رضيع فى المهد
قَال الله تعالى :
﴿ قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾
مريم :21
8- قدرة عيسي عليه السلام
وذلك على نفخ الروح وإحياء الموتى وبرء الأمراض المزمنة .
قَال الله تعالى :
﴿ وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران : 49
9- إحياء نبي الله عزير
وذلك بعد موته بمائة عام
قَال الله تعالى :
﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
البقرة : 259
10- التابوت
قَال الله تعالى :
﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
البقرة : 248
11- هزيمة جالوت وقتله على يد داؤود عليه السلام
قَال الله تعالى :
﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾
البقرة : 251- 252
12- مكوث أهل الكهف
قَال الله تعالى :
﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾
الكهف : 9
13- حركة الشمس حول الكهف
قَال الله تعالى :
﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾
الكهف : 17
14- ناقة صالح
قَال الله تعالى :
﴿ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ . قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾
الشعراء : 154 – 155
15- علم بني إسرائيل بما جاء فى القرآن
قَال الله تعالى :
﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
الشعراء : 197
16- آيات موسي عليه السلام الى فرعون
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ﴾
الإسراء : 101
17- الآية الكبري
وهى تحول عصا موسي عليه السلام الى ثعبان
قَال الله تعالى :
﴿ فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ . فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ﴾
النازعات 20 – 21
18- إنشقاق القمر
قَال الله تعالى :
﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾
القمر: 1- 2
19- آيات القرآن الكريم
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾
النور: 34
﴿ طسم . تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾
الشعراء : 1 – 2
﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ﴾
النمل : 1
﴿ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾
القلم : 15
20- الأوامر والفروض والنواهي الإلهية
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
القصص : 47
﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ . كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
البقرة : 241 – 242
إذا آية : تعني الدليل والبرهان على وجود الله تعالى وعلى قدرته المسيطرة على شئون الكون، وقد تأخذ ( الآية ﴾ أشكال عدة : تسيير أفعال – خلق مخلوقات- تحقيق معجزات أى كسر للقوانين المادية المألوفة وأيضا تعني الآيات القرآنية ، كما ورد فى التفاصيل أعلاه .
إذا كلمة (آية) فى الآية محل الأختلاف
قَال الله تعالى :
﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾
البقرة : 106- 107
تشمل المعاني التالية :
– المعجزات التى جاءت مع الأنبياء والصالحين
-نصر الله للمؤمنين على الكافرين
– مخلوقات الله تعالى وما بها من إتقان وإبداع
قَال الله تعالى :
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾
يوسف : 105
– إنتصار الخير على الشر
كنهاية سورة يوسف وإنتصار يوسف وسمو مكانته بعد سنوات من الظلم
– النهايات البشعة لكل الظالمين
– عدا المعني ( الآيات القرآنية ) و ( الأوامر والفروض الإلهية )
وليست كما جاءت التفاسير السابقة، بدليل أن ما جاء بعدها يقول ﴿ ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير؟ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض؟
وما أشبهها بالآية
قَال الله تعالى :
﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
الزخرف: 48
إذا نستطيع أن نقَول عن تفسير آية النسخ الأ تى
قَال الله تعالى :
﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
البقرة : 106
– إذا مَا ننسخ من آية : أى ما (نكتب) أو (نسجل) أو (ندون) آية من آيات الله تعالى عن الكون والبشر فى الكتاب .
– أو ننسها : (أى لا نكتبها أو نسجلها فى الكتاب) فينساها الناس بمرور الزمن .
– نأتي بخير منها: نأتي بأفضل منها أو نأتي بمثلها .
– لأن الله تعالى له القدرة على كل شئ : وله ملك كل شئ فى الأرض والبشر والكون والوجود وكل فعل وقول، صغر أو كبر .
والآيات التالية تحمل نفس المعني أيضا
قَال الله تعالى :
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
النمل : 93
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾
فصلت: 53
سنريهم ( آياتنا ) فى (أنفسهم) وفى (الآفاق) حتى يتبين لهم أنه الحق،
ففي (أنفسهم) تشمل ما فى خلقهم الجسدي المادي وما فى شئون حياتهم كافة.
المقصود بكلمة آية هى المعجزة التى ينزلها الله على الأنبياء. ما نثبته وما نكتب من آية أو معجزة- أو ننسها والمقصود انتهاء ونسيان زمنها لأنها معجزة حسية وقتية تنتهى بانتهاء زمانها- فيأت الله بخير منها أو مثلها، لأن الله على كل شىء قدير
3- نفي النسخ
في
القرآن الكريم
وتردد فى القرآن أن كلام الله لا مجال فيه للتبديل أو الحذف أو الإضافة
قَال الله تعالى:
﴿ وَتَمّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاّ مُبَدّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾
الأنعام: 115
﴿ وَاتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبّكَ لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾
الكهف: 27
﴿ وَلاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾
الأنعام: 34
﴿ لَهُمُ الْبُشْرَىَ فِي الْحَياةِ الدّنْيَا وَفِي الاَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
يونس: 64
-عن القرآن الكريم
قَال الله تعالى:
﴿ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِن لّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾
هود: 1
فكيف يكون القرآن محكماً فى آياته ثم يأتى من يقول أن آياته فيها المحذوف حكمه والباطل تشريعه ويسمى ذلك نسخاً؟؟ لا يقول ذلك الا من كان عدوا للقرآن غير مؤمن به .!!
قَال الله تعالى:
﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
ق: 29
جميع تلك الايات دالة على أن الله لا يبدل أقواله، وهذا هو المنطق السليم، بدلا من أن تصدر حكما ثم تلغيه.
و أننا لا نزال نستعمل كلمة ﴿نسخ ﴾ بمعنى كتب، وأشهر أنواع الخط الذى تكتب به اللغة العربية هو خط النسخ لأن القرآن ﴿ منسوخ به ﴾ أى مكتوب به.
وفي لغتنا العادية نستخدم كلمة ﴿ نسخ ﴾ بمعنى الكتابة والإثبات وليس بمعنى الحذف والإلغاء، فنحن نقول ﴿ نسخ المذكرة ﴾ أى كتبها ونقول ﴿أطبع لى من هذا الكتاب ألف نسخة﴾ وهو نفس المعنى المستخدم فى آيات القرآن الأربعة التى وردت فيها كلمة ﴿ نسخ ﴾
4 – آية السيف
لم ترد كلمة «السيف» فى القرآن، ومع ذلك، أطلق المفسرون على الآية الخامسة من سورة «التوبة» هذا الاسم، وهى
قال الله تعالى:
﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التوبة : 5
وتدعى التيارات الجهادية الإرهابية أن «آية السيف» تؤصل للعلاقة بين المسلم وغير المسلم ، فهى – على حسب اعتقادهم – تأمر المسلمين بقتال المشركين أينما وُجدوا، فى كل زمان ومكان، بسبب تفسيرهم الخاطئ وأبطلوا العمل بـ 100 آية تحث على السلم وحسن معاملة غير المسلمين.
قال الله تعالى:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾
الممتحنة : 8
ما وجد آية فيها ذكر للرحمة، أو الصبر، أو العفو، أو الصفح، أو الحسنى، أو حكمة، أو قيمة أخلاقية رفيعة، إلا قال إنها منسوخة بآية السيف، وعمم السيف على الجميع، بصفتهم مشركين، ولو كانت الآية تعني المؤمنين.. ولذلك كان أول ما يقرأه المتطرفون هو الناسخ والمنسوخ.
ادفع بالتي هي أحسن.. نسختها آية السيف!
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.. نسختها آية السيف.
فاصبر لحكم ربك.. نسختها آية السيف.
وأصبر حتى يحكم الله بيننا.. نسختها آية السيف.
فاصبر على ما يقولون، وسبح بحمد ربك.. نسختها آية السيف.
وقولوا للناس حسناً.. هذه أيضاً نسختها آية السيف!
فاصفح الصفح الجميل.. نسختها آية السيف.
فأعفوا واصفحوا.. نسختها آية السيف.
فأعف عنهم واصفح.. نسختها آية السيف.
خذ العفو.. نسختها آية السيف.
قل الله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.. نسختها آية السيف.
لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.. نسختها آية السيف.
إنما أنت نذير، والله على كل شيء وكيل.. نسختها آية السيف.
ولا تعتدوا.. نسختها آية السيف.
فلا تعجل عليهم.. نسختها آية السيف.
ذرهم يأكلوا ويتمتعوا.. نسختها آية السيف.
لا إكراه في الدين.. نسختها آية السيف.
أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين.. نسختها آية السيف.
فإن تولوا فما عليك إلا البلاغ.. نسختها آية السيف.
فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه.. نسختها آية السيف.
فمن أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها، وما أنا عليكم بحفيظ.. نسختها آية السيف.
ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً.. نسختها آية السيف.
وما جعلناك عليهم حفيظاً، وما أنت عليهم بوكيل.. نسختها آية السيف.
لست عليهم بمسيطر.. نسختها آية السيف.
واتبع ما أوحي إليك من ربك، لا إله إلا هو.. نسختها آية السيف!
إذا ما هو تفسير آية السيف !
قال الله تعالى:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ . فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ . كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
التوبة 4 – 7
وفقا للعديد من العلماء المسلمين فإن الآية تتعلق بحدث معين في التاريخ الإسلامي- وهو أن العرب الوثنيين أبرموا عهدا مع المسلمين ثم خالفوه. الآية السابقة مباشرة والتالية مباشرة وهما الرابعة والسادسة في السورة توضحان السياق: فقط أولئك الوثنيين الذين كسروا العهد سيكونون عرضة لتلك العواقب العنيفة، بحيث أن أي من الوثنيين الذين التزموا بالعهد أو تابوا عن خيانتهم سيتم العفو عنهم.
كان هؤلاء المشركون العتاه في الجزيرة العربية، الذي لم يقبلوا شيئا سوى طرد المسلمين أو عودتهم إلى الوثنية، والذين كسر مرارا معاهداتهم، هم من تم أمر المسلمين بأن يتعاملوا معهم بنفس الطريقة – قتالهم أو طردهم. حتى مع مثل هذا العدو، فإن المسلمين لم يأمروا ببساطة بالانقضاض عليهم بالمثل عن طريق كسر المعاهدة نفسها; بدلا من ذلك، صدر إنذار، وإعطاء إشعار للعدو أنه بعد الأربعة الأشهر الحرم المذكورة في الآية الخامسة أعلاه، فإن على المسلمين أن يشنوا الحرب عليهم.
الصورة الكاملة هي في الآيات الخمس عشرة الأولى من السورة، والتي تعطي العديد من الأسباب لمحاربة هؤلاء المشركين. أنهم باستمرار كسروا اتفاقاتهم بمساعدة الآخرين ضد المسلمين، أنهم بدأوا الأعمال العدائية ضد المسلمين، منعوا الآخرين من أن يصبحوا مسلمين، طردوا المسلمين من المسجد الحرام وحتى من منازلهم. تذكر الآية على الأقل ثماني مرات جرائمهم ضد المسلمين. بما يتفق مع القيود المفروضة على الحرب في الآيات الأخرى في القرآن، يعفي سياق آية السيف المشركين الذين لم يكسروا الاتفاقات والذين يحافظون على السلام مع المسلمين (الآية السابعة). ويأمر أن هؤلاء الأعداء الذين يطلبون السلوك الآمن يجب أن تتم حمايتها ونقلهم إلى مكان آمن (الآية السادسة). كل هذا السياق مع جميع القيود المذكورة به، يتم تجاهله من قبل أولئك الذين ببساطة يقومون بعزل جزء من الجملة لبناء نظرية الحرب في الإسلام على ما يسمى ‘آية السيف’ حتى عندما لا يتم ذكر كلمة ‘سيف’ في أي مكان في القرآن.
هذا لا يعقل.. هذا قول في القرآن الكريم لا يليق أن يقال فيه.. هناك آيات محدودة في القرآن لها وقتها المناسب، وهذا لا يعني أنها معطلة أو منسوخة.. فلا يوجد في القرآن آية أنزلها الله عبثاً، أو أنزلها ثم قال لا يعمل بها.
والنسخ عادة لا يكون في التعاليم بل في الأحكام.. مثلاً كان حكم شرب الخمر توبيخ السكران، فجاء بعده حكم الاجتناب.. بينما التعاليم لا تنسخ.. وهذا الضرير يقول إن الآيات: واتبع ما أوحي إليك من ربك، لا إله إلا هو. لا إكراه في الدين. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. فإن تولوا فما عليك إلا البلاغ… فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه.. وكل آية تحث على قيمة أخلاقة رفيعة، نسختها آية السيف.. هي قيم وتعاليم، فكيف تُنسخ؟
أحدث التعليقات