1- مفهوم النفاق
النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن فالمنافق يقول بلسانه ويفعل ما يخالف معتقده وما في قلبه، وهو يستر الكفر ويدعي الإيمان .
قَال الله تعالى:
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ )
البقرة : 8
ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين، وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر، وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
2- كلمة النفاق
في
القرآن الكريم
وردت كلمة النفاق وصيغها في القرآن الكريم ٣٧ مرة . والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد مرتين
قال الله تعالى :
﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
آل عمران:١٦٧
– المصدر
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى :
﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ﴾
التوبة:٧٧
– اسم الفاعل
ورد ٣٢ مرة
قال الله تعالى :
﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ﴾
الحديد:١٣
وجاءت كلمة النفاق في القرآن بمعني إظهار الإيمان وإخفاء الكفر.
3- أنواع النفاق
يقسم القرآن الكريم النفاق إلى نوعين هما:
أ- نفاق اعتقادي
وهو النفاق الأكبر، الذي يظهر صاحبه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه . وهذا النوع مخرج من الإسلام وصاحبه مخلد في الدرك الأسفل من النار
قال الله تعالى :
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾
النساء: 145
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ . فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾
البقرة: ٨ – 10
ب – نفاق عملي
وهو النفاق الأصغر، وهو عمل شيء من أعمال المنافقين مع بقاء أصل الإيمان في القلب، وأمثلة ذلك: الكذب في الحديث، وإخلاف الوعد، وخيانة الأمانة، والفجور في الخصومة، والغدر بالعهود، والرياء الذي لا يكون في أصل العمل، وإظهار المودة للغير والقيام له بالخدمة مع إضمار عكسه في النفس ، وهذا لا يخرج صاحبهُ من الإسلام، وهو يكون فيه إيمان ونفاق وإذا كثر صار بسببه منافقاً خالصاً ، وهو معرض للعذاب كسائر المعاصي، دون الخلود في النار . وقد حذر الله تعالى عباده المؤمنين من الوقوع في بعض السلوكيات الداخلة في أفعال المنافقين، مثل مخالفة القول للفعل .
قال الله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
الصف: ٢ – ٣
أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما مدحتم به وأنتم لا تفعلونه ؟ وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به. فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة ؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟.
وهناك فروق بين النفاق الأكبر والنفاق الأصغر منها:
– أن النفاق الأكبر يخرج من الملة، والنفاق الأصغر لا يخرج من الملة.
– أن النفاق الأكبر اختلاف السر والعلانية في الاعتقاد، والنفاق الأصغر اختلاف السر والعلانية في الأعمال دون الاعتقاد.
– أن النفاق الأكبر لا يصدر من مؤمن، وأما النفاق الأصغر فقد يصدر من المؤمن.
فالنفاق الأصغر هو المانع والمعوق للعمل الصالح الذي ينبغي على المسلم تجنبه ليقبل على الخيرات وفعل الصالحات وهو كما سبق النفاق العملي، فصاحبه يتصف ببعض صفات أهل النفاق الأكبر.
4 – صفات المنافقين
التعرف على صفات المنافقين أمر في غاية الأهمية وذلك حتى ينكشف هذا الصنف الخبيث من البشر، وحتى يحذر المؤمنون من أحوالهم ومكرهم. وللمنافقين صفات كثيرة يمكن تقسيمها إلى صفات اعتقادية وصفات سلوكية على ما يأتي:
أولًا: صفات اعتقادية
1- الكفر بالله
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ﴾
البقرة: ١٣
وإذا قيل للمنافقين: آمِنُوا ، وهو الإيمان بالقلب واللسان والجوارح ، جادَلوا وقالوا: أَنُصَدِّق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي، فنكون نحن وهم في السَّفَهِ سواء؟
2– في قلوبهم مرض
قَال الله تعالى:
( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )
البقرة 10
وصفهم الله بإنّ قلوبهم مريضة مرضاً يبقيهم في دائرة من التقلب والكذب
3- الظن السيئ بالله
قَال الله تعالى:
﴿ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾
الفتح:٦
ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين يظنون ظنًا سيئًا بالله أنه لن ينصر نبيه والمؤمنين معه على أعدائهم، ولن يُظهر دينه، فعلى هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم، وغضب الله عليهم، وطردهم من رحمته، وأعدَّ لهم نار جهنم، وساءت منزلا يصيرون إليه.
ثانيًا: صفات سلوكية
1- العداوة والحسد للمؤمنين
قَال الله تعالى:
( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا )
آل عمران 120
ومن عداوة هؤلاء أنكم – أيها المؤمنون- إن نزل بكم أمرٌ حسن مِن نصر وغنيمة ظهرت عليهم الكآبة والحزن، وإن وقع بكم مكروه من هزيمة أو نقص في الأموال والأنفس والثمرات فرحوا بذلك .
2- الفساد في الأرض
قَال الله تعالى:
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون .أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُون )
البقرة: 11-12
فالمنافقون يدّعون الإصلاح في الأرض بينما هم المفسدون الذين يثيرون في الأرض فساداً وظلماً ويعملون على تخريب كل خير وكل طيبة موجودة في الأرض.
3- البهتان والكذب
قَال الله تعالى:
( إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡہَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ۥ وَٱللَّهُ يَشۡہَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِينَ لَكَـٰذِبُونَ )
المنافقون 1
إذا حضر مجلسك المنافقون – أيها الرسول – قالوا بألسنتهم ، نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسول الله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك ، وحلفوا عليه بألسنتهم، وأضمروا الكفر به.
4-الأمر بالمنكر والنهي عن
المعروف والبخل بالمال
قَال الله تعالى:
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ )
التوبة 67
المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة ، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله.
5- الكسل في العبادات
قَال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
النساء: ١٤٢
وهذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمان لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها.
6- الاستهزاء بآيات الله
قَال الله تعالى:
( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )
النساء ١٤٠
وقد نزل عليكم -أيها المؤمنون- في كتاب ربكم أنه إذا سمعتم الكفر بآيات الله والاستهزاء بها فلا تجلسوا مع الكافرين والمستهزئين، إلا إذا أخذوا في حديث غير حديث الكفر والاستهزاء بآيات الله. إنكم إذا جالستموهم، وهم على ما هم عليه، فأنتم مثلهم؛ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها. إن الله تعالى جامع المنافقين والكافرين في نار جهنم جميعًا، يلْقَون فيها سوء العذاب.
7- الطمع والجشع
قَال الله تعالى:
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾
التوبة: ٥٨
ومن المنافقين مَن يعيبك في قسمة الصدقات، فإن نالهم نصيب منها رضوا وسكتوا، وإن لم يصبهم حظ منها سخطوا عليك وعابوك.
8- المنفعة هي
دينهم الحقيقي
قَال الله تعالى:
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )
الحج 11
ومن الناس مَن يدخل في الإسلام على ضعف وشكٍّ، فيعبد الله على تردده، كالذي يقف على طرف جبل أو حائط لا يتماسك في وقفته، ويربط إيمانه بدنياه، فإن عاش في صحة وسَعَة استمر على عبادته، وإن حصل له ابتلاء بمكروه وشدة عزا شؤم ذلك إلى دينه، فرجع عنه كمن ينقلب على وجهه بعد استقامة، فهو بذلك قد خسر الدنيا؛ إذ لا يغيِّر كفرُه ما قُدِّر له في دنياه، وخسر الآخرة بدخوله النار، وذلك خسران بيِّن واضح.
8- الاهتمام بالمظهر و فساد المخبر
قَال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾
المنافقون: ٤
وإذا نظرت إلى هؤلاء المنافقين تعجبك هيئاتهم ومناظرهم، وإن يتحدثوا تسمع لحديثهم؛ لفصاحة ألسنتهم، وهم لفراغ قلوبهم من الإيمان، وعقولهم من الفهم والعلم النافع كالأخشاب الملقاة على الحائط، التي لا حياة فيها،
9– طريقة حديثهم تدل عليهم
قَال الله تعالى:
( يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ )
آل عمران 167
لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. والله أعلم بما يُخفون في صدورهم.
( وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ )
محمد 30
ولو نشاء -أيها النبي- لأريناك أشخاصهم، فلعرفتهم بعلامات ظاهرة فيهم، ولتعرفنَّهم فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم. والله تعالى لا تخفى عليه أعمال مَن أطاعه ولا أعمال من عصاه، وسيجازي كلا بما يستحق.
10- إخلاف الوعد
قَال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ 0كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
الصف 2- 3
يا أيها الذين آمنوا ، لِمَ تَعِدون وعدًا، أو تقولون قولا ولا تفون به؟! وهذا إنكار على مَن يخالف فعلُه قولَه. عَظُم بغضًا عند الله أن تقولوا بألسنتكم ما لا تفعلونه.
10– سفهاء
ميزهم الله سبحانه وتعالى بأنهم سفهاء وزائفون فهم منحرفون وكاذبون وفي ذات الوقت يتعالون على الناس .
قَال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
البقرة 13
وإذا قيل للمنافقين: آمِنُوا ، وهو الإيمان بالقلب واللسان والجوارح، جادَلوا وقالوا: أَنُصَدِّق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي، فنكون نحن وهم في السَّفَهِ سواء؟ فردَّ الله عليهم بأن السَّفَهَ مقصور عليهم، وهم لا يعلمون أن ما هم فيه هو الضلال والخسران.
11- تذبذبهم ما بين
الايمان والنفاق
قَال الله تعالى:
( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا )
النساء ١٤٣
إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب، لا يستقرون على حال، فلا هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين. ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به والاستمساك بهديه، فلن تجد له طريقًا إلى الهداية واليقين.
12– هدفهم إثارة الفتنة
والصراعات
قَال الله تعالى:
( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ )
التوبة 47
لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد، ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء، يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله،
13– الشياطين هي
التي تحركهم
قَال الله تعالى:
( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ )
البقرة 14
هؤلاء المنافقون إذا قابلوا المؤمنين قالوا: صدَّقنا بالإسلام مثلكم، وإذا انصرفوا وذهبوا إلى زعمائهم الكفرة المتمردين على الله أكَّدوا لهم أنهم على ملة الكفر لم يتركوها، وإنما كانوا يَسْتَخِفُّون بالمؤمنين، ويسخرون منهم.
14- المخادعة
قال الله تعالى:
﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾
البقرة:٩
يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر، وما يخدعون إلا أنفسهم؛ لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم.
15- التكذيب والتشكيك
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾
الأحزاب: ١٢
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم شك، وهم ضعفاء الإيمان: ما وعدنا الله ورسوله من النصر والتمكين إلا باطلا من القول وغرورًا، فلا تصدقوه. وذلك للتوهين والتخذيل وبث الشك والريبة في وعد الله ووعد رسوله .
16- اللدد في الخصومة
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾
البقرة: ٢٠٤
وبعض الناس من المنافقين يعجبك -أيها الرسول- كلامه الفصيح الذي يريد به حظًّا من حظوظ الدنيا لا الآخرة، ويحلف مستشهدًا بالله على ما في قلبه من محبة الإسلام، وفي هذا غاية الجرأة على الله، وهو شديد العداوة والخصومة للإسلام والمسلمين.
17- الإعراض عن التحاكم لله ورسوله
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾
النساء: ٦١
وإذا نُصح هؤلاء، وقيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله في القرآن من الحكم، وإلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليحكم بينكم، أبصَرْتَ الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، يعرضون عنك إعراضًا.
18- التحالف مع الأعداء ضد المسلمين
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾
الحشر: ١١
المنافقون دائما يمدون أيديهم بالتحالف مع كل عدو للإسلام والمسلمين، وذلك منذ نشأتهم حتى آخر الزمان، لا يكفون عن ذلك ولا ينتهون.
19- الاستخفاء من الناس
قال الله تعالى:
﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾
النساء: ١٠٨
يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله تعالى ولا يستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه، مطلع عليهم حين يدبِّرون -ليلا- ما لا يرضى من القول، وكان الله -تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء.
5- عقوبة المنافقين
جاء وعيد الله تعالى للمنافقين في مواضع عديدة من كتاب الله، وبصور متنوعة ومعبرة.
1- لا تقبل أعمالهم
قال الله تعالى:
( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين )
التوبة:53
قل -أيها النبي- للمنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم، وعلى أي حال شئتم طائعين أو كارهين، لن يقبل الله منكم نفقاتكم؛ لأنكم قوم خارجون عن دين الله وطاعته.
2- لن يغفر الله لهم
قال الله تعالى:
( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم )
التوبة: 80
استغفر -أيها الرسول- للمنافقين أو لا تستغفر لهم، فلن يغفر الله لهم، مهما كثر استغفارك لهم وتكرر؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله. والله سبحانه وتعالى لا يوفق للهدى الخارجين عن طاعته.
3- أنهم في الدرك
الأسفل من النار
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾
النساء: ١٤٥
إن المنافقين في أسفل منازل النار يوم القيامة، ولن تجد لهم -أيها الرسول- ناصرًا يدفع عنهم سوء هذا المصير.
4- الخلود في النار
قال الله تعالى:
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾
التوبة: ٦٨
5- العذاب الأليم
قال الله تعالى:
﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾
النساء: ١٣٨
إخبر – أيها الرسول- المنافقين – وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر- بأن لهم عذابًا موجعًا.
6- طردهم من رحمه الله تعالى
قال الله تعالى:
﴿ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾
الفتح: 6
وغضب الله عليهم، وطردهم من رحمته، وأعدَّ لهم نار جهنم، وساءت منزلا يصيرون إليه.
أحدث التعليقات