1- مفهوم النعم
ما يحسن الله تعالى على عبده به من مال وعيش و خير لا لغرض أو عوض ، وهو ضد البأساء .
2- كلمة النعم
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (نعم) وصيغها في القرآن الكريم ٨٨ مرة . والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد ١٨ مرة
قال الله تعالى :
﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾
الفاتحة:٧
– اسم
ورد ٧٠ مرة
قال الله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾
لقمان:٢٠
وجاءت النعم في القرآن الكريم على عشرة أوجه.
1- المنة
قال الله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ﴾
المائدة: ١١
أي: منته.
2- الدين والكتاب
قال الله تعالى :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾
إبراهيم: ٢٨
يعني: دين الله وكتابه.
3- إرسال محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى :
﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾
النحل: ٨٣
يعني، محمدًا صلى الله عليه وسلم.
4- الثواب
قال الله تعالى :
﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٧١
يعني بثواب من الله تعالى وفضل.
5- النبوة
قال الله تعالى :
﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾
الضحى: ١١
يعني: النبوة.
6- الرحمة
قال الله تعالى :
﴿ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
الحجرات: ٨
يعني: ورحمة.
7- الإحسان واليد
قال الله تعالى :
﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَىٰ ﴾
الليل: ١٩
يعني: من إحسان يجازى عليه.
8- سعة المعيشة
قال الله تعالى :
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾
الفجر: ١٥
يعني: وسع معيشته.
9- الإسلام
قال الله تعالى :
﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾
الأحزاب: ٣٧
يعني: بالإسلام.
10- المال
قال الله تعالى :
﴿ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ﴾
المزمل: ١١
يعني: المال.
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة النعم
– اللذة
تدل على طيب طعم في الشيء.
قال الله تعالى :
﴿ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ﴾
محمد 15
– المنة
هو الإحسان إلى الغير بدون إنتظار ثواب أو جزاء عليه .
قال الله تعالى :
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
آل عمران 164
– الخير
الخيرهو ما يرغب فيه الكلُّ؛ كالعقل والعدل والمال والشيء النافع ، و هوضد الشر.
قال الله تعالى :
﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾
البقرة : 215
4- الله تعالى هو
مصدرالنعم
نعم الله علي عباده وإحسانه لهم لا حصر لها فالإنسان يتقلب في نعمه تبارك وتعالى في هذه الحياة .
قال الله تعالى:
( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )
النحل : 53
( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )
النحل : 18
﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾
إبراهيم :34
( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنه )
لقمان :20
5- موقف الإنسان من
نعم الله تعالى
اخَتلف موقف الإنسان منها فبعضهم
1- شكرها
قَال الله تعالى:
﴿َ وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )
النحل : 114
2- ذكرها
قَال الله تعالى:
﴿َ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )
البقرة : 231
3- اعرض عنها
قَال الله تعالى:
﴿َ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ )
الإسراء: 83
4- جحدها ونكرها
قَال الله تعالى:
﴿َ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ )
النحل: 83
5- نسبها لنفسة
قَال الله تعالى:
﴿َ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ )
الزمر: 49
6- الكافر بها
قال الله تعالى:
( وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ )
النحل: 72
( فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ )
النحل : 112
6 – أنواع النعم
تتعدد نعم الله على عباده، منها النعم المادية الضرورية في الحياة مثل الرزق الطيب، والأزواج والأولاد والأحفاد، والسكن المريح، والملابس، وغيرها، ومنها النعم المعنوية والتي منها: إرسال الأنبياء لإرشاد العباد إلى خالقهم بما يحملون معهم من كتب ربهم، ثم التوفيق إلى الهداية إلى الطريق المستقيم، وهذه أجل النعم، وغيرها.
أولًا: النعم المادية
1- خلق الإنسان
هي أول النعم عليه، وما بعده من النعم فهو تابع لها؛ لأنه لو لم يخلق لم تك ثمة نعم عليه.
قال الله تعالى:
﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾
مريم: 67
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا . إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾
الإنسان: 1 – 2
2- خلق وسائل الإدراك للإنسان
قال الله تعالى:
﴿َ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
النحل : 78
والله سبحانه وتعالى أخرجكم مِن بطون أمهاتكم بعد مدة الحمل، لا تدركون شيئًا مما حولكم، وجعل لكم وسائل الإدراك من السمع والبصر والقلوب؛ لعلكم تشكرون لله تعالى على تلك النعم، وتفردونه عز وجل بالعبادة.
3- جعل لكم الأنعام
قال الله تعالى:
﴿َ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)
غافر: 79
الله سبحانه هو الذي جعل لكم الأنعام؛ لتنتفعوا بها: من منافع الركوب والأكل وغيرها من أنواع المنافع،
4- الرزق الميسر من الطيبات
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾
فاطر: 3
أي: من الثمار والحبوب والحيوان .
5- الأزواج والبنون والحفدة
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾
النحل: ٧٢
يخبر تعالى عن منته العظيمة على عباده، حيث جعل لهم أزواجًا ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم أولادًا تقر بهم أعينهم ويخدمونهم، ويقضون حوائجهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة .
6- الملابس الواقية
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾
النحل: ٨١
والله سبحانه جعل لكم ثيابًا من القطن والصوف وغيرهما، تحفظكم من الحر والبرد .
7- السكن والطمأنينة
في البيوت نعمة لا يقدرها حقَّ قدرها إلا المشردون الذين لا بيوت لهم ولا سكن ولا طمأنينة .
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾
النحل: ٨٠
8- تسخير المخلوقات
قال الله تعالى:
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ. وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾
إبراهيم: ٣٢-٣٤
يعدد تعالى نعمه على خلقه بأن سخر الفلك بأن جعلها طافيةً على تيار ماء البحر، تجري عليه بأمر الله تعالى، وسخر البحر لحملها ليقطع المسافرون بها من إقليمٍ إلى إقليمٍ آخر لجلب ما هنا إلى هناك، وما هناك إلى هنا، وسخر الأنهار تشق الأرض من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ رزقًا للعباد من شربٍ وسقيٍ، وغير ذلك من أنواع المنافع. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين، أي يسيران لا يفتران ليلًا ولا نهارًا، فالشمس والقمر يتعاقبان، والليل والنهار يتعارضان، فتارةً يأخذ هذا من هذا فيطول، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر
ثانيًا: النعم المعنوية
1- إرسال الأنبياء
من نعم الله على عباده إرسال الأنبياء؛ ليدعوهم إلى الطريق المستقيم الذي به سعادة الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ ﴾
المائدة:: ٢٠
واذكر – أيها الرسول- إذ قال موسى عليه السلام لقومه: يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم، إذ جعل فيكم أنبياء يدعون إلى منهج الله الذي أراده لتصريف هذه الحياة .
2- إنزال الكتب
أمر سبحانه عباده بذكر نعمته عليهم من إرساله الرسول ومعه القرآن ؛ ليرشدهم به إلى الأحكام والحكم الشرعية التي تستقر بها الحياة
قال الله تعالى:
﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾
البقرة: ٢٣١
واذكروا ما أنزل الله عليكم في القرآن من أحكام وحكم تشريعية؛ لتوفير استقرار الحياة ، وتحقيق السعادة والهناءة وغير ذلك، مما فيه مصلحة ومنفعة؛ إذ أن الأحكام تضع أصول النظام، وأسرار الحكمة التشريعية تساعد على الامتثال والاتعاظ والاقتناع.
3- التوفيق لاتباع شرائع الله
قال الله تعالى:
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾
المائدة: ٣
اليوم أكملت لكم دينكم دين الإسلام بإتمام الشريعة، وأتممت عليكم نعمتي بإخراجكم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان، ورضيت لكم الإسلام دينًا فالزموه، ولا تفارقوه.
4- تآلف القلوب وزوال
العداوات بين الأفراد والجماعات
قال الله تعالى:
﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾
آل عمران: ١٠٣
واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم: إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء، فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله، وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض، فأصبحتم – بفضله- إخوانا متحابين .
قال الله تعالى:
﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾
الأنفال: ٦٣
أن معاداتهم بلغت من الشدة أمرًا عظيمًا حتى لو أنفق ما في الأرض كله لإزالتها وللتأليف بين قلوبهم لم يفد ذلك شيئًا، ولكن الله جمع بينها على الإيمان فأصبحوا إخوانًا متحابين .
5- كف أذى الأعداء والأمن في الأوطان
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ﴾
المائدة: ١١
يا أيها الذين آمنوا اذكروا ما أنعم الله به عليكم من نعمة الأمنِ، وإلقاءِ الرعب في قلوب أعدائكم الذين أرادوا أن يبطشوا بكم، فصرفهم الله عنكم، وحال بينهم وبين ما أرادوه بكم .
6- حسن الثواب على الأعمال بعد قبولها
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٦٩ – ١٧١
هذه الآيات الكريمة فيها فضل الذين قتلوا في سبيل الله وكرامتهم، وما مَنَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه .
7- الهدف من ذكر
النعم الإلهية
أن القرآن الكريم قد أشار إلى خمسة أهداف هي
– الشكر
فبعد أن ذكر نعمة الجبال تسخير البحار
قال الله تعالى:
( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
النحل 14
وبعد ذكر نعمة آلآت المعرفة المهمة (السمع والبصر والفؤاد)
قال الله تعالى:
( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
النحل 78
– الهداية
وبعد بيان نعمة الجبال والأنهار والسُبُل
قال الله تعالى:
( لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
النحل 15
– التفكّر
وبعد بيان أعظم النعم المعنوية ( نعمة نزول القرآن )
قال الله تعالى:
( وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )
النحل 44
– التسليم الحق
وبعد الإشارة إلى إكمال النعم الإلهية
قال الله تعالى:
( لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ )
النحل 81
– التذكّر
وبعد ذكر جملة أمور في مجال العدل والإحسان ومحاربة الفحشاء والمنكر والظلم
قال الله تعالى:
( لعلكم تذكّرون )
النحل 90
ومما لا شك فيه أن الأهداف الخمسة مترابطة فيما بينها ترابطاً لا انفكاك فيه، فالإنسان يبدأ بالتفكير وإذا نسي تذكّر ثم يتحرك فيه حسن الشكر لواهب النعم عليه فيفتح الطريق إليه ليهتدي وأخيراً يسلّم لأوامر مولاه.
8- أسباب تثبيت النعم أو زوالها
بين القرآن أسباب تثبيت النعم أو زوالها، وسوف نتناول ذلك بالبيان فيما يلي:
أولًا: أسباب التثبيت والزيادة
1- الشكر لله سبحانه وتعالى
بأداء ما يترتب على النعمة من واجبات. وقد قرن الله عز وجل في كتابه النعم بالشكر في مواضع من كتابه منها:
قال الله تعالى:
﴿ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ ﴾
النحل:١١٤
﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة: ٦
في ثنائه على سليمان عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ ﴾
النمل:١٩
أي: ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها علي، من تعليمي منطق الطير والحيوان، وعلى والدي بالإسلام لك، والإيمان بك، فسأل ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه.
– في معرض امتنانه على لوط عليه السلام ومن آمن معه بإنجائهم من قومهم الكفار
قال الله تعالى:
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ﴾
القمر: ٣٣ – ٣٥
– في مدحه لإبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
النحل: ١٢0- 121
أي: قائمًا بشكر نعم الله عليه. ونعم الله تعالى على إبراهيم عليه السلام كانت كثيرة .
ودلالة الاقتران بين النعم والشكر أن الشكر حافظ للنعم
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
إبراهيم: ٧
والشكر سلوك عملي
– آمرًا داود بالشكر العملي
قال الله تعالى:
﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾
سبأ: ١٣
وقلنا يا آل داود: اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم، وذلك بطاعته وامتثال أمره، وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرًا، وكان داود وآله من القليل.
2- الدعاء والتضرع إلى
الله تعالى في الرخاء والشدة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾
النحل: ٥٣
أي: ما يكن بكم في أبدانكم أيها الناس من عافية وصحة وسلامة، وفي أموالكم من نماء، فالله المنعم عليكم بذلك لا غيره؛ لأن ذلك إليه وبيده، فإذا أصابكم في أبدانكم سقم ومرض، وعلة عارضة، وشدة من عيش، فإلى الله تصرخون بالدعاء وتستغيثون به؛ ليكشف ذلك عنكم .
3- التحدث بالنعم
أمر الله نبيه وورثته من بعده بالتحدث بنعم الله عليه، فالتحدث بالنعم شكر لها.
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾
الضحى: ١١
أي: انشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء، والتحدث بنعم الله، والاعتراف بها شكرٌ .
6- استخدام النعمة فيما وهبت من أجله
فالتصرف بالنعمة بلا بطر، وبلا استعلاء على الخلق، وبلا استخدام للنعمة في الأذى والشر والدنس والفساد، مما يزكي النفس، ويدفعها للعمل الصالح، وللتصرف الصالح في النعمة بما ينميها ويبارك فيها.
– على لسان موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾
القصص: ١٧
قال موسى: ربِّ بما أنعمت عليَّ بالتوبة والمغفرة والنعم الكثيرة، فلن أكون معينًا لأحد على معصيته وإجرامه.
ثانيًا: أسباب زوال النعم
وبدارسة أسباب دوام النعم وازدياها قد تكفي لمعرفة زوالها أو نقصانها؛ لأن فقدان أسباب الزيادة والدوام هي أسباب لذهابها ونقصانها، ولكن لمزيد التأكيد والإيضاح نذكر بما يلي
1- كفران النعمة، ومنع حقوقها
– في وصف كفار قريش
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾
إبراهيم: ٢٨
ألم تنظر أيها المخاطب – والمراد العموم- إلى حال المكذبين من كفار قريش الذين استبدلوا الكفر بالله بدلا عن شكره على نعمة الأمن بالحرم وبعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيهم؟ وقد أنـزلوا أتباعهم بإضلالهم إياهم دار البوار، وهي جهنم .
– منكرًا على من أشرك في عبادة المنعم غيره
قال الله تعالى:
﴿ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ﴾
العنكبوت: ٦٧
أي: يؤمنون بالأصنام والأنداد، ويسترون نعم الله عليهم ويضيفونها إلى غيره .
– في نكران الكافرين شكر نعمة الله عليهم
قال الله تعالى:
﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾
النحل: ٨٣
أي: ينكرون شكرها، فإن النعمة تقتضي أن يشكر المنعم عليه بها من أنعم عليه، فلما عبدوا ما لا ينعم عليهم فكأنهم أنكروها.
– موبخًا المشركين الذين يجازون النعمة بالشرك، بدل الشكر للمنعم المتفضل الوهاب
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾
النحل: ٧١
أي: أفبنعمة الله التي أنعمها على هؤلاء المشركين من الرزق الذي رزقهم في الدنيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خلقه في سلطانه وملكه؟
2- الغفلة عن الدعاء وقت الرخاء
أخبر الله تعالى في كتابه عن حالة الإنسان وطبيعته، أنه حين يمسه ضُرٌّ، من مرض أو شدة أو كرب يدعوه ملحًّا في الدعاء؛ لتفريج ما نزل به، فلما كشف الله ضره وأزال مشقته نسي وعاد بربه كافرًا، ولمعروفه منكرًا.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾
الزمر: ٨
﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
الزمر: ٤٩
3- البطر واستخدام النعم المادية في ظلم العباد وقهره.
أخبر تعالى في كتابه عن طبيعة الإنسان أنه جاهل ظالم، حيث إذا أذاقه الله منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ونحو ذلك، ثم نزعها منه، فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، ولا يخطر بباله أن الله سيردها أو مثلها، أو خيرًا منها عليه، وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته، أنه يفرح ويبطر ويفخر بنعم الله على عباد الله، ويتكبر على الخلق، ويحتقرهم ويزدريهم، ويستثنى من ذلك المؤمنون بالله.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ . وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾
هود: ١٠ – ١١
9- ثمرات شكر النعمة
أولًا: ثمرات شكر النعمة في الدنيا
1- المزيد
الشكر والمزيد مقترنان لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
إبراهيم: ٧
أي: من اشتغل بشكر نعم الله زاده الله من نعمه، والشكر عبارةٌ عن الاعتراف بنعمة المنعم مع تعظيمه وتوطين النفس على هذه الطريقة ووعد الله بالمزيد حقيقة تطمئن إليها قلوب المؤمنين؛ لأنها وعد من الله صادق، فلابد أن يتحقق على أية حال.
2- تمام النعمة
إتمام النعمة هو خلوصها مما يخالطها من الحرج، والتعب . قرن سبحانه النعمة بالتمام في مواضع من كتابه، مع اختلاف الإتمام حسب سياق الآيات كما يلي:
– الخروج من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾
البقرة 257
– اختيار أكمل الشرائع لكم
قال الله تعالى:
﴿ وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾
البقرة: ١٥٠
ولكي أتم نعمتي عليكم باختيار أكمل الشرائع لكم، ولعلكم تهتدون إلى الحق والصواب.
– بيان شرائع الدين
قال الله تعالى:
﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة: ٦
– بخلق ما تحتاجون إليه
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾
النحل: ٨١
– بإظهار دينك ونصرك على أعدائك
قال الله تعالى:
﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾
الفتح: ٢
ثانيًا: ثمرات شكر النعمة في الآخرة
1- الجزاء العظيم والثواب الكبير
أعد الله سبحانه للشاكرين لنعمه جزاء عظيمًا، وثوابًا كبيرًا في الآخرة، فعندما يقوم الإنسان بحقوق النعمة من الإقرار والاعتراف بالنعمة، ومن شكر المنعم جل شأنه فإنه يضع نفسه حينذاك في المكان الذي يرضى فيه عنه ربه ومولاه، وينتظر فيه حسن الجزاء والمكافأة
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ .وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾
آل عمران: ١٤٣ – ١٤٥
تضمنت الآيتان الكريمتان من الوعد الحسن للشاكرين بما يستحقون من الثواب .
2- رفع العذاب والنجاة
قال الله تعالى:
﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾
النساء: ١٤٧
إن الله جل ثناؤه لا يعذب شاكرًا ولا مؤمنًا
– رضا الله سبحانه وتعالى
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ﴾
الزمر: ٧
والمعنى: وإن تشكروا الله على نعمه وتؤمنوا به؛ لأن الشكر يقتضي الإيمان، فإن الله يرضى لكم ذلك السبيل ويثيبكم عليه؛ لأنه سبب لفوزكم بسعادة الدارين، لا لانتفاعه تعالى به، فهو غني عن الشكر.
10- عواقب كفران النعمة
لكفران النعم عواقب، نتناولها بالبيان فيما يأتي:
1- المحن وزوال النعم
والتعاسة والشقاء
إذا جحد المرء نعم ربه تبارك وتعالى، فإن الله يسلب منه هذه النعمة، وتحل مكانها النقمة، وليس بالضرورة أن تسلب النعمة، بل قد يزاد له فيها استدراجًا له حتى يزداد إثمًا؛ وذلك لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى.
وقد ذكر الله تعالى بعض الأمم الذين جحدوا نعمته فسلب منهم تلك النعمة، فقوم سبأ لما أعرضوا عن الشكر وجحدوا النعمة، أبدلهم الله مكانها شرًّا ونقمة.
قال الله تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ . ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾
سبأ: ١٥ – ١٧
وكذلك فلقد ضرب القرآن لنا مثلًا تلك القرية التي كانت نعم الله تغمرها من كل مكان، وتحيط بها من كل اتجاه، ولكنها كفرت بتلك النعمة، وجحدت شكر موليها، فهل تبقى تلك النعم متصلةً بها، وهي على تلك الحال؟! القرآن يجيب عن ذلك.
قال الله تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
النحل: ١١٢
2- العذاب المهين
قال الله تعالى:
﴿ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا . إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا . وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا . يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ﴾
المزمل: ١١ – ١٤
أي: اتركني وإياهم، فسأنتقم منهم، وإن أمهلتهم فلا أهملهم، هؤلاء أصحاب النعمة والغنى، الذين طغوا حين وسَّعَ الله عليهم من رزقه، وأمدهم من فضله، ثم توعدهم بما عنده من العقاب، فقال: إن عندنا عذابًا شديدًا، جعلناه تنكيلًا للذي لا يزال مستمرًا على الذنوب
11- الأبتلاء بالنعم
أن ابتلاء الله تعالى لعباده في هذه الحياة الدنيا يكون بالشر والمصائب والمحن أحيانا , وبالخير والنعم أحيانا أخرى
قال الله تعالى :
﴿َ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )
الأنبياء : 35
والكثير من آيات القرآن الكريم تأكد على حقيقة شمول ابتلاء الله تعالى لعباده وامتحانهم في هذه الحياة الدنيا بالخير والنعمة كما يبتليهم بالشر والشدة والنقمة .
قَال الله تعالى:
﴿َ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ )
طه 131
ولا تنظر إلى ما مَتَّعْنا به هؤلاء المشركين وأمثالهم من أنواع المتع، فإنها زينة زائلة في هذه الحياة الدنيا، متعناهم بها؛ لنبتليهم بها
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾
آل عمران 178
ولا يظننَّ الجاحدون أننا إذا أَطَلْنا أعمارهم، ومتعناهم بمُتع الدنيا، ولم تؤاخذهم بكفرهم وذنوبهم، أنهم قد نالوا بذلك خيرًا لأنفسهم، إنما نؤخر عذابهم وآجالهم؛ ليزدادوا ظلمًا وطغيانًا، ولهم عذاب يهينهم ويذلُّهم.
أحدث التعليقات