1- معنَاه
القلب يراد به ذلك الجانب الروحاني والذي لا يعلم أحدٌ حقيقة خلقه إلا الله، وهو على هذا المعنى جزء من عالم الغيب . ويحصل فيه التعقل والخواطر والميل والعاطفة والرغبة والهوى والحب والإرادة .
2- القلب
في
القرآن الكريم
ورد ( القلب ) في القرآن الكريم (١٣٢) مرة. والصيغ التي وردت هي:
– المفرد
ورد ١٩ مرة
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾
ق:٣٧
– المثنى
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾
الأحزاب:٤
– الجمع
ورد ١١٢مرة
قال الله تعالى:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾
آل عمران:١٥١
وجاء القلب في الاستعمال القرآني على ثلاثة أوجه:
1- العقل
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾
ق:٣٧
يعني: عقل
2- الرأي
قال الله تعالى:
﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ﴾
الحشر:١٤
يعني: آراؤهم شتى
3- القلب الذي في الصدر
قال الله تعالى:
﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾
الحج:٤٦
يعني: القلب الذي هو محل النفس.
3- مهام القلب
ومن مهام القلب أنه موضع العلم والإيمان والتقوى والهداية
أ – القلب موضع العلم
قال الله تعالى:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )
الحج 46
﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا )
الأعراف: 179
﴿ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ )
الأعراف 100
ونختم على قلوبهم، فلا يدخلها الحق، ولا يسمعون موعظة ولا تذكيرًا
قال الله تعالى:
﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )
الحج 46
فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.
ب – القلب موضع الْإِيمَانَ
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ )
المائدة 41
﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ )
الحجرات: 7
﴿ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )
التغابن: 11
ت – القلب موضع التقوى
قال الله تعالى:
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )
الحج: 32
( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى )
الحجرات: 3
ج- القلب موضع الكفر
قال الله تعالى:
﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ )
الفتح 26
4 – القلب هو مركز
الأحاسيس الداخلية
أن الآثار والخواص الروحية كالإحساس والشعور والإرادة والحب والبغض والرجاء والخوف وأمثال ذلك كلها تنسب للقلب .
1- الخشوع
قال اللَّهِ تعالى:
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ )
الحديد: 16
2- الرأفة والرحمة
قال اللَّهِ تعالى:
( وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً )
الحديد: 27
3- الوجل
قال اللَّهِ تعالى:
( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )
الأنفال: 2
4- الخوف والرعب
قال اللَّهِ تعالى:
( سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ )
آل عمران: 151
5- الإحساس بالتكبر والتعالي
قال اللَّهِ تعالى:
( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ )
غافر: 35
6- الشعور بالغيظ
قال اللَّهِ تعالى:
( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ )
التوبة: 15
7- السكينة والطمأنينة
قال اللَّهِ تعالى:
( أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )
الرعد: 28
( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ )
الفتح: 4
8- الريب والشك
قال اللَّهِ تعالى :
( وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ )
التوبة : 45
9- التحسر
قال اللَّهِ تعالى:
( لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ )
آل عمران: 156
10- الحمية والترابط
قال اللَّهِ تعالى :
( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ )
الفتح: 26
11- الغل والحقد
قال اللَّهِ تعالى :
( وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا )
الحشر: 10
12- الإحساس بالمحبة والألفة
قال اللَّهِ تعالى :
( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ )
آل عمران: 103
13- النفور
قال اللَّهِ تعالى:
( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ )
الزمر: 45
14- الإحساس بالقسوة والغلظة
قال اللَّهِ تعالى:
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )
البقرة: 74
( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )
آل عمران : 159
5 – القلب محل الأختبار
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ )
الأحزاب 51
الله يعلم ما في القلوب
قال الله تعالى:
﴿ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )
آل عمران 154
يختبر اللَّهُ ما في الصدور من الشك والنفاق، وليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في الأقوال والأفعال
قال الله تعالى:
﴿ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ )
البقرة 225
ولكن يعاقبكم بما قصدَتْه قلوبكم.
6 – أنواع القلوب
إنّ للقلوب ثلاثة أنواعٍ
أولا- القلب الميِّت
هو الذي لا حياةَ به، فهو لا يعرِف ربَّه ومولاه، وخالقه ورازقه ؛ لا يعبده ولا يأتمر بأمره ولا ينتهي عن نهيه، ولا يحبُّ ما يحبُّه ويرضاه، ولا يُبغض ما يبغضه ويأباه، بل هو واقفٌ مع شهواته ورغباته، حتى ولو كان فيها مُسخطًا ربَّه، وهذا القلب هو قلب الكافر. وصفاتهم كالتالي:
1- قلوبهم قاسية
قَال الله تعالى:
( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )
البقرة : 74
اشتدت قلوبكم وغلظت حتى صارت قلوبكم مثل الحجارة الصمَّاء، بل هي أشد منها غلظة .
2- قلوبهم ران عليها
قَال الله تعالى:
( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
المطففين : 14
هو الذنوب التي غطت على قلوب أهل الإعراض فحجبتهم عن إبصار الحق، والإيمان به.
3- قلوبهم مغطاة
قَال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ﴾
البقرة : 88
وقالوا للنبي استهزاء: قلوبنا مغطاة، لا يَنْفُذ إليها قولك. وليس الأمر كما ادَّعَوْا، بل قلوبهم ملعونة، مطبوع عليها، وهم مطرودون من رحمة الله بسبب جحودهم، فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.
عليها أغشية و أغطية
4- قلوبهم لا تفقَه
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾
الأعراف : 179
ولقد خلقنا للنار – التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة – كثيرًا من الجن والإنس، لهم قلوب لا يَفْقَهُونَ بها، فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا .
5- قلوبهم لا تعقِل
قَال الله تعالى:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ﴾
الحج : 46
أفلم يَسِر المكذبون في الأرض ليشاهدوا ما نزل بالمكذبين قبلهم ، فيتفكروا بعقولهم، فيعتبروا .
6- قلوبهم جاحدة
قَال الله تعالى:
﴿ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ﴾
النحل : 22
فالذين لا يؤمنون بالبعث قلوبهم جاحدة وحدانيته سبحانه وتعالى .
7- – قلوبهم غافِلة
قَال الله تعالى :
﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا ﴾
المؤمنون : 63
أَيْ فِي غَفْلَة وَضَلَالَة مِنْ هَذَا أَيْ الْقُرْآن
ثانيا – القلب السليم
القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله وصفاته كالتالي:
1- الإنابة
قَال الله تعالى:
( مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ )
ق : 33
أي جاء الله بقلب كثير الإنابة والرجوع إلى الله
2- الْإِيمَانَ
قَال الله تعالى:
( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ )
الحجرات : 7
3- التقوى
قال الله تعالى:
﴿ ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )
الحج : 32
4 – الانشراح
قال الله تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ )
الأنعام : 125
الشرح للهدى والإيمان بالله ومعرفة الحق فنلين لك قلبك، ونجعله وعاء للحكمة
5- الطمأنينة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ )
الأنفال : 10
فتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله
6- الهدي
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )
التغابن : 11
7- الرَحْمَةً
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً )
الحديد : 27
8- الخشوع
قَال الله تعالى:
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ )
الحديد : 16
فتخضع قلوبهم لما نزل من الحق، وهو القرآن
9- الوجل ( الخوف )
قَال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ )
المؤمنون : 60
فهم خائفون من المرجع إلى الله لذلك، فهم يعملون ما عملوا من أعمال البر، وهم خائفون من ربهم.
ثالثا – القلب المريض
القلب المريض هو قلبٌ له حياة، وبه عِلَّة فله مادَّتان، تمدُّه هذه مرةً وتلك أخرى، وهو لِمَا غلب عليه منهما، ففيه مِن محبَّة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكُّل عليه ما هو مادَّة حياته، وفيه مِن محبة الشهوات والحِرص على تحصيلها والحسد والكِبر والعُجب، وحبّ العُلو والفساد في الأرض بالرِّياسة والنِّفاق والرياء، والشح والبخل، ما هو مادَّة هلاكه وعطَبه، وصفاته كالتالي:
1- المرض
قَال الله تعالى :
﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾
البقرة : 10
2- اللهو
قَال الله تعالى :
( لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُون )
الانبياء : 3
لاهية قلوبهم عن ذكر الله
3- الزيِغ
قَال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾
الصف : 5
فلما مالوا عن الحق مع علمهم به، وأصرُّوا على ذلك، صرف الله قلوبهم عن قَبول الهداية؛ عقوبة لهم على زيغهم الذي اختاروه لأنفسهم. والله لا يهدي القوم الخارجين عن الطاعة ومنهاج الحق.
4-الغفِلة
قَال الله تعالى :
( وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
الكهف : 28
ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا.
5- العمى
قَال الله تعالى :
( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )
الحج : 46
فإن العمى ليس عمى البصر، وإنما العمى المُهْلِك هو عمى البصيرة عن إدراك الحق والاعتبار.
6- الغلظة
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ مِنْ حَوْلِكَ )
آل عمران : 159
ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب، لانْصَرَفَ أصحابك من حولك،
7 – الشك
قَال الله تعالى:
﴿ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾
التوبة : 45
وشكَّتْ قلوبهم في صحة ما جئت به -أيها النبي- من الإسلام وشرائعه، فهم في شكهم يتحيَّرون.
8- النِفاق
قَال الله تعالى:
﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ﴾
التوبة : 77
فكان جزاء صنيعهم وعاقبتهم أَنْ زادهم نفاقًا على نفاقهم، لا يستطيعون التخلص منه إلى يوم الحساب .
7- سنة الله في
أصحاب القلوب
لله سنن في أصحاب القلوب على اختلاف أوصافها ، سنبينها في ما
يلي :
أولًا: سنة الله في أصحاب القلوب السليمة
أصحاب القلوب السليمة يرزقهم سبحانه وتعالى من عطاياه الجزيل في الدنيا والآخرة ، فكفى صاحب القلب السليم شرفًا وفضلًا أن الله أعد له الجنة .
1- النجاة يوم القيامة
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ . يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
الشعراء 87- 89
ولا تُلْحق بي الذل، يوم يخرج الناس من القبور للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة.
2- أعد له الجنة
قَال الله تعالى:
﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ . ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾
ق 33- 34
يقال لهم: هذا الذي كنتم توعدون به – أيها المتقون – لكل تائب مِن ذنوبه، حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه، من الفرائض والطاعات، مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه. ويقال لهؤلاء المؤمنين: ادخلوا الجنة دخولا مقرونًا بالسلامة من الآفات والشرور، مأمونًا فيه جميع المكاره، ذلك هو يوم الخلود بلا انقطاع.
ثانيًا: سنة الله في أصحاب القلوب المريضة
مرضى القلوب إن لم يتداركوا مرضهم فإن سنة الله تعالى فيهم أن يزيد علتهم عللًا، وأمراضهم مرضًا، ويطمس على بصيرتهم بتسليط الرجس، والصرف على قلوبهم مما يفضي إلى هلاكها.
١ – الرجس
قَال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾
التوبة 125
الذين في قلوبهم مرض النفاق والشك فزادتهم نفاقًا إلى نفاقهم وكفرًا إلى كفرهم، وماتوا على ذلك.
٢ – الصرف
الصرف مرض يصيب القلب ليزداد ضلالًا.
قَال الله تعالى:
﴿ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
التوبة:١٢٧
صرف الله قلوبهم عن الإيمان؛ بسبب أنهم لا يفهمون ولا يتدبرون.
ثالثًا: سنة الله في أصحاب القلوب الميتة
سنة الله في أصحاب القلوب الميتة أنه سبحانه وتعالى يذيقها من صفات العذاب ما يزيدها عزلة واحتجابًا، حتى أصحابها فمن الإرعاب إلى الطبع إلى الختم إلى القفل و الكنان.
١ – الرعب
قال الله تعالى:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ﴾
آل عمران:١٥١
سنقذف في قلوب الذين كفروا أشدَّ الفزع والخوف بسبب إشراكهم بالله آلهة مزعومة .
٢ – الحسرة
قال الله تعالى:
﴿ِ ليَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾
آل عمران:١٥٦
أن الله عز وجل عند اعتقادهم ذلك المعتقد الفاسد يضع الغم والحسرة في قلوبهم ويضيق صدورهم عقوبة لهم .
٣ – الشد
دعاء موسى عليه السلام علي فرعون وقومه
قال الله تعالى:
﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾
يونس:٨٨
قسى قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع.
٤ – الطبع
قال الله تعالى:
﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ﴾
النحل: ١٠٨
﴿ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴾
الأعراف : ١٠١
﴿ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾
الأعراف : 100
الطبع : فلا تكاد تؤثر فيهم النذر والآيات ، ولا يؤمنون أبدًا .
٥ – الختم
قَال الله تعالى:
﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾
البقرة 7
فجعل قلوبهم بحيث لا ينفذ فيها الحق ، وسبب الختم استمراء المعاصي والولوغ فيها واستحسانها.
٦ – الأغلفة
قَال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ﴾
الإسراء:٤٦
إنَّا جعلنا على قلوبهم أغطية كثيرة مانعة ، فلم يفهموا القرآن، ولم يدركوا ما فيه من الخير مجازاة لهم على كفرهم .
٧ – الاقفال
قَال الله تعالى:
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
محمد:٢٤
أقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر .
8 – كيفية الوصول
إلى القلب السليم
الطريق إلى صفاء القلب وطهر الروح من التحاسد والتباغض طريق سلكها من سبقونا بإيمان، وعينوا لنا صوى منيرة ومنارات مضيئة نذكر منها:
1- التوحيد، وسلامة العقيدة
عن إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى :
( إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )
الصافات 84
أي موحِّد خالص، فقد جاء ربه بتوحيده وإخلاصه، ولذلك هو خليل الرحمن.
2- قراءة القرآن وتدبره
فهو الدواء لكل داء
قال الله تعالى :
( قُل هُوَ لِلذِينَ ءَامَنُوا هُدىً وَشِفَاء )
فصلت : 44
( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )
الإسراء : 82
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾
يونس : 57
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده، وهي القرآن وما اشتمل عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل والشرك وسائر الأمراض، ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك، جعله سبحانه وتعالى نعمة ورحمة للمؤمنين، وخصَّهم بذلك؛ لأنهم المنتفعون بالإيمان،
3- الإكثار من ذكر الله
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
الرعد : 28
ويهدي الذين تسكن قلوبهم بتوحيد الله وذكره فتطمئن، ألا بطاعة الله وذكره وثوابه تسكن القلوب وتستأنس.
4- الدعاء والاستغفار
إنه علاج ناجع يصفي القلب ويريح النفس
قال الله تعالى:
( وَالّذِينَ جَآءُوا مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلاَ تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلاً لِلّذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَا إنّكَ رَءُوفٌ رّحِيم )
الحشر: 10
والذين جاؤوا من المؤمنين من بعد الأنصار والمهاجرين الأولين يقولون: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لإخواننا في الدين الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا حسدًا وحقدًا لأحد من أهل الإيمان، ربنا إنك رؤوف بعبادك، رحيم بهم.
5- البعد عن مجالسة مرضى القلوب
قال الله تعالى:
( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ )
النساء : 63
أولئك هم الذين يعلم الله حقيقة ما في قلوبهم من النفاق، فتولَّ عنهم .
أحدث التعليقات