1- مفهوم القضاء
القضاء هو السنن الَذِي يخضع لَهَ البَشَّر باعَتَباَرهم افرادا او امما وجماعات وَاعني بخضوعهم له خضوع تصرفاتهم وافعالهم وسلوكهم فِي الحياة ومايكونون عليه من احوال ومايترتب علي ذلك من نتائْج كالرفاهية و الضيق فِي العيش و السعاده و الشقاءُ و العز و الذل و الرقي والتاخر و التقدم و القوه و الضعفْ ونحو ذلك من الاحوال الاجتمٍاعية فِي الدنيا ومايصيبهم فِي الاخرة من عذاب او نعيم وفِقا لاحكام تلك السنن .
قَال الله تعالى:
( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )
الإسراء 4
( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )
الإسراء 23
( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ )
الأنعام 2
( إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )
يونس 93
( وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ )
الشورى 14
( وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )
الأنفال 42
( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ )
غافر 20
( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
الزمر 75
2- كلمة القضاء
في
القرآن الكريم
وردت كلمة القضاء وصيغها في القرآن الكريم 60 مرة. والصيغ التي وردت هي:
– الفعل الماضي
ورد 41 مرة
قال الله تعالى:
( وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
البقرة:117
( وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ )
البقرة:210
– الفعل المضارع
ورد ١3 مرة
قال الله تعالى:
( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
يونس:93
( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُسَمًّى )
الأنعام:60
– فعل الأمر
ورد مرتين
( ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ )
يونس:71
( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ )
طه:72
– اسم الفاعل
ورد مرتين
( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ )
الحاقة:27
– اسم المفعول
ورد مرتين
( وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا )
مريم:21
( كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا )
مريم:71
وكلمة ( القضاء ) وردت في القرآن الكريم بعدّة معانٍ ، منها ..
1- الأمر
قال الله تعالى :
﴿ وإِذَا قَضَى أَمْراً ﴾
البقرة: 117
( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )
الإسراء :23
أي: أمر
2- الإعلام
قال الله تعالى :
( وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ )
الحجر:66
أي: تقدمنا إليه، وأخبرناه بذلك وأعلمناه به.
قال الله تعالى :
( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ )
الإسراء :4
أي: أعلمناهم إعلاماً قاطعاً.
3- الانتهاء
قال الله تعالى :
( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ )
النساء:103
أي: إذا انتهت صلاة الخوف.
قال الله تعالى :
( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ )
الجمعة 10
أي: إذا انتهت صلاة الجمعة، فلا جناح عليكم أن تبتغوا من فضل الله.
4- الفعل
قال الله تعالى :
( وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )
الأنفال:42
أي: فعل ذلك سبحانه؛ لئلا يبالغ الكفار في تحصيل الاستعداد والحذر.
قال الله تعالى :
( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )
طه 72
أي: افعل ما أنت فاعل، أو فاصنع ما أنت صانع.
5- الموت
قال الله تعالى :
( فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ )
القصص:15
أي: قتله، كان فيها حتفه فمات.
قال الله تعالى :
( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ )
الزخرف :77
القضاء بمعنى: الإماتة
6- الوجوب
قال الله تعالى :
( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ )
هود :44
وجب العذاب، وفُرِغ من الحساب
قال الله تعالى :
( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ )
إبراهيم :22
يعني: لما وجب العذاب بأهل النار.
7- الإتمام
قال الله تعالى :
﴿ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ﴾
الأحزاب: 23
أي: أتم أجله.
قال الله تعالى :
( لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُسَمًّى )
الأنعام : 60
يعني:استيفاء العمر على التمام.
قال الله تعالى :
( أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ )
القصص:28
أي: أتممت وفرغت منه.
8- الفصل
قال الله تعالى :
( قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )
يونس :47
أي: فُصل بينهم، بأن أُدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.
قال الله تعالى :
( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ )
مريم :39
أي: فصل بين أهل الجنة وأهل النار، ودخل كل إلى ما صار إليه مخلداً فيه.
9- الخلق
قال الله تعالى :
( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ )
فصلت :12
أي:خلقهن خلقاً ابداعياً، وأتقن أمرهن حسبما تقتضيه الحكمة.
10- الحتم والإبرام
قال الله تعالى :
( قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ )
يوسف :41
أي: وجب حكم الله عليكما الذي أخبرتُكما به، رأيتما أو لم تريا.
قال الله تعالى :
( وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا )
مريم 21
أي: إن الله قد عزم على هذا، فليس منه بد.
11- العزم على الشيء
قال الله تعالى :
( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )
الأحزاب:36
أي: إذا عزم أمره.
12- الحُكم
قال الله تعالى :
﴿ قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ ﴾
الزمر: 42
أي حكم به
( ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ )
النساء:65
أي: لا يجدون ضيقاً من حكمك.
13- العهد
قال الله تعالى :
( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ)
القصص:44
أي: عهدنا إليه، وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه.
14- الإرادة
قال الله تعالى :
( وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
البقرة :117
معنى قضى هنا: أراد، أي: إذا أراد إنشاء أمر واختراعه.
قال الله تعالى :
( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )
النحل:40
3- خواص قضاء
الله تعالى
أ- العدل
قال الله تعالى :
( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا )
الأنعام 115
وتمت كلمة ربك – وهي القرآن- صدقًا في الأخبار والأقوال، وعدلا في الأحكام .
قال الله تعالى :
( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ )
يونس 4
ليجزي مَن صَدَّق الله ورسوله، وعمل الأعمال الحسنة أحسن الجزاء بالعدل .
قال الله تعالى :
( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ )
الأنبياء 47
ويضع الله تعالى الميزان العادل للحساب في يوم القيامة، ولا يظلم هؤلاء ولا غيرهم شيئًا، وإن كان هذا العمل قدْرَ ذرة مِن خير أو شر اعتبرت في حساب صاحبها. وكفى بالله محصيًا أعمال عباده، ومجازيًا لهم عليها.
قال الله تعالى :
( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ )
آل عمران 18
شهد الله أنه المتفرد بالإلهية، وقَرَنَ شهادته بشهادة الملائكة وأهل العلم، على أجلِّ مشهود عليه، وهو توحيده تعالى وقيامه بالعدل .
ب – الرحمة
قال الله تعالى :
( قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ )
كتب الله على نفسه الرحمة فلا يعجل على عباده بالعقوبة
الأنعام 12
قال الله تعالى :
( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
الأنعام 54
( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ )
الأنعام 133
( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ )
الكهف 58
ج -عدم الظلم
قال الله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ )
النساء 40
( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا )
يونس 44
( وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ )
الأنفال 51
ولا يظلم الله أحدًا من خَلْقه
4 – آثار الإيمان بالقضاء
من تأمل في القضاء الذي جاء في آيات القرآن الكريم يجد له آثار كبيرة طيبة ، فالإيمان بالقضاء يدعو إلي الأتي
1- القناعة وعزة النّفس
فالرزق لا يجلبه حرص حريص ولا يمنعه حسد حاسد، وهذا يؤدي إلى القناعة والإجمال في الطلب وإلى التحرر من رِق الخلق ومنتهم والحاجة إليهم .
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ﴾
سبأ : 24
2- منع الحسد
ولا يحسد أحدًا على عطاء أعطاه الله إياه؛ لعلمهم أن الله يعطي ويمنع ويخفض ويرفع، ومن حسد غيره؛ فإنه معترض على قضاء الله وقسمته .
قال الله تعالى:
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ )
النساء: 54
3- قوة الرجاء وإحسان الظن بالله
إن الله تعالى لا يقضي قضاءً إلا وفيه تمام العدل وكمال الرحمة والحكمة؛ فلا يتهم ربه فيما يجري عليه من أقضيته ؛ وذلك يوجب له استواء الحالات عنده ورضاه بما يختاره له ربه وينتظر الفرج ويترقبه .
قال الله تعالى:
( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
البقرة216
4ـ الاعتراف بالذنب و
المسارعة للمغفرة والتوبة
وصاحب الإيمان الصحيح بالقضاء يشاهد نفسه عند فعل السيئات وارتكاب المنهيات ولا يحتج بالقضاء على عصيانه ، وإنما يرجع إلى نفسه ليوبخها إذا وقع فيه ، ويعقد العزم على عدم العودة إلى الذنب، ويتوجه إلى الله بالإعتراف بالذنب .
عن آدم عليه السلام
قال الله تعالى:
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّم تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
الأعراف، آية : 23
عن موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي )
القصص : 16
5- طمأنينة القلب
حينما يسلم المؤمن ويرضى بقضاء الله، فإن ذلك يؤدي إلى طمأنينة في قلبه، وهدوء في نفسه، ويسلم من الأمراض العصبية والعقد النفسية .
قال الله تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
التغابن:١١
6- تجنب الأسى و
الفرح المذمومين
فالإيمان بالقضاء يري الإنسان أن كل شيء في الوجود إنما يسير وفق حكمة عليا، فإذا مسه الضر فإنه لا يجزع، وإذا حالفه التوفيق والنجاح فإنه لا يفرح فرحًا يوصله للبطر والفخر.
قال الله تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
الحديد:٢٢-٢٣
7- الثبات عند مواجهة الأزمات
استقبال مشاق الحياة بقلب ثابت ويقين صادق لا تزلزله الأحداث ولا تهزه الأعاصير؛ لأنه يعلم أن لن يصيبنا إلا ما قضاه الله علينا وكتبه في اللوح المحفوظ .
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
التوبة:٥١
8- الشجاعة والإقدام
فالذي يؤمن بالقضاء يعلم أنه لن يموت إلا إذا جاء أجله، وأنه لن يناله إلا ما كتب له، فيقدم غير هياب ولا مبال بما يناله من الأذى والمصائب في سبيل الله
قال الله تعالى:
﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾
النساء : 78
9- الخوف من الله و
الحذر من سوء الخاتمة
فالمؤمن بالقضاء دائمًا على خوف من الله، وحذر من سوء الخاتمة، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فلا يغتر بعمله مهما كثر، فإن الخواتيم علمها عند الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:
﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
الأعراف : 99
10- تحرير العقل من
الخرافات والأباطيل
فمن بديهيات الإيمان بالقضاء ، الإيمان بأن ما جرى وما يجري وما سيجري في هذا الكون إنما هو بقدر الله، وأن قدر الله سر مكتوم، لا يعلمه إلا هو، ومن هذا المنطلق تجد أن المؤمن بالقضاء حقيقة لا يعتمد على الدجالين والمشعوذين ، ولا يذهب إلى الكهان والمنجمين والعرافين، فلا يصدق أقوالهم ،ويعيش سالمًا من زيف هذه الأقاويل ، متحررًا من جميع الخرافات والأباطيل.
قال الله تعالى:
﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ﴾
الجن 26
11- التواضع
فالمؤمن بالقضاء إذا رزقه الله مالًا، أو جاهًا أو علمًا أو غير ذلك تواضع لله، علمه أن هذا من الله وبقدر الله، ولو شاء لانتزعه منه، إنه على كل شيء قدير.
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ﴾
سبأ : 24
مَن يرزقكم من السماوات بالمطر، ومن الأرض بالنبات والمعادن وغير ذلك؟ فإنهم لا بدَّ أن يُقِرُّوا بأنه الله، وإن لم يُقِرُّوا بذلك فقل لهم: الله هو الرزاق .
12- عدم اليأس
فالمؤمن بالقضاء يعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين ، وأن قضاءالله في ذلك نافذ لامحالة، فلا يدب اليأس إلى روعه ، ولا يعرف إليه طريقا مهما كانت ظلمة الباطل.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾
يوسف 87
إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته، الكافرون به.
5- مراتب الإيمان بالقضاء
الإيمان بالقضاء هو أحد أصول الإيمان بالله ، والتي لا يكتمل إيمان الإنسان إلا بها ، وهناك ثلاثة مراتب للإيمان بالقضاء ، وهذه المراتب هي :
1- الإيمان بعلم
الله الأزلي
إن المرتبة الأولى من مراتب الإيمان بالقضاء هي العلم ، وهي تعني الإيمان بأن علم الله سبحانه وتعالى شامل كل شيء وكل أمر، وأنه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء علمًا ، وأنه عالم الغيب والشهادة ، وعالم بما هو كائن وبما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف سيكون بعلمه الأزلي الأبدي . .
قال الله تعالى:
﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾
إبراهيم : 38
2- من مراتب القضاء الكتابة
أما المرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالقضاء هي أن يضع الإنسان نصب عينيه في كل وقت أن الله سبحانه وتعالى قد كتب كل أمر يخص الخلق في اللوح المحفوظ ، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا ، وهذه الأمور قد كتبت قبل أن يخلق الله عز وجل الكون .
قال الله تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ . لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
الحديد: 22- 23
3- الإيمان بنفاذ حكم الله
فأمر الله تعالى نافذ في كل شيء ، ماضِ فينا حكمه في كل شيء كان أو سيكون ، وما من شيء يتحرك في هذا الكون إلا بأمره فهو سبحانه يجري السحاب وينزل الغيث ويرسل الرياح لتهلك ما يشاء أو تمنع الضر عمن يشاء ، وما من دابة في الأرض إلا وحكم الله تعالى نافذ بها .
قال الله تعالى:
( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض )
الزمر: 62- 63
7- التعامل مع القضاء
القضاء لأنه ركن من أركان الإيمان بالله تعالى؛ فقد دلنا القرآن الكريم علي طرق التعامل معه ، وهي
1- الرضا بالقضاء
القضاء هو فعل الله يجب أن نرضى به، لأنه من تمام الرضا بربوبية الله، ولا يجوز أبدا أن نسخط بأي حال من الأحوال. والرضا هو أن لا يكون المؤمن كارها للواقع، فيكون ما وقع وما لم يقع عنده سواء .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾
الأحزاب:٢٢
فرضوا وسلموا أمرهم لله تعالى، وزاد يقينهم بموعود الله ورسوله .
2- الصبر على القضاء
ومما يميز المؤمن عن غيره في موضوع القضاء هو الصبر على قضاء الله تعالى ، والصبر هو قهر النفس على احتمال المكاره وتوطينها على تحمل المشاق وتجنب الجزع .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
البقرة:١٥٥-١٥٧
3- الأخذ بالأسباب
ومن التعامل الذي حث القرآن المؤمن أن يتعامل به مع القضاء ، أن يبذل الأسباب المشروعة في دفعه المؤلمة عنه قبل أن تقع، أو رفعها بعد وقوعها .
عن نبيه المبتلى أيوب عليه السلام
قال الله تعالى :
﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ . ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾
ص:٤١-٤٢
فكان الله تعالى قادرًا أن يشفي نبيه أيوب ؛ لكنه سبحانه يعلم عباده بذل السبب لدفع القضاء .
عن مريم عليها السلام لما جاء بها المخاض إلى جذع النخلة
قال الله تعالى :
﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾
مريم:٢٥
عن موسى عليه السلام عندما خرج مع قومه فارًا من فرعون وقومه حتى أصبح البحر أمامهم، وفرعون وقومه خلفهم .
قال الله تعالى :
﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾
الشعراء:٦٣
مع قدرته سبحانه على فلق البحر بدون ضربه بالعصا ؛ لكنه بذل السبب الذي يربينا عليه القرآن.
4- اختيار الحق
يجب على المسلم أن يختار الحق، ويجتنب الباطل، ولا يحتج بالقضاء في ترك الحق ؛ فإن الله تعالى قد بين له الطريقين -الخير والشر- فأمره باجتناب الشر واتباع الخير، وأنزل له من أجل ذلك الكتب، وأرسل الرسل .
قال الله تعالى:
( وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ )
الشورى : 48
5- التوكل واليقين والاستسلام لله ، والاعتماد عليه
قال الله تعالى:
( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
التوبة : 51
أحدث التعليقات