1- مقدمة
أن النص القرءاني قد تم إنزاله في بيئة تسيطر عليها عقلية الاعتماد على القسم و الأيْمان لتوثيق العقود و تصديق المعاهدات. و التصديق كان في الغالب يتم بالمصافحة الشديدة باليد اليمين ، و منه أطلق كلمة اليمين على القسم ـ أو غمس الايمان في الماء أو الدماء بحضور شهود لإعطاء قوة للشهادة و الحضورالمشتركين في القسم ، حيث يكون المقسم به (دماء مثلا أو ازلام أو غيرها) بمثابة دليل قائم يشهد على حقيقة المقسم عليه (من أفعال أو اتفاقيات ..الخ).
2- مفهوم القسَم
القَسَم (بفتح القاف والسين) أو اليمين هو لفظ لإثبات حقيقة أو وعد يذكر فيه المؤدي للقسم شخصاً أو شيئاً معظم عند الحالف حقيقة أو اعتقاداً .
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾
الواقعة 75 – 77
أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء، وإنه لَقَسم لو تعلمون قَدَره عظيم. ، إن هذا القرآن عظيم المنافع، كثير الخير، غزير العلم .
3- كلمة القسم
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (أقسم) وصيغها في القرآن الكريم (٢٥) مرة. والصيغ التي وردت هي:
– فعل الماضي
ورد ٩ مرات
قال الله تعالى:
﴿ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ﴾
الأعراف:٤٩
– فعل المضارع
ورد ١٣ مرة
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾
الواقعة:٧٥
– فعل الأمر
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ َ
النمل:٤٩
– اسم مصدر
ورد مرتين
قال الله تعالى:
﴿ هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾
الفجر:٥
وجاء القسم في القرآن بمعني الحلف في الأيمان الصادقة، وجاء موصوفاً بالعظمة .
قال الله تعالى:
( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ )
الواقعة: 76
4- كلمات ذات الصلة
بكلمة القسم
– الحلف
فحيثما استخدم الحلف دل على الحنث والكذب وعدم الوفاء باليمين
قال الله تعالى:
( وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
التوبة: 42
( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ )
التوبة: 74
( وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
التوبة: 107
( وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )
المجادلة: 14
( ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ )
المائدة: 89
– اليمين
هو عقد يقوى به عزم الحالف على الفعل والترك ؛ سمي بذلك؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل منهم يمين صاحبه
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾
المائدة 89
– الميثاق
هو العقد المؤكد إما بوعيدٍ أو بيمينٍ
قال الله تعالى:
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾
المائدة 13
– الحنث
الحنث هو نقض القسم.
قال الله تعالى:
﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾
ص 44
– النقض
النقض هو فك إلزام النفس على فعل شيء أو تركه ، وعدم الوفاء به،
قال الله تعالى:
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾
النساء 155
– النكث
النكث هو نقض الإلزام بالعهد
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ﴾
الزخرف 50
5- أنواع القسم
في
القرآن الكريم
أن للقسم ثلاثة أنواع ، وهما
أولًا: اليمين اللغو
لغو اليمين هو ما لا يقصد به حقيقة اليمين، وإنما هو شيء يجري على اللسان عند المحاورة من غير قصد، مثل القول: لا والله، وبلى والله دون قصد لليمين .
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾
البقرة: ٢٢٥
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾
المائدة: ٨٩
وأما حكم هذه اليمين فقد وضحت الآيتين أن الله تعالى لا يؤاخذنا باللغو في اليمين.
ثانيًا: اليمين المنعقدة
هي القسم على شيء في المستقبل، ألا يفعل كذا، أو أن يفعل كذا، أو أن يترك كذا ، فهذه يمين منعقدة، ويجب أن يحافظ على يمينه فيها .
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ﴾
المائدة: ١٠٦
يا أيها الذين آمنوا إذا قرب الموت من أحدكم، فلْيُشْهِد على وصيته اثنين أمينين من المسلمين أو آخرين من غير المسلمين عند الحاجة، وعدم وجود غيرهما من المسلمين، تُشهدونهما إن أنتم سافرتم في الأرض فحلَّ بكم الموت، وإن ارتبتم في شهادتهما فقفوهما من بعد الصلاة – أي صلاة المسلمين، وبخاصة صلاة العصر-، فيقسمان بالله قسمًا خالصًا لا يأخذان به عوضًا من الدنيا، ولا يحابيان به ذا قرابة منهما، ولا يكتمان به شهادة لله عندهما، وأنهما إن فَعَلا ذلك فهما من المذنبين.
واليمين المنعقدة لا تكون إلا باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، فلو حلف بغير الله تعالى لا تعد يمينًا منعقدة .
واليمين المنعقدة يجب فيها الكفارة
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة: ٨٩
ثالثا- اليمين الغموس
وتلك هي التي يحلف المرء بها كاذباً عارفاً كذب نفسه ، فسميت اليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم في الدنيا، وفي النار في الآخرة ، وهي التي جاء فيها الوعيد
قال الله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
آل عمران:77
6 – أغراض القَسَم
في
القرآن الكريم
هناك أغراض متعددة للقسم ، منها:
1- تأكيد الخبر وتحقيقه
حتى يكون أوقع في النفس، وأقرب للقبول، وأبعد عن الشك ، وذلك أن المقسم عليه كثيرًا ما يكون من الأمور الخفية الغائبة، فيقسم عليها لإثباتها، مثل إثبات الألوهية وإثبات البعث والحساب، فيأتي القسم؛ ليزيل ما عسى أن يعتري النفوس من شكوك، ويزيل الشبهات، ويقيم الحجة، ويقرر الحكم في أكمل صورة.
– على التوحيد
قال الله تعالى:
( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا . فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا . فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا . إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾
الصافات :1-4
– على أن الجزاء حق
قال الله تعالى:
﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا . فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا . فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا . فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا. إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ . وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾
الذاريات : 1- 6
– على أن البعث حق
قال الله تعالى:
( قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )
التغابن:7
2- بيان شرف المقسم به، وعلو قدره
حتى يعرف الناس مكانته عند الله ورفعة منزلته لديه،
– كالقسم على أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حق
قال الله تعالى:
﴿ يس . وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ . إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾
يس :1-3
– كالقسم على أن القرآن الكريم حق
قال الله تعالى:
﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾
ق: ١
( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾
الواقعة:75-77
3- توجيه النظر إلى الآيات الكونية
للتوصل منها إلى خالقها، والتأمل فيها تأملًا يبين مبلغ قدرة خالقها وعلمة
قال الله تعالى:
( وَالضُّحَىٰ . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ )
الضحى:1-2
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
البروج:1
4- دليل علي صدق قضية
مذكورة في السورة
القسم هو دليل مؤكد لصدق قضية مذكورة في السورة, فليس القسم بأي مخلوق مثل القسم بالفجر لتعظيم الفجر وليس القسم بالقلم لتعظيم القلم, وإنما المقسم به دليل يذكر مقدما لإبطال معتقد “جاهلي” أو لتأكيد قضية إيمانية .
قال الله تعالى:
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ . وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ . إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ ﴾
الليل 1- 4
أقسم الله سبحانه بالليل عندما يغطي بظلامه الأرض وما عليها، وبالنهار إذا انكشف عن ظلام الليل بضيائه، وبخلق الزوجين: الذكر والأنثى. كدليل علي إن عمل الإنسان مختلف بين عامل للدنيا وعامل للآخرة.
7- أركان صيغة القسم
و أركان صيغة القسم ثلاثة وهي ..
أولا – أداة القسم
وهي فعل أقسم ..
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾
الواقعة : 75
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
القيامة : 1
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ . وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴾
الحاقة : 38 – 39
ولما كان القسم يكثر فى الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بأحرف القسم وهي ثلاثة :
1- الواو، وقد يحذف معها الفعل.
قال الله تعالى:
( والليل إذا يغشى )
الليل: 1
2- الياء 00 ولا يحذف معها الفعل.
قال الله تعالى:
( يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ )
الروم : 55
3- التاء.. يحذف معها الفعل
قال الله تعالى:
( وتالله لأكيدن أصنامكم )
الأنبياء : 57
ثانيا – المقسم به
أ – قَسَم بالله عز وجل
وقد أقسم سبحانه بذاته في ثمانية مواضع في القرآن، هي:
قال الله تعالى:
( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم )
النساء :65
( قل إي وربي إنه لحق )
يونس :53
( فوربك لنسألنهم أجمعين )
الحجر :92
( فوربك لنحشرنهم والشياطين )
مريم :68
( قل بلى وربي لتأتينكم )
سبأ :3
( فورب السماء والأرض )
الذاريات :23
( فلا أقسم برب المشارق والمغارب )
المعارج :40
( قل بلى وربي لتبعث )
التغابن:7
ب – قَسَم بمخلوقاته
و القسم ببعض مخلوقاته دليل على أنه من عظيم آياته
فتارة يقسم سبحانه بمخلوقاته السماوية
قال الله تعالى:
( والنجم إذا هوى )
النجم :1
( والشمس وضحاها . والقمر إذا تلاها )
الضحى :1-2
( والسماء ذات البروج )
البروج :1
( فلا أقسم بالخنس)
التكوير : 15
وتارة يقسم بمخلوقاته الأرضية
قال الله تعالى:
( والتين والزيتون . وطور سينين )
التين :1-2
( والنهار إذا جلاها . والليل إذا يغشاها )
الضحى :3-4
( والفجر . وليال عشر )
الفجر: 1- 4
( وما خلق الذكر والأنثى )
الليل : 3
وتارة يقسم سبحانه بنبيه صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون )
الحجر :72
وتارة يقسم سبحانه بالقرآن الكريم
قال الله تعالى:
( يس . والقرآن الحكيم )
يس :1-2
( ص والقرآن ذي الذكر )
ص :1
( ق والقرآن المجيد )
ق :1
ولله أن يحلف بما شاء، أما حلف العباد بغير الله فهو ضرب من الشرك، وإنما أقسم الله بمخلوقاته لأنها تدل على بارئها، وهو الله تعالى، وللإشارة إلى فضيلتها ومنفعتها ليعتبر الناس بها .
ثالثا – المقسم عليه (جواب القسم)
اعتبار المقسوم عليه إلى أنواع منها ..
– القَسَم على التوحيد
قال الله تعالى:
( فالتاليات ذكرا . إن إلهكم لواحد )
الصافات :3-4
– القَسَم على أن القرآن حق
قال الله تعالى:
( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم . إنه لقرآن كريم )
الواقعة :76-77
– القَسَم على أن الرسول عليه السلام حق
قال الله تعالى:
( يس . إنك لمن المرسلين )
يس :2-3
– القَسَم على أن الجزاء حق
قال الله تعالى:
( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا . فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا . فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا . فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا . إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ . وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ )
الذاريات :1-6
– القَسَم على حال الإنسان
قال الله تعالى:
( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ. وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ )
الليل:1- 4
8- القسم المنفي
وردت صيغة نفي القسم في القرآن الكريم كثيراً، وهي أن يسبق الفعل ( أقسم ) كلمة ( لا ) أي ( لا أقسم ) ، ومنها ..
قال الله تعالى:
( لَا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ )
البلد 1
( فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ )
المعارج 40
( فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ )
التكوير 15
( فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ )
الانشقاق 16
( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ . وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )
القيامة :1-2
( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ )
الواقعة :75
( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ . وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ )
الحاقة :38- 39
(لا) حرف للنفي ، حيث أن الله تعالى لن يُقسم به لهؤلاء الكفار، لأنه من الأمور العظيمة ، والجليلة ، والتي يعجز البعض عن تصديقها، فهي أعظم من أن يقسم بها المولى لمثل هؤلاء القوم الذين لا يؤمنون به.
9- ما يجب و ما لا يجب
أن يقسم به الانسان
الانسان يمكن له أن ..
أ- يقسم على شيء هو متأكّد منه تماما و يملكه
الانسان يمكنه أن يقسم على شيء في نيّته أن يفعله في المستقبل ولا حرج فيه فهو بهذا يشهد الله تعالى على ما في قلبه و عليه أن يرعى ذلك القسم جيدا ..
قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ )
المائدة 106
هنا يقسم الشاهدان ان لا يشتروا بهذا القسم ثمنا و لا يكتمون شهادة الله .. وهذا في متناول أيديهم وهم قادرون عليه .. و ضمن القسم نفسه انهم إذا أخلّوا بما أقسموا عليه فإنّهم من الآثمين و يترتب عقاب ربّاني عليه
ب – لا يقسم في امور غيبية او في امور مستقبلية
فعندما يقسم احدهم بالله بامر مستقبلي و يستخدم يمينا سواء كان صادقا ام كاذبا .. فيكون قد ظن نفسه بانه امتلك الاسباب .. فيعاقبه الله تعالى بان لا يحقق له ما أقسم عليه
قال الله تعالى:
( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ )
القلم 17
أقسم أصحاب الجنة أن يقطفوا ثمارها في وقت مبّكر من صباح اليوم التّالي .. وقد عاقبهم الله تعالى بأن جعلها لهم كالصّريم بعد ان طاف عليها طائف ..صحيح انه كان في نيّتهم ان لا يطعموا منها المساكين .. ولكن ما نالهم من عقاب ليس بسبب ذلك .. انّما بسبب ذلك القسم الذي أقسموه .. فقد ظنّوا بأنّهم يملكون الأسباب .. واّنه يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون ..وفي الوقت الذي يريدون … فكان ذلك بمثابة تحدّي لله تعالى ..
قال الله تعالى:
( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا )
فاطر 42
أقسموا بالله لئن جاءهم نذير ليهتدون .. و لكن ما إن جاءهم النّذير حتى زادهم الله تعالى نفورا .. فقد أقسموا على أمر متعلّق بالله تعالى .. و لا يملكون أسبابه و لا نتائجه ..
10- قواعد وآداب القسم
في
القران الكريم
قواعد وآداب القسم هي:
1- ينبغي على المؤمن أن لا يجعل أيمانه التي حلفها مانعا من أداء الخير
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾
البقرة: 224
ولا تجعلوا – أيها المسلمون- حلفكم بالله مانعًا لكم من البر وصلة الرحم والتقوى والإصلاح بين الناس: بأن تُدْعَوا إلى فعل شيء منها، فتحتجوا بأنكم أقسمتم بالله ألا تفعلوه، بل على الحالف أن يعدل عن حلفه، ويفعل أعمال البر، ويكفر عن يمينه، ولا يعتاد ذلك. والله سميع لأقوالكم، عليم بجميع أحوالكم.
2- ينبغي على المؤمن أن لا يكثر من القسم
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾
القلم: 10
فإن كثرة الحلف بالله ولو صدقا منقصة للمؤمنين، لأن الواثق بنفسه، الوازن لكلامه، العارف لمنزلته في الناس، يورد الحقائق بلا حلف حتى لا يكون حلافا، وقد قرن الله جل وعلا كثرة الحلف بالمهانة، لأن الحلاف في نظر الناس محتقر يستغل اسم الله استغلالا غير مؤدب.
وقد بين الله عز وجل أن طاعته لا تكون بالقسم وإنما هي باتباع ما أمر به وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ بالطاعة،
قال الله تعالى:
﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
النور: 53
وأقسم المنافقون بالله تعالى غاية اجتهادهم في الأيمان المغلَّظة: لئن أمرتنا – أيها الرسول – بالخروج للجهاد معك لنخرجن، قل لهم: لا تقسموا كذبًا، فطاعتكم معروفة بأنها باللسان فحسب، إن الله خبير بما تعملونه، وسيجازيكم عليه.
3- ينبغي على المؤمن أن يحفظ يمينه قدر استطاعته
فالواجب على المسلم أن لا يكثر من القسم فإذا أقسم فلا يحنث فإذا حنث في يمينه فليسارع إلى التكفير عنها.
قال الله تعالى:
﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة: 89
واحفظوا – أيها المسلمون- أيمانكم: باجتناب الحلف، أو الوفاء إن حلفتم، أو الكفارة إذا لم تفوا بها. وكما بيَّن الله لكم حكم الأيمان والتحلل منها يُبيِّن لكم أحكام دينه؛ لتشكروا له على هدايته إياكم إلى الطريق المستقيم.
4- جواز الحلف بالله عند الحاجة
جواز القسم بالله عند الحاجة، فالأمور التي يطلب فيها تأكيد الخبر، ولا تجلب منفعة للقاسم لا بأس أن يحلف عليها، مثلاً: إذا توجهت إليه اليمين في قضية ما، وطلب منه القسم ، فلا يمتنع من القسم وهو يعلم أنه صادق؛ لأن الله جل وعلا أمر نبيه أن يقسم
قال الله تعالى:
﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ﴾
التغابن:7
فأمره الله جل وعلا أن يقسم بالله جل وعلا على الشيء الذي يعلمه حقاً،
قال الله تعالى:
﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي ﴾
يونس:53
وهذا قسم ، فأمره الله جل وعلا أن يقسم على ذلك.
11- جزاء من يقسم بالله كذبا
من أقسم بالله كاذبا فهو منافق يجري عليه العقاب المذكور
1- الخسران وإحباط الأعمال
قال الله تعالى:
﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾
المائدة: 53
وحينئذ يقول بعض المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم-: أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا؟! بطلت أعمال المنافقين التي عملوها في الدنيا، فلا ثواب لهم عليها؛ لأنهم عملوها على غير إيمان، فخسروا الدنيا والآخرة.
2- العذاب الأليم في الدنيا والآخرة وانعدام الناصر والمعين في هذه الأرض
قال الله تعالى:
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾
التوبة: 74
3- الخلود في نار جهنم والخزي العظيم يوم القيامة
قال الله تعالى:
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ . أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ﴾
التوبة: 62- 63
﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
التوبة: 95
أحدث التعليقات