1- مفهوم الغفلة
الغفلة هي غيبة الشّيء عن بال الإنسان، وعدم تذكّره له. والغفلة التي نريد الحديث عنها، والتحذير منها: هي الغفلة عن عبادة الله ولقائه سبحانه.
قال الله تعالى:
﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾
الأنبياء: 1
والغفلة عن الشيء: نسيانه، وإهماله، والإعراض عنه..
2- كلمة الغفلة
في
القرآن الكريم
وردت كلمة الغفلة وصيغها في القرآن الكريم ٣٥ مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد ١٨ مرة
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
الكهف:٢٨
– الفعل المضارع
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾
النساء:١٠٢
– اسم الفاعل
ورد 2٨ مرة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
البقرة:٧٤
– مصدر
ورد ٥ مرات
قال الله تعالى:
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾
الأنبياء:١
وجاءت الغفلة في القرآن بمعني ترك الشيء سهوًا، وربما كان عن عمد.
3- نفي الغفلة في حق الله تعالى
ورد في القرآن الكريم ما فيه تنزيه لله تعالى عن غفلة أعمال العباد في الدنيا
قال الله تعالى:
( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ )
إبراهيم 42
﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
البقرة:١٤٠
وأن الله تعالى قد جعل درجات لعمل الخلق، وأنه ليس بغافل عنهم
قال الله تعالى:
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾
الأنعام:١٣٢
4- التحذيرمن الغفلة
الغفلة هي أول ماحذر الله تعالى الأنسان منها بعد أن أودع في فطرته أنه ربه وخالقه ومليكه ، فأقر له بذلك خشية أن ينكر يوم القيامة تلك الحقيقة .
قال الله تعالى:
( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ )
الأعراف 172
وقد نهى الله تبارك وتعالى نبيه عن الغفلة
قال الله تعالى:
( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِين )
الأعراف 205
وقد حذر الله تعالى نبيه عن طاعة من جعل قلبه غافلا عن ذكرربه .
قال الله تعالى:
( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )
الكهف 28
وأخبر بأنَّ أكثر الخلق غافلون
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
يونس: 92
والناسُ في غفلة عمَّا خُلِقُوا له
قال الله تعالى:
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾
الروم: 7
5- ذم الغفلة
الغفلة من الصفات المذمومة التي ذمها الله تعالى فقد وصف أصحابها بأنهم أضل من الأنعام فهم لا ينتفعون بحواسهم .
قال الله تعالى:
( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )
الأعراف 179
6 – مظاهر الغفلة
ومن مظاهر الغفلة في القرآن الكريم ، الآتى
1- الغفلة عن آيات الله
فمن الناس من هو غافل عن آيات الله المنظورة، وآياته المتلوة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
يونس: 92
لا يتأمل ولا يتفكر في الآيات الكونية التي تدل على عظمة الله وقدرته ووحدانيته، كمن قال الله في حقهم
قال الله تعالى:
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾
يوسف: 105
ولا يُقبلُ على كتاب الله ليتلوه ويتدبره
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾
لقمان: 7
2- الغفلة عن عبادة الله
أن يتيه الإنسان في دروب الحياة الشائكة، ويُسَخرَ كل طاقاته في العمل لهذه الدنيا الفانية، وينسى ما خلق من أجله وهو عبادة ربه سبحانه. لا همّ له إلا أن يستمتع بملذات هذه الدنيا الفانية، ولا هدف له إلا أن يركض وراء شهوات هذه الدنيا الزائلة. غافل عن طاعة ربه، معرض عن عبادة خالقه، مضيع للفرائض، مسرف في المعاصي، مفرّط في القربات، مكثر من السيئات….
قال الله تعالى:
﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ .وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾
الماعون: 4 – 7
وقد توعّد الله تعالى من يستكبر عن عبادته ويفرط في طاعته بأشد الوعيد،
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾
غافر: 60
3- الغفلة عن الآخرة و ما
فيها من حساب وجزاء
فالغفلة عن طاعة الله، والاستعداد للحياة الآخرة، داءٌ وقع فيه كثيرٌ من الناس .
قال الله تعالى:
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ . مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ . لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾
الأنبياء: 1- 2
فالغفلة تُنسي العبدَ ربّه وآخِرَته، وتجعله متعلقا بدنياه، مُعرضا عن آخِرَته، لا يتذكر الموت، ولا يستعد ليوم الحشر، تائه غافل، حتى إذا نزل به الموت تمنى العودة .
قال الله تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
المؤمنون: 99- 100
﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ . وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ . وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ . لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
ق: 19 – 22
أي كنت غافلا عن هذا اليوم مشغولا عنه بمتاع الدنيا الزائل، لم تتذكره ولم تستعد له ، هاأنت الآن ترى الحقيقة التي كنت تتهرب منها، ها أنت الآن ترحل عن الدنيا التي ملأتْ قلبك واستعبدتْ جوارحك.
5- الغفلة عن الذكر
وقد ورد في القرآن الكريم ما يبين خطر الغفلة عن الدعاء الذي هو العبادة والذكر
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾
الأحقاف: ٥
إن هذه الآية الكريمة بينت وحذرت أولئك الغافلين بأن ما يعبدون من دون الله تعالى هي أصلًا غافلة عما يدعو هؤلاء الكفار، فإنهم قد فعلوا ما ينكره العقل ابتداءً فضلًا عن عدم تلبيتهم نداء ربهم، فإن هؤلاء الكفار قد دخلوا في وحل الغفلة من أوسع أبوابها، فاستحقوا أن يوصفوا بأنهم أشد الخلق ضلالةً.
6- الغفلة عن الاعتبار من سير السابقين.
إن قصص القرآن وكذلك أمثاله وأقسامه دلت باستفاضة على وجوب الاتعاظ و الاعتبار من سير السابقين .
– عن فرعون وجثته
قال الله تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
يونس: ٩٢
حيث إن هذه الآية دلت على أن غالبية الناس يغفلون عن آيات الله تعالى التي هي مدعاة إلي خشية الله تعالى ، رغم أن قصة فرعون وبقاء جثته خير دليلٍ وآيةٍ على قدرة الله تعالى.
7- عواقب الغفلة
الغفلة مخاطرها كثيرة، وعواقبها وخيمة، لذا بعث الله أنبياءه ورسله لينذروا الناس منها وما يترتب عنها من سيء الأعمال .
قال الله تعالى :
﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أنْذِرَ آبَاؤهُمْ فَهُمْ غَافِلونَ ﴾
يس: 6
1- الغفلة طريق إلى الهلاك والدمار
فبغفلة الإنسان عن مصيره يكون ظلمُه وطغيانه، وعقاب الله للظالمين شديد.
– عن فرعون وقومه
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ. فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾
الأعراف: 135- 136
2- الغفلة من صفات أهل النار
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ . أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
يونس: 7- 8
والله تعالى يُجازي أهلَ الغفلة بغفلةٍ أعظم؛ جزاءً وفاقاً
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾
الصف: 5
استحبوا العمى؛ فأعماهم الله عن الحق.
3- الغفلة سبب في الحرمان والخسران
فمن استولت الغفلة على قلبه ضل وتاه وضاع وفقد كل خير، فتراه يعيش في الدنيا كما تعيش الأنعام؛ لا همّ له إلا في طعامه وشرابه وشهوته، وذلك هو الخسران المبين.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾
الأعراف: 179
منعتهم الغفلة من الانتفاع بهذه الجوارح التي جعلها الله سبباً للهداية،
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾
الأحقاف: 26
من استولت الغفلة على قلبه وعقله لا ينتفع بآية، ولا تؤثر فيه موعظة؛ لأنه لم يؤهلْ نفسَه ويُعدّها للانتفاع بآيات الله،
قال الله تعالى:
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾
الأعراف: 146
4- الغفلة سبب في تسلط الشيطان
على الإنسان وإغوائه
فبذِكر الله يبتعد، وبالغفلة عن ذِكره يقترب، لِذا أمر الله تعالى بذكره عند نزغات الشيطان .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ. وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ﴾
الأعراف: 200 – 202
5- الغفلة سبب في عدم تدبر
آيات الله تعالى والتأمل فيها
قال الله تعالى:
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾
الأعراف: ١٤٦
حيث إن الغافلين – الذين كذبوا بآيات الله تعالى فهم المتكبرون- سيحل بهم عقاب، وهو إيجاب عدم القدرة على التفكر في آيات الله تعالى والاعتبار فيها، وسيرون الحق وما فيه من نجاة، وسيرون الباطل وما فيه من هلاك، ومع ذلك فإن أبوا إلا الانغماس في الباطل، وعميت بصيرتهم، وما عادوا يتفكرون فيما ينجيهم.
6- الغفلة سبب في الحسرة والندامة
سيتجرّع مرارة الحسرة كلّ مَن غفل عن طاعة الله وعبادته وآياته، يوم لا ينفع ندم ولا تغني حسرة.
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾
مريم: ٣٩
ومن هذه الآية يتبين أن من آثار الغفلة في الآخرة الحسرة والندامة ؛ لعلمهم اليقيني بأنهم مخلدون في النار.
قال الله تعالى:
﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾
الأنبياء: 97
حينها يلوم المرء نفسه ويعاتبها على غفلتها وضلالها، يوم لا ينفع لوم ولا عتاب.
8 – منهج القرآن الكريم
في
علاج الغفلة
إن القرآن الكريم لا يذكر ذنبًا ولا معصية ولا مرضًا قلبيًّا إلا ويذكر العلاج الكافي والمناسب له، وإن الغفلة مرض يكاد يفتك بمن أصيب به، واستحكم قلبه وعقله وحياته، وعند المتابعة في آيات القرآن الكريم يتضح أنها عالجت ذلك المرض القاتل من خلال أمور عديدة، أهمها:
1- ذكرُ الله تعالى
فهل يليق بعاقل أن يكون غافلاً عن ذكر خالقه ومولاه؟ يَذكرُ المشاهير من البشر، ولا يذكرُ خالقَ البشر. وقد حذر الله تعالى من الغفلة عن ذِكره
قال الله تعالى:
﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾
الأعراف: 205
وأمر عز وجل بكثرة ذِكره
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾
الأحزاب: 41- 42
2- استشعار الخوف من الله جل جلاله
الخوف من الله جل جلاله بداية اليقظة، وكم أيقظ الخوف من الله أناسًا عاشوا طول أعمارهم معرضين عن طاعة الله، منتهكين لحرماته! فكان توقُّد الخوف من الله في قلوبهم بداية يقظتهم، ومفتاح سعادتهم، فكانت نهايتهم طيبة، وخاتمتهم حَسنة. إنَّ مما يعين على استشعار الخوف من الله جل جلاله أمور، منها:
أ – شهود عظمته سبحانه تعالى
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
الزمر: 67
ومن شهد قلبه ذلك حقًّا أوجب له الخوف والخشية من الله.
ب – معرفة أن عقوبة الله للعاصين شديدة
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾
البروج: 12
وأن أخذه للظالمين شديد
قال الله تعالى:
﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾
هود : 102- 103
فليحذر العبد من عذاب الله وعقابه
قال الله تعالى:
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾
آل عمران: 28
أي يُخوِّفكم عقابه.
3- قراءة القرآن
فبالقرآن تزكو النفوس، وتزول الغفلة والغشاوة عن القلوب، وتكون الذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. فيه هدى ونور، وموعظة وشفاء لما في الصدور.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَة لِلْمُؤمِنِينَ ﴾
يونس: 57
4- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
البقرة: 186
5- الإكثار من ذكر الموت
فكفى بالموت واعظا، وكفى به منبّها ومذكرا.. فما من إنسان إلا وسيرحل عن هذه الدنيا، طال به العمر أم قصر، وإنما البقاء والدوام لله وحده
قال الله تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
آل عمران: 185
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
الحشر: 18- 19
6- معرفة حقيقة الدنيا
إنَّ في معرفة حقيقة الدنيا كفيلاً بإدراك الهدَف والغاية التي يَنبغي أن يسعى إليها المرء، وهذا أمرٌ لا يجادل فيه مَن له عقل رشيد، ومَن لا عقل له، فقدْ أغنانا عن التعليق.
قال الله تعالى:
﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
الحديد: 20
﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
يونس: 24
9- أســباب الغــفــلة
الغفلة لها أسباب كثيرة، ولكن من أبرزها ما يأتي:
1- الجهل بالله تعالى
لأن العلم بالله ، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وبدينه لو رسخ في القلب، وأدرك العبد قدرة الله وعظمته؛ فيجعله يخشى ربه ويعبده .
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
الزمر: 9
2- الانقطاع عن ذكر الله
والحق أن كثيرًا من الناس لم يعرفوا ربهم حق المعرفة، ولو عرفوه حق المعرفة ما غفلوا عن ذكره، لأن المعرفة الحقيقية تورث القلب تعظيم الرب ومحبته وخوفه ورجاءه، فيستحي المؤمن أن يراه ربه على معصية، أو أن يراه غافلاً .
قال الله تعالى:
﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِين ﴾
الأعراف 205
﴿ رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَار ﴾
النور 36-37
3- الغفلة عن آيات الله
فمن الناس من هو غافل عن آيات الله المنظورة، وآياته المتلوة .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾
يونس 92
4- الإعراض عن دِينِ الله تعالى
قال الله تعالى:
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ . مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ . لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾
الأنبياء: 1- 2
فهذا تعجُّبٌ من حالةِ الناس، فلا ينجع فيهم تذكير، قَرُبَ حِسابُهم، وهم في غفلة معرضون، كأنهم للدنيا خُلِقُوا، وللتمتُّع بها وُلِدُوا، واللهُ تعالى لا يزال يُجدَّد لهم التذكير والوعظ، وقلوبُهم غافلة مُعرِضة، لاهية بمطالبها الدنيوية، وأبدانُهم لاعبة.
5- عدم تذكر الموت والدار الآخرة
قال الله تعالى:
﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد. ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد . وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
ق 19-22
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾
الأنبياء 1
6- الانشغال بالدنيا وشهواتها
وبالتكاثر في الأموال والأولاد
حُبُّ الدنيا والرُّكونُ إليها؛ فإنها تُطيل أملَ الإنسان، وتُمَنِّيه بالأماني الزَّائفة، وتجعله مُسوِّفاً في التوبة.
قال الله تعالى:
( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون . أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون )
يونس 8
﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾
الحجر: 3
﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾
التكاثر: 1
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾
الروم: 7
7- صحبة الغافلين جلساء السوء
فالصاحب ساحب إما للخير أو الشر، والمرء على دين خليله، ويرسم القرآن مشهد تبرؤ أصحاب السوء من بعضهم يوم القيامة .
قال الله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾
الفرقان: 27 – 29
واللهُ تعالى نهى عن مصاحبة الغافلين ، ومُصاحَبَةُ أهلِ الغفلة، وجُلساءِ السوء
قال الله تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾
الكهف: 28
8- اتِّباع الهوى
فإنه من أعظم أسباب الغفلة
قال الله تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾
الجاثية: 23
فقد صار تبعاً لهواه، فَمَا هَوِيَه سلَكَه، سواء كان يُرضِي اللهَ أو يُسخِطه، وما اشتهت نفسه فَعَله، وسعى في تحصيله، ولو كان فيه هلاكه
9- المعاصي من أعظم أسباب الغفلة
قال الله تعالى:
﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
المطففين: 14
وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب.
أحدث التعليقات