1- مفهوم العين
العين هي عضوٍ من خلاله يبصر وينظر
قال الله تعالى:
﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا ﴾
الأعراف: 179
2- كلمة العين
في
القرآن الكريم
وردت كلمة عين وصيغها في القرآن الكريم (٦١) مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– الإفراد
وردت ١٨ مرة
قال الله تعالى:
( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ﴾
المائدة:٤٥
– التثنية
وردت ٧مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ ﴾
يوسف:٨٤
– الجمع
وردت ٣٢ مرة
قال الله تعالى:
﴿ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا ﴾
التوبة:٩٢
– الصفة المشبهة
وردت ٤مرات
قال الله تعالى:
﴿ كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾
الدخان:٥٤
وجاءت العين في القرآن على خمسة وجوه:
1- العين الباصرة الجارحة
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
البلد: ٨
2- الماء الجاري أو النهر
قال الله تعالى:
﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾
الإنسان: ٦
3- الحفظ والرعاية
قال الله تعالى:
﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾
القمر: ١٣ – ١٤
يعني: بحفظنا ورعايتنا.
4- القلب
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴾
الكهف: ١٠١
يعني: قلوبهم.
5- بمعنى النفس
قال الله تعالى:
﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ﴾
مريم: ٢٦
يعني: طيبي نفسًا
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة العين
– الطرف
الطرف هو منتهى كل شيء ، يقال: طرفت إليه مد بصري، أي: نظرت إلى نهايته.
قال الله تعالى:
﴿ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾
النمل 40
أنا آتيك بهذا العرش قبل ارتداد أجفانك إذا تحرَّكَتْ للنظر في شيء.
– النظر
النظر هو التحديق والتقليب بحدقة العين لإدراك الصُّور وبه تبدأ مرحلة الإبصار، فهو أول مراتب الإبصار.
قال الله تعالى:
( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ )
الأعراف : 198
( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ )
الأعراف : 143
– البصر
البصر هو حدة العين المفتّحة وإيصال التيار إلى الدماغ للتحليل وللإستجابة وحينها تتحقق الرؤية لذلك قيل البصر حاسّة الرؤية .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾
الإسراء 36
– الرؤية
هي الصورة الحقيقيّة لما مرّت به مراحل النظر ومن بعدها البصر.
قال الله تعالى:
( مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ . ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ )
الملك 3- 4
﴿ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾
آل عمران: 143
فالأمر يبدأ بالنظر ثم يتبعه البصر وينتهي بالرؤية.
4 – العيون من نعم الله تعالى
علي بني البشر
امتن الله تعالى علي بني البشر بنعم عظيمة لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم
1- العيون المائية
التي بها قوام كل شيء حي، والتي ذكر الله تعالى بها البشر
قال الله تعالى:
﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ . وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ . لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾
يس: ٣٣-٣٥
– العيون للإنسان
ومن النعم العظيمة التى أكرمنا الله عز وجل؛ لنبصر بها، ولا يقدر عظم نعمة إلا من حرمها .
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
البلد: ٨
5- تصنيف العين
في
القرآن الكريم
وردت العين في القرآن الكريم متعددة ومتنوعة، ولذا اختلف تصنيف العين إلى أصناف مختلفة ، نتناولها في الأتي.
أولًا: عين الله الراعية
وردت لفظ ( العين ) في القرآن الكريم مضافة لله تعالى في خمس آيات ، هي
قال الله تعالى:
( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )
هود: 37
( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )
المؤمنون 27
أي اصنع يا نوح السفن بحفظنا ورعايتنا وتحت نظرنا وبتعليمنا لك، ولا تراجعني بشأن قومك الظالمين فإنهم سيعاقبون بالغرق .
قال الله تعالى:
( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبكَ فَإِنكَ بِأَعْيُنِنَا )
الطور : 48
والخطاب في هذه الآية الكريمة موجه إلى رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم- للتحلي بالصبر ولتقبل قضاء الله وحكمه، لأنه عليه الصلاة والسلام- بحفظ الله وحمايته ورعايته، وإن الله عزّ وجل يطالبه بالتسبيح والتمجيد لله رب العالمين حين يقوم من فراشه ومن مجلسه أي أن يسبح الله في كل وقت وحين .
قال الله تعالى:
﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ. تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾
القمر 13- 14
وحملنا نوحًا ومَن معه على سفينة ذات ألواح ومسامير شُدَّت بها، تجري بمرأى منا وحفظ، وأغرقنا المكذبين؛ جزاء لهم على كفرهم وانتصارًا لنوح عليه السلام.
قال الله تعالى:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي ﴾
طه 39
وألقيت عليك محبة مني فصرت بذلك محبوبًا بين العباد، ولِتربى على رعايتي وحفظي لك.
ثانيًا: العين الباصرة
العين الباصرة هي عين الإنسان الحقيقية التي تشاهد وتبصر المحسوس في الدنيا،
قال الله تعالى:
( قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ )
آل عمران : 13
.أي يرى المؤمنون الكافرين في غزوة بدر الكبرى (السنة الثانية للهجرة) أكثر منهم مرتين، رؤية حقيقية ظاهرة بالعين المجردة لا بالخيال ولا بالأوهام،
قال الله تعالى:
( تَوَلوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع )
التوبة: 92
فقد بكى عدد من الصحابة الفقراء الذين لا يملكون الركب للذهاب إلى الجهاد في غزوة تبوك حيث عزّ عليهم أن يقعدوا عن الجهاد .
المستقرئ لآيات القرآن يجد أن (عين الإنسان) وصفت بصفات مدح في آيات، وبصفات ذم في آيات أخر، وقطعت عن المدح والذم في مجموعة ثالثة، ويمكن جمع هذا في ثلاث مسائل:
١- الأعين الممدوحة وصفاتها
أقصد بالمدح ما جاء في القرآن وصفًا للعين في سياق المدح تصريحًا أو تلويحًا، من أمور تتعلق بالمؤمنين في الدنيا أو الآخرة، وكذلك ما ورد بصيغة الأمر مما يتعلق بشأن العين، واعتباره مدحًا؛ لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء، بل يأمر بكل فضل وخير، ولا ينهى إلا عن كل سوء وشر
قال الله تعالى:
﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾
الحجر: ٨٨
يأتينا وصف أعين المؤمنين في القرآن بصفات متعددة، يمكن بيانها في ما يأتي
1- الفياضة
العين الفياضة هي العين التي يفيض دمعها، وينزل منها منهمرًا مدرارًا، إما من خشية الله تعالى، أو خوفًا من التقصير في عبادته، أو فوت طاعته وقربه، ونحو ذلك،
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾
المائدة: ٨٣
﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾
التوبة: ٩٢
2- القريرة
قرت عينه أي أعطاه الله تعالى ما تسكن به عينه فلا يطمح إلى غيره
قال الله تعالى:
﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ﴾
مريم: ٢٦
﴿ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ﴾
طه: ٤٠
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾
الفرقان: ٧٤
﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ﴾
القصص: ٩
﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ﴾
القصص: ١٣
﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
السجدة: ١٧
﴿ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ ﴾
الأحزاب: ٥١
3- الثابتة غير المتطلعة
العين الثابتة هي العين التي لا تتطلع إلى ما في أيدي الآخرين، وما منحهم الله تعالى إياه من نعم وآلاء .
قال الله تعالى:
﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾
الحجر: ٨٨
﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴾
طه: ١٣١
والمراد: لا تنظرن بعين الرغبة إلى ما متعنا به بعض الخلق، فما أعطيناك في الدنيا من القرآن خير وأفضل مما أعطيناهم من الأموال، فاستغن بما أعطيناك من القرآن والدين والعلم، ولا تنظر إلى أموالهم.
4- المتلذذة
العين المتلذذة هي العين التي تنعم وتسعد بكل ما هو طيب المخبر، أو حسن المظهر، ولا يكون كمال اللذة إلا في الجنة بنعيم الله تعالى للمؤمنين.
قال الله تعالى:
﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
الزخرف: ٧١
٢ – الأعين المذمومة وصفاتها
سيرًا على سنن القرآن الكريم في الجمع بين الترغيب والترهيب والمدح والذم، ألفينا الحديث فيه عن العين جامعًا بين هذين الأسلوبين، ومر بنا سابقًا العين المحمودة وصفاتها، وهذا بلا شك من قبيل الترغيب والمدح؛ ليمتثل المؤمنون الصادقون هذه الصفات، ولهم عند ربهم حسن المثوبة في الجنات، والآن سنعرض الأسلوب الآخر، وهو من قبيل الترهيب والذم؛ ليجتنبه المؤمنون ويحذروه، وستعرض هذه الصفات حسب ترتيبها المصحفي فيما يلي:
1- المعطلة
العين المعطلة هي العين التي عطلت عن إدراك الحقائق والبينات من غير علة أو آفة من الآفات، ويدخل في ذلك عدم الاهتداء إلى الهدى، وسلوك طريقه دخولا أوليًّا.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾
الأعراف: ١٧٩
ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة – كثيرًا من الجن والإنس، لهم قلوب لا يعقلون بها، فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا، ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته، ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها، هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال لها، ولا تفهم ما تبصره، ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما، بل هم أضل منها؛ لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها، وهم بخلاف ذلك، أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.
2- المزدرية
العين المزدرية هي العين المحتقرة للآخرين، المستصغرة لشأنهم .
– عن قصة سيدنا نوح عليه السلام ومجادلته قومه .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾
هود: ٣١
ولا أقول لكم: إني أملك التصرف في خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولست بمَلَك من الملائكة، ولا أقول لهؤلاء الذين تحتقرون من ضعفاء المؤمنين: لن يؤتيكم الله ثوابًا على أعمالكم، فالله وحده أعلم بما في صدورهم وقلوبهم، ولئن فعلتُ ذلك إني إذًا لمن الظالمين لأنفسهم ولغيرهم.
3- الدوارة
العين الدوارة هي المضطربة كثيرة الحركة والتجول من شدة الخوف والفزع لعظيم ما دهاها.
– في وصف المنافقين
قال الله تعالى:
﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾
الأحزاب: ١٩
أن المنافقين قوم جبناء ، فإذا جاء الخوف واقترب الوقت الذي يتوقع فيه اللقاء بينكم وبين أعدائكم، رأيتهم -أيها الرسول الكريم- ينظرون إليك بجبن وهلع، تدور أعينهم في مآقيهم يمينًا وشمالًا، كحال المغشي عليه من الموت،فإذا انتهت الحرب وذهب الرعب رموكم بألسنة حداد مؤذية، وتراهم عند قسمة الغنائم بخلاء وحسدة، أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم، فأذهب الله ثواب أعمالهم، وكان ذلك على الله يسيرًا.
4- المطموسة
العين المطموسة هي العين التي لا يكون بين جفنيها شق، حتى تصير كأنها ممسوحة.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ ﴾
يس: ٦٦
﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾
القمر:٣٧
والمعنى: لو نشاء لأعميناهم فعدلوا عن الهدى، فلو أرادوا أن يمشوا مستبقين الطريق المألوف لم يستطيعوا، فكيف بغيره؟ ومن أين يبصرون لو فعلنا بهم ذلك؟!
5- الخائنة
العين الخائنة هي العين التي يومئ صاحبها بخلاف ما يظهر من غدر أو قتل أو ضرب أو خيانة ونحوها فإذا كان ظهور تلك الخيانة من قبل عينه كانت عينه من خائنة الأعين.
قال الله تعالى:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾
غافر: ١٩
يعلم الله سبحانه ما تختلسه العيون من نظرات، وما يضمره الإنسان في نفسه من خير أو شر.
٣ – أعين لا توصف بمدح ولا ذم
مر بنا حديث القرآن عن العين المحمودة أولًا، ثم المذمومة ثانيًا، وها نحن في هذا الموضع نقف على صفات العين الخارجة عن المدح والذم، وهي
1- المسحورة
العين المسحورة هي العين التي وقع عليها تأثير السحر، فيخيل إليها أنها ترى أشياء غير حقيقية أو واقعية. أوهي العين الواقعة تحت التأثير النفسي للسحر، فلا ترى الأشياء على حقيقتها.
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾
الأعراف: ١١٦
قال موسى للسحرة: ألقوا أنتم، فلما ألقَوا الحبال والعصيَّ سحروا أعين الناس، فخُيِّل إلى الأبصار أن ما فعلوه حقيقة، ولم يكن إلا مجرد صنعة وخيال، وأرهبوا الناس إرهابًا شديدًا، وجاؤوا بسحر قوي كثير.
2- المبيضة
العين المبيضة هي العين التي غلب البياض على حدقتها من شدة الحزن، المستلزم لكثرة البكاء فتذهب الرؤية عنها.
قال الله تعالى:
﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾
يوسف: ٨٤
والآية مسوقة – كما هو معلوم- ضمن قصة يوسف عليه السلام؛ لبيان عظم حزن أبيه يعقوب عليه السلام عليه .
ثالثاً: العين الجارية
هناك آيات كريمة تتحدث عن العين الجارية في الدنيا، وآيات كريمة أخرى تتحدث عن العين الجارية في الجنة، ومنها
1- العين الجارية في الدنيا
قال الله تعالى:
( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُل أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )
البقرة : 60
أي اذكروا يا بني اسرائيل، حين طلب موسى عليه السلام- من ربه السقيا لقومه فقلنا له اضرب بعصاك الحجر فانفجرت من الحجر عيون الماء بعدد القبائل، وكان عدد القبائل اثنتي عشرة قبيلة، وهذه احدى النعم العظيمة على بني اسرائيل حين كانوا تائهين في صحراء سيناء وعطشوا عطشاً شديداً .
قال الله تعالى:
( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ )
القمر: 11 -12
أي إن الله سبحانه وتعالى أرسل على قوم نوح المطر الغزير المتدفق بشدة كأنه أفواه القرب، وبصورة لم تعهدها الأرض قبل ذلك، كما أن الله سبحانه وتعالى فجر الأرض بالمياه والعيون المتدفقة فالتقى ماء السماء وماء الأرض على حال عجيبة، وشكلت هذه المياه المتدفقة طوفاناً، عرف بطوفان نوح، كل ذلك بتقدير الله عزّوجل لهلاك قوم نوح الطغاة الظالمين.
مَنَّ الله تعالى على بعض الأقوام السابقين – كما منَّ علينا أيضًا – ببعض عيون الأرض؛ لإصلاح معايشهم ومنافعهم، ومن هؤلاء الأقوام:
– عن قوم هود عليه السلام
﴿ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ . أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ . وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
الشعراء: ١٣2-١٣4
– عن قوم صالح عليه السلام
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
الشعراء: ١٤4 – ١٤7
– عن بني إسرائيل
﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
الشعراء: ٥٧ – ٥٩
2- عيون الجنة وحورها
أولا – عيون الجنة
أي في الجنة عيون تجري بالماء الزلال، أعدهما الله تعالى للمتقين .
قال الله تعالى:
( إِن الْمُتقِينَ فِي جَناتٍ وَعُيُونٍ .ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آَمِنِينَ )
الحجر : 45 – 46
أي: إن للمتقين الذين يخافون ربهم ويجتنبون محارمه لهم في الآخرة الحدائق الزاهرة والبساتين الناضرة والعيون المتفجرة بالماء السلسبيل، ويقال لهم يوم القيامة: ادخلوا الجنة سالمين .
والناظر في كتاب الله تعالى يجد عددًا غير قليل من الآيات الكريمة، ورد فيه أوصاف لعيون الجنة ، ومنها
1- الجارية
العين الجارية هي التي يجري فيها ومنها الماء جريانًا سريعًا كثيرًا، غير بطيء ولا قليل.
قال الله تعالى:
﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾
الرحمن: ٥٠
﴿ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ﴾
الغاشية: ١٢
( فيهما عينان تجريان )
الرحمن: 5
2- النضاخة
العين النضاخة هي العين الفوراة شديدة الفوران، كثيرة الماء مع حسنه وجماله.
قال الله تعالى:
﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾
الرحمن: ٦٦
بمعنى: فوارتان، ممتلئتان لا تنقطعان.
3- الكافور
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا. عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾
الإنسان: ٥ – ٦
والكافور هو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده.
4- السلسبيل
عين السلسبيل هي عين في الجنة يوجد منها طعم الزنجبيل، لا يشبه زنجبيل الدنيا، يشربها المقربون صرفًا، ويمزج لسائر أهل الجنة.
قال الله تعالى:
﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا . عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا ﴾
الإنسان: ١٧ – ١٨
5- التسنيم
عين التسنيم هي عين يمزج بها الرحيق لأصحاب اليمين في الجنة، وأما المقربون فيشربونها صرفًا .
قال الله تعالى:
﴿ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ . خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ. وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ. عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾
المطففين: ٢٥ – ٢٨
ثانيًا: الحور العين
من مشتقات مادة (عين) مجيئها في القرآن الكريم بكسر العين (عين) وصفًا للحور العين، والعين في الأصل جمع (عيناء) وهي المرأة واسعة العين .
وورد هذا الوصف في القرآن للحور العين في أربع آيات هي:
﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾
الصافات: ٤٨
﴿ كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾
الدخان: ٥٤
﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾
الطور: ٢٠
﴿ وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴾
الواقعة: ٢٢ – ٢٣
أن الله تعالى وصف الحور فيها بأنهن (عين) ، مما يدل على أنها أصل لما سواها وغنية عنه، وليس سواها كذلك، حتى صارت هذه الصفة بمثابة العلم عليهن، فإذا ذكرت (العين) انصرف الذهن إليهن مباشرة.
أحدث التعليقات