1- مفهوم العفو
العفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
الشورى : 25
2- كلمة العفو
في
القرآن الكريم
وردت كلمة عفو وصيغها في القرآن الكريم (٣٣) مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد ١١ مرة
قال الله تعالى:
﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾
التوبة:٤٣
– الفعل المضارع
ورد ١2 مرة
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾
الشورى:٢٥
– الفعل الأمر
ورد ٤ مرات
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾
آل عمران:١٥٩
– المصدر
ورد مرتين
قال الله تعالى:
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾
الأعراف:١٩٩
– اسم الفاعل
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾
آل عمران:١٣٤
– الصفة المشبهة
ورد ٥ مرات
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾
النساء:٤٣
وجاء العفو في القرآن الكريم على وجهين:
– الصفح والمغفرة
ومن لوازمها الترك وعدم المؤاخذة
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾
آل عمران: ١٥٥
يعني: صفح عنهم وترك مؤاخذتهم.
– الفضل والكثرة
قال الله تعالى:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾
البقرة: ٢١٩
يعني: ما كثر من أموالهم وفضل عن حاجتهم.
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة العفو
– المغفرة
المغفرة هي أن يصون الله العبد المستحق للثواب من أن يمسه العذاب يوم القيامة
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
القصص : 16
– الصفح
الصفح هو الأَعرض عن الذنب و ترك التأنيب
قال الله تعالى:
﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾
الزخرف: 89
– العقاب
العقاب هو ما يلحق الإنسان بعد الذنب من المحنة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معًا.
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ﴾
ص:14
4- آثار العفو
للعفو آثار جليلة في الدنيا والآخرة نتحدث عنها فيما يلي:
1- حل المشاكل الأسرية
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التغابن: ١٤
أي: إن عداوة الزوجة والأولاد لا ينبغي أن تقابل إلا بالعفو والصفح والغفران، وأن ذلك يخفف أو يذهب أو يجنب الزوج والوالد نتائج هذا العداء، وإنه خير من المشاحنة والخصام .
2- التغلب على النفس
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾
الشورى: ٤٣
فالذي يعفو يتغلب على نفسه، ولا يستجيب لرغبتها في الانتقام والانتصار. فإذا عفا الإنسان فقد ارتقى بنفسه إلى المراتب العلية، وإلى الأخلاق النبيلة، والمثل الفاضلة.
3- حصول التقوى
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ﴾
البقرة: ٢٣٧
وتسامحكم أيها الرجال والنساء أقرب إلى خشية الله وطاعته
4- الأجر والمثوبة
العفو من الأعمال الصالحة التي يأجر الله العبد عليها
قال الله تعالى:
﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾
الشورى: ٤٠
أي: إن الله يأجره على ذلك .
5- نيل محبة الله
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
المائدة: ١٣
إذا عفوت فأنت محسن، وإذا كنت محسنا فقد أحبك الله
6- تكفير ذنوب العافي
فإذا عفا عن الجاني جنايته، وخاصة إذا عفا عن القصاص
قال الله تعالى:
﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ﴾
المائدة: ٤٥
أي: تصدق بالقصاص فعفا فهو كفارة له، فلا يؤاخذ بجنايته في الآخرة
7 – عفو الله في الآخرة
فمن عفا عن أخيه المسلم في الدنيا عفا الله عنه في الآخرة.
قال الله تعالى:
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النــور: ٢٢
إن الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر ذنب من أذنب عليك يغفر الله لك، وكما تصفح يصفح عنك .
5- الترغيب في العفو
تعددت أساليب القرآن الكريم في الترغيب في العفو والحث عليه والندب إليه، ومن تلك الأساليب:
أولًا: أسلوب الطلب
وذلك من خلال فعل الأمر
قال الله تعالى:
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾
الأعراف: ١٩٩
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾
آل عمران: ١٥٩
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
المائدة: ١٣
﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
البقرة: ١٠٩
ثانيًا: أسلوب التحضيض
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾
النساء: ١٤٩
وقد بين تعالى في هذا الآية أن العفو مع القدرة من صفاته تعالى، وكفى بذلك حثا عليه
قال الله تعالى:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٣٣- ١٣٤
وقد دلت هذه الآية على أن كظم الغيط والعفو عن الناس من صفات أهل الجنة، وكفى بذلك حثا على ذلك
قال الله تعالى:
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النور: ٢٢
دليل على أن العفو والصفح عن المسيء المسلم من موجبات غفران الذنوب، والجزاء من جنس العمل
ثالثًا: أسلوب الترغيب
قال الله تعالى:
﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾
الشورى: ٤٠
ففي هذه الآية تكفل الله تبارك وتعالى بمكافأة المتصفين بالعفو، وكفى بذلك ترغيبا!
6- أسباب العفو
تحدث القرآن الكريم عن أسباب العفو ، منها:
أولا – أسباب عفو الله تعالى
1- التوبة
التوبة هي أعظم سبب من أسباب عفو الله على العبد، فمن تاب في الدنيا توبة صادقة تاب الله عليه وعفا عنه في الآخرة.
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
الشورى : 25
والله سبحانه وتعالى هو الذي يقبل التوبة عن عباده إذا رجعوا إلى توحيد الله وطاعته، ويعفو عن السيئات، ويعلم ما تصنعون من خير وشر، لا يخفى عليه شيء من ذلك، وهو مجازيكم به.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾
البقرة: ٥٤
واذكروا نعمتنا عليكم حين قال موسى لقومه: إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل إلهًا، فتوبوا إلى خالقكم: بأن يَقْتل بعضكم بعضًا، وهذا خير لكم عند خالقكم من الخلود الأبدي في النار، فامتثلتم ذلك، فمنَّ الله عليكم بقَبول توبتكم. إنه تعالى هو التواب لمن تاب مِن عباده، الرحيم بهم.
2- الدعاء
الدعاء هو من أهم أسباب عفو الله على العبد .
قال الله تعالى:
﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
البقرة: ٢٨٦
فقد طلبوا من ربهم أن يعفو لهم عن تقصير إن كان منهم في بعض ما أمرهم به من فرائضه، فيصفح لهم عنه ولا يعاقبهم عليه
3- كرم الله على عباده وتفضله عليهم
فقد بين القرآن أن الله سبحانه ذو فضل عظيم يتفضل على عباده بالعفو،
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٥٢
– العفوعن الناس
العفو صفة فعلية من صفات الله تبارك وتعالى ، فهو سبحانه عفوٌ يحب العفو، بل العفو أحب إليه من العقوبة، وبما أنه تبارك وتعالى عفو يحب العفو فإنه يعفو عمن يعفو عن الناس.
قال الله تعالى:
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النور:22
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: 134
ثانيا – أسباب عفو الإنسان
١ – كرم النفس
فمن كانت نفسه كريمة فإنه سيعفو ويصفح كما عفا أنبياء الله ورسله عن أقوامهم
– عن عفو يوسف عليه السلام عنه إخوته
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾
يوسف: ٩٢
٢ – استشعار الأجر
فقد جاءت آيات كثيرة تبين أن للعفو أجورا عظيمة ، منها
– من عفا وصفح فقد نال مغفرة الله
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التغابن: ١٤
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾
النــور: ٢٢
فقد بينت هذه الآيات أن العفو والصفح سبب لنيل مغفرة الله
قال الله تعالى:
﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾
الشورى: ٤٠
فقد بينت الآية أن الله تبارك وتعالى هو من يتولى مكافأة من عفا وأصلح.
فإذا استشعر العبد هذه الفضائل وجعلها نصب عينيه كانت مدعاة له للتحلي بالعفو والصفح والإحسان.
٣ – امتثال أمر الله
فقد أنزل الله تعالى في ذلك آيات تتلى إلى يوم القيامة.
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾
آل عمران: ١٥٩
4- الموعظة
وكل آيات القرآن الكريم الواردة في خلق العفو ؛ تأتي علي صورة موعظة ؛ ومنها
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التغابن: ١٤
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النــور: ٢٢
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾
الأعراف: ١٩٩
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٣٤
7- العافين عَنِ النَّاسِ
تحدث القرآن الكريم عن العافين عَنِ النَّاسِ
قال الله تعالى:
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾
آل عمران 134
و العافين عَنِ النَّاسِ ،هم
أولا -عفو الله تعالى عن المؤمنين
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٥٢
وقد علم الله ندمكم وتوبتكم فعفا عنكم، والله ذو فضل عظيم على المؤمنين.
ثانيا – عفو الأنبياء عن النَّاسِ
– مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾
الأعراف: ١٩٩
في هذه الآية أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يعفو ويصفح، وذلك بعدم المؤاخذة بجفائهم وسوء خلقهم، فلا يعاقبهم ولا يقابلهم بمثل صنيعهم
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾
آل عمران: ١٥٩
أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالعفو عن أصحابه ما كان منهم يوم أحد وأن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضًا.
– العفو عن ذوي الإساءات من أهل الكتاب
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ﴾
المائدة: ١٣
ولا تزال – أيها الرسول- تجد من اليهود خيانةً وغَدرًا، فهم على منهاج أسلافهم إلا قليلا منهم، فاعف عن سوء معاملتهم لك، واصفح عنهم، فإن الله يحب مَن أحسن العفو والصفح إلى من أساء إليه.
– عفو يوسف عليه السلام عن إخوته
نبي الله يوسف عليه السلام لما صار ملكا لمصر عفا وصفح عن إخوته، فقال مخاطبا لهم
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾
يوسف: ٩٢
قال لهم يوسف: لا تأنيب عليكم اليوم ، ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوة، ولكن لكم عندي الصفح والعفو ، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه وأناب إلى طاعته.
– عفو يعقوب عليه السلام عن أبنائه
وكذلك يعقوب عليه السلام عفا عن أبنائه الذين كادوا له ولابنه يوسف، وذلك حينما اعترفوا بخطئهم وطلبوا منه أن يستغفر لهم ، فعفا عنهم ولبى طلبهم
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ . قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
يوسف: ٩٧ – 98
ثالثا – عفو النَّاسِ عن بعضهم
قال الله تعالى:
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٣٤
والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر، وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.
قال الله تعالى:
﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾
البقرة: ١٠٩
تمنى كثير من أهل الكتاب أن يرجعوكم بعد إيمانكم كفارًا كما كنتم من قبلُ تعبدون الأصنام؛ بسبب الحقد الذي امتلأت به نفوسهم من بعد ما تبيَّن لهم صدق نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، فتجاوزوا عمَّا كان منهم من إساءة وخطأ، واصفحوا عن جهلهم، حتى يأتي يقضي الله فيهم ما يريد .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النور: ٢٢
ولا يحلف أهل الفضل في الدين والسَّعَة في المال على ترك صلة أقربائهم الفقراء والمحتاجين والمهاجرين، ومنعهم النفقة؛ بسبب ذنب فعلوه، ولْيتجاوزوا عن إساءتهم، ولا يعاقبوهم. ألا تحبون أن يتجاوز الله عنكم؟ فتجاوزوا عنهم. والله غفور لعباده، رحيم بهم. وفي هذا الحثُّ على العفو والصفح، ولو قوبل بالإساءة.
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾
النساء: ١٤٩
نَدَب الله تعالى إلى العفو، ومهَّد له بأنَّ المؤمن: إمَّا أن يُظهر الخير، وإمَّا أن يُخفيه، وكذلك مع الإساءة: إما أن يظهرها في حال الانتصاف من المسيء، وإما أن يعفو ويصفح، والعفوُ أفضلُ؛ فإن من صفاته تعالى العفو عن عباده مع قدرته عليهم.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾
البقرة: ١٧٨
يا أيها الذين آمنوا فرض الله عليكم أن تقتصوا من القاتل عمدا بقتله، بشرط المساواة والمماثلة: يُقتل الحر بمثله، والعبد بمثله، والأنثى بمثلها. فمن سامحه ولي المقتول بالعفو عن الاقتصاص منه والاكتفاء بأخذ الدية -وهي قدر مالي محدد يدفعه الجاني مقابل العفو عنه- فليلتزم الطرفان بحسن الخلق، فيطالب الولي بالدية من غير عنف، ويدفع القاتل إليه حقه بإحسان، مِن غير تأخير ولا نقص.
8- مراتب العفو
للعفو ثلاث مراتب، وهي:
أولًا: ترك المعاقبة
مرتبة ترك المعاقبة هي المعنى الأوَّلي للعفو، فهو باختصارترك المؤاخذة بالذنب .
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
المائدة: ١٣
ففي هذه الآية حث الله نبيه صلى الله عليه وسلم على العفو، وترك معاقبة من أرادوا به وبأصحابه سوءًا من اليهود .
ثانيًا: الصفح
الصفح هوإزالة أثر الذنب من النفس ، والصفح أبلغ من العفو وأعلى درجة منه، كما يدل على ذلك سياق الآيات القرآنية الواردة في ذلك، فقد جاءت بالحث على العفو أولًا، ثم أعقبت ذلك بالصفح مما يدل على أن الصفح أبلغ من العفو وأعلى درجة منه.
قال الله تعالى:
﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾
البقرة 109
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
المائدة 13
﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾
النور 22
﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التغابن 14
العفو ترك عقوبة المذنب، والصفح ترك التثريب والتأنيب، وهو أبلغ من العفو إذ قد يعفو الإنسان ولا يصفح .
ثالثًا: الإحسان
من عفا عن عباد الله رحمة بهم، وإحسانا إليهم، وكراهة حصول الشر بهم، ، فيكون أجره على ربه الكريم .
قال الله تعالى:
﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾
الشورى: ٤٠
فمن عفا عن المسيء، وترك عقابه، وأصلح الودَّ بينه وبين المعفو عنه ابتغاء وجه الله، فأَجْرُ عفوه ذلك على الله.
قال الله تعالى:
﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٣٤
الإحسان إلى المسيء بالعفو عنه، وإيصال النفع إليه ، وهذه المرتبة أعلى مراتب العفو.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾
الحجر 85
فاعف – أيها الرسول- عن المشركين، واصفح عنهم وتجاوز عما يفعلونه.
قال الله تعالى:
﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾
الرعد 22
ويدفعون بالحسنة السيئة فتمحوها، أولئك الموصوفون بهذه الصفة لهم العاقبة المحمودة في الآخرة.
9- مجالات العفو
في
القرآن الكريم
بين القرآن الكريم مجالات العفو، وسوف نتناولها بالتوضيح في الآتي:
أولًا: العفو في المجالات الاجتماعية
حث القرآن الكريم العباد على العفو والصفح عما يحصل بينهم ومن ذلك:
1- عفو الرجل عن أولاده وزوجته أو زوجاته إذا أخطؤوا في حقه
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
التغابن: ١٤
يا أيها الذين آمنوا لا ينبغي أن تحقدوا على أزواجكم وأولادكم إذا جنوا معكم جناية، وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها، وتستروها عليهم، فإن الله غفور رحيم، يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه عظيم الغفران واسع الرحمة.
-عفو الغني عن الفقير، والقريب عن قريبه إذا أساء إليه
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
النــور: ٢٢
– العَفَو عمَّن ظلمهم عند المقدرة
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
آل عمران: ١٣٤
الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر، والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر، وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.
وبالجملة فإن العفو خلق نبيل ينبغي أن يسود بين الناس جميعًا، وفي الحياة كلها، وإلا لتكدرت الحياة، ولنغصت المعيشة، ولأصبحت جحيمًا لا يطاق.
ثانيًا: العفو في مجال العقوبات
شرع الله العقوبات لما يترتب عليها من الفوائد العظمية، والمصالح القويمة؛ كإقامة العدل، وزجر الجاني، وإصلاحه، وحجزه عن غيه، وردع غيره ممن تسول لهم أنفسهم أن يسلكوا مسلكه. ومع ذلك فقد حث على العفو عن العقوبة .
1- العفو عن عقوبة القصاص في قتل العمد مقابل الدية
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
البقرة: ١٧٨
يا أيها الذين آمنوا فرض الله عليكم أن تقتصوا من القاتل عمدا بقتله، بشرط المساواة والمماثلة: يُقتل الحر بمثله، والعبد بمثله، والأنثى بمثلها. فمن سامحه ولي المقتول بالعفو عن الاقتصاص منه والاكتفاء بأخذ الدية – وهي قدر مالي محدد يدفعه الجاني مقابل العفو عنه- فليلتزم الطرفان بحسن الخلق، فيطالب الولي بالدية من غير عنف، ويدفع القاتل إليه حقه بإحسان، مِن غير تأخير ولا نقص. ذلك العفو مع أخذ الدية تخفيف من ربكم ورحمة بكم؛ لما فيه من التسهيل والانتفاع. فمَن قتل القاتل بعد العفو عنه وأَخْذِ الدية فله عذاب أليم بقتله قصاصًا في الدنيا، أو بالنار في الآخرة.
– العفو عن عقوبة القصاص و الدية في قتل الخطأ
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾
النساء: ٩٢
وبعد هذا كله ننبه إلى أن العفو المندوب إليه في مجال العقوبات مقتصر على العقوبات المختصة بالأبدان والأموال، كعفو أولياء الدم عن عقوبة القصاص مقابل الدية، أو عنهما معا؛ لما في العفو عن ذلك من المصالح العظيمة التي تعود على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة، وأما العقوبات المتعلقة بالأعراض فلا يعفى عنها كعقوبة الزنا، أو عقوبة القذف، فلا يعفى عنها بحال من الأحوال، بل يجب أن تقام مثل هذه العقوبات حتى يرتدع الناس
قال الله تعالى:
﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
النور: ٢
أحدث التعليقات