1- مفهوم الطهارة
الطهارة هي النقاء والتنزه عن كل قبيح و الخلوص من الأدناس والأقذار، حسية كانت أو معنوية.
2- كلمة الطهارة
في
القرآن الكريم
وردت كلمة ( الطهارة ) وصيغها في القرآن الكريم (٣١) مرة. والصيغ التي وردت كالآتي:
– الفعل الماضي
ورد مرتين
قال الله تعالى :
﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ ﴾
آل عمران:٤٢
– الفعل المضارع
ورد ٩مرات
قال الله تعالى :
﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ﴾
المائدة:٤١
– فعل الأمر
ورد ٤مرات
قال الله تعالى :
﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
الحج:٢٦
– اسم فاعل
ورد ٣مرات
قال الله تعالى :
﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
آل عمران:55
– اسم مفعول
ورد ٦مرات
قال الله تعالى :
﴿ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
البقرة:٢٥
– اسم تفضيل
ورد ٤مرات
قال الله تعالى :
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾
هود:٧٨
– مصدر
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى :
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾
الأحزاب:٣٣
– صيغة المبالغة
ورد مرتين
قال الله تعالى :
﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾
الفرقان:٤٨
وجاءت الطّهارة في القرآن على سبعة أوجه:
1- الطّهارة من الذّنوب
قَال الله تعالى:
( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها )
التوبة 103
2- الطّهارة من الأوثان
قَال الله تعالى:
(وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ )
البقرة 125
3- الحلال
قَال الله تعالى:
( قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ )
هود78
أي أحلّ.
4- طهارة القلب من الرّيبة
قَال الله تعالى:
( ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ )
البقرة 232
يريد: أطهر لقلب الرّجل والمرأة من الرّيبة
قَال الله تعالى:
( وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )
الأحزاب 53
أي من الرّيبة والدّنس.
5- الطّهارة من الفاحشة
قَال الله تعالى:
( يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ )
آل عمران 42
( وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ )
البقرة 25
6- الطهارة من الأقذار والأدناس
قَال الله تعالى:
( فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ )
الأعراف 82
7- الطهارة من الحدث
قَال الله تعالى:
( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ )
البقرة 222
( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)
المائدة 6
لكن كل هذه الأوجه في الأغلب لا تخرج عن النقاء وزوال الدنس، والتنزه عن كل قبيح، وهي ضربان: حسية، ومعنوية .
3- الحث على الطهارة
تنوّعت أساليب القرآن الكريم في الحثّ على الطهارة، وبيان منزلتها، و
منها الأتى :
1- الأمر الصريح
قال الله تعالى:
( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )
التوبة: ١٠٣
يأمر الله تبارك وتعالى نبيّه الكريم بأخذ الصدقات وجمعها؛ تطهيرًا للأموال، وتزكية للنفوس .
قال الله تعالى:
﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾
المدثر: ٤
هذا أمر مباشر صريح في تطهير الثياب، أنها تحتمل الوجهين المجازي والحقيقي؛ المجازي بتطهير النفس من المعاصي وسيء الأخلاق، والحقيقي بتطهير الثياب من النجاسات.
قال الله تعالى:
﴿ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾
البقرة: ١٢٥
أي تطهيره من الأصنام، وعبادة الأوثان فيه، ، ومن دخول الكفار إليه، ومن كل مظاهر الشرك.
2- محبة الله تعالى للمتطهرين
ذكر الله تعالى حبّه لعباده المتطهرين صراحة في موضعين.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
البقرة: ٢٢٢
إن الله يحب عباده المكثرين من الاستغفار والتوبة، ويحب عباده المتطهرين الذين يبتعدون عن الفواحش والأقذار.
قال الله تعالى:
﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾
التوبة: ١٠٨
ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار، كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب المتطهرين.
3- الثناء على أصحاب الطهارة
يثني الله تعالى على كل من يسعى لتزكية نفسه وتطهيرها من دنس المعاصي، ورذائل الأخلاق .
قال الله تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ ﴾
الأعلى: ١٤
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾
الشمس: ٩
قد فاز وربح من طهّر نفسه، ونقّاها من الشرك والظلم ومساوئ الأخلاق
4 – أنواع الطّهارة
الطّهارة نوعان هما ..
أ – الطَهِّارَة الحسية
الطَهِّارَة الحسية متعلقة بالبدن، والملبس، والمكان ، ومنها
١- الطهارة من النجاسات
قَال الله تعالى:
( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ )
المدثر 4
في هذه الآية، يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتطهّر، وأن يطهّر ثيابه، وقد كان المشركون لا يتطهّرون .
٢ – التطهر من الجنابة
قد ورد في القرآن الكريم معنى التطهر من الجنابة ، بإشارة مباشرة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾
المائدة: ٦
ينبّه الله تعالى عباده المؤمنين على التطهر من الجنابة بالاغتسال .
٣ – التطهر من الحيض
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ﴾
البقرة: ٢٢٢
فاجتنبوا جماع النساء مدة الحيض حتى يَطْهُرن
ب – الطَهِّارَة المعنوية
الطَهِّارَة المعنوية هي استقامة متعلقة بالسلوك والأخلاق بترك الذّنوب والعمل الصّالح وتنقية النّفس من المعايب . ومنها الأ تى
– الطّهارة من النفاق
قَال الله تعالى:
( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
المائدة 41
وإنَّ هؤلاء المنافقين لم يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر، لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
– الطّهارة من دنس الذنوب
قَال الله تعالى:
( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )
التوبة 103
خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم، وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين .
– الطّهارة من الخواطر المرّيبة
قَال الله تعالى:
( ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )
الأحزاب 53
ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال؛ فالرؤية سبب الفتنة .
– الطّهارة من الأخلاق السّيّئة
قَال الله تعالى:
( يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ )
آل عمران 42
قالت الملائكة: يا مريم إن الله اختاركِ لطاعته وطهَّركِ من الأخلاق السّيّئة ، واختاركِ على نساء العالمين في زمانك.
قَال الله تعالى:
( وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ )
البقرة 25
أي مطهّرات من الأخلاق السّيّئة
– الطّهارة من الشرك
قَال الله تعالى:
( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ )
الواقعة 79
ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث. أي إنّه لا يبلغ حقائق معرفته إلّا من يطهّر نفسه من درن الفساد والجهالات والمخالفات
– – الطّهارة من الكفر
قَال الله تعالى:
( وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا )
آل عمران 55
أي مخرجك من جملتهم ومنزّهك أن تفعل فعلهم
5- وسائل التطهير الحسية والمعنوية
أولا- وسائل التطهير الحسية
١ – الماء
من أعظم نعم الله تبارك وتعالى علينا نعمة الماء
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾
الأنبياء: ٣٠
وصف الله تعالى الماء بأنه طهور
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾
الفرقان: ٤٨
أي فهو طاهرٌ في نفسه، مطهّرٌ لغيره
قال الله تعالى:
﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾
الأنفال: ١١
من طرق التطهر بالماء التي ذكرها القرآن الكريم، الأتي
1- الوضوء
والقرآن الكريم ذكر الوضوء في موضعٍ واحد
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾
المائدة: ٦
هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين، يأمرهم سبحانه بالوضوء للصلاة
– الغسل
قدّ بيّن القرآن الكريم أنه يجب التطهر من الجنابة.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾
المائدة: ٦
والطهارة من الجنابة تكون بالاغتسال.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ﴾
النساء: ٤٣
٢- الصعيد الطاهر
وقد شرع الله تعالى لنا في بعض الأحوال الانتقال من التطهّر بالماء – وهو الأصل- إلى التطهّر بالتراب، أو الصعيد .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾
النساء: ٤٣
وإن كنتم في حال مرض لا تقدرون معه على استعمال الماء، أو حال سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو جامعتم النساء، فلم تجدوا ماء للطهارة فاقصدوا ترابًا طاهرًا، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه. إن الله تعالى كان عفوًّا عنكم، غفورًا لكم.
ثانيا – وسائل التطهير المعنوية
1- التقوى
التقوى هي خشية الله تعالى، وهي ثمرة العبادات التي شرعها الله تعالى.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
البقرة: ٢١
أن التقوى هي الهدف من وراء العبادات، جعل الله تبارك وتعالى التقوى شعار الطاهرين، الذين يحبّهم ويرضى عنهم، ويتقبّل منهم أعمالهم.
قال الله تعالى:
﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾
التوبة: ١٠٨
فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن تقوم فيه للصلاة، ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات والأقذار، كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب المتطهرين.
2 – الصدقات
قال الله تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
التوبة:١٠٣
ولا يقتصر أثر الصدقات على تطهير المال ونمائه فحسب، بل لها أثر عظيم في تربية النفس وتزكيتها، وتطهيرها من الذنوب والشّح؛ فنفس الغني تطهر من البخل، ونفس الفقير تطهر من الحسد، وتكسبه القناعة والرضا
3- اتباع دين الله تعالى وأحكام شرعه
من أعظم ما يطهّر النفس اتباع أوامر الله تعالى، والتزام شرعه، والمسارعة في الأعمال الصالحة؛ لأنها أهم وسائل التزكية العملية التي يعيش المسلم حياته معها، وبقدر ما يكثر منها يكون مزكّيًا لنفسه، بشرط أن يأتي بها على وجهها الذي شرعه الله، ويخلص فيها لله .
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
البقرة: ٢١
وهذا نداء عام لجميع الناس، فهو للمؤمنين باستدامة العبادة، وللكافرين بأن يعبدوا الله وحده لا شريك له، والعبادة هنا تعني: توحيده تعالى، والتزام شرائع دينه.
– عن الصلاة
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾
العنكبوت: ٤٥
تنهى من كان فيها، فتحول بينه وبين إتيان الفواحش
– عن الصوم
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
البقرة: ١٨٣
يا أيها الذين أمنوا ، فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم قبلكم؛ لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وعبادته وحده.
– عن الحج
قال الله تعالى:
﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
البقرة: ١٩٧
وقت الحج أشهر معلومات، وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. فمن أوجب الحج على نفسه فيهن بالإحرام، فيحرم عليه الجماع ومقدماته القولية والفعلية، ويحرم عليه الخروج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، والجدال في الحج الذي يؤدي إلى الغضب والكراهية ، ولاشك أنّ الابتعاد عن هذه الأمور من أعظم ما يتطهر به القلب.
– عن أحكام الطلاق والعدّة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾
البقرة: ٢٣٢
واذا طلَّقتم نساءكم دون الثلاث وانتهت عدتهن من غير مراجعة لهن، فلا تضيقوا -أيها الأولياء- على المطلقات بمنعهن من العودة إلى أزواجهن بعقد جديد إذا أردن ذلك، وحدث التراضي شرعًا وعرفًا. ذلك يوعظ به من كان منكم صادق الإيمان بالله واليوم الآخر. إن تَرْكَ العضل وتمكين الأزواج من نكاح زوجاتهم أكثر نماء وطهارة لأعراضكم، وأعظم منفعة وثوابًا لكم. والله يعلم ما فيه صلاحكم وأنتم لا تعلمون ذلك.
– عن الحجاب
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾
الأحزاب: ٥٣
فرض الله تعالى الحجاب على أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وبيّن لنا الحكمة في ذلك .
وهكذا في سائر العبادات، إذا ما التزم المسلم بها، وأخلص لربّه تعالى فيها، فإنها تؤتي أكلها في تطهير النفس والقلب، وبهذا يتبين لنا مدى أهمية التزام شرع الله تعالى في تطهير النفس وصفائها.
6 – ثمرات الطهارة
إن للطهارة في الإسلام مكانة كبيرة، وفوائد عظيمة وثمرات جلية ، منها
1- محبة الله
قال الله تعالى:
﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾
التوبة : 108
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
البقرة :222
المتطهر يحبه الله تعالى، ومن أحبّه الله عاش في ظلال رحمته .
2- صحة العبادة
فالطهارة شرط للصلاة وغيرها من العبادات كالطّواف ومسّ المصحف الشريف، وهذا يجعل للطهارة منزلة عظيمة في الإسلام
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾
المائدة: ٦
وإن أصابكم الحدث الأكبر فتطهروا بالاغتسال منه قبل الصلاة.
قال الله تعالى:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾
التوبة :103
خذ -أيها النبي- من أموال هؤلاء التائبين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا صدقة تطهرهم مِن دنس ذنوبهم، وترفعهم عن منازل المنافقين إلى منازل المخلصين،
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ . لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾
الواقعة 77- 79
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع، كثير الخير، غزير العلم، في كتاب مَصُون مستور عن أعين الخلق، وهو الكتاب الذي بأيدي الملائكة. لا يَمَسُّ القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب، ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.
3- جنّات النّعيم في الآخرة
الجنّة لا يدخلها خبيث، ولا من فيه شيء من الخبث، فقد حرّم الله سبحانه الجنة على من في قلبه نجاسة وخبث، ولا يدخلها إلا بعد طيبه وطهره، فإنها دار الطيبين .
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
النحل: ٣٢
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾
الزمر: ٧٣
أحدث التعليقات