1- مفهوم الطغيان

الطغيان هو مجاوزة الحد في العصيان و الظُّلم . وكلُّ شيء يجاوز الحد فقد طغى، مثلما طغى الماء على قوم نوح.

قال الله تعالى:

( إنَّا لَـمَّا طَغَا الْـمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْـجَارِيَةِ )

الحاقة: 11

والطاغوت هو كل ما يتحاكم العبد إليه  غير الله .

2- كلمة الطغيان

       في

   القرآن الكريم

وردت كلمة الطغيان وصيغها في القرآن الكريم ٣٩ مرة. والصيغ التي وردت كالآتي:

– الفعل الماضي

ورد   ٨  مرات

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَىٰ ﴾

النازعات:٣٧

– الفعل المضارع

ورد  ٥   مرات

قال الله تعالى:

﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىٰ ﴾

طه:٤٥

– اسم فاعل

ورد  ٧   مرات

قال الله تعالى:

﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ  ﴾

الذاريات:٥٣

– اسم تفضيل

ورد مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ ﴾

النجم:٥٢

– مصدر

ورد  ١٠   مرات

قال الله تعالى:

 ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾

المائدة:٦٤

– الاسم

ورد  ٨   مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ﴾

النساء:٧٦

وجاء الطغيان في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه :

1- الضلالة

قال الله تعالى:

﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ 

البقرة: ١٥

يعني: في ضلالتهم

2- العصيان

قال الله تعالى:

﴿ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾

طه:٢٤

يعني: إنه عصى الله عز وجل

3- الارتفاع والكثرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾

الحاقة:١١

يعني: لمّا ارتفع وكثر

4- الظلم

قال الله تعالى:

﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾

الرحمن:٨

يعني: لا تظلموا

3- التحذير من الطغيان

تنوعت أساليب القرآن في التحذير من الطغيان، وهي ما يأتي:

1- النهي الصريح

ورد النهي الصريح في كتاب الله محذّرًا من ارتكاب الطغيان

قَال الله تعالى:

( كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى )

طه : 81

أمر الله سبحانه عباده بأكل الحلال الطيب، ونهاهم عن الطغيان بالسرف والبطر

قَال الله تعالى:

( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

هود : 112

الاستقامة على ما أمر دون إفراط ولا غلو في الدين والله يريد دينه كما أنزله

قَال الله تعالى:

﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾

الرحمن: ٧-٩

ونهى عن الطغيان في الميزان

2- التحذير من سوء المصير

من أساليب القرآن الكريم في التحذير من الطغيان: ذكر الوعيد الشديد بسوء مصير الطغاة في الدنيا والآخرة، مبينًا مصير الطغاة

قَال الله تعالى:

﴿ هذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ . جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾

ص: ٥٥ – 56

وأما المتجاوزون الحدَّ في الكفر والمعاصي، فلهم شر مرجع ومصير، وهو النار يُعذَّبون فيها، تغمرهم من جميع جوانبهم، فبئس الفراش فراشهم.

قَال الله تعالى:

﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا . لِلطَّاغِينَ مَآبًا ﴾

النبأ: ٢١-٢٢

إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أُعِدَّت لهم، للكافرين مرجعًا، ماكثين فيها دهورًا متعاقبة لا تنقطع .

3- الحث على الاعتبار بالسابقين

يقصّ الله تبارك وتعالى علينا قصص الطغاة، وما حلّ بهم النكال والعذاب لا لأجل التسلية، وإنما لأجل أخذ العبرة من هذه القصص، وحتى لا نقع في طغيانهم وضلالهم .

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ . الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ. وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ . وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ. إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

الفجر: ٦-١٤

فالطغاة قد تخدعهم قوتهم وسطوتهم المادية، فينسون قوة الله وجبروته، ولكن الله لهم بالمرصاد.

4- أنواَع الطغيان

      فِي

   القرآن الكريم

قسم  القرآن الكريم  الطغيان إلي نوعين هما

1- طغيان المالِ

القرآن الكريم يعرضُ نماذجَ لأولئك المتغطرسين بأموالهِم، المفتونين بثرائهِم متجسداً في شخصيةِ قارون

قَال الله تعالى:

( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ )

القصص 76

ذلك الطاغيةِ الذي وهَبَهُ اُلله تعالى تلك الكنوزِ

قَال الله تعالى:

( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ )

القصص 76

فيتناسَ أنَّ ما يتمتعُ به من المالِ والثراءِ العريض هو فضلٌ من اللهِ ونعمة، بل انَّهُ لينسبُ تلكَ الثروةَ الطائلهَ لنفسهِ، وذكائهِ وعلمه.

قَال الله تعالى:

 ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلمٍ )

القصص 78

حتى إذا بلغَ الطغيانُ غايتهَ كانت النهايةُ العاجلة

قَال الله تعالى:

( فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ )

القصص81

2- طغيان الجاهِ والمنصب

والقرآن الكريم يعرضُ نماذجَ لأولئك المتغطرسين بملكِهم وسلطانهم متجسداً في شخصيةِ فرعون 0 فرعون قد أفرط في العصيان

قَال الله تعالى:

( اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ )

النازعات 17

فجمع أهل مملكته وناداهم، فقال: أنا ربكم الذي لا ربَّ فوقه

قَال الله تعالى:

( فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ )

النازعات 24

فانتقم الله منه بالعذاب في الدنيا والآخرة

قَال الله تعالى:

 ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ )

النازعات25

وجعله عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين

قَال الله تعالى:

( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ )

النازعات26

5- أسباب الطغيان

أشار القرآن الكريم في معرض تناوُله لأحوال الطغاة وإدانة أعمالهم  إلى الأسباب التي دفعت بأصحابها إلى ممارسة هذه الظاهرة ؛ وبالتدقيق في هذه الأسباب يُستخلَص منها أنها تنقسم إلى قسمين:

1- أسباب داخلية

أسباب الطغيان الداخلية هي ما في نفوس الطغاة من آفات تدفعه إلى الطغيان ، ومنها ..

أ – الكبر والعلو

يصنف هذا السبب على رأس أوَّليات أسباب الطغيان، وأبرز الشخصيات التي تمثل هذا السبب على الإطلاق شخصية الطاغية فرعون؛ الذي مارس كل صنوف الطغيان بحق قومه.

– عن فرعون

قَال الله تعالى:

( إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ ﴾

القصص: 4

( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْـحَقِّ ﴾

القصص: 39

ب – العجب والغرور

وهذه آفة الطغاة في عتوهم وتجبُّرهم وعدم قَبُولهم الحق والانصياع له ؛

– عن  قوم عاد لما طغوا وتكبروا على ربهم، ثم على نبيهم

قَال الله تعالى:

 ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْـحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾

فصلت: 15

ومن صور مباهاة الطاغية فرعون ومفاخراته أنه جعل يستحقر الآخرين ويعيبهم عجباً وغروراً فقال عن موسى – عليه السلام

قَال الله تعالى:

 ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ﴾

الزخرف: 52

ت – الحقد والحسد

وهو الداء الذي يحرق قلب صاحبه إذا ما رأى لله على غيره منَّة أو أسبغ عليه نعمة

قال الله تعالى :

 ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِه ﴾ 

النساء: 45

فيدفعه ذلك إلى ممارسة الطغيان، وهذا كان سبب طغيان اليهود ورفضهم قبول رسالة النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه مكتوب عندهم في التوراة؛

قال الله تعالى :

 ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً ﴾

المائدة : 64

2- أسباب الطغيان الخارجية

أ- الملك والسلطة

وهي من أعظم الأسباب الباعثة على الطغيان، وبالأخص منهم طغاة الحكم والسياسة .

ولذلك ذكر الله في القرآن الملك النمرود الذي طغى وتجبَّر حتى وصل به الأمر إلى أن ادَّعى الربوبية، وكان الباعث له على ذلك الملك والسلطة.

قال الله تعالى :

( أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِي حَاجَّ إبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْـمُلْكَ إذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾

البقرة : 258

وهذا فرعون يبرر فجورَه وعلوَّه في الأرض كما أخبر القرآن عنه

قال الله تعالى :

( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾

الزخرف: 51

ب – المال و الأعوانً

قال الله تعالى :

( قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا ﴾

نوح 21

قال نوح: ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي، واتبع الضعفاء منهم الرؤساء الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وعقابًا في الآخرة،

قال الله تعالى :

( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾

الكهف 34

وكان لصاحب الحديقتين ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن، وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه: أنا أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا.

ت – غفلة الناس عن حقوقهم

وقبولهم الظلم

إن الشعوب إذا استمرأت الظلم ورضيت بالهوان وغلب عليها الخوف؛ أعطت الطاغية فرصة وشجعته على الاستمرار والزيادة في البغي.

ولا شك أن غفلتهم وسكوتهم عن أعمـال فرعـون وقبـولَهم اسـتبداده هـو ما جرَّأه عليهم

قال الله تعالى :

( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾

الزخرف: 54

6 – صور الطغيان

إنَّ للطغيان نماذج وصوراً متعددة، تتعدد وتتنوع بحسب الزمان والمكان، ونفسية الطاغية وعناده وتكبُّره، وهيمنته الاقتصادية وقوَّته العسكرية، وكذلك بحسب تقدُّم الزمن وتطور أساليب الطغيان ، فمن هذه الصور:

أ – الظلم والتجبُّر والاستبداد

يُعَد ظلم الناس وتهميشهم وهضم حقوقهم وسلب مقدراتهم وإراداتهم من أبرز صور الطغيان قديماً وحديثاً، وكم عانت الشعوب المستضعفة المقهورة من ظلم الطغاة وجَوْرِهم وتجبُّرهم

قال الله تعالى :

( وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ. الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إنَّ رَبَّكَ لَبِالْـمِرْصَادِ ﴾

الفجر: 10 – 14

ب – القتل والتعذيب والتنكيل

وهذا من أشنع صور الطغيان وأقبحه

– عن فرعون

قال الله تعالى :

( قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾

الأعراف: 127

( إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْـمُفْسِدِينَ ﴾

القصص: 4

– وما عن تعرَّض له أصحاب الأخدود من صور القتل والإجرام

قال الله تعالى :

( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ . النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ .  إذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ . وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْـمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ . وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْـحَمِيدِ ﴾

البروج: 4 – 8

ت – فرض الرأي ومصادرة

الحقوق والحريات

فالطغاة على مرِّ التاريخ يفرضون آراءهم وأهواءهم على أقوامهم، ويجعلونها عليهم قوانين إلزامية، ويقسرونهم على قبولها والانقياد لها قسراً، ويصادرون حرِّياتهم وحقوقَهم المشْروعة في الاختيار والقبول والرَّفض؛ فعليهم ألا يعتقدوا ويعتنقوا إلا ما يعتقد الطاغية ويعتنق، ومن سوَّلت له نفسه أن يخالف أو يرفض يستخدمون معه أبشع أساليب القمع والتنكيل. والعجيب أنهم يصورون أنفسهم على أنهم أصحاب الحق وأن غيرهم مفسد في الأرض ومنطق الطاغية واحد .

قال فرعون لقومه

قال الله تعالى :

( مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾

غافر: 29

( يَا أَيُّهَا الْـمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرِي ﴾

القصص: 38

– وقال فرعون لموسى عليه السلام

قال الله تعالى :

( قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْـمَسْجُونِينَ ﴾

الشعراء: 29

– وقال قوم شعيب له ولأتباعه

قال الله تعالى :

( قَالَ الْـمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِيـنَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾

الأعراف: 88

7- أساليب الطغاة

للطغاة في محاربة الحق أساليب نتناولها فيما يأتي:

– إلباس الحق بالباطل

من طبائع الطغاة وأساليبهم إلباس الحق بالباطل، وقلب الحقائق الواضحة الجلية وضوح الشمس في رابعة النهار، وقد أوضح القرآن الكريم هذه الصفة فيهم إيضاحًا كافيًا شافيًا.

– عن قول الطاغية فرعون لقومه

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾

غافر: ٢٦

فأراد قتل موسى تحت مبرر الخوف على تبديل الدين، والخوف على البلاد من الفساد والدمار الذي سيحدثه موسى – بزعمه – فهي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح  ، هي بعينها كلمة الباطل في وجه الحق  ، تكرر كلما التقى الحق والباطل ، والصلاح والطغيان على توالي الزمان، واختلاف المكان، والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين

2- تعليل ما هم عليه من

الغنى والجاه لأسباب ذاتية

من طبيعة الطاغية أن ينسب النعم التي امتن الله بها عليه إلى أسباب ذاتية، فيزعم أنه حصل عليها بحذقه وذكائه، وورثها كابر عن كابر.

– مخبرًا عن قارون

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي  ﴾

القصص: ٧٨

إنما أوتيت هذا المال استحقاقًا على علمي الذي طوع لي جمعه وتحصيله، فما لكم تملون عليّ طريقة خاصة في التصرف فيه، وتتحكمون في ملكيتي الخاصة، وأنا إنما حصّلت هذا المال بجهدي الخاص، واستحققته بعلمي الخاص؟

– مخبرًا عن فرعون

قال الله تعالى :

﴿ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

الزخرف:٥١

فأخبر سبحانه عن فرعون وطغيانه وعناده أنه نادى في قومه متبجّحًا مفتخرًا مغرورًا بملك مصر وتصرفه فيها ، وحسب أن الذي هو فيه من ذلك ناله بيده، وحول منه وقوة .

3- كراهيه حرية النقد والتوجيه

فكل من خالفهم فهو على الباطل ، فلا ينبغي أن يرى الناس إلا ما يروه، ولا يمكن لهم أن يفكروا إلا بتفكيرهم ، ولا نظر إلا نظرهم، فهم على الصواب وغيرهم على الخطأ، وهم المبصر ون ، و وغيرهم العميان.

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾

غافر: ٢٩

4- الاستهزاء

من وسائل الطغاة الاستهزاء، واحتقار المصلحين، وعن ما كان عليه أهل الطغيان من استهزاء بالأنبياء المرسلين.

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ . فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ ﴾

الزخرف: ٦-٧

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ ﴾

الزخرف: ٤٦-٤٧

واحتقر فرعون موسى عليه السلام

قال الله تعالى :

﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾

الزخرف: ٥٢

والواقع أن السخرية والاستهزاء من أمضى أدوات النفوذ والتأثير على الآخرين؛ ذلك أنها من أشد الأمور إيلامًا لأصحاب المروءة، فتحجزهم عن كثير من المواقف تحاشيًا أن يقعوا في مثار سخرية أو موضع استخفاف

5- اتهام المصلحين بالتهم الكاذبة، والتحريض عليهم

الملاحظ على الطاغية قيامه بحملة تحريضية كاذبة واسعة النطاق ضد المصلحين، فهذا فرعون وقومه اتهموا موسى عليه السلام بسعيه إلى الاستيلاء على الأرض والوطن .

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ . يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ  فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾

الأعراف: ١٠٩-١١٠

﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ ﴾

طـه: ٥٧

يصرّحون بالنتيجة الهائلة التي تتقرر من إعلان تلك الحقيقة، إنها الخروج من الأرض، إنها ذهاب السلطان، إنها إبطال شرعية الحكم، أو محاولة قلب نظام الحكم بالتعبير العصري الحديث

كما أن الطاغية يسعى جاهدًا إلى اتهام كل مصلح بالتآمر على البلاد والعباد .

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: ١٢٣

كما أن الطاغية يحرص غاية الحرص على إظهار المخالفين له بمظهر الحريصين على النفوذ والسلطة.

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ . قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴾

يونس: ٧٧-٧٨

وهذه الوسيلة التي استخدمها فرعون للتشكيك في دعوة موسى عليه السلام استخدمتها قريش لصرف الناس عن دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى :

﴿ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ﴾

ص: ٦

وانطلق رؤساء القوم وكبراؤهم يحرِّضون قومهم على الاستمرار على الشرك والصبر على تعدد الآلهة، ويقولون إن ما جاء به هذا الرسول شيء مدبَّر يقصد منه الرئاسة والسيادة

6- الترغيب

قد يستعمل الطاغية أسلوب الإغواء ويمارسه على ضعاف النفوس؛ وذلك أن الطاغية يملك المال والمنصب والجاه، فيغريهم بالمال الوفير، وقد بيّن لنا القرآن الكريم كيف استخدم الطغاة هذه الوسيلة.

قال الله تعالى :

﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ . قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾

الأعراف: ١١٣- ١١٤

فأكّد لهم فرعون أنهم مأجورون على حرفتهم، ووعدهم مع الأجر القربى منه؛ زيادة في الإغراء، وتشجيعًا على بذل غاية الجهد.

7 – شغل الناس بقضايا جانبية

وربما سعى الطغاة جاهدين لشغل الناس بأمور تافهة، وقضايا جانبية، وقد أشار القرآن الكريم إلى استخدام الطغاة لهذا الأسلوب  .

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ . أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾

غافر: ٣٦-٣٧

لأن الطاغية يدرك تمامًا أن الضغط على الناس يولّد الانفجار، فيسعى جاهدًا إلى طريقة لينفّس بها عن الناس، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الوسيلة .

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ﴾

طـه: ٥٩

يَوْمُ الزِّينَةِ يوم عيد كان لهم، والجماهير دائمًا تتجمع لمثل هذه الأمور، دون أن تفطن إلى أن حكامها الطغاة يلهون بها ويعبثون، ويشغلونها بهذه المباريات والاحتفالات والتجمعات، ليلهوها عما تعاني من ظلم وكبت وبؤس .

8 – الترهيب

من أبرز وسائل الطغاة وتضليلهم على الناس: إرهاب كل من تسوّل له نفسه المساس بمناصبهم، فيحاول الطاغية أن يظهر بمظهر القوة، ويعرض بضعف خصومه

قال الله تعالى :

﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾

فصلت: ١٥

– مخبرًا عن فرعون

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾

الأعراف: ١٢٧

وقد يمارس الطاغية أساليب قهرية أخرى، التهديد بأن يسلكه في عداد المسجونين، وتلك سمة الطغاة وطريقهم في القديم والجديد ، مخبرًا عن فرعون .

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ﴾

الشعراء: ٢٩

ويلجأ الطغاة إلى التعذيب إن لم ينفع السجن والتهديد، مخبرًا عن فرعون

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ﴾

طـه: ٧١

وقد يلجأ الطغاة لوسيلة القتل، مخبرًا عن فرعون

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾

غافر: ٢٦

﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾

غافر: ٢٥

وهناك وسيلة قديمة استخدمها معظم طغاة الأرض ضد أهل الحق والدعوة، ألا وهي النفي من الأرض والإقصاء .

قال الله تعالى :

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا  ﴾

إبراهيم: ١٣

﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾

النمل: ٥٦

والخلاصة: أن الطاغية لا يتحرج من ارتكاب أشد الجرائم وحشية، وأشنعها بربرية، وأبعدها عن كل معاني الإنسانية، وعن الخلق والشرف والضمير.

9 – جزاء أهل الطغيان

في

القرآن الكريم

أشار الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عدة مرات للطغاة وعاقبتهم في الدارين الدنيا والآخرة وحذر العباد من أتباعه فما جزاء الطاغين إلا غضب من الله في الدنيا وعذاب النار في الآخرة.

أ – في الدنيا

سنة الله في الطاغين واحدة فقد أهلك الله كثيرا من الطغاة وجعلهم عبرة لغيرهم

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ . الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ . وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ. إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

الفجر : 6 – 14

– عن نهاية فرعون

قال الله تعالى:

﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

الفجر: ١٣-١٤

ب –  في الآخرة

إن لهؤلاء الطغاة يوم القيامة موعدا لن يخلفوه

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا . لِلْطَّاغِينَ مَآبًا . لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا . لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا . إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا. جَزَاءً وِفَاقًا ﴾

النبأ : 21- 26

فالطغاة في حقوق الله وفي حقوق العباد هم أهل النار

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَىٰ . وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴾

النازعات: ٣٧-٣٩

9- سُنن الله تعالى

  في الطاغين

سُنن الله في الطاغين واحدة لا تتغير؛ وتتخذ الخطوات الأتية ..

أ – الحوار والجدال بالقول

الليِّن الحسن

وهذه الوسيلة من أنفع الوسائل منعاً للطغيان (إن صادفت محلاً من قلب الطاغية وعقله)، وقد أمر الله رسله باتخاذها وسيلة لمعالجة الطغيان؛ وإلا كانت لمزيد إقامة الحجة على الطاغية وإبراء الذمة في الإنكار عليه.

– مخاطباً موسى وهارون

قَال الله تعالى:

( اذْهَبَا إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى . فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )

طه : 43 – 44

ب – يُمهلهم

الله يستهزئ بهم ويُمهلهم ليزدادوا ضلالا

قَال الله تعالى:

( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

الأنعام 110

 ( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون )

البقرة15

ت –  إنذارهم

قَال الله تعالى:

( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ )

الأعراف 133

ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون، فاستكبروا عن الإيمان بالله .

قَال الله تعالى:

( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

المؤمنون 75

ج – الأهلاك

سُنة الله في الطاغين واحدة؛ فقد أهلك الله كثيراً من الطغاة وجعلهم عبرة لغيرهم .

قَال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ .الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ. وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ .إنَّ رَبَّكَ لَبِالْـمِرْصَادِ )

الفجر: 6 – 14

( هذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ0 جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ )

ص 55-56

ولكن الطغاة لا يعتبرون بمصائر الطغاة قبلهم

قَال الله تعالى:

( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى . إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّـمَن يَخْشَى )

النازعات : 25 – 26

 

 

 

Share This