1- مفهوم السّحر
السحر هو تخييل الشيء إلى المرء بخلاف ما هو به في عينه وحقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع.
قَال الله تعالى:
﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴾
طه: 66
2- كلمة السحر
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (السحر) وصيغها في القرآن الكريم ٦٠ مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ﴾
الأعراف:١١٦
– الفعل المضارع
ورد مرتين
قَال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾
الأعراف:١٣٢
– مصدر سماعي
ورد 28 مرة
قَال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ﴾
يونس:٨١
– اسم الفاعل
ورد ٢٢ مرة
قَال الله تعالى:
﴿ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾
ص:٤
– اسم المفعول
وردت ٦ مرات
قَال الله تعالى:
﴿ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴾
الإسراء:٤٧
– صيغة المبالغة
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴾
الشعراء:٣٧
وجاء السحر في القرآن الكريم على أربعة أوجه:
1- السحر المعروف الذي يأخذ بالعين والقلب
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ﴾
البقرة:١٠٢
2- الكذب
قَال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾
الأعراف:١١٦
يعني: بكذب
3- الجنون
قَال الله تعالى:
﴿ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ﴾
الإسراء:٤٧
يعني: مجنونًا.
4- الصرف
قَال الله تعالى:
﴿ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ ﴾
المؤمنون:٨٩
قل لهم: كيف تذهب عقولكم وتُخْدَعون وتُصْرفون عن الحق .
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة السحر
– الخداع
الخداع هو إخفاء الحقيقة وإظهار خلافها
قَال الله تعالى:
﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾
البقرة : 9
– الكهانة
الكهانة هي ادعاء علم الغيب ، متوسلاٍ ببعض ما يزعم أنها استدلالات تعينه على ذلك .
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾
الحاقة : 42
– العرافة
العرافة هى الزعم بمعرفة الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها عليها
4- أقسام السحر
في
القرآن الكريم
ينقَسم السحر إلى قسمين ،هما
1- السحر التخييلي
هو السحر المبني على التمويه والخداع والتخييل الذي لاحقيقه له
– عن سحرة فرعون
قَال الله تعالى:
( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ )
طه66
( قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )
الأعراف 116
مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا، لكن سحروا أعين الناس أي صرفوها عن حقيقة إدراكها .
2– السحر الحقيقي
أي أن السحر له تأثير حقيقي في الخارج، فقد يمرض ويقتل ويجمع بين الزوجين حبا ويفرق بين الزوجين بغضا ويمنع النكاح ويزيل العقل ويؤثر في المشاعر سلبا وإيجابا ، وهذا الضرر لا يقع إلا بإذن الرحمن جل وعلا
قَال الله تعالى:
( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ )
البقرة102
فيتعلم السحره ما يُحْدِثون به الكراهية بين الزوجين حتى يتفرقا. ولا يستطيعوا أن يضروا به أحدًا إلا بإذن الله وقضائه.
5- نتيجة السّحر
من خلال تتبع الآيات التي تتحدث عن السحر نجد أن الله تعالى يذكر فيها أن السحر باطل، وأن الساحر مهما بلغ من السحر فليس مفلحاً وعمله ليس موفّقاً، كذلك فالسحر من الفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد ولا المفسدين، وما كان كذلك فهو باطل، والسحر أيضًا من أسلحة الطغاة، ومعلوم أن الطغاة وكيدهم إلى تباب وبوار، وذلك من خلال النقاط الآتية:
1- لا يفلح الساحرون
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴾
يونس:٧٧
وما دام أن الساحر لا ينجح فسحره أيضًا لا ينجح وهو – وإن حدث له تأثير بمشيئة الله – إلى زوال وبطلان، فالفلاح معلق بكل ما يحبه الله ويرضاه، وليس من قبيل ذلك السحر.
قال الله تعالى:
( وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ )
طه 69
ولا يظفر الساحر بسحره أين كان.
وفرعون حينما استخدم الكيد ضد موسى عليه السلام، كان من أعظم الكيد السحر الذي أراد أن يصادم به الحقيقة التي جاء بها موسى عليه السلام، وقد أخبر الله تعالى في القرآن الكريم بأن كيد فرعون في تباب،
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ﴾
غافر:٣٧
فكتب الله الخسارة والبطلان على كل الكيد الذي جاء به فرعون وجنده وأعوانه من السحرة.
2– سيُبطل الله سحرهم
قَال الله تعالى:
( فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )
يونس 81
إن الله سيُذْهب ما جئتم به وسيُبطله 0 فلا يتم شيء في كون الله تعالى إلا بإذنه ومشيئته
قَال الله تعالى:
( وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ )
البقرة: 102
وأخيرا
قَال الله تعالى:
( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا )
التوبة 51
6- قصة هاروت وماروت
في
القرآن الكريم
يستشهد الكثير من الناس بهذه القصة دوماً إذا تم ذكر موضوع السحر في القرآن أو تسخير الجن. وعلى الرغم من عدم معرفتنا بهذين الملكين معرفة تامة لأن الله لم يذكرهما سوى في هذه الآية. إلا أن كل القصص والروايات التي تناقلتها الناس عبر الأزمنة كانت مأخوذة من الإسرائيليات والكتب التراثية. ولا تمت للحقيقة بشيء. بل هي مجرد خرافات وأساطير تناقلها الناس.
1- القصة المؤكدة من معظم العلماء والشيوخ
أنزل الله الملكين “هاروت وماروت”، لتعليم الناس السحر ابتلاء منه تعالى، وليميّز الناس بين السحر والمعجزة، ويقيهم من الشر، وليس عقاباً لهما كما ورد في معظم الإسرائيليات. لا يعلِّم هاروت وماروت السحر لأحد حتّى يحذّرانه، ويخبرانه أنّهما ابتلاء من الله، وأنّ من تعلم السحر وعمل به كَفر، ومن توقَى عمله ثبت على الإيمان، فيعلم هاروت وماروت الناس السحر الذي يفرق بين الزوجين، ويسبب لهما الخلاف والنزاع والنفار بينهم، فيتعلّم الناس ما يضرهم ويضر غيرهم، ولا ينفعهم بشيء في الآخرة، ولكن لا يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا بإذنه سبحانه وتعالى، لأن السحر لا يؤثر بنفسه، بل بأمر الله ومشيئته بخلقه.
2- القصة في القرآن الكريم
قَال الله تعالى:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
البقرة 102
وإِذْا نظُرنا إِلي الأيةٌ السابِقٌةٌ و تدبرنا معناها نجدالأتي00
– أن أولئك الضالين كانوا يرددون الوحى الشيطانى والذى شاع فيهم يوحيه اليهم شياطينهم بما يشيعون عن ملك سليمان منسوبا الى النبى سليمان
– وما كفر سليمان أي أن سليمان لم يكفر (وما)هنا نافية وقاطعة أن ذْلك لم يحدث أصلا
– لكنَّ الشياطين هم الذين كفروا بالله حين علَّموا الناس السحر إفسادًا لدينهم 00 فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ00 والذْي يَتَعَلَّمُ مِنْهُمَ هذا السحركافر 00وليس له في الأخرة إلا النار0
-إنه (ما) كان هناك ببابل ملكين هاروت وماروت وما علما أحد شَيْئًا ببابل كما إدعي اليهود 00
و (ما)هنا أيضا نافية
– إنهما (ما) كانا يعلمان الناس السحر كما يفَتري اليهود كذْلك فأنهما (منطِقيا) ما كانا يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر
– ولا يستطيع السحرة أن يضروا به أحدًا إلا بإذن الله وقضائه
ورد في الأيةٌ و (ما)- و (ما)- و (ما)- و (ما) – كلها هنا تفيد النفي لماذْا يتحول بعضها إلي (ما) مثبتة00 تذكر
قَال الله تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الأعراف 28
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ 0 إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
البقرة 168- 169
7- لماذا هذا الإصرار على
قبول خرافة السحر
كل ما قاله القرآن عن السحر واضح وضوح الشمس في كبد السماء. حيث لا علاقه بما ذكره القرآن بتأثير السحر على حياة الناس. لكن لماذا يتعامل رجال الدين مع قضية السحر وكأنها حقيقة. بل وجل ما يهمهم هو ترسيخ الاعتقاد بتأثير السحر على حياة الناس. وجعل الناس يلجؤون إليهم ليفسروا كل ما يحدث لهم من مشكلات على أنها سحر. وهذا ما يسمح لهم بالسيطرة عليهم.
كما أن هذا الأمر هو ما يؤدي إلى ظهور الدجالين والمشعوذين ليتكسبوا من هذا الأمر. فنجد أنهم يحصلون على أموال طائلة من كتب الأدعية والأذكار الخاصة بالوقاية من السحر، هذا بالإضافة إلى الأموال التي يربحونها مما يسمونها الرقية الشرعية وجلب الحبيب وحلقات الزار وكرامات الشيوخ .
أحدث التعليقات