1- مفهوم السجود

السجود هوحالة  من الطاعة والخضوع .

قال الله تعالى:

( فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ . وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡہِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَ )

الانشقاق 20-21

السجود هنا هو الخضوع لآيات الله، أي الإيمان والعَمَلْ بها.

قال الله تعالى:

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ  )

الحج : ١٨

فهذا لسان حال تلك المخلوقات في الطاعة والخضوع

2 – كلمة السجود

       في

القرآن الكريم

وردت كلمة ( سجد ) وصيغها في القرآن الكريم (٩٢) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد ٨ مرات

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾

الحجر:٣٠

-الفعل المضارع

ورد ١٥ مرة

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾

آل عمران:١١٣

– فعل الأمر

ورد ١٢ مرة

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا  ﴾

النجم:٦٢

– المصدر

ورد ٤ مرات

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾

الفتح:٢٩

– اسم فاعل

ورد ٤ مرات

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾

الأعراف:١٢٠

– اسم مكان

ورد ٢٨ مرة

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾

الجن:١٨

وجاء السجود في القرآن على وجهين:

1- السجود الشرعي

وهو وضع الجبهة على الأرض

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

النمل:٢٥

2- الركوع الشرعي

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾

البقرة:٥٨

أي: ادخلوه ركعًا.

3 – أنواع السجود

هذا وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلىٰ معنيين من السجود وهما  ..

أولا ـ سجود اختيار

و ينقسم السجود بالنظر إلى نية الفاعل إلى نوعين ..

1- سجود تحيةٍ وإكرامٍ

وهو الذي لا يريد فاعله عبادة من سجد له، بل يقصد تكريمه مثال ..

– سجود إخوة يوسف وأبويه

ليوسف عليه السلام

قال اللهَ تعالىٰ :

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ﴾

يوسف  100

وأجْلَسَ أباه وأمه على سرير ملكه بجانبه؛ إكرامًا لهما، وحيَّاه أبواه وإخوته الأحد عشر بالسجود له تحية وتكريمًا، لا عبادة وخضوعًا، وكان ذلك جائزًا في شريعتهم، وقد حَرُم في شريعتنا؛ سدًا لذريعة الشرك بالله.

2- سجود عبادة

وهو الذي يريد فاعله عبادة من يسجد له ، اتفق على عدم جواز هذا النوع من السجود لغير الله

قال اللهَ تعالىٰ :

 ( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ )

النساء 102

( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ )

السجدة 15

( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا )

مريم 58

( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا )

الفتح 29

ثانيا ـ سجود تسخير

وهو للإنسان والحيوان والنبات والجماد

قال اللهَ تعالىٰ :

( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا  )

الرعد 15

( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ )

الرحمن 6

( وَللهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ )

النحل 59

4 – الأمر بالسجود لله

أمر الله تعالى مخلوقاته بالسجود له وحده ، منهم

– بني إسرائيل

قال الله تعالى:

﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ﴾

النساء:١٥٤

أمر الله بني إسرائيل بأن يدخلوا الباب في بيت المقدس سجدًا شاكرين ومتواضعين لله

– مريم ابنة عمران عليها السلام

قال الله تعالى:

﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾

آل عمران:٤٣

– عبدة الكواكب

قال الله تعالى:

﴿ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

فصلت:٣٧

– لرسوله

قال الله تعالى:

﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾

الحجر:٩٨

﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾

الإنسان:٢٦

﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ  ﴾

العلق:١٩

– عامة خلقه

قال الله تعالى:

﴿ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا  ﴾

النجم:٦٢

أي: أيها الناس اسجدوا لله في صلاتكم دون سواه من الآلهة والأنداد، وأخلصوا له العبادة والسجود .

5- سجود ما في السموات

  والأرض لله تعالى

الله يخضع ويخشع ويستسلم لأمره ما في السموات والأرض من دابة تدبّ عليها، والملائكة التي في السموات، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بالطاعة .

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾

النحل 49

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ ﴾

الحج 18

6 – الثناء على الساجدين لله تعالى

       في

   القرآن الكريم

لقد أثنى الله عزّ وجلّ على عباده الطائعين الساجدين له في مواضع من كتابه.

1- الثناء على الساجدين لله في الليل

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾

آل عمران:١١٣

﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾

الفرقان:٦٤

والذين يكثرون من صلاة الليل مخلصين فيها لربهم، متذللين له بالسجود والقيام.

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾

الإنسان:٢٦

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا ﴾

الزمر:٩

أم من هو عابد لربه طائع له، يقضي ساعات الليل في القيام والسجود لله

2- الثناء على الساجدين لله عند تلاوة القرآن

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾

الإسراء:١٠٧

إن العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة مِن قبل القرآن، وعرفوا حقيقة الوحي، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون على وجوههم لله سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى:

﴿ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾

مريم:٥٨

إذا تتلى على هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين أدلة ذكره، وحججه التي أنزلها الله عليهم في كتبهم، خرّوا سجدًا وهم باكون.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا ﴾

السجدة: ١٥

إنما يصدق بآيات القرآن ويعمل بها الذين إذا وُعِظوا بها أو تُليت عليهم سجدوا لربهم خاشعين مطيعين، وسبَّحوا الله في سجودهم بحمده، وهم لا يستكبرون عن السجود والتسبيح له، وعبادته وحده لا شريك له.

3- الثناء على الساجدين لله عند الاستغفار من الذنب

قال الله تعالى:

﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾

ص:٢٤

وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب.

7- أصناف الساجدين

           في

    القرآن الكريم

تحدث القرآن الكريم عن أصناف من الساجدين.

1- سجود المؤمنين

قال الله تعالى:

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

التوبة:١١٢

أي: المكثرون من الصلاة المشتملة على الركوع والسجود

قال الله تعالى:

﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا . وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾

الفرقان:٦٤

يقول تعالى ذكره بأن من صفات المؤمنين أنهم :  يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجود في صلاتهم وقيام

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر: ٩

أن المؤمن مطيع لله، يقنت آناء الليل ساجدًا طورًا، وقائمًا طورًا، خوفًا من عذاب اليوم الآخر.

قال الله تعالى:

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّار وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾

الفتح:٢٩

يعني: أن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، تراهم ركعًا وسجدًا لله في صلاتهم .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ  ﴾

السجدة:١٥

أن المؤمنين بآيات الله تعالى إذا وعظوا بها لا يستكبرون عن السجود والتسبيح لله، ويخرون ساجدين له ، غير مستنكفين عن التذلل لربهم .

2- سجود سحرة فرعون

قال الله تعالى:

﴿ فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ  .قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ . رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ﴾

الشعراء :٤5- 48

فألقى موسى عصاه، فإذا هي حية عظيمة، تبتلع ما يأتون به من الفرية والسحر الذي لا حقيقة له، وإنما هو مخاييل وخدعة، وتبين للسحرة أن الذي جاءهم به موسى حقٌ لا سحرٌ. فلما شاهدوا ذلك، وعلموا أنه ليس من تمويه السحرة، آمنوا بالله وسجدوا له، وقالوا: آمنَّا برب العالمين رب موسى وهارون.

3- سجود الملائكة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾

الأعراف:٢٠٦

إن الذين عند ربك من الملائكة لا يستكبرون عن عبادة الله، بل ينقادون لأوامره، ويسبحونه بالليل والنهار، وينزهونه عما لا يليق به، وله وحده لا شريك له يسجدون.

4- سجود المخلوقات عامة

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ﴾

الحج:١٨

ألم تعلم- أيها النبي- أن الله سبحانه يسجد له خاضعًا منقادًا مَن في السموات من الملائكة ومَن في الأرض من المخلوقات والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب؟ ولله يسجد طاعة واختيارًا كثير من الناس، وهم المؤمنون، وكثير من الناس حق عليه العذاب فهو مهين .

5- سجود الأنبياء

قال الله تعالى:

﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾

مريم:٥٨

هؤلاء الذين قصصتُ عليك خبرهم أيها الرسول، هم الذين أنعم الله عليهم بفضله وتوفيقه، فجعلهم أنبياء من ذرية آدم، ومِن ذرية مَن حملنا مع نوح في السفينة، ومن ذرية إبراهيم، ومن ذرية يعقوب، وممَّن هدينا للإيمان واصطفينا للرسالة والنبُوَّة، إذا تتلى عليهم آيات الرحمن المتضمنة لتوحيده وحججه خرُّوا ساجدين لله خضوعًا، واستكانة، وبكَوْا من خشيته سبحانه وتعالى.

6- سجود أهل الكتاب

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾

آل عمران:١١٣

ليس أهل الكتاب متساوين: فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله مؤمنة برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، يقومون الليل مرتلين آيات القرآن الكريم، مقبلين على مناجاة الله في صلواتهم.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾

الإسراء:١٠٧

إن العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة مِن قبل القرآن، وعرفوا حقيقة الوحي، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون على وجوههم لله سبحانه وتعالى.

7- سجود إخوة يوسف وأبويه له

قال الله تعالى:

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ﴾

يوسف:١٠٠

خرّ يعقوب عليه الصلاة والسلام وزوجه وولده ليوسف عليه السلام سجود تحية كانت معروفة في زمنهم، يحيي بعضهم بعضًا بها، احترامًا وتوقيرًا.

8-  سجود الملائكة لآدم عليه السلام

وقد ذكر أنها بأمر الله تعالى، على سبيل التحية والتكريم، وهي امتثالٌ لأمر الله جلّ جلاله، فسجدوا طاعة لله وتنفيذًا لأمره.

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ . فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾

ص:٧1- 73

لما خلق الله عزّ وجلّ أبو البشر آدم عليه الصلاة والسلام ونفخ فيه من روحه، امتثلت الملائكة كلهم أمر الله بالسجود له، منفذين لأمر الله تعالى

9-  سجود عبدة الكواكب لها

قال الله تعالى:

﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾

النمل:٢٤

وجدت هذه المرأة ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس؛ فيعبدونها من دون الله، بتزيين الشيطان لهم عبادة الشمس وسجودهم لها .

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾

فصلت:٣٧

يخاطب الله سبحانه الناس ناهيًا لهم عن عبادة الكواكب عمومًا، وعن الشمس والقمر خصوصًا، فهما يجريان في الفلك بمنافعكم؛ بإجراء الله إياها لكم، طائعين له في جريهما ومسيرهما.

8- ثمرات السجود لله تعالى

من ثمرات السجود لله تعالى أن العبد يكسب عدة أمور ، منها

1- إظهار العبودية لله وطاعته

وإذا أمعنا النظر في نتائج وثمرات السجود، نجد أن إظهار العبودية لله وطاعته تأتي في مقدمتها

قال الله تعالى:

﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾

آل عمران: ١١٣

عبودية وطاعة لله

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ  ﴾

الأعراف: ٢٠٦

عابدين وطائعين له.

2 – المغفرة من الذنوب والزيادة في الإحسان

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾

البقرة: ٥٨

فجعل سبحانه وتعالى المغفرة وزيادة الإحسان إليهم جزاءً ونتيجةً لطاعتهم لله بدخول بيت المقدس سجدًا .

3- وصفهم بالصالحين

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾

آل عمران: ١١٣-١١٤

4- نيل الفلاح في الدارين

وهذا ما وعد الله عباده الساجدين العابدين له.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  ﴾

الحج: ٧٧

ووعد الله نافذٌ لا محالة؛ بأنهم سيكونون يوم القيامة من المفلحين، الفائزين بجنات النعيم.

5- ظهور علامة طاعتهم لله على وجوهم

قال الله تعالى:

﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾

الفتح: ٢٩

علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجوههم من أثر السجود والعبادة

6- الفوز بالجنة دار الخلود

قال الله تعالى:

﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾

الزمر:٩

ورجاء رحمة الله، هي: طلب الجنة التي فيها النعيم الدائم، والله لا يرد رجاء عبده المؤمن.

9- جزاء من رفض السجود لله تعالى

و جزاء رفض السجود لله تعالى الأتى

١ – قسوة القلب

فهم لا يتعظون بما يتلى عليهم من القرآن الكريم.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ﴾

الانشقاق:٢١

وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله، ولا يسلِّمُون بما جاء فيه والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد

٢ – الذلة والصغار يوم القيامة

لأنهم دعوا للسجود لله، وهم في صحة وعافية طيلة حياتهم، فأبوا ذلك.

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ﴾

القلم: ٤٣

يوم يكشف عن ساق هو كناية عن الكرب والشدة.

10- تسمية المصلّىٰ مسجداً

وممّا يؤكّد الإهتمام المتزايد بالسجود في القرآن الكريم هو تسمية المصلّىٰ ـ وهو موضع اقامة الصلاة ـ مسجداً ، إذ أصبح له عنواناً خاصّاً متميزاً ، عناية بأهم أجزاء الصلاة . وقد أولىٰ الله تعالى عناية خاصّة بالمساجد فنسبها له سبحانه وحده .

قال الله تعالىٰ :

 ( أَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا )

الجن  ١٨

( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )

التوبة ١٨

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا )

البقرة  114

Share This