1- مفهوم السيئات
يختلف معنى السيئات علي حسب مصدرها
أولا – من الله
السيئة هى المحنة والنقمة
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾
النساء: ٧٩
وما أصابك من جهد وشدة فبسبب عملك السيئ، وما اقترفته يداك من الخطايا والسيئات.
ثانيا – من الأنسان
السيئة هى المعصية أي الأعمال المنهي الأنسان عنها .
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا )
الأنعام :160
ومن لقي ربه بسيئة فلا يعاقب إلا بمثلها، وهم لا يظلمون مثقال ذرة.
2- كلمة السيئات
في
القرآن الكريم
وردت كلمة السيئات وصيغها في القرآن الكريم (٥6) مرة. والصيغ التي وردت هي:
– أسم مفرد
ورد 22 مرة
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ﴾
الرعد: 6
– أسم جمع
ورد 34 مرة
قال اللّهِ تعالى:
﴿ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
القصص: 84
وجاءت السيئات في القرآن الكريم بمعني المعصية أي الأعمال المنهي الأنسان عنها ، إذا كان مصدرها من الأنسان أو هى المحنة والنقمة إذا كان مصدرها اللّهِ تعالى . و السيئات هي ضدّ الحسنات .
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة السيئات
يعبر القرآن الكريم عن الخروج عن طاعة الله تعالى بألفاظ هي
1- الإثم
الإثم هو اسمٌ للأفعال المبطئة عن الثواب، وجمعه آثام
قال اللّهِ تعالى:
( فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس )
البقرة: 219
2- المنكر
المنكرُ هو ما تنكره النفوس السليمة وتتأذى به مما حرمه الشرع ولا يتوافق مع الفطرة والعقل السليم .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
آل عمران: 104
3- الفساد
تعني الخروج من حد الاعتدال، مما يؤدي به إلى السقوط وذهاب الطاقات والاستعدادات الإلهية التي أودعت فيه .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾
القصص: 77
4- الجُرم
الجرم هو ما يُبعد الإنسان عن الله تعالى وعن السعادة والتكامل .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
النحل: 109
5- الحرام
هو الممنوع منه إما بأمرٍ إلهي.
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾
الأعراف: 50
6- الشر
تطلق على كلّ عمل قبيح يتنفّر الناس منه، وتقابلها كلمة (الخير) التي يرتاح إليها الناس، وتستخدم هذه العبارة في أكثر الأوقات في موارد الابتلاء والمصائب، وأحياناً تستخدم في موارد الذنوب أيضاً
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾
فصلت: 51
7- اللمم
تعني الاقتراب من الذنب، وتأتي بمعنى الأشياء والذنوب الصغيرة
قال اللّهِ تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ﴾
النجم: 32
8- الفسق
الفسق هو خروج المذنب والعاصي من مدار طاعة الله تعالى وعبادته .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
الكهف: 50
9- الخبث
تطلق على كلّ عمل قبيح وغير مرغوب فيه، وتُقابلها كلمة (الطيب)
قال اللّهِ تعالى:
﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ﴾
المائدة: 100
10- الحنث
تعني الميل إلى الباطل والتراجع، وتطلق غالباً في موارد نقض العهد والميثاق .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾
ص: 44
11- الفاحشة
تطلق على الأعمال القبيحة جدّاً
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾
الإسراء: 32
12- الفجور
هو الشق لستر العفاف والحياء والدين مما يُؤدي بالإنسان إلى افتضاحه وخسرانه .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾
نوح : 27
13- المعصية
هو التمرد والخروج من أوامر الله تعالى، وتشير أيضاً إلى خروج الإنسان عن حدود الطاعة لله تعالى .
قال اللّهِ تعالى:
﴿ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا ﴾
مريم: 44
14- الوزر
معناها الثقل، تستخدم في أكثر الأوقات في مجال حمل ذنوب الآخرين
قال اللّهِ تعالى:
﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾
النحل 25
15- الخطيئة
من الخطأ، وهو عدم الإصابة، وقد يكون عن عمد، وقد يكون عن غير عمد، إلا أنه غير العمد أكثر .
قال اللّهِ تعالى:
( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )
الأحزاب:5
16- الذنب
هو كلّ عمل يخالف أوامر الله و يَسْتَوجِب الإدانة والعِقاب
قال اللّهِ تعالى:
﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
آل عمران : ١١
4- التحذّيَر من فعل السيئات
في
القرآن الكريم
قال اللّهِ تعالى:
﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾
الإسراء: 7
إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم، فرغَّب في الإحسان، وحذَّر مِن الإِسَاءة
قال اللّهِ تعالى:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾
فصِّلت:46
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾
الجاثية: 15
من عمل مِن عباد الله بطاعته فلنفسه عمل، ومن أساء عمله في الدنيا بمعصية الله فعلى نفسه جنى، ثم إنكم – أيها الناس – إلى ربكم تصيرون بعد موتكم، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته. وفي هذا حثٌّ على فعل الخير، وترك الشَّرِّ، وانتفاع العاملين، بأعمالهم الحسنة، وضررهم بأعمالهم السَّيِّئة .
5- مصادر السيئات
تصدر السيئات من مصدرين ،هما
أولا – من الله
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ﴾
يونس: 27
والذين عملوا السيئات في الدنيا فكفروا وعصَوا الله لهم جزاء أعمالهم السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الآخرة .
1- السيئات يصاب بها
الأنسان بسبب أعماله
المصائب بالسيئات تأتى من عند الله تعالى عقابا دنيويا على المعاصى والذنوب .
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾
الشورى :30
( وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾
النساء :79
( فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ﴾
المائدة :49
وما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في دينكم ودنياكم فبما كسبتم من الذنوب والآثام .
ينطبق هذا على النبى محمد عليه السلام نفسه
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا ﴾
النساء : ٧٩
2- السيئات يصاب بها
الأنسان للإختبار
قال اللّهِ تعالى:
( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
الأعراف :168
واختبرناهم أيضًا بالشدة في العيش والمصائب والرزايا؛ رجاء أن يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا من معاصيه.
قال اللّهِ تعالى:
( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾
الأعراف :130
ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب، ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم ؛ لعلهم يتعظون فيؤمنون .
3- موقف الانسان مِنَ
الإختبار بالسيئات
تتباين مواقف الانسان مِنَ الإختبار بالسيئات ، فمنهم الأتي
أ – بعضهم يصبر
قال اللّهِ تعالى:
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾
البقرة: 155- 156
من صفة هؤلاء الصابرين أنهم إذا أصابهم شيء يكرهونه قالوا: إنَّا عبيد مملوكون لله، مدبَّرون بأمره وتصريفه، يفعل بنا ما يشاء، وإنا إليه راجعون بالموت، ثم بالبعث للحساب والجزاء.
ب – بعضهم يفشل
إذ يغتر بالنعمة خصوصا إذا جاءت بعد سيئة ونقمة
قال اللّهِ تعالى:
( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ . وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)
هود 9- 10
ولئن أعطينا الإنسان مِنَّا نعمة من صحة وأمن وغيرهما، ثم سلبناها منه، إنه لَشديد اليأس من رحمة الله، جَحود بالنعم التي أنعم الله بها عليه . ولئن بسطنا للإنسان في دنياه ووسَّعنا عليه في رزقه بعد ضيق من العيش، ليقولَنَّ عند ذلك: ذهب الضيق عني وزالت الشدائد، إنه لبَطِر بالنعم، مبالغ في الفخر والتعالي على الناس.
ج – بعضهم يتبجح
فيطلب العذاب أو السيئة
قال اللّهِ تعالى:
﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴾
ص: 16
وقالوا: ربنا عجِّل لنا نصيبنا من العذاب في الدينا قبل يوم القيامة، وكان هذا استهزاءً منهم.
– عن قريش لخاتم الأنبياء
قال اللّهِ تعالى:
( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ )
الرعد: ٦
ويستعجلك المكذِّبون بالعقوبة التي لم أعاجلهم بها قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات، وقد مضت عقوبات المكذبين مِن قبلهم، فكيف لا يعتبرون بهم؟
– عن صالح عليه السلام
قال اللّهِ تعالى:
( يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾
النمل: ٤٦
قال صالح للفريق الكافر: لِمَ تبادرون الكفر وعمل السيئات الذي يجلب لكم العذاب، وتؤخرون الإيمان وفِعْل الحسنات الذي يجلب لكم الثواب
4- جزاء السيئة
قال اللّهِ تعالى:
( وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا )
يونس: ٢٧
( وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
القصص: ٨٤
( وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾
الأنعام: ١٦٠
ثانيا – من الأنسان
السيئة هى ما ترتكبه في حق أي مخلوق .. “وتشمل كل المخلوقات” .. (إنسان – حيوان – جماد – نبات) مثل الغيبة – النميمة -الاعتداء – السرقة – التلويث إلخ .. وأي شيء تضر به غيرك .. مما يلزمك فيه رد المظلمة.. أو تعتذر أو يسامحك ..
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾
الأنعام: ١٦٠
ومن لقي ربه بسيئة فلا يعاقب إلا بمثلها، وهم لا يظلمون مثقال ذرة.
1- التكفيّر عن السيئات
إن السيئة تكون بين الإنسان والمخلوقات الأخرى، عاقلة وغير عاقلة، فقد يسيء الإنسان إلى إنسان آخر، وقد يسيء إلى المخلوقات الأخرى في الطبيعة (تعذيب البهائم، قطع الغابات، تلويث المياه ..)، أما أن يسيء الإنسان إلى الله، فهذا محال.
فإذا غش إنسان آخر فقد أساء إليه، وارتكب بحقه ذنباً لا يزول إلا بإصلاح آثار الإساءة، وإذا أراد الله أن يغفرله ذنبه هذا، فلا بد من إرضاء المسيء إليه و وتعويضه عما لحقه من الإساءة الواقعة عليه. ومن هنا نفهم معنى التكفير الذي ارتبط في التنزيل بالسيئة والسيئات. فلكي يغفر سبحانه ذنوبكم، يقوم بتغطية وتسديد حقوق الآخرين عنكم لإرضائهم. ولكن هذه التغطية والتعهد بالتسديد، يجب أن يقابله بعض الأ عمال من طرف المسيء ، منها
1- العمل الصالح
فالإنسان الذي يأمل بأن تكفر عنه سيئاته عليه أن يحسن وأن يعمل صالحاً
قال اللّهِ تعالى:
( وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ﴾
التغابن: ٩
( وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾
القصص: ٥٤
( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ﴾
هود: ١١٤
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾
العنكبوت: ٧
2 – التوبة
وإذا كانت توبة نصوحا صادقة فإن الله جل وعلا يغفر سيئات صاحبها ويبدلها بحسنات .
قال اللّهِ تعالى:
( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾
الفرقان: ٧٠
( وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
الأعراف: ١٥٣
( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
الشورى: ٢٥
3 – إجتناب الكبائر
قال اللّهِ تعالى:
( إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾
النساء: ٣١
4- التقوى
قال اللّهِ تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّـهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾
الأنفال: ٢٩
( وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾
الطلاق: ٥
6 ـ المقارنة بين من عمل الحسنات
و من عمل السيئات
قال اللّهِ تعالى:
( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾
الجاثية: ٢١
بل أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات، وكذَّبوا رسل الله، وخالفوا أمر ربهم، وعبدوا غيره، أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله وعملوا الصالحات، وأخلصوا له العبادة دون سواه، ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة.
أحدث التعليقات