مفهوم السفاهة في القرآن الكريم  

1- مفهوم السفاهة

السفاهة هي إساءة التصرف أو التصرف بما يناقض الحكمة في الأمور الدنيوية ، والأخروية .

2- كلمة السفاهة

      فى

 القرآن الكريم

وردت كلمة (السفاهة ) في القرآن الكريم 11 مرة . والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾

البقرة :  130

– إسم جمع

ورد 5  مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾

النساء: 5

– إسم مفرد

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ﴾

الجن: 4

– مصدر

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ﴾

الأعراف:  66

– صفة

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ﴾

البقرة : 282

وجاء (السفه) في القرآن الكريم على معنيين

1- عدم الوصول للرشد

السفيه يقصد به الذى يكون عقله مركبا تركيب مخالفا لعقول الناس فى التصرفات الطبيعية والمالية .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴾

النساء : ٥

حرم الله على المسلمين أن يعطوا السفهاء أموالهم لأنهم لا يحسنون التصرف فيها .

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ﴾

البقرة : ٢٨٢

فإن كان المدين محجورًا عليه لتبذيره وإسرافه، أو كان صغيرًا أو مجنونًا، أو لا يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملة على الكلام، فليتولَّ الإملاء عن المدين القائم بأمره .

2- الكفر

السفهاءهم الكفار والمشركون والمنافقون تاركو استعمال العقل بإرادتهم واتبعوا الشهوات .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ ﴾

البقرة :  ١٣

وأول السفهاء أى الكفار هو سفيه الجن إبليس

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ﴾

الجن: ٤

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة السفاهة

للسفه مصطلحات مقاربة له بالمعنى ولكنها قد تختلف عنه من وجوه ومنها:

– الطَّيش

الطَّيش هوتصرُّف خالٍ من التَّفْكير.

– العَبَث

العَبَث هو الفعل الذي يخلو من الفائدة

قال الله تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

المؤمنون: 115

– الجهل

الجهل هو اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه ، وهو عكس العلم

قال الله تعالى:

﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾

البقرة :  273

– الجنون

الجنون عبارة عن آفة ناشئة عن الذات توجب خللا في العقل فيصير صاحبه مختلط العقل .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴾

التكوير: 22

4 – أصناف السفه

    فى

القرآن الكريم

إن السفاهة في القرآن الكريم تكون في الأتي

1- الأمور الدّنيويّة

ومن تلك الأمور الأتي

قال اللّه تعالى:

﴿ وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ﴾

النساء:5

وقد عرّف هذا النّوع من السّفه بأنة عبارة عن التّصرّف في المال بخلاف مقتضى الشّرع والعقل بالتّبذير فيه والإسراف- مع قيام خفّة العقل- فالسّفيه إذن: هو من ينفق ماله فيما لا ينبغي من وجوه التّبذير، ولا يمكنه إصلاحه بالتّمييز والتّصرّف فيه بالتّدبير.

2- الأمور الدّينيّة

ومن تلك الأمور الأتي

قال اللّه تعالى:

﴿ وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً ﴾

الجن: 4

﴿ أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ﴾

البقرة: 13

فهذا من السّفه في الدّين.

5- صفات السفيه

     في

 القرآن الكريم

هناك عدة صفات للسفيه تم ذكرها في القرآن الكريم، وهي على النحو الآتي:

1- عدم تمييزه لمصلحة نفسه

والسعي إلى إلحاق الضرر بها

قال الله تعالى:

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ )

البقرة : 13

وإذا قيل للمنافقين: آمِنُوا -مثل إيمان الصحابة، وهو الإيمان بالقلب واللسان والجوارح-، جادَلوا وقالوا: أَنُصَدِّق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي، فنكون نحن وهم في السَّفَهِ سواء؟ فردَّ الله عليهم بأن السَّفَهَ مقصور عليهم، وهم لا يعلمون أن ما هم فيه هو الضلال والخسران.

2- سفاهة الرأي وتفاهة التفكير

قال الله تعالى :

 ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

البقرة :142

أخبر تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس، وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم، بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن، على أحكام الله وشرائعه .

3- البعد عن الحق فى الحديث

يتحدث منحرفاً عن الصواب، وفي حديثه ظلم وجور، وتعدي من الحق إلى الباطل، وذلك بسبب قلة عقله ودينه .

قال الله تعالى :

 ( وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا )

الجن :4

أي: قولاً جائرًا عن الصواب، متعدياً للحد، وما حمله على ذلك إلا سفهه وضعف عقله، وإلا فلو كان رزينا مطمئنا لعرف كيف يقول.

4- نقص في العقل عن حُمق وجهل.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾

البقرة :  130

ولا أحد يُعرض عن دين إبراهيم وهو الإسلام- إلا من وسَفِه نفسَهُ – أي إِذا حملها على الجهل بإنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته .

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾

الأعراف: 66

قال الكبراء الذين كفروا من قوم هود: إنا لنعلم أنك بدعوتك إيانا إلى ترك عبادة آلهتنا وعبادة الله في جهالة ، وإنا لنعتقد أنك من الكاذبين على الله فيما تقول.

5 – أفعاله وأقواله تكون بغير علم

ديدن السفيه وهو الكافر هو أن أفعاله وأقواله تكون بغير علم

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾

الأنعام : 140

قد خسر وهلك الذين قتلوا أولادهم لضعف عقولهم وجهلهم، وحرموا ما رزقهم الله كذبًا على الله. قد بَعُدوا عن الحق، وما كانوا من أهل الهدى والرشاد. فالتحليل والتحريم من خصائص الألوهية في التشريع، والحلال ما أحله الله، والحرام ما حرَّمه الله، وليس لأحد من خَلْقه فردًا كان أو جماعة أن يشرع لعباده ما لم يأذن به الله.

6 – لا يحسنون التصرف في أموالِهم

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾

النساء 5

ولا تؤتوا -أيها الأولياء- من يُبَذِّر من الرجال والنساء والصبيان أموالهم التي تحت أيديكم فيضعوها في غير وجهها، فهذه الأموال هي التي عليها قيام حياة الناس، وأنفقوا عليهم منها واكسوهم، وقولوا لهم قولا معروفًا من الكلام الطيب والخلق الحسن.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ﴾

البقرة: 282

فإن كان المدين محجورًا عليه لتبذيره وإسرافه، أو كان صغيرًا أو مجنونًا، أو لا يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملة على الكلام، فليتولَّ الإملاء عن المدين القائم بأمره،

7-عدم علمهم بسفههم

السفهاء لا يعلمون بسفاهتهم معناه أن الكفار يظنون أنهم عقلاء وغيرهم المجانين

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

البقرة 13

وإذا قيل للمنافقين: آمِنُوا – مثل إيمان الصحابة، وهو الإيمان بالقلب واللسان والجوارح-، جادَلوا وقالوا: أَنُصَدِّق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي، فنكون نحن وهم في السَّفَهِ سواء؟ فردَّ الله عليهم بأن السَّفَهَ مقصور عليهم، وهم لا يعلمون أن ما هم فيه هو الضلال والخسران.

8- معنى تسفيه النفس

تسفيه النفس يعنى ترك إتباع طاعة دين الله المنزل على إبراهيم (ص) وهو رمز لكل الرسل قبله وبعده  وطاعة دين من أديان الشياطين .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾

البقرة : 130

ولا أحد يُعرض عن دين إبراهيم وهو الإسلام- إلامن سفه نفسه . أي جهل أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها سفيه جاهل، ولقد اخترنا إبراهيم في الدنيا نبيًّا ورسولا وإنه في الآخرة لمن الصالحين الذين لهم أعلى الدرجات.

9 – من هو السفيه؟

– من يعطل عقله ويعمل بهواه، سفيه.

– ومن كلما اشتهى اشترى، سفيه.

– ومن يبذر ويسرف ولا يخرج حق الله في أمواله، سفيه.

– ومن يفتي بغير علم، سفيه.

– ومن يتطاول على الآخرين بماله وجاهه ومنصبه، سفيه.

– ومن يقود الناس على غير هدى ورؤى، سفيه.

– ومن يبيع دينه بدنيا غيره، سفيه.

– ومن يتبع سفهاء وسائل التواصل الاجتماعي، سفيه.

– ومن يكثر كلامه فتكثر سقطاته وزلاته، سفيه.

– ومن يجادل بغير علم ويتعمق في المراء، سفيه.

10- التعامل مع السفهاء

يجب الأخذ بالوصية القرآنية

قال الله تعالى:

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾

الأعراف : 199

ليكن خُلُق العفو والصفح من أعمالك اليومية. لا ترد على جهالة وشر السفهاء بالمثل، لأن عدم الرد بالمثل، ربما فيه دعوة للسفيه أن يتنبه لحاله، وفي الوقت ذاته يكون لك أجر كظم الغيظ والإعراض عن الجاهلين.. والله دوماً كفيل بكل جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

Share This