1- مفهوم السعي

السعي هو العمل والفعل الجاد الذي يقوم على النية والقصد ، سواءً أكان ذلك في الخير أو الشر.

2- كلمة السعي

       في

 القرآن الكريم

وردت كلمة (سعى) وصيغها في القرآن الكريم (٣٠) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد ٧مرات

قال الله تعالى:

( وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا )

البقرة:٢٠٥

– الفعل المضارع

ورد  ١٢ مرة

قال الله تعالى:

( وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ )

القصص:٢٠

– فعل الأمر

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ )

الجمعة:٩

– المصدر

ورد  ١٠ مرات

قال الله تعالى:

( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ )

الصافات:١٠٢

يأتي السعي في القرآن الكريم على معان هي:

1- المشي

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾

الصافات:١٠٢

يعني: المشي.

﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ ﴾

عبس:٨

يعني: يمشي.

2- الإسراع في المشي

قال الله تعالى:

﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ ﴾

القصص:٢٠

أي: يسرع في مشيه.

– في شأن عصا موسى عليه السلام

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ )

طه 20

– عن سحر السحرة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ )

طه   66

السعي : المشي بسرعة وخفة .

– عن معجزة الطير التي ضربها لإبراهيم دليلا على قدرة الله على الإحياء والإماتة والبعث

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا )

البقرة  260

3- الجد

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ ﴾

سبأ :٥

أي: اجتهدوا في أن يظهروا لنا عجزاً فيما أنزلناه من الآيات.

4- العمل والكسب

العمل والتصرف والكسب في أي عمل كان

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

 ( ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ )

النازعات :22

أي : يعمل في معصية الله، وفيما يُسخطه عليه

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ )

الجمعة :9

وأصل السعي في هذا الموضع العمل وليس المشي.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ )

الليل :4

أي :  إن عملكم لمختلف أيها الناس؛ لأن منكم الكافر بربه، والعاصي له في أمره ونهيه، والمؤمن به، والمطيع له في أمره ونهيه.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا )

المائدة 33

أي: اجتهد في إيقاع الفتنة والتخريب بين الناس

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ﴾

طه:١٥

أي: تكسب، وأصل السعي التصرف في كل عمل

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴾

النجم:٣٩

أي: إلا ما عمل.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

  ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا  )

الإسراء :19

أي: عمل لها عملها من الطاعات.

3- أنواع السعي

       في

 القرآن الكريم

أقسم الله تعالى على أن سعي الناس أنواع مختلفة

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ . وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ . إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ ﴾

الليل:١-٤

أي : إن عملكم لمختلف أيها الناس؛ لأن منكم الكافر بربه، والعاصي له في أمره ونهيه، والمؤمن به، والمطيع له في أمره ونهيه، ومنكم من سعيه في طلب دنياه، ومنكم من سعيه في شهوات نفسه واتباع هواه، ومنكم من سعيه في طلب جاهه ومناه، وآخر في طلب عقباه .

وينقسم السعي إلى الأنواع الأتية

أولًا: السعي الممدوح

يشمل السعي الممدوح ، مايلى

١ – السعي في الطاعات

إن السعي في الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى من السعي الممدوح الذي يكسب به الساعي رضى الله تعالى، وثناء الناس. وقد أمر الله تعالى بالسعي إلى الطاعات .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

الجمعة:٩

و أخبر الله تعالى أن من يسعى إلى عمل الآخرة أن سعيهم مشكور.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾

الإسراء:١٩

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾

الأنبياء:٩٤

وهذه الآيات مشتملة على الأعمال التي بواسطتها يحصل الفوز بسعادة الآخرة وهي تشمل جميع الطاعات.

٢- السعي في نصرة الحق وأهله

إن السعي في نصرة الحق وأهله من السعي الممدوح فاعله

– عن العبد الصالح الذي نصر الحق ودافع عن المرسلين

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ . اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

يس:٢٠- 21

فقد جاء هذا الرجل من أقصى المدينة، وذلك يدل على أنه تحمل المشقة والبعد من أجل نصرة الحق وأهله،  قائلا لهم: اتبعوا هؤلاء الذين أظهروا لكم الدليل وأوضحوا لكم السبيل ، حتى وإن ضحى الساعي في نصرة الحق بنفسه .

3- السعي لطلب العلم

وقد عاتب الله تعالى نبيه الكريم في الإعراض عن الذين يسعون في طلب العلم .

قال الله تعالى:

﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ. أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ . وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ . أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ . أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ . فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّىٰ . وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ . وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ . وَهُوَ يَخْشَىٰ . فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ﴾

عبس :1- 10

وأمَّا من كان حريصا على لقائك ، لطلب العلم،  وهو يخشى الله من التقصير في الاسترشاد، فأنت عنه تتشاغل. ليس الأمر كما فعلت أيها الرسول .

٤ –  السعي في عمارة المساجد

إن السعي في عمارة المساجد من السعي المحمود الذي يقوم به المؤمنون

قال الله تعالى:

﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْر أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ . إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾

التوبة:١٧-١٨

أي: ليس المشركون أهلًا لعمارة مساجد الله وإنما الذين هم أهل لذلك المؤمنون الصادقون الذين آمنوا بالله إيماناً حقًّا، وآمنوا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، وآمنوا بما فرضه الله عليهم من فرائض فأدوها بالكيفية التي أرشدهم إليها نبيهم صلى الله عليه وسلم فهم في صلاتهم خاشعون وللزكاة معطون بسخاء وإخلاص.

٥ – السعي في النصيحة

إن النصيحة ذات أهمية عظيمة عند ذوي الألباب والفهوم؛ لأنها إرشاد إلى الصواب وتوجيه نحو العمل الصالح والأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة وهداية إلى ما يعود نفعه وفائدته على المنصوح بالسعادة والعز والنصيحة ، تبصير بالمضار حتى لا يقع فيها من لا يعرفها. والسعي في النصيحة من الأعمال التي قام بها الأبياء عليهم السلام .

– عن نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ . قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ. قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف:٥٩-٦٢

– عن هود عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ . قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ . قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾

الأعراف:٦٥-٦٨

– عن صالح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ . فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ . فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾

الأعراف:٧٧-٧٩

– عن شعيب عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ . الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ . فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾

الأعراف:٩٠-٩٣

فإذا علمت أن شراً سينزل بمؤمن غافل عنه فواجب عليك أن تنبهه وتحذره ليأخذ حذره من الكائدين .

ثانيًا: السعي المذموم

إن السعي المذموم في القرآن الكريم له صور وأمثلة، منها:

١ – السعي في الصد عن سبيل الله تعالى

إن الصد عن سبيل الله تعالى قد يكون بالانصراف والامتناع عنه.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾

النساء:٦١

وقد بين الله تعالى أن الكافرين والمنافقين يسعون مجتهدين في الصد عن سبيل الله تعالى بكل أنواع الصد، سواءً أكان بالإعراض عن القرآن، وعدم الالتفات إليه، أو كان ذلك بمنع وصرف من يريد اتباع الرسول، والإقرار بالقرآن الذي أنزله الله تعالى .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ . وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾

سبأ:٦

والذين جهدوا في إبطال آياتنا، ورد دعوة الدين، والتكذيب بها، وثبطوا الناس عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، ظناً منهم أنهم يعجزوننا ويتفلتون من أمرنا وبعثنا لهم وأننا لا نقدر عليهم، فهم أهل النار الحارة الموجعة، الشديد عذابها ونكالها، المقيمون فيها على الدوام.

٢ – السعي بالإفساد في الأرض

– عن اليهود

إن السعي بالفساد من سجايا اليهود قولًا وفعلًا.

قال الله تعالى:

﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

المائدة:٦٤

كلما تآمروا على الكيد للمسلمين بإثارة الفتن وإشعال نار الحرب ردَّ الله كيدهم، وفرَّق شملهم، ولا يزال اليهود يعملون بمعاصي الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض. والله تعالى لا يحب المفسدين.

وصفة السعي بالفساد من صفات الملوك الجبابرة

– عن فرعون

قال الله تعالى:

﴿ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ . فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَىٰ أَنْ تَزَكَّىٰ . وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ. فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ . فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ . ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ . فَحَشَرَ فَنَادَىٰ . فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ . فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ ﴾

النازعات:17- 26

فبعد أن رأى فرعون الآية الكبرى، وهي المعجزة الكبرى الدالة على صدق نبوته، وهي انقلاب العصا حيةً أو اليد، ومع ذلك كذب فرعون بموسى وبما جاء به وبالحق، وعصى الله عز وجل فلم يطعه، وتولى وأعرض عن الإيمان، وأخذ يسعى بالفساد في الأرض، ويجتهد في مكايدة موسى ومعارضة ما جاء به والعمل على إبطال أمره.

– عن المنافقون

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

البقرة:٢٠٤-٢٠٥

ومن الفساد في الأرض محاربة الله ورسوله كقطع الطريق وقتل النفس ونقض العهود والمواثيق.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

المائدة:٣٣-٣٤

٣-  السعي في خراب المساجد

إن السعي في خراب المساجد من أظلم الظلم .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ﴾

البقرة:١١٤

أي: لا أظلم ممن اجتهد وبذل وسعه في خرابها الحسي والمعنوي، فالخراب الحسي: هدمها وتخريبها، وتقذيرها، والخراب المعنوي: منع الذاكرين لاسم الله فيها .

4 – كتابة السعي والمحاسبة عليه

كتابة السعي والمحاسبة عليه سنة من سنن  الله الجارية في الخلق

أولًا: كتابة السعي

بين الله تعالى أنه يكتب سعي المؤمن الذي يعمل الصالحات

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾

الأنبياء:٩٤

فمن التزم الإيمان بالله ورسله، وعمل ما يستطيع من صالح الأعمال طاعةً لله وعبادة له فلا يضيع الله عمله ولا يبطله، بل يضاعفه كله أضعافًا كثيرة، وسيجد ما عمله في كتابه يوم يُبْعث بعد موته.

ثانيًا: المحاسبة على السعي

إن كتابة السعي تمثل مرحلةً تمهيديةً للحساب عليه. من أجل أن يعلموا أن السعي في الخير والشر مسجل ومقيد بكل صغيرة وكبيرة ليوم الحساب.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ . وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ . وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴾

النجم:٣8-٤1

أنه لا تؤخذ نفس بمأثم غيرها، ووزرها لا يحمله عنها أحد، وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. وأن سعيه سوف يُرى في الآخرة، فيميَّز حَسَنه من سيئه؛ تشريفًا للمحسن وتوبيخًا للمسيء. ثم يُجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله، وأنَّ إلى ربك -أيها الرسول- انتهاء جميع خلقه يوم القيامة.

إن المقصود من كتابة السعي لكل إنسان هو الحساب يوم القيامة فكل سعي يعمله الإنسان من خير أو شر فهو مكتوب مسجل له أو عليه، ويعطى له كتابه يوم القيامة بكل ما عمله من خير أو شر، وذلك لإقامة الحجة عليه؛ لأن الله تعالى عليم بكل شيء، ولا يحتاج إلى كتابة تعالى الله علواً كبيراً، و حتى ما يهم به الإنسان من خير فإنه يكتب له.

5- أسباب السعي

إن هناك أسباب للسعي الممدوح، والسعي المذموم، وهذه الأسباب تعتبر الطرق الموصلة لكلا السعيين، ويمكن بيانها في النقاط الآتية:

أولًا: أسباب السعي الممدوح

1- الإيمان

اعتبر القرآن الكريم الأيمان أهم الأسباب الموصلة للسعي الممدوح الموصل إلى الجنة بإذن الله تبارك و تعالى، ولكنه دائماً يأتي مقروناً بالعمل الصالح .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾

الإسراء:١٩

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾

الأنبياء:٩٤

﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

الحديد:١٢

٢ – التقوى

إن التقوى سبب لكثير من أنواع السعي الممدوح.

قال الله تعالى:

﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

آل عمران:١٣٣

وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة، عرضها السموات والأرض، أعدها الله للمتقين.

٣ – طاعة الله تبارك وتعالى

– عنً إسماعيل عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ  قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾

الصافات:١٠٢

فلما كَبِر إسماعيل ومشى مع أبيه قال له أبوه: إني أرى في المنام أني أذبحك، فما رأيك؟ (ورؤيا الأنبياء حق) فقال إسماعيل مُرْضيًا ربه، بارًّا بوالده، معينًا له على طاعة الله: أمض ما أمرك الله به مِن ذبحي، ستجدني -إن شاء الله- صابرًا طائعًا محتسبًا.

4 – أداء الصلاة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

الجمعة:٩

يا أيها الذين آمنوا ، إذا نادى المؤذن للصلاة في يوم الجمعة، فامضوا إلى سماع الخطبة وأداء الصلاة، واتركوا البيع، وكذلك الشراء وجميع ما يَشْغَلُكم عنها، ذلك الذي أُمرتم به خير لكم؛ لما فيه من غفران ذنوبكم ومثوبة الله لكم، إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم فافعلوا ذلك.

5  – الجهاد في سبيل الله

إن الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال من أعظم الأعمال ومن الأسباب التي تجعل المجاهد يعمل السعي الممدوح لما في ذلك من الفضل العظيم.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الصف:١٠-١٣

6  – التوبة

إن التوبة تدفع المسلم لمزيد من السعي الممدوح من أجل المحافظة على التوبة والحذر من العودة إلى المعاصي والسيئات.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾

التحريم:٨

7 –  الاستقامة على دين الله

إن الاستقامة هي أن يجمع العبد بين فعل الطاعات واجتناب المعاصي؛ لأن التكليف يشتمل على أمر بطاعة تبعث على الرغبة ونهي عن معصية يدعو إلى الرهبة.

قال الله تعالى:

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

هود:١١٢

٧8 – طلب العلم

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَىٰ . وَهُوَ يَخْشَىٰ . فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ ﴾

عبس:٨ – 10

وأمَّا من كان حريصا على لقائك، وهو يخشى الله من التقصير في الاسترشاد و العلم ، فأنت عنه تتشاغل.

ثانيًا: أسباب السعي المذموم

١ – الكفر والشرك بالله تعالى

هؤلاء هم الذين وصف الله سعيهم بأنه ضلال.

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾

الكهف:١٠٤ – 105

إنهم الذين ضلَّ عملهم في الحياة الدنيا -وهم مشركو قومك وغيرهم ممن ضلَّ سواء السبيل، فلم يكن على هدى ولا صواب- وهم يظنون أنهم محسنون في أعمالهم. أولئك الأخسرون أعمالا هم الذين جحدوا بآيات ربهم وكذَّبوا بها، وأنكروا لقاءه يوم القيامة، فبطلت أعمالهم؛ بسبب كفرهم، فلا نقيم لهم يوم القيامة قدرًا.

٢ – الصد عن سبيل الله تعالى

إن الصد عن سبيل الله تعالى يعتبر من السعي المذموم فاعله.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

الحج:٥١

والذين اجتهدوا في الكيد لإبطال آيات القرآن بالتكذيب مشاقين مغالبين، أولئك هم أهل النار الموقدة، يدخلونها ويبقون فيها أبدًا.

٣ – النفاق

هذا الصنف أعظم مما قبله؛ ولذلك كانت عقوبة أصحابه أشدّ، فهم في الدرك الأسفل من النار؛ وذلك لأن كفرهم جامع بين الكفر والخداع، والاستهزاء بالله وآياته .

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾

البقرة:٢٠٤-٢٠٥

٤ – الفساد في الأرض

إن الفساد في الأرض بكل صوره وأشكاله من السعي المذموم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

المائدة:٣٣-٣٤

٥-  الظلم

ومن أظلم الظلم السعي في خراب المساجد.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ﴾

البقرة:١١٤

٦ – فعل الكبائر والمعاصي

قال الله تعالى:

﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾

محمد:٢٢-٢٣

وقد توعّد الله تعالى من يقاطع الرجل قرابته فيمنع ما يجب لهم من حقوقٍ بدنيةٍ، أو ماليةٍ .

٧-  العمل من أجل الدنيا

أن السعي من أجل الدنيا دون اعتبار قصد الآخرة من السعي المذموم، وعلى العكس من ذلك العمل من أجل الآخرة، فمن كان عمله للدنيا فقط نال منها ما قدره الله له، ولم يكن له في الآخرة نصيب، ومن قصد بعمله الدار الآخرة أعطاه الله منها مع ما قسم له في الدنيا .

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا . وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾

الإسراء:١٨-١٩

6 – جزاء السعي

إن السعي بنوعيه الممدوح والمذموم لكل منهما جزاء في الدنيا والآخرة، وهذا الجزاء يدفع بالمسلم للسعي الممدوح حتى ينال الجزاء المترتب عليه، ويجتنب السعي المذموم حتى لا يناله الجزاء على ذلك أيضاً، كما أن معرفة الجزاء يدفع المسلم للإقدام على السعي الممدوح، واجتناب السعي المذموم، وفي هذا المبحث سيتم بيان هذين النوعين من الجزاء كما يأتي:

أولًا: جزاء السعي الممدوح في الدنيا والآخرة

1- حسن الجزاء

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾

الإسراء :١٩

وشكر الله إياهم على سعيهم ذلك حسن جزائه لهم على أعمالهم الصالحة، وتجاوزه لهم عن سيئها برحمته، ويضعف لهم الحسنات، ويمحو عنهم السيئات، ويرفع لهم الدرجات.

2- التنعم بنعمة الرضا

قال الله تعالى:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ . لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ . فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾

الغاشية :٩

وجوه المؤمنين يوم القيامة ذات نعمة؛ لسعيها في الدنيا بالطاعات راضية في الآخرة، في جنة رفيعة المكان والمكانة .

ثانيًا: جزاء السعي المذموم في الدنيا والآخرة

1- الخزي في الحياة الدنيا

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا  أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

البقرة :١١٤

2- مقت الله تعالى

قال الله تعالى:

( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )

المائدة 64

مقت الله تعالى كل سعي في الفساد، سواء عاد ضرره على ما به قوام تديُّن الناس، أوعلى ما هو أصل معاشهم وحياتهم .

3- العذاب فى الدنيا والأخِرة

وضح الله عقاب الذين يحاربون الله ورسوله (ص) وهم الذين يسعون فى الأرض فسادا والمراد الذين يعملون فى البلاد بالظلم .

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

المائدة 33

4- أنهم أصحاب الجحيم

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

الحج :٥١

5- تحبط أعمالهم يوم القيامة

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾

الكهف:١٠3-١٠4

 

Share This