1- مفهوم الزكاة

الزكاة يقَصد بها تطهير النفس وتنزيهها من الذنوب والخطايا والعيوب المعنوية، كالحقد والغل والكبر ونحوهم.

– عن من يمدح نفسه

قَال الله تعالى:

( فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )

النجم32

فلا تزكُّوا أنفسكم فتمدحوها وتَصِفُوها بالتقوى، هو أعلم بمن اتقى عقابه فاجتنب معاصيه من عباده.

– في وصف النبي يحيى عليه السلام

قَال الله تعالى:

( وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا )

مريم 13

أي أن الله زكّاه أو ربّاه علي التقوى

– عن عيسى عليه السلام

قَال الله تعالى:

( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا )

مريم 19

أي تقيا طاهرا ساميا .

والتزكية بمعني التقوى تبدأ بالنفس فمن أخذ نفسه بالتقوى فقد سما بها وطهرها . لأن الله تعالي خلق النفس البشرية قابلة للفجور والتقوى

قَال الله تعالى:

( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )

الشمس 7 – 10

ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه. وإلى الله سبحانه مآل الخلائق ومصيرهم، فيجازي كلا بما يستحق.

قَال الله تعالى:

( وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ )

فاطر 18

الزكاة عموما تدل على التقوى وأداء كل العبادات

– لذلك أمر الله تعالى موسى

قَال الله تعالى:

( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى )

النازعات : 17- 18

فقال له: اذهب إلى فرعون، إنه قد أفرط في العصيان، فقل له: أتودُّ أن تطهِّر نفسك من النقائص وتحليها بالإيمان .

قَال الله تعالى:

( وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ . الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ )

فصلت : 6- 7

فكلمة الزكاة هنا تشمل كل العبادات وكل الطاعات وكل الأخلاق السامية وفى النهاية فإن الجنة هي مصير الذي يتزكى أى يكون مؤمنا قد عمل الصالحات فتزكى وتطهر ليليق بالجنة

قَال الله تعالى:

( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى )

طه 76

2- كلمة الزكاة

     في

القرآن الكريم

وردت كلمة الزكاة وصيغها في القرآن الكريم (58) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– صيغة الفعل

وردت 20  مرة

قَال الله تعالى:

( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ  )

الجمعة :2

﴿ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

النور:٢١

– صيغة الاسم

وردت  38 مرة

قَال الله تعالى:

﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾

البقرة:٤٣

وجاءت الزكاة في القرآن الكريم على الأوجه  الأتية  :

1- النقاء والطهارة

قَال الله تعالى:

( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا )

النور: ٢١

يعني: ما طهر منكم من أحد.

2- الحلال

قَال الله تعالى:

( فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ )

الكهف: ١٩

أي: أحل طعامًا

3- الصلاح

قَال الله تعالى:

﴿ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾

الكهف: ٨١

أي: صلاحًا.

4- البراءة من الذنوب

قَال الله تعالى:

( قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا )

الكهف : 74

أي بريئة وطاهرة من الذنوب

5- الأفضل والأخْيَر

قَال الله تعالى:

( ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ )

البقرة : 232

أفضل منفعة وثوابًا لكم وأطهر

6- الهداية إلى الإسلام والإيمان

مخاطباً نبيه محمد

قَال الله تعالى:

( وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ )

عبس:7

وأي شيء عليك ألا يتطهر من كفره؟

7- البركة

قَال الله تعالى:

( وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً )

مريم :13

أي: جعلناه مباركاً للناس يهديهم.

3- تزكية النفوس

  بيد الله تعالى

مما لاشك فيه أن الله تعالى هو المطهر للنفوس المزكي لها بهدايته وتوفيقه؛ ولهذا نسبت التزكية إليه .

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ﴾

النور: 21

﴿ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾

النور: 21

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾

النساء: ٤٩

الله تعالى يزكي من يشاء تزكيته ممن يستأهلها من عباده المؤمنين؛ إذ هو العليم الخبير بما ينطوي عليه البشر من المحاسن والمساويء.

قَال الله تعالى:

﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ ﴾

النجم: ٣٢

فهذه الآية تقتضي الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله، وزكاه الله عز وجل، فليدع العباد تزكية أنفسهم، ويفوضوا أمر ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، فإن تزكيتهم لأنفسهم مجرد دعاوى فاسدة، تحمل عليها محبة النفس، وطلب العلو، والترفع والتفاخر.

4- أهمية تزكية النفس

ويتبين أهمية تزكية النفس من الأتي

1– أن الله تعالى أقسم بتزكية النفس

أقسم الله تعالى في كتابه أحد عشر قسمًا على فلاح من زكى نفسه وعلى خسران من أهمل ذلك .

قال الله تعالى:

 ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا . وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا . وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا . وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا . وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا . وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا . وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )

الشمس: 1- 10

2- من مقاصد نزول القرآن

من مقاصد القرآن الدعوةُ إلى تزكية النفس البشرية، فلا فلاحَ في الأولى والآخرة إلا بالتزكية .

قَال الله تعالى:

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

الشمس: 7 ـ 10

فالنفسُ بفطرتها مستعدةٌ للفجور الذي يدنّسها ويدسّيها، استعدادها للتقوى التي تطهرها وتزكيها، وعلى الإنسان بعقله وإرادته أن يختارَ أيَّ الطريقين: طريق التزكية، أو طريق التدسية، ولا ريبَ أنّه إذا اختار طريق التزكية فقد اختار طريقَ الفلاح .

قَال الله تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾

الأعلى: 14

وقال سبحانه فيمن يأتي ربه يوم القيامة

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى . جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾

طه: 75 ـ 76

3- من مقاصد إرسال الأنبياء

ورسالاتُ الأنبياء جميعاً كان من مقاصدها: الدعوةُ إلى التزكية

– عن قول موسى عليه السلام لفرعون حين أُرْسِلَ إليه من ربه

قَال الله تعالى:

﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى . وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴾

النازعات: 18 ـ 19

– عن محمد عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة  :151

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الجمعة : 2

– عن دعاء إبراهيم عليه السلام

قَال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾

البقرة  :129

5- وسائل التزكية

ان ايتاء الزكاة يعنى اختيار أسمى الخيارات وهى التشريعات القرآنية للعمل بها ومنها ..

1- التوحيد

قَال الله تعالى:

( وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )

فصلت : ٦- ٧

وعذاب للمشركين الذين عبدوا من دون الله أوثانًا لا تنفع ولا تضر، والذين لم يطهروا أنفسهم بتوحيد ربهم، والإخلاص له .

2- ذكر الله وإقامة الصلاة

قَال الله تعالى:

( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )

الاعلى14 – 15

3- قراءة القرآن والعمل به

قَال الله تعالى:

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )

الجمعة 2

4- الابتعاد عن الفحشاء

قَال الله تعالى:

( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ )

النور30

5- الصدقة

الصدقة هي أشهر الطرق لتزكية النفس

قَال الله تعالى:

( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا )

التوبة 103

والذي يتصدق بماله في سبيل الله وحده يجني ثمرة ذلك زكاة في نفسه وسموا في خلقه

قَال الله تعالى:

( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى )

الليل 17-18

وبذلك تتحقق زكاة المال مع زكاة النفس

6- الاحسان فى التعامل مع الناس

وذلك بحسن التعامل مع الناس ، مثل ..

أ – التعامل مع الزوجة المطلقة

قال الله تعالى:

( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )

البقرة 232

ب – الاستئذان في دخول البيوت

قال الله تعالى:

( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )

النور 28

6- كيفية تزكية النفس

لأهمية تزكية النفس ؛ كان لا بدّ من الوقوف على كيفية تزكيتها ، ولعلّ أهمّ هذه الوسائل:

1- مجاهدة النّفس

أكّد الله تعالى على أهمية وفضل مجاهدة النّفس

قال الله تعالى:

 ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )  

العنكبوت : 69

فمجاهدة النّفس ميدان رحْبٌ لتزكيتها، وقودِها إلى مدارج الكمال وميدان الهداية .

2- اللجوء إلي الله وطلب تزكية النفس منه

من أهمّ الأسباب المُعينة على تزكية النّفس إستشعار المسلم حاجته لرحمة الله، مع ملازمة الدّعاء، والاستعاذة بالله من شرور النّفس ؛ كما أن إطلاق اللسان بذكر الله -عزّ وجلّ- خير طريق لتزكية النّفس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب

قال الله تعالى:

 ( الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّهِ أَلا بِذِكرِ اللَّهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ )

الرعد : 28

3- الإقبال على تلاوة وتدبّر القرآن الكريم

من أعظم وسائل تزكية نفس المسلم، وفي هذا

قال الله تعالى:

( وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ )

الإسراء : 82

4- استحضار لحظات الموت

ذلك أنّ الآفات الفتّاكة بقلب المسلم منشؤها طول الأمل وحبّ الدنيا، وذكر الموت يقطع تلك الأمراض وأسبابها؛ فيسلم قلب العبد من الحسد، والغشّ، والجشع، وغيرها، ثمّ تتزكّى نفسه ويصلح قلبه.

قال الله تعالى:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾

العنكبوت : 57

﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾

المؤمنون : 99

5- الإعتراف بتقصير النفس وعيوبها

ففي ذلك عونٌ على تحديد مكامن ضعفها، وإنّ الامتناع عن ذلك يجعل الإنسان يظنّ أنّه خالٍ من العيوب، ومبرءٌ من النقص؛ فلا يُقبلُ على تزكية نفسه، ولا يتطلّع إلى إصلاحها.

قال الله تعالى:

( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي )

يوسف :53

وما أزكي نفسي ولا أبرئها، إن النفس لكثيرة الأمر لصاحبها بعمل المعاصي طلبا لملذاتها، إلا مَن عصمه الله.

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ ﴾

القيامة: 14- 15

بل الإنسان حجة واضحة على نفسه تلزمه بما فعل أو ترك، ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن إجرامه، فإنه لا ينفعه ذلك.

6- الإيمان باليوم الآخر

فمن أعظم ما ينهي النفس عن المعاصي، هو استحضار مشاهد الآخرة بداية من الموت ثم الحساب والمآل إما إلى الجنة أو النار .

قال الله تعالى:

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

المؤمنون: 115

فذكرهم الله تعالى باليوم الآخر.

قال الله تعالى:

﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾

الحاقة: 18

7- محاسبة النفس

وقد دل على وجوب محاسبة النفس

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

الحشر:18

يا أيها الذين آمنوا ، خافوا الله، واحذروا عقابه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، ولتتدبر كل نفس ما قدمت من الأعمال ليوم القيامة، وخافوا الله في كل ما تأتون وما تَذَرون، إن الله سبحانه خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.

8- خشية الله تعالى

قال الله تعالى:

 ( إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )

فاطر 18

6- جزاء تزكية النفس

رتب القرآن الكريم على تزكية النفس جزاءً عظيمًا في الدنيا والآخرة. فبزكاء النفس وطهارتها يصير الإنسان مستحقًا في الدنيا الأوصاف المحمودة، وفي الآخرة الأجر والمثوبة0

1- الجنة

قال الله تعالى:

( جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى )

طه : 76

2- الفلاح

قال الله تعالى:

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا )

الشمس: 9

قد فاز مَن طهَّرها من الذنوب ونمَّاها بالخير

قال الله تعالى:

( قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى )

3- رحمة الله تعالى

قال الله تعالى:

( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )

الأعراف :156

4- النجاة من النار

قال الله تعالى:

﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ . لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى . الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ . وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى . الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ ﴾

الليل ١٤-١٨

في هذه الآيات يبين لنا القرآن صفات صنف من الذين يكون مصيرهم النار،  كما يبين أعمال كلٍ منهم التي قادته إلى مصيره.

7- معنى إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة

جاءت كلمة الزكاة مرتبطة بإقامة الصلاة في أغلب الأيات التى وردت بها

قال الله تعالى:

 ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )

لقمان 4

( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )

البقرة 43

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ )

البقرة 277

 ( فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ )

الحج 78

 ( فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )

التوبة 11

والارتباط قائم بين الصلاة والزكاة في الرسالات السماوية

-عن إسماعيل

قال الله تعالى:

( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا )

مريم 55

-عن اسحق ويعقوب والأسباط

قال الله تعالى:

( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ )

الأنبياء 73

-عن بني إسرائيل

قال الله تعالى:

( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ )

البقرة 83

– عن المسلمين

قال الله تعالى:

( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )

الحج 8

والان ما معنى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة

1- معنى الصلاة

ومعروف أن الصلاة لا تعنى مجرد أداء الصلاة وإنما هي تعميق الصلة بالله تعالى كى يخشاه المؤمن فى أثناء الصلاة وفيما بين الصلوات الخمس ، أي يكون المؤمن في حالة تقوى دائما .. وبذلك يطهر وقته ويطهر حياته وتنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر.

قال الله تعالى:

 ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ )

العنكبوت 45

2- معنى اقامة الصلاة

فى المصطلح القرآني تجد مفهوم ( قام على الشىء ) بمعنى حافظ عليه ورعاه.

الله تعالى وصف ذاته بالقيوم

قال الله تعالى:

( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )

البقرة 255

أى القائم على كل شىء والذى لا يغفل عن شىء.

قال الله تعالى:

( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ )

الرعد 33

ويصف تعالى ذاته كقيوم يحفظ أعمال كل انسان وأقواله ليحاسبه عليها يوم القيامة

قال الله تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )

النساء 135

لذلك يأمرنا ربنا جل وعلا أن نكون ( قوامين بالقسط ) اى قائمين على رعاية العدل والقسط .

قال الله تعالى:

( وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ )

الأنعام 92

و اقامة الصلاة ، أى بالمحافظة عليها بعدم الوقوع فى الشرك والمعاصى والخشوع أثناء تأديتها.

قال الله تعالى:

 ( إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )

فاطر 18

أى من أقام الصلاة فقد تزكى وسما بنفسه لأن إقامة الصلاة تعنى تزكية النفس ، وثمرة تزكية النفس هى لصاحبها ، فمن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ،أى هى مسئولية شخصية .

قال الله تعالى:

 ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )

مريم : 59

لذا نزلت الأوامر لهم فى مكة ليس بتأدية الصلاة أو بتعريفهم طريقة الصلاة ، لأنهم كانوا يعرفونها فعلا . الذى نزل لهم هو ما غفلوا عنه وهو اقامة الصلاة ، أى بالمحافظة عليها بعدم الوقوع فى الشرك والمعاصى والخشوع أثناء تأديتها.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ﴾

الأنفال : 35

4- الزكاة

الزكاة هى تزكية النفس وتطهيرها والسمو بها بكل فعل صالح مقصود به وجه الله تعالى. فان الاسلام باختصار هو تزكية النفس بالعقيدة الصحيحة والسلوك القويم ، لذلك فان موسى حين دعا فرعون للاسلام قال له كلمة واحدة .

قال الله تعالى:

(  اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى )

النازعات 18

بل ان رب العزة قد أوجز مفهوم المشرك بأنه الذى لم يقم بتزكية نفسه

قال الله تعالى:

 ( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ . الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ )

فصلت 6-7

ان وظيفة النبى هى أن يزكى قومه بالكتاب السماوى الذى يدعوهم اليه، أو يهديهم اليه

قال الله تعالى:

 ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ )

البقرة 151

وفى النهاية فان الجنة هى مكافأة من تزكى وتطهر فى الدنيا أو اهتدى

قال الله تعالى:

( جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى )

طه 76

( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )

آل عمران 164

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )

الجمعة 2

5- معنى ايتاء الزكاة

ان ايتاء الزكاة يعنى اختيار أسمى الخيارات وهى التشريعات القرآنية للعمل بها ومنها ..

أ – الاحسان فى التعامل مع الناس

وذلك فى التعاملات الأتية

– فى التعامل مع الزوجة المطلقة

قال الله تعالى:

( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )

البقرة 232

– فى الاستئذان

قال الله تعالى:

( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )

النور 28

– فى غض البصر والعفاف الخلقى

( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ  ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ )

النور 30

ب – الصلاة وذكر الله تعالى

قال الله تعالى:

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى )

الأعلى 14-15

ت – خشية الله تعالى واقامة الصلاة

قال الله تعالى:

 ( إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )

فاطر 18

وأخيرا منها

ج – اعطاء الصدقة المالية

قال الله تعالى:

 ( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى )

الليل 18

ولذلك أمر الله تعالى خاتم النبيين بأن يأخذ صدقة من المؤمنين ليتطهروا ويتزكوا

قال الله تعالى:

( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )

التوبة 103

اذن فايتاء الصدقة هى مجرد وسيلة من وسائل ايتاء الزكاة ، لأن الزكاة هى التطهر القلبى والسلوكى الذى يجعل المؤمن طاهرا مستحقا للجنة.

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )

فاطر 18

أى من أقام الصلاة فقد تزكى وسما بنفسه لأن إقامة الصلاة تعنى تزكية النفس ، وثمرة تزكية النفس هى لصاحبها ، فمن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ،أى هى مسئولية شخصية .

6- ايتاء الزكاة هى نفسها اقامة الصلاة

طبقا لمفاهيم القرآن الكريم ومصطلحاته فان اقامة الصلاة هى نفسها ايتاء الزكاة ، أى أنه أمر واحد بشىء واحد هو التطهر والسمو الخلقى والتقوى. الخلاف الوحيد هو أن وسيلة اقامة الصلاة تتركز فى الخشوع فى الصلاة اثناء تأديتها – ثم بعد تأديتها تكون المحافظة عليها بالتزام السلوك القويم . وايتاء الزكاة هو التطهر والسمو الخلقى .

وقد كان المنافقون فى عهد النبى عليه السلام يؤدون الصلاة ولا يقيمونها ، أى يتظاهرون بالصلاة رياء ونفاقا، لذا لم يقبلها الله تعالى منهم واعتبرها خداعا ليس لله تعالى وانما لأنفسهم

قال الله تعالى:

( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا )

النساء 142

أولئك المنافقون أيضا كانوا يعطون الصدقات متطوعيم لستر حالهم ، ولكن مع حقد شديد ، ولأن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور فقد أخبر عن مكنون قلوبهم ومنع النبى أن يأخذ منهم صدقاتهم

قال الله تعالى:

( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ )

التوبة 53 – 54

فى ضوء هذا التوضيح القرآنى فان النبى محمدا عليه السلام لم يرغم الناس على اعطاء الصدقات ولم يرغمهم على تأدية الصلوات وسائر حقوق الرحمن. أما حقوق العباد – أو حقوق الانسان – فلا بد من حفظها والزام الناس باحترامها، لذا هناك عقوبات للقتل والزنا والقذف وقطع الطريق .

 

Share This