1- مفهوم الحمد
الحمد هو الوصف بالكمال في الخصال الحسنة بحسب الموصوف، مع سلامتها من عارض الذم والعيب والنقص. والحمد لله هو الثناء على الله لكمال صفاته وعلو شأنه سبحانه وتعالى .
قَال الله تعالى:
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾
العنكبوت : 63
2- كلمة الحمد
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (حمد) وصيغها في القرآن الكريم ٦٨ مرة. والصيغ التي جاءت هي:
– الفعل الماضي
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ﴾
آل عمران:١٨٨
– المصدر
ورد ٤٣ مرة
قَال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الفاتحة:٢
– اسم الفاعل
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ ﴾
التوبة:١١٢
– اسم المفعول
ورد ٥ مرات
قَال الله تعالى:
﴿ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾
الإسراء:٧٩
– الصفة المشبهة
ورد ١٧ مرة
قَال الله تعالى:
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾
البقرة:٢٦٧
– أفعل التفضيل
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾
الصف :٦
وجاء الحمد في الاستعمال القرآني بمعناه اللغوي، وهو: الثناء بالفضيلة.
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الحمد
– الشكر
هو عرفان الإحسان، والاعتراف بالنعمة، وأداء ما يترتب عليه، والقيام بحق مسديها.
قَال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ﴾
الأحقاف: 15
– المدح
هو وصف المحاسن بكلام جميل، يقابله الهجاء.
4- الحميد من أسماء الله
من أسماء الله تعالى (الحميد) أي المحمود على كل حال .
قال الله تعالى:
﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾
إبراهيم: 1
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾
الحج: 64
﴿ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾
فاطر: 15
5- الحامدون
فى
القرآن الكريم
أولا- الله الحامد الأعظم
أ – سمات حمد الله لنفسه
1- حمد الله لنفسه حمدًا يستغرق الزمان
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ﴾
القصص: ٧٠
حمدًا استغرق الزمان؛ وذلك لأنه هو الإله المتفرد بالألوهية على مدار الزمان، وأن الإفضال والإنعام فيه منه وحده .
2- حمد الله لنفسه حمدًا يستوعب المكان
قال الله تعالى:
﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
التغابن:١
أثبت الله تعالى الحمد المطلق لنفسه في السماوات والأرض؛ لأن كل ما فيهما دال على كماله وجلاله واقتداره واتقانه دلالة ظاهرة، خضع كل ما في السماوات والأرض لأن يسبحوا له، طوعًا أو كرهًا.
3- حمد الله نفسه حمدًا يشمل الزمان والمكان معًا
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ﴾
سبأ:١
يعلن الله جل جلاله أن الحمد ثابت لذاته، ومن موجبات ذلك ملكيته التامة لكل ما في السماوات والأرض،وهو حمد ملء المكان، وممتد إلى انتهاء الزمان، لا منازع ولا شريك، فحمده كامل شامل قد ملأ المكان وأحاط بالزمان.
4- حمد الله لنفسه حمدًا مقرونًا بالتسبيح
قال الله تعالى:
﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ . وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾
الروم: ١٧-١٨
يأمر الله سبحانه وتعالى عباده بتسبيحه في الأوقات الأربعة وهذه هي الأوقات الممتدة على مدار النهار والليل
ب – موجبات الحمد
حمد الله سبحانه وتعالى ذاته في آيات كثيرة، وكان لذلك الحمد موجبات عدة، منها:
1- الحمد لمقتضى أسمائه الحسنى
يأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يدعوه بأي اسم من أسمائه؛ لأنها الحسنى البالغة في الحسن غايته في ألفاظها ومعانيها
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
غافر: ٦٥
يثبت الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الحياة الكاملة الدائمة لنفسه، وأن كل من عداه لهم أعمار محدودة، وأزمان معدودة، وآجال مكتوبة، تنتهي بها حياتهم، وأنه هو المتفرد بالألوهية حقًّا، وأن نسبتها لغيره زعم باطل، وذلك بما له من الحمد على كماله الذي لم يبلغه سواه، لا في ذاته ولا في صفاته.
2- تفرده بالملك الأبدي للموجودات
يحمد الله نفسه في آية من كتابه على أن ما في السماوات والأرض كلهم له ملك وعبيد، يتصرف فيهم بحمده، حمدًا دائمًا مستمرًا لا ينقطع إلى يوم القيامة .
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾
سبأ: ١
أن الحمد التام الكامل كله للمعبود الذي هو مالك جميع ما في السماوات السبع وما في الأرضين السبع دون كل شيء سواه، لا مالك لشيء من ذلك غيره .
3- الحمد على الربوبية المطلقة
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الفاتحة: ٢
وهو سبحانه المنشئ للخلق، القائم بأمورهم، المربي لجميع خلقه بنعمه، ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.
قال الله تعالى:
﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الجاثية: 36
فلله سبحانه وتعالى وحده الحمد على نعمه التي لا تحصى على خلقه، رب السموات والأرض وخالقهما ومدبرهما، رب الخلائق أجمعين.
4- الحمد على نعمة الخلق والإيجاد
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾
الأنعام:١
الثناء على الله بصفاته التي كلّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي أنشأ السموات والأرض وما فيهن، وخلق الظلمات والنور، وذلك بتعاقب الليل والنهار. وفي هذا دلالة على عظمة الله تعالى، واستحقاقه وحده العبادة .
5- الحمد على جعل ملائكة رسلًا
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ﴾
فاطر: ١
الحمد على جعل الملائكة رسلا إلى مَن يشاء من عباده ؛ لتبليغ ما أمر الله به .
6- الحمد على إنزال الكتب
مهمة الرسل هي التعليم، لكنها مهمة مؤقتة بوقت محدد وتنتهي، والناس بعد الرسل يحتاجون لما يرجعون إليه عند الحاجة لتبين الحق، لذلك أنزل على رسله كتبًا ليحفظ الله لهم بها دينهم
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾
الكهف:١
وتكفّل لهم بالسلامة ما التزموا فيه الاستقامة
قال الله تعالى:
﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴾
طه: ١٢٣
وحذرهم من فساد أحوالهم، إذا هم لم يتبعوه أفعالهم، في دنياهم وأخراهم،
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴾
طه:١٢٤
وأي ضنك بعد الضنك الناتج عن ورطة الإعراض عن الهدى وتنكب طريقه، والتخبط والحيرة والسعي في غير سبيله الموصل إلى المصالح، فلك الحمد ربنا على ما أنزلته؛ لتستقيم به معايشنا وحياتنا.
7- الحمد على إرسال الرسل
لم يخلق الله سبحانه وتعالى الخلق عبثًا ولم يتركهم سدى ، وأرسل لهم من يبصرهم بطريق الهدى، فكان إرسال الرسل من أعظم ما يدل على عظمة الله وفضله وعدله؛ لذا كان أرسال الرسل مقامًا من المقامات التي يستحق الله الحمد عليها .
قال الله تعالى:
﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
النمل: ٥٩
فالحمد لله، ومن معالم حمده في هذه الآية الرسل الذين أرسلهم سالمين من صفات النقص البشري؛ ليرشدوا الناس إلى توحيد خالقهم، وبيان بطلان الشرك، وليكونوا لهم قدوة يتأسون بهم.
قال الله تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾
الممتحنة:٦
وإنه لما لهذا الأمر من قدر عظيم في أفعال الله عز و جل، جعله مكتنفًا بالتسبيح والتحميد، مقدمًا له بالتسبيح، معقبًا عليه بالتحميد
قال الله تعالى:
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الصافات:١٨٠-١٨٢
إشار الله تعالى إلى أن من مقتضيات تنزهه عن النقص وحمده بصفات الكمال؛ إرسال الرسل هداية للناس، وإقامة للحجة .
8- الحمد على ما قضاه وقدره
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ. فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ . فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
الأنعام: ٤٢-٤٥
فهو أمر يوجب إثبات الحمد لله الذي لا يقضي أمرًا إلا لحكمة، ومن حكمته إمهال الظالمين، وتقليب أحوالهم ما بين ضراء وسراء لعلهم يعودون؛ وإن سبق في علمه عدم رجوعهم؛ فيفعل هذا لأجل إقامة الحجة عليهم، فالحمد لله على ما قضاه وقدره من تقليب الأمور، وتثبيت قلوب الموحدين.
9- الحمد التام في الآخرة
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ﴾
سبأ: ١
الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي له ملك ما في السموات وما في الأرض، وله الثناء التام في الآخرة .
ثانيا – الملائكة عليه السلام
الملائكة الكرام أكثر المخلوقات تسبيحًا وتحميدًا لله عز وجل.
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾
غافر: ٧
﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾
الزمر: ٧٥
وإن تسبيحهم لله وتحميدهم له بالنسبة لهم، كالطعام والشراب والنفس بالنسبة للإنسان، بل إنهم قد ألهموا القيام به ، كأنما هو عمل غريزي لا كلفة فيه .
ثالثا – الأنبياء عليهم السلام
شواهد القرآن على حمد الأنبياء لربهم كثيرة، وقد جاءوا موصوفين بالحمد بصور مختلفة، فهم أهل الطاعة والاستجابة لأوامر الله سبحانه وتعالى. وجاء حمدهم على الأتى
1- على نصر الله لهم
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾
النصر:١-٣
– على نعمة إنزال الغيث من السماء
قال الله تعالى:
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ )
العنكبوت: 63
– على نعمة الخلق
قال الله تعالى:
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ )
لقمان: 25
– على نعمة معرفة الحق
قال الله تعالى:
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾
النمل:٩٣
وقل -أيها الرسول-: الثناء الجميل لله، سيريكم آياته في أنفسكم وفي السماء والأرض، فتعرفونها معرفة تدلكم على الحق، وتبيِّن لكم الباطل، وما ربك بغافل عما تعملون، وسيجازيكم على ذلك.
– على نعمة التوحيد
قال الله تعالى:
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ﴾
الإسراء: ١١١
وقل -أيها الرسول-: الحمد لله الذي له الكمال والثناء، الذي تنزَّه عن الولد والشريك في ألوهيته، ولا يكون له سبحانه وليٌّ مِن خلقه فهو الغني القوي، وهم الفقراء المحتاجون إليه، وعظِّمه تعظيمًا تامًا بالثناء عليه وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كله له.
– على نعمة النجَّاة من كل ضيق
– للنبي الله نوح عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾
المؤمنون:٢٨
فإذا علوت السفينة مستقرًا عليها أنت ومن معك آمنين من الغرق، فقل: الحمد لله الذي نجَّانا من القوم الكافرين.
– على نعمة العلم
– بصيغة الإخبار عن داوود وسليمان عليهما السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
النمل:١٥
ولقد آتينا داود وسليمان علمًا فعملا به، وقالا الحمد لله الذي فضَّلنا بهذا على كثير من عباده المؤمنين.
وهذه أمثلة لما جاء من حمد الأنبياء والرسل لربهم
رابعا – المؤمنون
ومن الحامدين المؤمنون.وقد ساروا على طريق الأنبياء، حتى استحقوا المدح والثناء بذلك، فقد أثنى الله عليهم في كتابه .
قال الله تعالى:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
التوبة: ١١٢
وقد جاء في الثناء عليهم بيان أن من أبرز عباداتهم الحمد، حيث ذكرها أولًا، فالحمد صفة لازمة لهم .
1- الحمد على نعمة الهداية
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾
الأعراف: ٤٣
فهي الهداية إلى سعادة الدارين، فالقائلون أهل الجنة بعد دخولها في الدار الآخرة، وأما عن حالهم في الدنيا فهم الذين ظفروا بالحياة الطيبة كما وعد الله .
2- الحمد على نعمة الرزق
إن من رحمة الله عز و جل أن تكفّل لعباده بما لا يطيقونه من الأعمال التي لا تقوم الحياة إلا بها، ومن بعض هذه الأعمال، إنزال الماء من السماء.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾
العنكبوت: ٦٣
ولئن سألت – أيها الرسول- المشركين: مَنِ الذي نزَّل من السحاب ماء فأنبت به الأرض من بعد جفافها؟ ليقولُنَّ لك معترفين: الله وحده هو الذي نزَّل ذلك،
3- الحمد على نعمة الْجَنَّةِ
قال الله تعالى:
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )
الزمر: 74
( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
يونس: 10
وعندما يدخل المؤمنون الجنة، يحمدون ربهم، مستشعرين عظيم إنعامه عليهم، حين يجدون ما وعدهم به.
4- الحمد لله على الذرية الصالحة
عن إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾
إبراهيم: 39
يُثْني إبراهيم على الله تعالى، فيقول: الحمد لله الذي رزقني على كِبَر سني ولديَّ إسماعيل وإسحاق بعد دعائي أن يهب لي من الصالحين، إن ربي لسميع الدعاء ممن دعاه، وقد دعوته ولم يخيِّب رجائي.
خامسا – سائر المخلوقات
قال الله تعالى:
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾
الإسراء: ٤٤
تُسَبِّح له -سبحانه- السموات السبع والأرضون، ومَن فيهن مِن جميع المخلوقات، وكل شيء في هذا الوجود ينزه الله تعالى تنزيهًا مقرونًا بالثناء والحمد له سبحانه، وهذا التسبيح وهذا الحمد على الحقيقة، ولكن الإنسان بما أوتي من أدوات للإدراك عاجز عن فقه هذا التسبيح .
قال الله تعالى:
﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾
الرعد: 13
ويسبِّح الرعد بحمد الله تسبيحًا يدل على خضوعه لربه، وتنزِّه الملائكة ربها مِن خوفها من الله .
أحدث التعليقات