1- مفهوم الحفظ
الحفظ هو مراعاة الشيء بتفقّده ورعايته ، وهو نقيض النسيان
عن أهل الكتاب
قال الله تعالى:
( بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ )
المائدة: ٤٤
أي: استودعوه وائتمنوا عليه.
2- كلمة الحفظ
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (حفظ) وصيغها في القرآن الكريم ٤٤ مرة. والصيغ التي وردت هي:
– الفعل الماضي
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى:
﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾
النساء:٣٤
– الفعل المضارع
ورد ٧ مرات
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾
النور: 30
– فعل الأمر
ورد مرتين
قال الله تعالى:
﴿ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ﴾
المائدة:٨٩
– المصدر
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾
الصافات:٧
– اسم الفاعل
ورد ١٥ مرة
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾
الطارق:٤
– الجمع
ورد مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ﴾
الأنعام:٦١
– الصفة المشبهة
ورد ١١ مرة
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾
هود:٥٧
– اسم المفعول
ورد مرتين
قال الله تعالى:
﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾
البروج:٢1 – 22
وجاء الحفظ في الاستعمال القرآني على ستة أوجه:
1- العلم
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾
المائدة: ٤٤
أي: بما علموا ووعوا.
2- الصيانة والعفة
قال الله تعالى:
﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾
النساء: ٣٤
أي: صائنات لأنفسهن.
3- الحفظ بعينه
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
الحجر: ٩
يعني به: الرعاية.
4- الشفقة
قال الله تعالى:
﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
يوسف: ١٢
يعني: مشفقين.
5- الضمان
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
يوسف: ٦٣
أي: ضامنون لرده إليك.
6- الشهادة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾
الانفطار: ١٠- ١١
أي: رقباء وشهداء.
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الحفظ
– الذكر
الذّكر هو حفظ الإنسان ما يقتنيه من المعرفة وتذكره عن ظهر قلبٍ .
قال الله تعالى:
﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾
مريم: 67
– الجمع
هو ضمّ الشيء بتقريب بعضه من بعض.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾
القيامة: ١٧
أي: إنّ علينا جمع القرآن في صدرك يا محمد؛ حتى نثبته فيه، وأن تقرأه وتبيّنه للناس بلسانك
– الوعي
الوعي هو سماع القول وتلقيه بفهمٍ وتدبّرٍ
قال الله تعالى:
﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾
الحاقة: ١٢
يعني: أذنٌ حافظةٌ عقلت عن الله ما سمعت
– الرعاية
الرعاية هي حفظ الشيء و العناية و الإهتمام به
قال الله تعالى:
﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾
الحديد: 27
– النسيان
النسيان هو ترك الإنسان ما استودع بالتفريط والتضييع والإهمال التي هي نقيض الحفظ والرعاية.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾
طه : 115
4- الحفظ في حقّ الله عز وجل
أولًا: الحفظ صفة لله تعالى
من صفات الله تعالى
أ – الحفيظ
الحفيظ هو المراقب لأحوال الأشياء وأعمالها.
قال الله تعالى:
﴿ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾
سبأ: ٢١
أي: وربّك على أعمال هؤلاء الكفرة رقيب ؛ لا يعزب عنه علم شيءٍ، وهو مجازٍ جميعهم يوم القيامة؛ بما كسبوا في الدنيا من خير وشر.
ب – الحافظ
الحافظ معناه الصائن للأشياء من الشروالضياع.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
الحجر: ٩
ثانيا – مجالات الحفظ في حقّ الله تعالى
في القرآن الكريم
إنّ حفظ الله عز وجل شاملٌ جميع خلقه؛ فهو سبحانه وتعالى القيّم بحفظ كل شيء وتدبيره ورزقه، وتصريفه فيما شاء وأحبّ، من تغيير وتبديل وزيادة ونقص .
قال الله تعالى:
﴿ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾
سبأ: ٢١
ومن الأشياء التى تكفل الله تعالى بحفظها ، الأتى
أولا – اللوح المحفوظ
اللوح المحفوظ يدل، بشكل عام، على أداة حفظ بها الله مقادير الخلق قبل أن يخلقهم وهو مستودعٌ لمشيئاته ، وأجرى القدر على علم ما كتبه في اللوح المحفوظ.
قال الله تعالى:
﴿ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾
ق: 4
وعندنا كتاب محفوظ من التغيير والتبديل، فيه جميع الأشياء المقدرة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾
الأنعام: ٣٨
أي: ما تركنا شيئًا إلا قد كتبناه في أمّ الكتاب، فصانه الله عن التضييع والتفريط.
ثمّ عبّر القرآن عن اللوح المحفوظ بأكثر من عبارةٍ ووصفه بأنّه
– كتابٌ مبينٌ
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾
الأنعام: ٥٩
– الإمام المبين
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾
يس: ١٢
أي: وكلّ شيء كان أو هو كائنٌ أحصيناه، فأثبتناه في أم الكتاب.
– أمّ الكتاب
قال الله تعالى:
﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾
الرعد: ٣٩
ثانيا – حفظ الله عز وجل للقرآن الكريم
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾
الحجر: ٩
أي: حافظون له من التبديل والتغيير في كلّ وقتٍ، فلا يزاد فيه باطلٌ، أو ينقص منه ما هو منه.
وقد حفظ الله عز وجل القرآن في اللوح المحفوظ
قال الله تعالى:
﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾
البروج: ٢١-٢٢
وحفظ الله عز وجل القرآن من الشياطين أن يتقوّلوا مثله، أو يزيدوا فيه وينقصوا ويبدلوا
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾
الشعراء: ٢١٠-٢١١
﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴾
التكوير: ٢٥
ثم حفظه الله بأن تكفّل بجمعه في صدر النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينساه
قال الله تعالى:
﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾
القيامة: ١٧
﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ . إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ﴾
الأعلى: ٦-٧
وحفظه الله عز وجل بأن هيّأ أسباب حفظه، وجعله ميسّرًا للحفظ والفهم،
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾
القمر: ١٧
وقد خصّ القرآن بهذه الخصيصة بخلاف غيره من الكتب المتقدمة، فإنه تعالى لم يتكفّل بحفظها بل استحفظها الأنبياء إياها فحفظوها وحفظها من اتّبعهم بإحسان من الربّانيين والأحبار
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾
المائدة: ٤٤
ثم خلف من بعدهم خلف
قال الله تعالى:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
الأعراف: ١٦٩
فحرّفوا وبدلوا وكتموا ونسوا حظًّا مما ذكّروا به
قال الله تعالى:
﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾
النساء: ٤٦
وقال في النصارى
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾
المائدة: ١٤
وقال في أهل الكتاب عمومًا
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾
آل عمران: ١٨٧
ثالثا – حفظ السماوات والأرض
يحفظ الله السماوات والأرض وما فيهما؛ لتبقى مدة بقائها
قال الله تعالى:
﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾
البقرة: ٢٥٥
حفظ الله عز وجل السماوات والأرض؛ ومن مظاهرذلك
– فلا تزول ولا تندثر
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ﴾
فاطر: ٤١
فلا يقدر على حفظهما وإمساكهما عن الزوال والاضطراب إلا هو سبحانه.
– الأجرام تدور في أفلاكها محافظةً على مداراتها
قال الله تعالى:
﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
يس: ٤٠
ونظرة إلى السماوات والأرض وإلى هذه الأجرام التي لا تحصى منتثرةً في ذلك الفضاء الذي لا تعلم له حدود. وكلّها قائمة في مواضعها، تدور في أفلاكها محافظةً على مداراتها، لا تختلّ، ولا تخرج عنها، ولا تبطئ أو تسرع في دورتها .
– أمساك السماء أن تسقط على الأرض
قال الله تعالى:
﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾
الحج: ٦٥
– قيام السماوات والأرض بدون عمدٍ
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
الرعد: 2
– استقرار وثبات الأرض
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ﴾
الأنبياء: ٣١-٣٢
رابعا- حفظ الله عز وجل للعباد جميعًا
جميع عباده مسلمهم وكافرهم هو الذي يرزقهم، وهو الذي يدفع عنهم المكاره، وهو الذي يقصدونه في النوائب.
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ﴾
طه: ٥٠
فهداهم إلى ما فيه بقاؤهم ونماؤهم، بما ركّبه فيهم من فطرةٍ غريزة البقاء .
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾
النحل: ٥٣
ويسّر لهم سبل اتّقاء المكروهات والمضارّ ودفعها، بما حباهم به من أسلحةٍ ومهارتٍ طبعيّة. وهذا يشترك فيه عموم الخلائق؛ الحيوان والبشر، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر. ووكّل بالآدميّ ملائكة يحفظونه ويكلؤونه بأمر الله .
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ﴾
الأنعام 61
﴿ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ ﴾
الأنبياء: ٤٢
﴿ أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴾
الملك: ٢١
خامسا- حفظ الله عز وجل لأوليائه (الحفظ الخاصّ ﴾
يتولى الله تعالى أوليائه فلا يكلهم إلى نفسهم لحظة
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾
الأعراف: ١٩٦
﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾
يونس: ٦٢-٦٤
وأولى الأولياء بالحفظ والنصرة هم الأنبياء ومثال لذلك
1- حفظ الله إبراهيم عليه السلام
يحفظ الله عز وجل إبراهيم عليه السلام عن الضلال بمعتقد قومه
قال الله تعالى:
﴿ وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾
الأنعام: ٧٥
فيصرّف لهم البراهين على وحدانية الله عز وجل
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
البقرة: 258
فيخوّفونه بالأحرّاِق بالنار، وألقوه فيها ، فأنجاه الله منها، وجعلها عليه بردًا وسلامًا
قال الله تعالى:
﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّار إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾
العنكبوت: ٢٤
– حفظ زوجته هاجر وولده إسماعيل عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾
إبراهيم: ٣٧
فيحفظه الله عز وجل في زوجه وابنه إسماعيل، ويفجّر لهما بئر زمزم،
– حفظ ولده إسماعيل عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ . فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ . وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾
الصافات 102- 107
5- الحفظ في حقّ الملائكة
وقد وصف الله عز وجل الملائكة بأنهم حفظةٌ
قال الله تعالى:
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ﴾
الأنعام: ٦١
ووصفهم بأنهم حافظون
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَامًا كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
الانفطار: ١٠
الحفظ في حقّ الملائكة هوما كلّفهم الله عز وجل به من أعمالٍ متنوعةٍ؛ تتعلّق ببني آدم ؛ منها
– نفخ الرّوح فيه في رحم أمّه
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾
الأنبياء : 91
فهم الذين يقومون عليه عند خلقه .
– ويقومون بحفظه ورعايته بأمر الله وتدبيره
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾
الطارق: ٤
– ويحصون على بني آدم أعمالهم
قال الله تعالى:
﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾
الزخرف: 80
– ويتنزّلون على الأنبياء والمرسلين بالوحي
قال الله تعالى:
﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾
النحل: 2
– ومن حفظ الملائكة للمؤمنين دعاؤهم لهم
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾
الأحزاب: ٤٣
وفي دعاء الملائكة للمؤمنين بالرحمة حفظٌ لهم
– ويتوفّونه إذا جاء أجله
قال الله تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾
الأنعام: ٦١
إلى ما بعد استقراره في مثواه في دار القرار
6- الحفظ في حقّ
الرسل عليهم السلام
بيّن القرآن الكريم أن وظيفة الرسل هي تبليغ دعوة الله بلاغًا مبينًا، فقاموا عليهم السلام بذلك خير القيام، وأعفاهم سبحانه من مسئولية هداية التوفيق للحق؛ لأنه حق اختص به سبحانه، وأعفاهم أيضًا من مسئولية حفظ أعمال العباد ومجازاتهم عليها، وسوف نبيّن ذلك فيما يأتي:
أولًا: حفظ الرسل للرسالة وتبليغها
اصطفى الله عز وجل رسلًا من النّاس، فكلّفهم بأداء الرسالة إلى من أرسلهم الله إليهم من البشر، وقد حفظ الرّسل أماناتهم وأوفوا بها على الوجه الأكمل، وقد بلّغوا، ونصحوا، وأقاموا الحجّة .
– هودٌ عليه السلام يحذّر قومه
قَال الله تعالى:
﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾
هود: ٥٧
– صالح عليه السلام
قَال الله تعالى:
﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾
الأعراف: ٧٩
– شعيبٌ عليه السلام
قَال الله تعالى:
﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾
الأعراف: ٩٣
فهذه البيّنات شواهد صدقٍ وعدلٍ على حفظ الرّسل لأماناتهم ووفائهم بها على الوجه الأكمل .
ثانيًا: نفي حفظ الرسل لأعمال قومهم ومجازاتهم عليها
أنّ حدود المسئولية المكلّف بها الأنبياء لا تتجاوز البلاغ المبين ، وأمّا التوفيق فذاك محض فضل الله يهدي من يشاء، ويضلّ من يشاء. ولا يكون الرسول رقيبًا على قومه أو حسيبًا عليهم أو مجازيًا لهم على أعمالهم، فذاك إلى الله عز وجل هو الرقيب الحسيب سبحانه .
قَال الله تعالى:
﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾
الأنعام: ١٠٤
﴿ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴾
الأنعام: ١٠٧
﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾
الشورى: ٤٨
﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾
الرعد: ٤٠
﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾
القصص: ٥٦
﴿ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
هود: ١٢
7- مجالات الحفظ في حقّ العباد
ذكر القرآن الكريم مجالات الحفظ في حق العباد، وهذا ما سنبينه فيما يأتي:
1- حفظ حدود الله على الإجمال
إنّ الحفظ المنوط بالعباد هو حفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه، ويكون ذلك بالوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوز ولا يتعدّى ما أمر به إلى ما نهي عنه، فدخل في ذلك فعل الواجبات جميعها، وترك المحرّمات كلّها، فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله
قَال الله تعالى:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
التوبة: ١١٢
معناه: المؤدّون فرائض الله، المنتهون إلى أمره ونهيه، الذين لا يضيّعون شيئًا ألزمهم الله عز وجل العمل به، ولا يرتكبون شيئًا نهاهم عن ارتكابه.
2- حفظ القرآن
حفظ كتاب الله تعني شيئًا آخر غير المرور بكلماته بصوت أو بغير صوت، تعني: تلاوته عن تدبّرٍ، ينتهي إلى إدراك وتأثّر، وإلى عمل بعد ذلك وسلوك .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾
فاطر: ٢٩
يخبر الله تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون بما فيه، من إقامة الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله في الأوقات المشروعة ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانية، يرجون ثوابًا عند الله لابدّ من حصوله .
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴾
الأعراف: ١٧٠
﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
ص: ٢٩
﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾
الأنعام: ١٥٥
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾
البقرة: ١٢١
أي: يتبعونه حقّ اتّباعه
3- حفظ الصلاة
إنّ من أعظم ما يجب حفظه من الشرائع الصلاة ، وقد أمر الله عز وجل بالمحافظة عليها .
قال الله تعالى:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
البقرة: ٢٣٨
و المحافظة علي الصلاة يكون بالأ تي
أ- المداومه عليها
قال الله تعالى:
﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾
[المعارج: 22-٢3
ب – إخلاص النية في الصلاة لله
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾
البينة: ٥
ت – المحافظة على وقتها
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾
النساء: ١٠٣
ج – المحافظة على الخشوع فيها
قال الله تعالى:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
المؤمنون: ١-٢
– وامتدح المؤمنين بالمحافظة عليها
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾
المعارج: ٣٤-٣٥
– وتوعّد الله عز وجل مضيّعها
قال الله تعالى:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾
مريم: ٥٩
4- حفظ الفرج
يتبوّأ حفظ الفرج مكانًا بين ما أمر به المكلّفون في القرآن الكريم، فأمر سبحانه بحفظ العورات وسترها
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾
النور: ٣٠
وحفظ الفرج يكون بحفظه عن الحرام؛ كالزّنى
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾
المؤمنون: ٥-٦
– الأمرللمؤمنات بكفّ ما يمكن أن يحدث به التأثير على الرجال
قال الله تعالى:
﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾
النور: ٣١
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ﴾
الأحزاب: 33
فلمّا أمرهنّ بغضّ البصر وحفظ الفرج أمرهنّ بكفّ ما يمكن أن يحدث به التأثير على الرجال؛ كاتّخاذ الزينة إلا ما لا يمكن إخفاؤه، والتبرّج، والسفور
– بشّر الله تعالى المؤمنين الحافظين لفروجهم
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾
الأحزاب: ٣٥
بأنّ لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا.
– ومدح العفيفات
قال الله تعالى:
﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾
النساء: ٣٤
أي: حافظات لأنفسهنّ عند غيبة أزواجهن عنهنّ في فروجهنّ وأموالهم.
5- حفظ الأمانات
الأمانات تعمّ جميع الواجبات على الإنسان، من حقوق الله عز وجل على عباده، ومن مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير ضمانٍ على ذلك
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾
الأحزاب: ٧٢
فأمر الله عز وجل بأدائها
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ﴾
النساء: ٥٨
﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾
البقرة : 283
وامتدح الله عز وجل المؤمنين الذين لا يفرطوا فيما ائتمنهم الله عليه
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ. أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
المؤمنون: ٨-11
فإذا اؤتمنوا لم يخونوا، بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك .
وقد ذم الله عز وجل الذين يفرطوا فيما ائتمنهم الله عليه
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
الأنفال: 27
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ورسوله بترك ما أوجبه الله عليكم وفِعْل ما نهاكم عنه، ولا تفرطوا فيما ائتمنكم الله عليه، وأنتم تعلمون أنه أمانة يجب الوفاء بها.
6- حفظ الأيمان
الأيمان هو الحلف ، وقد أمر الله عز وجل بحفظه
قال الله تعالى:
﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة: ٨٩
و يتَم حفظ الأيمان بالأتَي
1- بالإقلال منها، والضنّ بها، وعدم بذلها لكلّ أمرٍ
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ﴾
البقرة: ٢٢٤
أي: لا تستكثروا من الأيمان
وقد ذمّ الله عز وجل كثرة الحلف
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴾
القلم: ١٠
2- عدم تعمّد الأيمان الكاذبة
حفظ اليمين من الحنث فيها . فمن حلف فليجتهد أن يوفّي كما حلف.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ﴾
النحل: ٩٤
حذّر الله تعالى عباده من اتخاذ الأيمان خديعةً ومكرًا؛ لئلا تزلّ قدمٌ بعد ثبوتها؛ مثل لمن كان على الاستقامة فحاد عنها وزلّ عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصدّ عن سبيل الله
8- ثواب الحافظين
، وعاقبة المضيّعين
أولًا: ثواب الحافظين في الدنيا والآخرة
1- حفظ الله لهم
ومن حفظ حدود الله، وراعى حقوقه، حفظه الله، فإنّ الجزاء من جنس العمل.
قال الله تعالى:
﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾
النساء 34
فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن، مطيعات لله تعالى ولأزواجهن، حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه،
2- وعد اللَّهُ لهم بالجنة
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾
المعارج 34- 35
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ . هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾
ق: ٣١-٣2
والأوّاب الحفيظ هو الحفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلفت منه بالتوبة والاستغفار.
3- الهدايه إلى الطريق المستقيم
قال الله تعالى:
﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
المائدة 89
واحفظوا -أيها المسلمون- أيمانكم: باجتناب الحلف، أو الوفاء إن حلفتم، أو الكفارة إذا لم تفوا بها. وكما بيَّن الله لكم حكم الأيمان والتحلل منها يُبيِّن لكم أحكام دينه؛ لتشكروا له على هدايته إياكم إلى الطريق المستقيم.
4- مغفرة الذنوب
قال الله تعالى:
﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾
الأحزاب 35
والحافظين فروجهم عن الزنى ومقدماته، وعن كشف العورات والحافظات، والذاكرين الله كثيرًا بقلوبهم وألسنتهم والذاكرات، أعدَّ الله لهؤلاء مغفرة لذنوبهم وثوابًا عظيمًا، وهو الجنة.
5- البشِّارة برضوان الله
قال الله تعالى:
﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
التوبة 112
المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه، القائمون على طاعته، الواقفون عند حدوده. وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته.
6- يحول بين المؤمن وبين معصيته
قال الله تعالى:
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾
الأنفال: ٢٤
ثانيًا: مغبّات التضييع في الدنيا والآخرة
من النتائج السيئة والعواقب الوخيمة الناشئة عن الإعراض عن التذكير بآيات الله جل وعلا ، مايلي
1- جعل الأكنّة على القلوب
حتى لا تفقه الحقّ، وعدم الاهتداء أبدًا. ومنها
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ﴾
الكهف: ٥٧
2- انتقام الله عز وجل
من المعرض عن التذكرة
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾
السجدة: ٢٢
3- المعيشة الضنك والعمى
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴾
طه: ١٢٤
4- يسلكه العذاب الصعد
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾
الجنّ: ١٧
5- تقييض القرناء من الشياطين
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾
الزخرف: ٣٦
طه: ١٢٤
6- إعراض الله عنهم
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَىٰ ﴾
طه: ١٢٥-١٢٦
﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
التوبة: ٦٧
7- ينسيهم أنفسهم
ومن عواقبه أنّ الله عز وجل ينسيهم أنفسهم
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
الحشر: ١٩
8- العذاب الشديد
من عواقبه ما يلاقونه من العذاب الشديد
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾
ص: ٢٦
أحدث التعليقات