1- مفهوم الإنذار

هو الإبلاغ عن خطر يترتب على فعل لابد من تركه ؛ ليمتنع وقوع الخطر.

2- كلمة الإنذار

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة (أنذر) وصيغها في القرآن الكريم ١٢٤ مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد ١٠ مرات

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

البقرة:٦

– الفعل المضارع

ورد ٢٦ مرة

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ﴾

الأنعام:١٣٠

– فعل الأمر

ورد ٩ مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

مريم:٣٩

– المصدر

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ﴾

المرسلات:٦

– اسم الفاعل

ورد  ١٥مرة

قال الله تعالى:

﴿  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾

الصافات:٧٢

– اسم المفعول

ورد ٥ مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾

النمل:٥٨

– صيغة المبالغة

ورد  ٤٤مرة

قال الله تعالى:

﴿ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾

هود:٢

– الاسم

ورد  ١٢مرة

قال الله تعالى:

﴿ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴾

القمر:٥

وجاء الإنذار في الاستعمال القرآني بمعني إخبار فيه تخويف .

3- الألفاظ ذات الصلة

    بكلمة الإنذار

– التخويف

إدخال الفزع في قلب المخاطب؛ حثًا على التحرز من ارتكاب محظور.

قال الله تعالى:

﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ ﴾

النساء 9

– التهديد

الوعيد والتخويف بالعقوبة

– الوعيد

التهديد بالعقاب

قال الله تعالى:

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾

ق 20

– الترهيب

المبالغة في إثارة القلق والاضطراب في نفس السامع من شيء ؛ ليتحاشاه.

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾

النحل 51

– التبشير

الإخبار بما يفيد السرور.

قال الله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴾

الأحزاب 47

4- أساليب الإنذار

         في

    القرآن الكريم

تنوعت أساليب القرآن في الحديث عن الإنذار وهي

1- أسلوب الطلب المباشر

لقد طلب الله سبحانه وتعالى من الرسول صلى الله عليه وسلم طلبًا مباشرًا بإنذار الخلق عامة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾

الْمُدَّثِّر: 1- 4

أي: قم من مضجعك فحذر الناس من عذاب الله، ووقائعه بالأمم .

2- أسلوب خطاب الأنبياء لإنذار أقوامهم

خاطب سبحانه وتعالى الأنبياء عليهم السلام طالبًا منهم إنذار أقوامهم

– عن إنذار نوح عليه السلام لقومه

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

نوح: ١

الكثير من قومه لم ينتفعوا بإنذاره لهم، وأعرضوا فأخذهم الطوفان

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾

العنكبوت: ١٤

3- أسلوب القصص

لقد قص الله في القرآن قصص الأمم السابقة التي أنذرت فأعرضت.

– في حق قوم نوح لما أعرضوا

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ . فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ  .فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ . وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ . وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾

القمر: ٩- ١٦

لما كذب قوم نوح استنصر بالله، فقال: إن قومي غلبوني، ولم يستجيبوا لي، فانتصر منهم بعقاب تنزله عليهم، ففتح الله أبواب السماء بماء متدفق متتابع، وفجر الأرض فصارت عيونًا ينبع منها الماء، فالتقى الماء النازل من السماء مع الماء النابع من الأرض على أمر من الله قدره في الأزل، فأغرق الجميع إلا من نجاه الله.

– في حق قوم عاد لما أنذروا فأعرضوا

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ . تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾

القمر: ١٨- ٢١

وكذبت عاد نبيها هودًا عليه السلام، فتأملوا – يا أهل مكة – كيف كان عذابي لهم؟ وكيف كان إنذاري لغيرهم بعذابهم؟ إنا بعثنا عليهم ريحًا شديدة باردة في يوم شر وشؤم مستمر معهم إلى ورودهم جهنم، تقتلع الناس من الأرض، وترمي بهم على رءوسهم، كأنهم أصول نخل منقلع من مغرسه، فتأملوا – يا أهل مكة – كيف كان عذابي لهم؟ وكيف كان إنذاري لغيرهم بعذابهم؟

– في حق قوم ثمود لما أنذروا فأعرضوا

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ . فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ. أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ . سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ . إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ . وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ . فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾

القمر: ٢٣- ٣١

وكذبت ثمود بما أنذرهم به رسولهم صالح عليه السلام، فبعث الله عليهم صيحة واحدة فأهلكتهم، فكانوا كيبيس الشجر يتخذ منه المحتظر حظيرة لغنمه.

– في حق قوم لوط لما أنذروا فأعرضوا

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ . وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ. وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾

القمر: ٣٣- ٣٧

وكذبت قوم لوط بما أنذرهم به رسولهم لوط عليه السلام، فبعث الله عليهم ريحًا ترميهم بالحجارة، إلا آل لوط عليه السلام لم يصبهم العذاب، فقد أنقذناهم منه.

– في حق قوم فرعون لما أنذروا فأعرضوا

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ . كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ. أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ﴾

القمر: ٤١- ٤٣

وكذب قوم فرعون بالبراهين والحجج التي جاء بها موسى عليه السلام، فعاقبهم الله على تكذيبهم بها، عقوبة عزيز، لا يغلبه أحد، مقتدر لا يعجز عن شيء.

5- وسائل الإنذار

       في

    القرآن

تعددت وسائل الإنذار في القرآن وهي

١ – الوحي

لقن الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بـ(قل) التلقينية أنه ما يخوف قومه من العذاب إلا بوحي من الله وهو القرآن .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴾

الأنبياء: ٤٥

قل – أيها الرسول – لمن أُرسلتَ إليهم: ما أُخوِّفكم من العذاب إلا بوحي من الله، وهو القرآن، ولكن الكفار لا يسمعون ما يُلقى إليهم سماع تدبر إذا أُنذِورا، فلا ينتفعون به.

قال الله تعالى:

﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾

الأنعام: ١٩

وأوحى الله إليَّ هذا القرآن مِن أجل أن أنذركم به عذابه أن يحلَّ بكم، وأنذر به مَن وصل إليه من الأمم.

٢ – الأنبياء

أخبر سبحانه وتعالى أنه بعث النبيين دعاة لدينه، مبشرين من أطاع الله بالجنة، ومحذرين من كفر به وعصاه النار.

قال الله تعالى:

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾

البقرة: ٢١٣

وبين سبحانه مقصد بعث الرسل، فقال: أرسلت رسلًا إلى خلقي مبشرين بثوابي، ومنذرين بعقابي؛ لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل .

قال الله تعالى :

﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾

النساء: ١٦٥

وأخبر سبحانه وتعالى أن من آمن وصدق الرسل، وعمل صالحًا، فأولئك لا يخافون عند لقاء ربهم، ولا يحزنون على شيء فاتهم من حظوظ الدنيا. قال الله تعالى :

﴿ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

الأنعام: ٤٨

قل -أيها الرسول- للناس: إنما أُمرت أن أتلو القرآن على الناس، فمن اهتدى بما فيه واتبع ما جئت به، فإنما خير ذلك وجزاؤه لنفسه، ومن ضلَّ عن الحق فقل -أيها الرسول-: إنما أنا نذير لكم من عذاب الله وعقابه إن لم تؤمنوا .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾

النمل: ٩٢

٣- قصص السابقين

لقن الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إن أعرض المكذبون بعدما بين لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الله العظيم أن يقول لهم: قد أنذرتكم عذابًا يستأصلكم مثل عذاب من كفروا بربهم وعصوا رسله

– عن عاد وثمود

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾

فصلت: ١٣

فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعدما بُيَّن لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الله العظيم، فقل لهم: قد أنذرتكم عذابًا يستأصلكم مثل عذاب عاد وثمود حين كفروا بربهم وعصوا رسله.

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾

الأحقاف: ٢١

واذكر – أيها الرسول – نبيَّ الله هودًا أخا عاد في النَّسب لا في الدين، حين أنذر قومه أن يحل بهم عقاب الله، وهم في منازلهم المعروفة بـ “الأحقاف”، وهي الرمال الكثيرة جنوب الجزيرة العربية، وقد مضت الرسل بإنذار قومها قبل هود وبعده: بأن لا تشركوا مع الله شيئًا في عبادتكم له، إني أخاف عليكم عذاب الله في يوم يَعْظُم هوله، وهو يوم القيامة.

٤- حوادث المستقبل (القيامة ﴾

لقد حذر الله عباده عذاب الآخرة القريب الذي يرى فيه كل امرئ ما عمل من خير، أو اكتسب من إثم، ويقول الكافر من هول الحساب: يا ليتني كنت ترابًا فلم أبعث،

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾

النبأ: ٤٠

وأمر الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم بإنذار الناس، فقال: أنذر -أيها الرسول- الناس يوم الندامة حين يقضى الأمر، ويفصل بين الخلق، فيصير أهل الإيمان إلى الجنة، وأهل الكفر إلى النار، وهم اليوم في هذه الدنيا في غفلة عما أنذروا به، فهم لا يصدقون، ولا يعملون العمل الصالح .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

مريم: ٣٩

وأمره سبحانه وتعالى أن يحذر الناس يوم القيامة، وما فيه، فقال: وحذر -أيها الرسول- الناس من يوم القيامة القريب -وإن استبعدوه-؛ إذ قلوب العباد من مخافة عقاب الله قد ارتفعت من صدورهم، فتعلقت بحلوقهم، وهم ممتلئون غمًا وحزنًا، ما للظالمين من قريب ولا صاحب، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيستجاب له .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾

غافر: ١٨

وبين له سبحانه وتعالى المقصد من الوحي، فقال: كما أوحينا إلى الأنبياء قبلك أوحينا إليك قرآنًا عربيًا؛ لتنذر أهل (مكة) ومن حولها من سائر الناس، وتنذر عذاب يوم الجمع، وهو يوم القيامة، لا شك في مجيئه، الناس فيه فريقان: فريق في الجنة، وهم الذين آمنوا بالله، واتبعوا ما جاءهم به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم فريق في النار المستعرة، وهم الذين كفروا بالله، وخالفوا ما جاءهم به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾

الشورى: ٧

وقال سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: وأنذر -أيها الرسول- الناس الذين أرسلتك إليهم عذاب الله يوم القيامة، وعند ذلك يقول الذين ظلموا أنفسهم بالكفر: ربنا أمهلنا إلى وقت قريب نؤمن بك ونصدق رسلك، فيقال لهم توبيخًا: ألم تقسموا في حياتكم أنه لا زوال لكم عن الحياة الدنيا إلى الآخرة، فلم تصدقوا بهذا البعث؟

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ﴾

إبراهيم: ٤٤

6- أغراض الإنذار

         في

  القرآن الكريم

تعددت أغراض الإنذار في القرآن الكريم ، ومنها

١ – الدعوة إلى توحيد الله تعالى

لقد جاءت الرسالة؛ لإقرار التوحيد في حياة الناس جميعًا

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾

ص: ٦٥

قال الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: قل -أيها الرسول- لقومك: إنما أنا منذر لكم من عذاب الله أن يحل بكم؛ بسبب كفركم به، ليس هناك إله مستحق للعبادة إلا الله وحده، فهو المتفرد بعظمته وأسمائه وصفاته وأفعاله، القهار الذي قهر كل شيء وغلبه .

٢ – الهداية

أنزل الله عز وجل القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ليهتدي الناس به، ويعرفوا الحق ويؤمنوا به ويؤثروه .

قال الله تعالى:

﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾

السجدة: ٣

بل أيقول المشركون: اختلق محمد صلى الله عليه وسلم القرآن؟ كذَبوا، بل هو الحق الثابت المنزل عليك -أيها الرسول- من ربك؛ لتنذر به أناسًا لم يأتهم نذير من قبلك، لعلهم يهتدون، فيعرفوا الحق ويؤمنوا به ويؤثروه، ويؤمنوا بك.

٣ – التنبيه من الغفلة

فالغفلة أشد ما يفسد القلوب، فالقلب الغافل قلب معطل عن وظيفته، معطل عن الالتقاط والتأثر والاستجابة، تمر به دلائل الهدى أو يمر بها دون أن يحس بها أو يدركها، ودون أن ينبض أو يستقبل، ومن ثم كان الإنذار هو أليق شيء بالغفلة التي كان فيها القوم، الذين مضت الأجيال دون أن ينذرهم منذر، أو ينبههم منبه.

قال الله تعالى:

﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴾

يس: ٦

لقد بين الله للرسول صلى الله عليه وسلم الغرض من إنزال القرآن عليه، فقال: أنزلنا عليك -أيها الرسول- القرآن؛ لتحذر به قومًا لم ينذر آباؤهم من قبلك، وهم العرب، فهؤلاء القوم ساهون عن الإيمان والاستقامة على العمل الصالح، وكل أمة ينقطع عنها الإنذار تقع في الغفلة،

٤-  التذكر

التذكر هو النظر العقلي في الأسباب التي دعت إلى الحكمة من إنذارهم .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾

القصص: ٤٦

بين سبحانه وتعالى رحمته برسوله وبالمستجيبين لدعوته فقال: ما كنت -أيها الرسول- بجانب جبل الطور حين نادينا موسى، ولم تشهد شيئًا من ذلك فتعلمه، ولكنا أرسلناك رحمة من ربك؛ لتنذر قومًا لم يأتهم من قبلك من نذير؛ لعلهم يتذكرون الخير الذي جئت به فيفعلوه، والشر الذي نهيت عنه فيجتنبوه .

٥ – الإقلاع عن المخالفة

قال الله تعالى:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ  إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ . وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

الذاريات: ٥٠

ففروا- أيها الناس- من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به وبرسوله، واتباع أمره والعمل بطاعته، إني لكم نذير بيِّن الإنذار. ولا تجعلوا مع الله معبودًا آخر، إني لكم من الله نذير بيِّن الإنذار.

٦ – إقامة الحجة على الناس

إرسال الرسل لقطع عذر البشر إذا سئلوا عن جرائم أعمالهم، واستحقوا غضب الله وعقابه.

قال الله تعالى :

﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ١٦٥

أخبر سبحانه وتعالى أنه أرسل رسلًا إلى خلقه مبشرين بثوابه، ومنذرين بعقابه؛ لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل، فعمهم سبحانه بالدعوة على ألسنة رسله حجةً منه وعدلًا .

7- المُنْذِرين

     في

القرآن الكريم

حدثنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن المُنْذِرين ، وهم

1- الله عز وجل

الله سبحانه وتعالى هو المنذر لعباده، وهذا من رأفته ورحمته بهم؛ لئلا يتعرضوا لعقابه إذا أعرضوا .

قال الله تعالى:

 ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾

النبأ 40

إنَّا حذَّرناكم عذاب يوم الآخرة القريب الذي يرى فيه كل امرئ ما عمل من خير أو اكتسب من إثم، ويقول الكافر من هول الحساب: يا ليتني كنت ترابًا فلم أُبعث.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ . فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ . لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى . الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴾

الليل 13- 16

إن علينا بفضلنا وحكمتنا أن نبيِّن طريق الهدى الموصل إلى الله وجنته من طريق الضلال، وإن لنا ملك الحياة الآخرة والحياة الدنيا. فحذَّرتكم- أيها الناس- وخوَّفتكم نارًا تتوهج، وهي نار جهنم. لا يدخلها إلا مَن كان شديد الشقاء، الذي كذَّب نبي الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأعرض عن الإيمان بالله ورسوله، وطاعتهما.

2- القرآن

أنزل الله كتابه؛ ليكون بشيرًا بالثواب العاجل والآجل لمن آمن به وعمل بمقتضاه، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل لمن كفر به .

قال الله تعالى:

﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

فصلت: ٣- ٤

كتاب بُيِّنت آياته تمام البيان، وَوُضِّحت معانيه وأحكامه، قرآنًا عربيًا ميسَّرًا فهمه لقوم يعلمون اللسان العربي. بشيرًا بالثواب العاجل والآجل لمن آمن به وعمل بمقتضاه، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل لمن كفر به، فأعرض عنه أكثر الناس، فهم لا يسمعون له سماع قَبول وإجابة.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ . لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾

يس: ٧٠

وما علَّمنا رسولنا محمدًا الشعر، وما ينبغي له أن يكون شاعرًا، ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب، وقرآن بيِّن الدلالة على الحق والباطل، واضحة أحكامه وحِكَمه ومواعظه؛ لينذر مَن كان حيَّ القلب مستنير البصيرة، ويحق العذاب على الكافرين بالله؛ لأنهم قامت عليهم بالقرآن حجة الله البالغة.

قال الله تعالى :

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا . قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾

الكهف: ٢

جعله الله كتابًا مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثوابًا جزيلا هو الجنة، يقيمون في هذا النعيم لا يفارقونه أبدًا.

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ ﴾

الأحقاف: ١٢

ومن قبل هذا القرآن أنزلنا التوراة إمامًا لبني إسرائيل يقتدون بها، ورحمة لمن آمن بها وعمل بما فيها، وهذا القرآن مصدق لما قبله من الكتب، أنزلناه بلسان عربي؛ لينذر الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وبشرى للذين أطاعوا الله، فأحسنوا في إيمانهم وطاعتهم في الدنيا.

3- الرسل عليهم السلام

قد كثر في القرآن ذكر المقصد من الرسل بأنه الإنذار والتبشير.

قال الله تعالى:

﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾

البقرة: ٢١٣

من رحمة الله بعباده أنه ما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾

فاطر: ٢٤

وقد بين سبحانه المقصد من إرسال الرسل، وهو لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل .

قال الله تعالى:

﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾

النساء: ١٦٥

وأخبر سبحانه وتعالى أنه أرسل في الأمم السابقة مرسلين فأنذروهم بالعذاب فكفروا.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ . وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ . فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴾

الصافات: ٧٢

4- المنذرون من الجن

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا  فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾

الأحقاف: ٢٩

واذكر – أيها الرسول- حين بعثنا إليك، طائفة من الجن يستمعون منك القرآن، فلما حضروا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ، قال بعضهم لبعض: أنصتوا؛ لنستمع القرآن، فلما فرغ الرسول من تلاوة القرآن، وقد وعَوه وأثَّر فيهم، رجعوا إلى قومهم منذرين ومحذرين لهم بأس الله، إن لم يؤمنوا به.

قال الله تعالى:

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾

الأنعام: ١٣٠

أيها المشركون من الجن والإنس، ألم يأتكم رسل من جملتكم  يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر، ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك، وأنذرونا لقاء يومنا هذا، فكذبناهم، وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.

7- المُنْذَرين

      في

القرآن الكريم

أخبرنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن من تم توجية الإنذارلهم ، وهم

١ – الكافرون المعاندون

أخبرنا سبحانه وتعالى في القرآن عن مواقف الكفار المعاندين من الإنذار، والتي منها:

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ . قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾

الزخرف: ٢٣-٢٤

وكذلك ما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- في قرية مِن نذير ينذرهم عقابنا على كفرهم بنا، فأنذروهم وحذَّروهم سخَطنا وحلول عقوبتنا، إلا قال الذين أبطرتهم النعمة من الرؤساء والكبراء: إنَّا وجدنا آباءنا على ملة ودين، وإنا على منهاجهم وطريقتهم مقتدون. قال محمد صلى الله عليه وسلم ومَن سبقه من الرسل لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة: أتتبعون آباءكم، ولو جئتكم مِن عند ربكم بأهدى إلى طريق الحق وأدلَّ على سبيل الرشاد مما وجدتم عليه آباءكم من الدين والملة؟ قالوا في عناد: إنا بما أرسلتم به جاحدون كافرون.

٢ – الناس كافة

قال الله تعالى:

﴿ هَٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

إبراهيم: ٥٢

أخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم بلاغًا وإعلامًا للناس؛ لنصحهم وتخويفهم، ولكي يوقنوا أن الله هو الإله الواحد، فيعبدوه وحده لا شريك له، وليتعظ به أصحاب العقول السليمة،

٣-  العالمون

قال الله تعالى:

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾

الفرقان: ١

فالمراد بـ ﴿العالمين) هنا الإنس والجن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رسولًا إليهما، ونذيرًا لهما.

٤ – الأقوام

– على لسان نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾

نوح: ٢

يا قومي إني نذير لكم بين الإنذار من عذاب الله إن عصيتموه.

– عن قوم فرعون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ﴾

القمر: ٤١

ولقد جاء أتباع فرعون وقومه إنذارنا بالعقوبة لهم على كفرهم .

– عن قوم الرسول صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾

القصص: ٤٦

أخبر سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أرسله رحمة؛ لينذر قومًا لم يأتهم من قبله من نذير؛ لعلهم يتذكرون الخير الذي جاء به فيفعلوه، والشر الذي نهى عنه فيجتنبوه.

5- العشيرة الأقربون

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾

الشعراء: ٢١٤

وحذِّر – أيها الرسول – الأقرب فالأقرب مِن قومك، مِن عذابنا، أن ينزل بهم.

6- أم القرى وما حولها

قال الله تعالى:

﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾

الأنعام: ٩٢

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾

الشورى: ٧

أخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليخوف به من عذاب الله وبأسه أهل (مكة) ومن حولها من أهل أقطار الأرض كلها .

٧ – الظالمون

أخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل كتابه بلسان عربي؛ لينذر الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية .

قال الله تعالى:

﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾

الأحقاف: ١٢

والذين ظلموا هم المشركون

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  ﴾

لقمان: ١٣

٨ – المؤمنون

لقن الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما هو إلا رسول الله أرسله؛ ليخوف من عقابه، ويبشر بثوابه قومًا يصدقونه، ويعملون بشرعه  .

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

الأعراف: ١٨٨

والرسول صلى الله عليه وسلم نذير وبشير للناس أجمعين، ولكن الذين (يؤمنون) هم الذين ينتفعون بما معه من النذارة والبشارة، فهم الذين يفقهون حقيقة ما معه، وهم الذين يدركون ما وراء هذا الذي جاء به.

8- المُنْذَرين ومواقفهم

أخبرنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن مواقف المُنْذَرين من الإنذار، وهى

أولا – منتفعين بالإنذار

الذين يؤمنون هم الذين ينتفعون بما جاء به الرسل من الإنذار ، فهم الذين يفقهون حقيقة ما معهم ، وهم الذين يدركون ما وراء هذا الإنذار ، و من صفات المؤمنين المنتفعين بالإنذار

1- القلوب الحية

أخبر سبحانه وتعالى أن الإنذار يؤثر في صاحب القلب الحي المستنير البصيرة

قال الله تعالى:

﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾

يس: ٧٠

فأخبر سبحانه وتعالى أن الانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن هو حي القلب

2- الذين يخشون ربهم بالغيب

ويقيمون الصلاة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾

فاطر: ١٨

إنما تحذِّر – أيها الرسول – الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب، وأدَّوا الصلاة حق أدائها.

3- الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم

أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخوف بالقرآن الذين يعلمون أنهم يحشرون إلى ربهم .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾

الأنعام: ٥١

أي: يخافون الحشر إلى ربهم فهم يقدمون الأعمال الصالحة وينتهون عما نهاهم خيفة أن يلقوا الله وهو غير راضٍ عنهم، وخوف الحشر يقتضي الإيمان بوقوعه.

4- المتبعون للذكر

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ﴾

يس: ١١

بين الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم من ينتفعون بالإنذار، فقال: إنما ينفع تحذيرك من آمن بالقرآن، واتبع ما فيه من أحكام الله، وخاف الرحمن، حيث لا يراه أحد إلا الله  .

ثانيا – الغير منتفعين بالإنذار

الكفار هم الذين لا ينتفعون بما جاء به الرسل من الإنذار ، أخبرنا سبحانه وتعالى في القرآن عن صفات الكافرون المعاندين من الإنذار،

1- الجحود

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾

سبأ: ٣٤

وما أرسلنا في قرية من رسول يدعو الى توحيد الله وإفراده بالعبادة، إلا قال المنغمسون في اللذات والشهوات من أهلها: إنَّا بالذي جئتم به -أيها الرسل- جاحدون.

2- التكذيب

أخبر سبحانه وتعالى أن موقف الأقوام الذين أرسل فيهم المنذرون التكذيب

– عن قوم صالح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ﴾

القمر: ٢٣

– عن قوم لوط عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴾

القمر: ٣٣

– عن قوم نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الشعراء: ١٠٥

– عن قوم عاد

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾

الشعراء:١٢٣

وأخبر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن من سنة الله مقابلة الدعوة بالتكذيب

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾

فاطر: ٤

3- التعجب

أخبر سبحانه وتعالى عن عجب الأقوام السابقة من إرسال رسول منهم،

-على لسان نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

الأعراف: ٦٣

-على لسان هود عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾

الأعراف: ٦٩

– في عجب قوم نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك

قال الله تعالى:

﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾

يونس: ٢

﴿ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾

ق: ٢

4- الإعراض

أخبر سبحانه وتعالى أن الذين جحدوا أن الله هو الإله الحق معرضون عما أنذرهم به القرآن، لا يتعظون ولا يتفكرون .

قال الله تعالى:

﴿ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾

الأحقاف: ٣

9- عقوبات من لم

  يستجيب للأنذار

أخبرنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن عقوبات من لم يستجيب للأنذار أو التحذير ، وهي

أولًا: عقوبات دنيوية

1- الصاعقة

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾

فصلت: ١٣

الصاعقة نارٌ تخرج مع البرق تحرق ما تصيبه

2- المطر المدمر

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾ 

الشعراء: ١٧٣

3 – العذاب الشديد

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ﴾

الصافات : ١٧٧

أي: فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم

4 – الصيحة

أخبر سبحانه وتعالى عن تكذيب ثمود بالآيات التي أنذروا بها، ومصيرهم بعد التكذيب .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾

القمر٣١

والصيحة: هي صاعقةٌ عظيمةٌ خارقةٌ للعادة أهلكتهم .

ثانيًا: عقوبات في الأخرة

أ- أهوال القيامة

١ – يوم الجمع

قال الله تعالى:

﴿ وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾

الشورى: ٧

وتنذر عذاب يوم الجمع، وهو يوم القيامة، لا شك في مجيئه. الناس فيه فريقان: فريق في الجنة، و هم الذين آمنوا ومنهم فريق في النار المستعرة، وهم الذين كفروا بالله، وسمي يوم الجمع؛ لاجتماع بني آدم للعرض.

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾

هود: ١٠٣

٢-  يوم الآزفة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾

غافر: ١٨

يعني: يوم القيامة، سميت بذلك؛ لأنها قريبةٌ ؛ إذ كل ما هو آتٍ قريبٌ .

٣ – يوم الحسرة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

مريم: ٣٩

يقول تعالى ذكره لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: وأنذر يا محمد هؤلاء المشركين بالله يوم حسرتهم وندمهم، على ما فرطوا في جنب الله، وأورثت مساكنهم من الجنة أهل الإيمان بالله والطاعة له، وأدخلوهم مساكن أهل الإيمان بالله من النار، وأيقن الفريقان بالخلود الدائم، والحياة التي لا موت بعدها، فيا لها حسرة وندامة.

ب – النار

قال الله تعالى:

﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ ﴾

الليل: ١٤

أي: توهج.

 

Share This