1- مفهوم الإمام
الإمام هو الدليل الّذي يهتدى به ، والمثال الّذي يمتثل به ، وإن كانت التطبيقات مختلفة ، فالتوراة إمام ، لأنّها يقتدى بها ، وطريق القوافل إمام ، لأنّ القوافل تتّخذه دليلاً وتمشي عليه ، وقادة الكفر بل جميع القادة أئمّة ، لأنّ المقتدين يتّخذونهم مثالاً في الحياة ويمشون على آثارهم حتى أنّ الأنبياء جميعهم أئمّة بهذا المعنى.
2- كلمة الإمام
في
القرآن الكريم
وردت كلمة الإمام وصيغها في القرآن الكريم 12 مرة. والصيغ التي وردت هي:
– اسم مفرد
ورد 7 مرات
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾
البقرة : 124
– اسم جمع
ورد 5 مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ﴾
السجدة : 24
وفی جمیع تلك الموارد جاءت لفظة الإمام وصفاً لأشیاء متعدّدة نذکرها على نحو الأتی ..
– إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى:
( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )
البقرة ـ124
أى أن الله جعل نبيه إبراهيم من الأئمة التى تهتدى بها الناس.
– كل قائد أوكبير
قال الله تعالى:
( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ )
الإسراء : 71
ومعناها أن يوم القيامة سيدعو الله الناس بزعيمهم أو كبيرهم الذى كانوا يقتدون به.
– التوراة
عن كتاب موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً )
الأحقاف 12
( وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً )
هود 17
ترى أنّه سبحانه يصف التوراة بأنّها إمام
– اللَّوح المحفوظ
قال الله تعالى:
( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )
يس 12
ترى أنّه سبحانه يصف اللَّوح المحفوظ بأنّها إمام
– الطريق
قال الله تعالى:
( وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ . فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ )
الحجر 78-79
أي انتقمنا من قوم لوط وأصحاب الأيكة وانّ مساكنهم على الطريق لواضح.
ففی هذه الآیة عبّر عن الطریق بلفظ الإمام، وذلك لأنّ المسافر یتّخذ من الطریق إماماً وهادیاً له ویتبعه للوصول إلى المقصد الذی یریده.
– المؤمنين
قال الله تعالى:
( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )
الفرقان : 74
وهذه الآية هى دعاء من المؤمنين إلى الله بأن يجعلهم ممن يهتدى بهم ويقتدى بهم .
– رؤساء الضلال
قال الله تعالى:
( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ )
التوبة : 12
فقاتلوهم فإنهم رؤساء الضلال، لا عهد لهم ولا ذمة، حتى ينتهوا عن كفرهم وعداوتهم للإسلام.
قال الله تعالى:
( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئمَّةً يَدْعُونَ إِلىَ النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ لا يُنصَرُون )
القصص : 41
ذكر الله تعالى أن كلمة أئمة لا تطلق على الخير فقط بل أنها أحياناً تطلق على أئمة الكفر والفساد .
3- أنواع الإمامة
في
القرآن الكريم
أنّ المولى تعالى أطلق لفظة الإمام في القرآن الكريم على من يصلح أن يكون مرجع ترجع له النّاس بغض النظر عن كونه مرجعية صالحة أو فاسدة، إيجابية أم سلبية.
أ- فتارة یکون هذا الإمام مفیداً ونافعاً للمأمومین وللتابعین
قال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )
الفرقان ـ 74
أي: أئمة يقتدي بنا من بعدنا
قال الله تعالى:
( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ )
الأنبياء ـ73
أي: أئمة يؤتم بهم في الخير في طاعة الله في اتباع أمره ونهيه، ويقتدى بهم .
قال الله تعالى:
( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ )
القصص ـ 5
أي: ولاة وملوكًا
قال الله تعالى:
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ )
السجدة ـ 24
ب – وتارة أُخرى یکون هذا الإمام مضراً لتابعیه إلى حد یوردهم المهالك ویوقعهم فی المهاوی فی الدارین الدنیا والآخرة
قال الله تعالى:
( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَیَوْمَ القِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ )
القصص: 41
أي: جعلنا فرعون وقومه أئمة يأتم بهم أهل العتو على الله والكفر به
قال الله تعالى:
( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ )
التوبة ـ 12
أي: رؤساء الكفر بالله
فالإمام سواء أ کان إمام حقّ أم باطل لا یختصّ بهذا العالم وحده ، بل هو یتحمل مسؤولیة الإمامة فی الدارین
قال الله تعالى:
( یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ )
الإسراء: 71
وهذا المعنى نجده يتوفر في أئمة الصَّلاح، وأئمة الضَّلال، وكذالك يتوفَّر في الكُتب الهَاديَّة إلى الحقَّ أو الباطل، وأيضًا هو متوفَّر في اللَّوح المحفوظ تبعا لما يحتويه، والذي من خلاله سيرشد ويحدِّد المقصد النهائي والمصير الذي سيتوجَّه له كلُّ فردٍ بشري، وأخيرا نجده أيضًا في الطريق والسبيل الذي هو مرشد وموجه لكلَّ مَنْ كان له سفرًا ومقصدًا.
أحدث التعليقات