1- معنى الإحسان

الإحسان هو إتقان العمل وإصلاحه، وذلك ببذل الجهد لإجادته ليصبح على أكمل وجه ، سواء في العبادة أو في المعاملات أو أي عملٍ كان، و الإحسان  ضِدُّ الإساءة .

2- كلمة الإحسان

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة الإحسان وصيغها في القرآن الكريم ١٠٨ مرات. والصيغ التي وردت عليها هي:

– الفعل الماضي

ورد ١٧مرة

قال الله تعالى:

﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ﴾

الأنعام:١٥٤

– الفعل المضارع

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾

النساء:١٢٨

– فعل الأمر

ورد مرتين

قال الله تعالى:

﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾

القصص:٧٧

-أفضل التفضيل

ورد ٣٦مرة

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾

النساء:٥٩

– المصدر

ورد ١٢مرة

قال الله تعالى:

﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾

البقرة:٢٢٩

– اسم الفاعل

ورد  ٣٩مرة

قال الله تعالى:

﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾

البقرة:١١٢

وجاء الإحسان في القرآن الكريم بمعنى إجادة العمل وإتقانه وإخلاصه، وهو ضد الإساءة.

3- الأمر بالإحسان

قد أمر الله تعالى في القرآن الكريم بالإحسان

قال الله تعالى:

﴿ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

البقرة : 195

وأحسنوا في الطاعة، واجعلوا عملكم كله خالصًا لوجه الله تعالى ، إن الله يحب أهل الإخلاص والإحسان.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان ﴾

النحل:90

إن الله سبحانه وتعالى يأمر عباده بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، و بالعدل في حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه .

قال الله تعالى:

﴿ َأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾

القصص : 77

وأحسن إلى الناس بالصدقة، كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة .

4- الإحسان في

  حق الله تعالى

من خلال أيات القرآن الكريم يتبين أن الإحسان من صفات الله تعالى الفعلية الثابتة ، ويتمثل ذلك في الآتي

1- الإحسان في الخلق

إن الله تعالى أحسن في الخلق بصفة عامة

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾

السجدة: ٧

الله الذي أتقن كل شيء وأحكمه

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ﴾

طه: ٥٠

ربنا الذي أعطى كل شيء خَلْقَه الذي هو عليه ، والمتميز به عن غيره ، ثم هدى كل مخلوق إلى الانتفاع بما خلقه الله له .

قال الله تعالى:

﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾

التغابن: ٣

لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأعدلها .

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

التين: ٤

خلق الله تعالى الإنسان قابَل الانتفاع بما خلقه الله له للوصول إلى الهدي إذا أراد الإنسان ذلك .

قال الله تعالى:

﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾

المؤمنون 14

فتبارك الله، الذي أحسن كل شيء خلقه.

2- الإحسان في الرزق

إن الله سبحانه وتعالى أحسن في الرزق كما أحسن في الخلق.

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾

هود: ٨٨

قال شعيب: يا قوم أرأيتم إن كنت على طريق واضح من ربي فيما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة له، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال، ورزقني منه رزقًا واسعًا حلالا طيبًا؟

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾

النحل: ٦٧

فقد رزق الله تعالى من ثمرات النخيل والأعناب، الرزق الحسن،

قال الله تعالى:

﴿ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴾

طه 131

ورزق ربك وثوابه خير لك ؛ حيث لا انقطاع له ولا نفاد.

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

النور: ٣٨

والله يرزق مَن يشاء بغير حساب، بل يعطيه مِنَ الأجر ما لا يبلغه عمله.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ﴾

النحل 75

ورجلا له مال حلال رزَقَه الله به، يملك التصرف فيه، ويعطي منه في الخفاء والعلن .

وإحسان الله تعالى في الرزق لا يقتصر على الدنيا، بل ذلك يشمل أيضًا الآخرة.

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا  وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  ﴾

الحج: ٥٨

﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾

الطلاق: ١١

أي: رزقهم الله الجنة التي لا ينقطع نعيمها، ولا يزول.

3- الإحسان في الحكم

بين الله تعالى أنه أحسن الحاكمين

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾

المائدة: ٥٠

ومن أعدل من الله في حكمه ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء.

قال الله تعالى:

﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾

التين: ٨

﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾

الأنعام: ٥٧

﴿ فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾

الأعراف: ٨٧

﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾

يونس: ١٠٩

أي: أن الله خير من يفصل وأعدل من يقضي؛ لأنه لا يقع في حكمه ميل إلى أحد، ولا محاباة لأحد ، فأنه الحاكم المنزه عن الجور والميل والحيف.

4- الإحسان في الأجر والثواب

إن الإحسان في الأجر والثواب من الله تعالى لمن آمن وعمل صالحًا ثابت في آيات كثيرة  ، منها

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل: ٩٧

﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾

الأحقاف: ١٦

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

العنكبوت: ٧

أي الإحسان الذي كانوا يعملون في الدنيا، فيجزيهم بأحسن أعمالهم، ويبقى سائر الأعمال فضلًا.

قال الله تعالى:

﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾

الأنعام: ١٦٠

﴿ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

النور: ٣٨

يعني: أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا، وكلها حسن، فيثيبهم عليها، ويتجاوز عن سيئاتهم، فلا يعاقبهم عليها

قال الله تعالى:

﴿ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٨

﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾

الرحمن: ٦٠

﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾

آل عمران: ١٩٥

﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾

آل عمران: ١٤

أي: ما جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن الله إليه في الآخرة.

5- أنواع الإحسان

       في

 القرآن الكريم

يمكن تقسيم الإحسان إلى نوعين وكل نوع يضم مجموعة من الصور المختلفة للإحسان ، وهما

أولا- الإحسان مع الله

يعتبر الإحسان مع الله هو أعلى وأسمى أنواع الإحسان ، ويتحقق الإحسان مع الله بطاعتة في جميع أوامره وعبادته والابتعاد عن جميع المحرمات. ومن صور الإحسان مع الخالق التالي:

1- الإحسان في الاعتقاد

العقيدة هي الأمور التي تصدق بها النفوس وتطمئن إليها القلوب، وتكون يقينًا عند أصحابها لا يمازجها ريب ولا يخالطها شك . والإحسان في الاعتقاد يكون بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات،

– الإحسان بتوحيد الربوبية

هو بإفراد الله تعالى بالوحدانية، والإقرار بأنه واحد في أفعاله، لا شريك له فيها، كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وتدبير الأمور والتصرف في الكون، وغير ذلك مما يتعلق بربوبيته.

– الإحسان في توحيد الألوهية

يكون بتوحيده بأفعال العبادة، كالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر، وغيرها من أنواع العبادة التي يجب إفراده بها، فلا يصرف منها شيء لغيره، ولو كان ملكًا مقربًا، أو نبيًا مرسلًا، فضلًا عمن سواهما.

– الإحسان في توحيد الأسماء والصفات

هو إثبات كل ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله، دون تكييف أو تمثيل، ودون تحريف أو تأويل أو تعطيل، وتنزيهه عن كل ما لا يليق به.

وقد وردت في القرآن آيات تدل على الإحسان في الاعتقاد .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾

النساء: ١٢٥

فالآية تدل على أن الإحسان في الاعتقاد هو لمن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده ، واستسلم له بالطاعة .

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ﴾

لقمان: ٢٢

ومن يُخْلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى، وهو محسن في أقواله، متقن لأعماله، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته. وإلى الله وحده تصير كل الأمور، فيجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.

2- الإحسان في العبادة

العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والبهائم والدعاء والذكر وأمثال ذلك من العبادة .

والإحسان في العبادة يكون بالإخلاص لله تعالى فيها، وقد أمر الله تعالى بالإخلاص في العبادة .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾

الزمر: ٢

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾

البينة: ٥

والإسلام قد أسبغ على أعمال الإنسان كلها صفة العبادة، إذا تحقق فيها شرط الإخلاص فينوي العبد أن يكون عمله، وقوله وإعطاؤه، ومنعه، وحبه، وبغضه لله وحده، لا شريك له .

قال الله تعالى:

﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾

الكهف: ١١٠

ثانيا – الإحسان مع الخلق

الإحسان مع الخلق يعتبر نوع من أنواع الإحسان ، حيث أن هذا النوع يعنى القيام بجميع أنواع الخير تجاه الآخرين مهما بلغت درجة إساءتهم حيث أن في هذه الحالات لا يكون الهدف الأساسي والرئيسي منها الحصول على عائد وإنما الرغبة في تحقيق السعادة والخير للآخرين والحصول على جزاء الإحسان من الله عز وجل. ومن صور الإحسان مع الخلق التالي:

أ – الإحسان في العلاقات الاجتماعية

إن الإحسان في المعاملات في القرآن يأتي في أمور هي:

1- الإحسان إلى النفس

من صور الإحسان هو إحسان النفس والقدرة علي تهذبيها والبعد عما حرمه الله وتكفير الذنوب بصورة مستمرة، الإحسان من الأمور الضرورية التي تساعد على تقوية النفس وبعدها عن ارتكاب المعاصي والذنوب.

قال الله تعالى:

﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾

الإسراء 7

إن أحسنتم أفعالكم وأقوالكم فقد أحسنتم لأنفسكم؛ لأن ثواب ذلك عائد إليكم، وإن أسأتم فعقاب ذلك عائد عليكم .

2- الإحسان إلى الوالدين

إن الإحسان إلى الوالدين وذلك ببرهما وطاعتهما في المعروف وكف الأذى عنهما و الدعاء والاستغفار لهما في حياتهما وبعد موتهما .

قال الله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾

العنكبوت: 8

﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾

النساء 36

﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾

الإسراء: ٢٣

3- الإحسان إلى الزوجة

إن الإحسان إلى الزوجة يكون بالمعاشرة بالمعروف فقد ورد الأمر بذلك

قال الله تعالى:

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

النساء: ١٩

﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾

البقرة: ٢٢٨

والإحسان إلى الزوجة كما يكون في حال الزوجية يكون كذلك في حال الطلاق .

قال الله تعالى:

﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾

البقرة 229

فالإمساك بمعروف هو أن يحسن صحابتها، أو تسريح بإحسان، فلا يظلمها من حقها شيئًا، بأن يوفيها حقها ولا يؤذيها .

4- الإحسان إلى الأقارب

وقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى بعد الوالدين، ويشمل ذلك جميع الأقارب، قربوا أو بعدوا .

قال الله تعالى:

﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ ﴾

النساء: ٣٦

وأن المراد بالإحسان إلى ذوي القربى هو برهم وصلتهم والنفقة الواجبة لهم وقت الحاجة و الوصية لهم عند الوفاة .

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾

البقرة: ٢١٥

﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ﴾

الإسراء: ٢٦

5- الإحسان إلى اليتامى والمساكين

أمر الله تعالى بالإحسان إلى اليتامى والضعفاء والمساكين .

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ ﴾

النساء: ٣٦

يبين الله سبحانه أصحاب الحقوق الواجبة على الإنسان نحوهم، إما لصلة قرابة تجمعهم إليه، وتجعلهم بعضًا منه، أو تجعله بعضًا منهم.. وإما لصلة إنسانية عامة، تلك الصلة التي تقوم على أساس أن الفرد عضو فى الجسد الاجتماعي كله، وأن كل عضو سليم فى هذا الجسد من واجبه أن يحمل بعض أعباء الأعضاء المريضة فيه، حتى يستقيم للجسد أمره.

6- الإحسان إلى الجيران

أمر الله تعالى بالإحسان إلى الجيران . فالوصاة بالجار مأمور بها مندوب إليها مسلمًا كان أو كافرًا .

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾

النساء: ٣٦

والإحسان إلى الجيران يكون بمعنى حسن العشرة وكف الأذى وتعاهده بالزيارة والعيادة وإلى نحو ذلك .

7- الإحْسَان إلى الخلق جميعا

أمر الله تعالى بالإحسان إلى عموم الناس

قال الله تعالى:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾

البقرة: ٨٣

أي: كلموهم طيبًا، ولينوا لهم جانبًا.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾

النساء 1

يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه؛ فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق منها زوجها وهي حواء، ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات، وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا، واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.

8- الإحْسَان إلى المسيء

الإحْسَان إلى مَن أساء إليك بقولٍ أو فعلٍ مِن أجلِّ أنواع الإحْسَان .

قال الله تعالى:

﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾

فصِّلت 34

ادفع بعفوك وحلمك وإحسانك مَن أساء إليك، وقابل إساءته لك بالإحسان إليه، فبذلك يصير المسيء إليك الذي بينك وبينه عداوة كأنه قريب لك شفيق عليك.

9ـ  الإحسان إلى الكون من حولنا

الحيوان، النبات، الأرض، الماء… إلخ.

قال الله تعالى:

( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )

الأعراف: 56

ب – الإحسان في الأخلاق

إن الإحسان في الأخلاق يكون بالتخلق بالقرآن الكريم في الأقوال والأفعال وجميع التصرفات، فإن أحسن الناس خلقًا هو من يتخلق بالقرآن .

1- الإحسان في القول

فما من كلام إلا وينبغي أن يكون طيبا حسنا مفيدا

قال الله تعالى:

﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

الإسراء 53

وقل لعبادي المؤمنين يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن الطيب .

قال الله تعالى:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾

البقرة 83

وأن تقولوا للناس أطيب الكلام .

2- الإحسان في ردّ التحية

ومن القول الذي أمر الله سبحانه بالإحسان فيه: ردّ المسلم للتحية على إخوانه .

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا  ﴾

النساء 86

وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً، أو ردوا عليه بمثل ما سلَّم، ولكل ثوابه وجزاؤه.

3 – الإحسان في الدعوة والحوار والجدال

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

النحل 125

ادعُ – أيها الرسول – أنت ومَنِ اتبعك إلى دين ربك وطريقه المستقيم، بالطريقة الحكيمة التي أوحاها الله إليك في القرآن الكريم ، وخاطِب الناس بالأسلوب المناسب لهم، وانصح لهم نصحًا حسنًا، يرغبهم في الخير، وينفرهم من الشر، وجادلهم بأحسن طرق المجادلة من الرفق واللين.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  ﴾

العنكبوت 46

ولا تجادلوا – أيها المؤمنون – اليهودَ والنصارى إلا بالأسلوب الحسن، والقول الجميل، والدعوة إلى الحق بأيسر طريق موصل لذلك .

4- الإحسان في العمل

ومما أمر الله سبحانه بالإحسان فيه العمل سواء كان في أمور الدين أو في أمور الحياة.

قال الله تعالى:

﴿ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

سبأ 11

واعمل بطاعة الله، إني بما تعملون بصير لا يخفى عليَّ شيء منها.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾

الكهف 30

إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات لهم أعظم المثوبة، إنا لا نضيع أجورهم، ولا ننقصها على ما أحسنوه من العمل.

ويكون الإحسان في العمل

– الجهاد

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

العنكبوت: ٦٩

الله لمع من أحسن من خلقه، فجاهد فيه أهل الشرك، بالعون له، والنصرة على من جاهد من أعدائه.

– الإنفاق في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

البقرة: ١٩٥

واستمروا- أيها المؤمنون- في إنفاق الأموال لنصرة دين الله تعالى، والجهاد في سبيله، ولا توقعوا أنفسكم في المهالك بترك الجهاد في سبيل الله، وعدم الإنفاق فيه، وأحسنوا في الانفاق والطاعة، واجعلوا عملكم كله خالصًا لوجه الله تعالى. إن الله يحب أهل الإخلاص والإحسان.

5 – الإحسان في الإستماع

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾

الزمر 18

فبشِّر -أيها النبي- عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده. وأحسن الكلام وأرشده كلام الله. أولئك هم الذين وفقهم الله للرشاد والسداد، وهداهم لأحسن الأخلاق والأعمال، وأولئك هم أصحاب العقول السليمة.

6- جزاء المحسنين

قال الله تعالى:

﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾

الرحمن: ٦٠

فجزاء المحسنين هو إحسان الله تعالى للمحسنين بالثواب العظيم في الدنيا والآخرة ، وذلك بالآتي

أولا – جزاء المحسنين في الدنيا

فجزاء المحسنين في الدنيا الآتي

1-  رحمة الله تعالى

إن من جزاء الإحسان في الدنيا، أن يكون العبد قريبًا من رحمة الله.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

الأعراف: ٥٦

وإحسانه تعالى إنما يكون لأهل الإحسان ؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته ، وأما من لم يكن من أهل الإحسان فإنه لما بعد عن الإحسان بعدت عنه الرحمة .

2- محبة الله تعالى

أثبت الله تعالى محبته للمحسنين في الدنيا بصفة عامة .

قال الله تعالى:

﴿ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٨

– في معرض الحث على الإنفاق في سبيل الله تعالى

قال تعالى:

﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

البقرة: ١٩٥

– في معرض الحث على العفو والصفح عن الناس

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾

آل عمران: ١٣٤

الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر، والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر، وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله أصحابه.

3- المجازاة بأحسن ما كانوا يعملون

إن من جزاء الإحسان في الدنيا المجازاة بأحسن ما كانوا يعملون.

قال الله تعالى :

﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل:٩٦

﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

النحل: ٩٧

وذلك بمضاعفة الجزاء

﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾

الأنعام: ١٦٠

4- معيه الله

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾

النحل 128

وهو مع الذين يحسنون رعاية فرائضه، والقيام بحقوقه، ولزوم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه. وذلك بالحفظ والنصرة والحراسة والمعونة .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَۚا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

العنكبوت: ٦٩

والذين جاهدوا في طاعتنا لنهديننهم سبل ثوابنا. وإن الله لمع المحسنين، بالنصر والمعونة في دنياهم وبالثواب والمغفرة في عقباهم.

– عن موسى وهارون عليهم السلام

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ﴾

طه: ٤٦

قال الله لموسى وهارون: لا تخافا من فرعون؛ فإنني معكما أسمع كلامكما وأرى أفعالكما .

– عن النبي صلى الله عليه وسلم للصديق وهما في الغار

قال الله تعالى:

﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾

التوبة: ٤٠

يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنصروه؛ فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من (مكة)، وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور ، إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف: لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده، فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة .

5- رِضَا اللَّهُ تعالى

قال الله تعالى:

﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾

التوبة 100

أن الله رضي عنهم، بما كان منهم من إحسان، وأنهم رضوا، بما جازاهم الله به، ونعموا فيه.

6-  البشارة بالخير

فقد جعل الله تعالى القرآن الكريم بشارة للمحسنين بحسن عاقبتهم بسبب إيمانهم وإحسانهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَهَٰذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ ﴾

الأحقاف: ١٢

وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يبشر المحسنين بالخير.

قال الله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾

الحج: ٣٧

يقول: وبشر يا محمد الذين أطاعوا الله فأحسنوا في طاعتهم إياه في الدنيا بالجنة في الآخرة .

7- لا يضيع الله أجر المحسنين

أخبر الله تعالى في آيات كثيرة أنه لا يضيع أجر المحسنين

قال الله تعالى:

﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

هود: ١١٥

واصبر – أيها النبي- على ما تَلْقى من الأذى من مشركي قومك؛ فإن الله لا يضيع ثواب المحسنين في أعمالهم.

قال الله تعالى:

﴿ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

يوسف: ٥٦

﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾

يوسف: ٩٠

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾

الكهف: ٣٠

8-  الذكر الحسن في العالمين

إن من جزاء الإحسان في الدنيا أن الله تعالى يجعل للمحسن ذكرًا جميلًا، وثناء حسنًا في الناس في حياته وبعد موته.

– عن نوح عليه السلام

﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ . إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الصافات: ٧٧-٨١

– عن إبراهيم عليه السلام

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ . كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الصافات: ١٠٨-١١١

– عن إل ياسين

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ . إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الصافات: ١٢9-١٣٢

– عن موسى وهارون

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ . إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾

الصافات: ١١9-١٢١

وتركنا عليهما في الآخرين بعدهم الثناء الحسن عليهما: وذلك أن يقال: سلام على موسى وهارون. مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي من انقاد لأمر الله؛ إنه من عبادنا المؤمنين أي: الذين أعطوا العبودية حقها، ورسخوا في الإيمان بالله وتوحيده ، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

ثانيًا: جزاء المحسنين في الآخرة

إن جزاء المحسنين في الآخرة هي الجنة ونعيمها.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ . وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ . كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾

المرسلات: ٤١-٤٤

﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾

المائدة: 85

فجزاهم الله بما قالوا من الاعتزاز بإيمانهم بالإسلام، وطلبهم أن يكونوا مع القوم الصالحين، جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ماكثين فيها لا يخرجون منها، ولا يُحوَّلون عنها، وذلك جزاء إحسانهم في القول والعمل.

قال الله تعالى:

﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾

يونس: ٢٦

للمؤمنين الذين أحسنوا عبادة الله فأطاعوه فيما أمر ونهى، الجنةُ، وزيادة عليها، والمغفرةُ والرضوان، ولا يغشى وجوههم غبار ولا ذلة، كما يلحق أهل النار. هؤلاء المتصفون بهذه الصفات هم أصحاب الجنة ماكثون فيها أبدًا.

7– كيف يصل الإنسان

     إلي مقام الإحسان

ويتم ذلك عن طريق الأتي

– مقام المشاهدة

أن يفعل العبد منا العمل حتى كأنه يرى الله أمامة

قال الله تعالى:

﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾

القيامة 14

بل الإنسان حجة واضحة على نفسه تلزمه بما فعل أو ترك، ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن إجرامه، فإنه لا ينفعه ذلك.

– مقام المراقبة

أن يفعل العبد منا العمل وقد غلب عليه بأن الله يشاهده .

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ .  وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ .  ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴾

النجم 39-41

وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. وأن سعيه سوف يُرى في الآخرة، فيميَّز حَسَنه من سيئه؛ تشريفًا للمحسن وتوبيخًا للمسيء.

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾

ق 16

 

Share This