مفهوم الأمية في القرآن الكريم

1- مفهوم الأمية

الأمية هى الجهل والضلالة والظلام، ولا ترتفع عن أمة حتى تخرج من الجهل والضلالة والظلام إلى العلم والهدى ، ولا يخرجها من هذا إلا نبي وكتاب .

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الجمعة : 2

الله سبحانه هو الذي أرسل في العرب الذين لا كتاب عندهم ولا أثر رسالة لديهم، رسولا منهم يقرأ عليهم القرآن، ويطهرهم من العقائد الفاسدة والأخلاق السيئة، ويعلِّمهم القرآن ، إنهم كانوا من قبل بعثته لفي انحراف واضح عن الحق.

2- كلمة الأمية 

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة الأمية وصيغها  في القرآن (٦) مرات  . والصيغ التي وردت هي:

– المفرد

ورد  مرتين

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾

الأعراف:١٥٧

– الجمع

ورد  ٤مرات

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾

الجمعة:٢

ولم يخرج الاستعمال القرآني لكلمة الأميين عن مدلولها على الأفراد والجماعات والشعوب الغير كتابين أي الغير مؤمنين .

3- كلمات ذات الصلة

     بكلمة الأمية

– الجهل

الجهل هو أن تعتقد الشيء على خلاف ما هو عليه ، و هو ضد العلم .

قال الله تعالى:

﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾

البقرة : 273

– الفهم

هو إدراك المعلومات التي تعرض  .

قال الله تعالى:

﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾

الأنبياء: 79

– العلم

هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ، وهو نقيض الجهل .

قال الله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

المائدة :40

4- الأمية وخلق الإنسان

ولد الإنسان أميًا لا يعلم شيئًا، ووهب الله تعالى الإنسان وسائل إدراك الحقائق ومعرفة الموجودات، وهي السمع والأبصار والأفئدة .

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

النحل: ٧٨

ركز القرآن الكريم على العلم ؛ ليتمكن المسلم من الوصول إلى سر الكون وما وراء الكون، وبعد ذلك إلى الإيمان بالله، من خلال ما تركه في هذا الكون من آيات دالة على وجوده جل جلاله . وتعتبر نعمة أجهزة تحصيل العلم من أفضل النعم التي وهبها الله للإنسان، وغاية إعطاء هذه الوسائل إنما تستوجب شكر الواهب؛ لأنه من خلالها يمكن الحصول على العلم والمعرفة اللذين بهما امتاز الإنسان عن غيره من الحيوانات .

5- الأمية والرسالة

هناك حكم كثيرة لاختيار بلاد الأميين لتكون مهد الرسالات السماوية فيهم، منها

أولًا: حالة البعد عن القيم الإنسانية

الأميون يعيشون في ظلمة من الجهالة ، فكان يغلب عليهم بسبب ذلك أن يضلوا الطريق إلى تلك القيم الإنسانية . مثل

– البعد عن عبادةِ الله

قال الله تعالى:

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

الأعراف: 138

وهذه الحالة هي التي عبر الله تعالى عنها بالضلال

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الأنعام: 74

– فيقتلوا أولادهم لضعف عقولهم وجهلهم

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾

الأنعام: 140

﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ . بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾

التكوير: 8- 9

– أنتشار الشهوات والفواحش

قال الله تعالى:

﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

النمل: 55

– الميل عن حكم الله وهو الحق والعدل

قال الله تعالى:

﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾

المائدة :50

– تبرج النساء في الطرقات

قال الله تعالى:

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ﴾

الأحزاب: 33

– التعصب وعدم قبول الحق

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾

الفتح: 26

– يثيروا فيما بينهم المعارك بدافع الإباء

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾

الأعراف :127

ثانيًا: فساد  الأمة وعدم القدرة

علي حمل الرسالة

قد جعل الله تعالى في بني إسرائيل أنبياء وجعلهم ملوكًا يملكون أمرهم بعد أن كانوا مملوكين لفرعون وقومه، وقد منحهم من نعمه صنوفًا لم يمنحها أحدًا من عالَمي زمانهم.

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾

المائدة: ٢٠

ولكن طال عليهم الأمد وقست قلوبهم، فغيروا وبدلوا ، واشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا، وقتلوا الأنبياء ونقضوا العهود، وأوقدوا  نَارًا الحروب .

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا  وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ  وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾

المائدة : ٦٤

بعد أن فسد بنو إسرائيل ولم يتحملوا أمانة حمل الرسالة كان لا بد من تسليمها لأمة أخرى تقوم بأعباء حمل الرسالة، ويظهر عظمة الله تعالى في جعل أمة أمية تتعلم وتتولى قيادة العالم .

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الجمعة: ٢

والله تعالى لا يفضل أحدًا على أحدٍ إلا بالتقوى، ولا يختار أحدًا على أحدٍ إلا بالعمل الصالح، وإنما يتفاضل الناس عند الله بإيمانهم وتقواهم، وإذا غيرنا أو بدلنا أو قصرنا في هذه الرسالة العظيمة؛ فإن الله تعالى سيأتي بأقوام آخرين، لهم صفات غير صفاتنا وأخلاق غير أخلاقنا.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾

المائدة: ٥٤

﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾

محمد: 38

6- أنواع الأمية

       في

القرآن الكريم

لو ألقينا نظرة شموليَّة على الآيات التي وردت فيها كلمة أمّيّ لوجدناها تأتي بمعنيين اثنين ، هما

أولًا: أمية الشَّخص الذي ليس

له كتاب إلهي

إن تخلف أمة من الأمم عن العلم والمعرفة بالمنهج الإلهي والابتعاد عنة ، فيكون ذلك مقدمة للضلال والانحراف.

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الجمعة: ٢

فيبعث الله تعالى النبي لعلاج الحال الذي هم عليه من الأمية، فيعلمهم الكتاب والحكمة .

قال الله تعالى:

( فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ ﴾

آل عمران: 20

الآية تُقسِّم النَّاس إلى قسمين الذين أُوتوا الكتاب والأميِّون  وهم الذين لم يتلقَوْا كتابا إلهيا

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾

النساء : ١١٣

يفهم من الأيات السابقة أن سبب أميتهم عدم معرفتهم بالكتاب، وعدم التزكية لنفوسهم، ولأجل هذا الداء جاءت الرسالة بذلك الدواء .

ثانيًا: أمية عدم معرفتهم بكتابهم

السماوي المنزل عليهم

لا يختص مفهوم الأمية بأمية عدم المعرفة بالكتاب بل هناك الشَّخص الذي له كتاب إلهي يؤمن به لكنَّه لا يعرف محتوياته على الوجه الصَّحيح

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾

البقرة: ٧٨

ذكرت الآية طائفة من اليهود حيث إن أميتهم ناشئة من عدم معرفتهم بالكتاب إلا أماني ، أي منهم أمة منقطعون عن كتابهم لا يعلمون منه إلا أوهامًا وظنونًا يتلوها عليهم علماؤهم، الذين يحرفون كتاب الله وكلماته عن مواضعها، ويحسب هؤلاء السذج أنه الكتاب المنزل إليهم من ربهم. ولذلك في الآية التالية

قال الله تعالى:

﴿  فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾

البقرة: ٧٩

فالأمية هنا أمية الضلال والظنون، والأوهام والجهل، وعدم معرفتهم بكتابهم السماوي المنزل من عند الله تعالى . فلو كانوا عارفين بالكتاب قادرين على قراءته وتلاوته لما اغتروا بعمل المحرفين، ولميزوا الصحيح من الزائف، غير أن أميتهم وجهلهم به حالت بينهم وبين أمنيتهم.

7- علاج الأمية

القرآن الكريم  أعلن الحرب على الأمية ودعا إلى التعليم، ورفع مكانة العلم والعلماء، وحتى جعل العلم فريضة يتقرب بها العبد إلى ربة .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

الزمر: ٩

لذا يجب نشر ثقافة أن العلم فريضة على كل مسلم، ومتى ما استقر الإيمان بوجوب التعلم، و ثم أيقن كل مسلم أن دينه لا يستقيم إلا إذا تعلم ثم عمل بعلمه، فإن ذلك سيكون أفضل حافز للقضاء على الأمية.

وحسبنا أن أول آيات نزلت من القرآن كانت إشادة بفضل القراءة والقلم والعلم، والتعليم بالقلم .

قال الله تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

العلق: ١-٥

وذكر الله تعالى في كتابه العزيز سورة كاملة باسم القلم، وسميت بذلك؛ لأن الله أقسم فيها بالقلم وما يسطره به الكاتبون من علم وحكمة

قال الله تعالى:

﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾

القلم: ١

ويقسم الله في القرآن بالشيء؛ تنبيهًا على عظيم منفعته، ولفتًا لأنظار الخلق إليه، وأي شيء أعظم نفعًا من القلم مثبت العلم، وناقله إلى الأجيال؟

لكن ماذا يتعلم الإنسان ليتخلص من الأمية ؟

1- العلم بالمنهج الإلهي

قال الله تعالى:

 ﴿ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾

البقرة: 2

ذلك القرآن هو الكتاب العظيم الذي لا شَكَّ أنه من عند الله، فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به المتقون بالعلم النافع والعمل الصالح وهم الذين يخافون الله، ويتبعون أحكامه. لتخرج الناس من ظلمات الكفر إلى النور الإيمان .

قال الله تعالى:

﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾

إبراهيم :1

2- العلم بأيات الله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾

البقرة :164

إن في خلق السماوات بارتفاعها واتساعها، والأرض بجبالها وسهولها وبحارها، وفي اختلاف الليل والنهار من الطول والقصر، والظلمة والنور، وتعاقبهما بأن يخلف كل منهما الآخر، وفي السفن الجارية في البحار، التي تحمل ما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء المطر، فأحيا به الأرض، فصارت مخضرَّة ذات بهجة بعد أن كانت يابسة لا نبات فيها، وما نشره الله فيها من كل ما دبَّ على وجه الأرض، وما أنعم به عليكم من تقليب الرياح وتوجيهها، والسحاب المسيَّر بين السماء والأرض -إن في كل الدلائل السابقة لآياتٍ على وحدانية الله، وجليل نعمه، لقوم يعقلون مواضع الحجج، ويفهمون أدلته سبحانه على وحدانيته، واستحقاقه وحده للعبادة.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾

يونس: 6

إن في تعاقب الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض من عجائب الخلق وما فيهما من إبداع ونظام، لأدلة وحججًا واضحة لقوم يخشون عقاب الله وسخطه وعذابه.

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

العنكبوت: 20

قل – أيها الرسول- لمنكري البعث بعد الممات: سيروا في الأرض، فانظروا كيف أنشأ الله الخلق، ولم يتعذر عليه إنشاؤه مبتدَأً؟ فكذلك لا يتعذر عليه إعادة إنشائه النشأة الآخرة. إن الله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء أراده.

3 – العلم بسنن الله تعالى

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ ﴾

الروم: 42

قل – أيها الرسول- للمكذبين بما جئت به: سيروا في أنحاء الأرض سير اعتبار وتأمل، فانظروا كيف كان عاقبة الأمم السابقة المكذبة كقوم نوح، وعاد وثمود، تجدوا عاقبتهم شر العواقب ومآلهم شر مآل؟ فقد كان أكثرهم مشركين بالله.

قال الله تعالى:

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

غافر: 82

أفلم يَسِرْ هؤلاء المكذبون في الأرض ويتفكروا في مصارع الأمم المكذبة من قبلهم، كيف كانت عاقبتهم؟ وكانت هذه الأمم السابقة أكثر منهم عددًا وعدة وآثارًا في الأرض من الأبنية والمصانع والغراس وغير ذلك، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبونه حين حلَّ بهم بأس الله.

8- صور لأميِّون

         في

    القرآن الكريم

ذكر القرآن الكريم صورلبعض الأميِّون ، نذكر منها

1- أُميَّة أهل مكة

قال الله تعالى:

﴿ يس . وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ . عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴾

يس1 -6

أنزلنا عليك -أيها الرسول- الكتاب لتحذر به قومًا لم يُنْذَرْ آباؤهم من قبلك، وهم العرب. الذين لا يعرفون أي من كتب الله فهم أُمِّيِّينَ .

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾

آل عمران  75

ومن أهل الكتاب من اليهود مَن إنْ تأمنه على كثير من المال يؤدِّه إليك من غير خيانة، ومنهم مَن إنْ تأمنه على دينار واحد لا يؤدِّه اليك، إلا إذا بذلت غاية الجهد في مطالبته. وسبب ذلك عقيدة فاسدة تجعلهم يستحلُّون أموال العرب بالباطل، ويقولون: ليس علينا في أكل أموالهم إثم ولا حرج .

قال الله تعالى:

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾

الجمعة 2

وقد بعث الله تعالى في أهل المكة الأمِّيِّين رسولاً منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، وبهذا قد أخرجهم من الأمِّيَّة وزكَّاهم.

2- أُميَّة الرسول

تعددت الآيات القرآنية التي تثبت أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الآيات

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

الجمعة: ٢

﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾

الأعراف: ١٥٨

ويوضح القرآن الكريم طبيعة أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك في هذه الآية

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾

الشورى: 52

وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك – أيها النبي- أوحينا إليك قرآنًا من عندنا، ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به مَن نشاء مِن عبادنا إلى الصراط المستقيم.

قال الله تعالى:

﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ﴾

الضحى: 7

ووجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلَّمك ما لم تكن تعلم، ووفقك لأحسن الأعمال؟

قال الله تعالى:

 ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ ﴾

هود 49

لم يكن محمد عليه السَّلام قبل بعثته صاحب علمٍ بكتب الله تعالى، أي أنَّه كان أُمِّيَّا من هذا الوجه .

قال الله تعالى:

( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ ﴾

الأعراف  157

أمَّيَّة النَّبيِّ عند أهل الكتاب لا تأتي بمعنى الذي لا يعلم الكتاب بل كونه مكيَّا بالضَّرورة ، أي أنَّه كانَّ مثلهم قبل بعثته .

3- أُميَّة أهل الكتاب

قال الله تعالى:

﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾

البقرة 78

ومن اليهود جماعة أميون لا يعلمون التوراة ، وما عندهم من ذلك إلا أكاذيبُ وظنون فاسدة.

Share This