مفهوم الأمومة في القرآن الكريم
1- مفهوم الأمومة
الأمومة هي أحاسيس ومشاعر فطرية أودعها الخالق بقلب كل أم تجاه أبنائها، حيث تتجسد في التربية والرعاية و الحب والحنان الذي تمنحه الأم بدون مقابل، فهي تضحي دائما بكل ما يمكنها من غال ونفيس في سبيل الأبناء، وغالبا ما تتنازل عن رغباتها وحاجاتها من أجل الأبناء ، لقد وهب الله الأم نبعا من الحنان والعطف لا يمكن أن يكون موجودا مثله في قلب أحد غير الأم،وهذه الصفة ليست قاصرة على البشر فقط، حيث أن الإحساس الفطري بالأمومة يكون موجودا لدى الحيوانات والطيور .
2- – كلمة الأمومة
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (الأم) في القرآن الكريم ٢٨ مرة. والصيغ التي وردت هي:
– المفرد
ورد ١٧ مرة
قال الله تعالى:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾
القصص :٧
– الجمع
ورد ١1 مرة
قال الله تعالى:
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾
النساء :٢٣
وجاءت كلمة (الأم ) في القرآن الكريم على أربع أوجه:
1- الوالدة
قال الله تعالى:
( فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ )
طه:٤٠
أي: إلى والدتك.
2- المرضعة
قال الله تعالى:
( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ )
النساء:٢٣
يعني : وحرمت عليكم مرضعتكم في الحولين.
3- أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )
الأحزاب: ٦
4- أم كل شيء
هي أصله ، وبهذا المعنى ورد
قال الله تعالى:
﴿ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾
الأنعام : 92
أم القرى: مكة
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾
آل عمران : 7
ورد تعبير أم الكتاب : أي القرآن الكريم
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الأمومة
– الوالدة
الوالدة هي التي تلد، فكل والدة أم، وليس كل أم والدة، فالأم قد تعيل وتربي ولا يعني ذلك بالضرورة أنها هي من ولدته.
قال الله تعالى:
﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾
البقرة :233
– المرضعة
المرضعة هي من معها صبي ترضعه، سواء كانت من ولدته أو استؤجرت لإرضاعه.
قال الله تعالى:
﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾
النساء :23
– الأنثى
الأنثى هي ما كان خلاف الذكر
قال الله تعالى :
﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ﴾
آل عمران : 36
– المرأة
المرأة هي اسم للأنثى البالغة من أولاد آدم .
قال الله تعالى :
﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ﴾
التحريم : 10
– الأب
الأب هو كل من تكون من نطفته شخص آخر من نوعه.
قال الله تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ﴾
التوبة : 114
4 – الأمومة الأولى
خلق الله عز وجل أول خلقه من البشر آدم عليه السلام، ثم خلق منه أم البشر حواء عليها السلام، فكانت أول من خلق الله عز وجل من النساء، فالأمومة الأولى تمثلت في حواء عليها السلام.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾
النساء :١
معناه: وخلق من جنسها زوجها، أي من التراب .
قال الله تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
الأعراف: 189
هو الذي خلقكم – أيها الناس- من نفس واحدة، وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها، وهي حواء؛ ليأنس بها ويطمئن، فلما جامعها -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم- حملت ماءً خفيفًا، فقامت به وقعدت وأتمت الحمل، فلما قَرُبت ولادتها وأثقلت دعا الزوجان ربهما: لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت لنا من الولد الصالح.
5 – أنواع الأمومة
إن الأمومة من أقوى الغرائز التي جبلت عليها المرأة، والقرآن الكريم صنف الأمومة إلى نوعين ، وبيان ذلك كما يأتي:
أولًا – الأم الوالدة
الأمومة صفة تتمتع بها الأم الوالدة، وغريزة أودعها الله عز وجل في المرأة، فالأم بفطرتها تحن على وليدها، وهذه الأم الوالدة هي كل من ولدت المرء
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ﴾
المجادلة :٢
فأمومة الولادة هي الأمومة الكاملة في تحققها، وثبوت أحكامها.
ثانيًا- الأم المرضعة
ذكر الله عز وجل هذا النوع من الأمومة الأم المرضعة في كتابه العزيز
قال الله تعالى:
﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾
النساء: ٢٣
وأم الإنسان من الرضاع هي الأم التي أرضعته، فالأم الوالدة قد لا تستطيع لعذر إرضاع وليدها، لذا كان العرب قديمًا يستأجرون مرضعة لأبنائهم .
6 – فطرة الأمومة ومشقاتها
خلق الله عز وجل المرأة وأودع فيها غريزة الأمومة، بل هي من أقوى الغرائز عند الأم، فمن حرمها من الأمهات فهو ابتلاء عظيم، يبتلي الله به من يشاء من عباده .
قال الله تعالى:
﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾
الشورى :٤٩-٥٠
لذا نرى عاطفة الأمومة متمثلة بأمور عديدة منها:
1- تمني الولد
الأمومة فطرة جبلت عليها المرأة، فهذه سارة زوج سيدنا إبراهيم، تمنت الولد ولكنها لم تنجب في صغرها فبشرها الله عز وجل، بالولد في كبرها،
قال الله تعالى:
﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾
هود: ٧١
وهذه امرأة فرعون آسية لم تنجب، ونراها حرصت على أن تتخذ موسى ابنًا لها.
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾
القصص : 9
2- الحب والحنان والخوف عليه
إن عاطفة الأمومة وما ينبع منها من حب وعطف وحنان، لمعجزة إلهية من عند الخالق المبدع، ، ولقد جاء القرآن الكريم يرسم أجمل صورة لتلك العاطفة عند الأم التي تجعلها تصبر على ولدها في بطنها تسعة أشهر، تعاني فيها من آلام الحمل والتغير العضوي ما تعاني، يمتص الجنين من جسدها الغذاء ليكبر ويكبر، فإذا ما حان وقت خروجه، عانت في وضعه أضعاف ما كانت تعاني أيام الحمل، فإذا ما رأته بعد تلك الآلام احتضنته بحبها وعطفها وحنانها.
وجاء لنا القرآن الكريم مصورًا مشهد خوف الأم على وليدها، في أم موسى عليه السلام، عندما خافت عليه من أن يلحقه الأذى من فرعون،
قال الله تعالى:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ . فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ . وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾
القصص: ٧-١1
وانظر كيف يصور القرآن الكريم فؤاد أم موسى ومشاعرها وأحاسيسها، بعد أن نفذت أمر ربها ، فأصبح فؤاد أم موسى فارغًا لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون .
هذه هي الأم مصدر الحب وينبوع الحنان، فمسكين ذلك الابن الذي لا يدرك مكانة الأم و حقوقها عليه بعد كل هذا العطاء المتفاني، فإذا بنا نسمع في هذا الزمان أو نرى أولادًا لم يكتفوا بعدم البر والإحسان لهذه الأم، بل زادوا على ذلك بالإيذاء والتأفف والتذمر والعقوق، خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله.
3- تحمل مشقات الأمومة
أما مشقات الأمومة، فالأمومة لها مشاق مختلفة ومتنوعة، أولها:
أ – الحمل
وضح القرآن الكريم مشقات الحمل في مواضع عديدة، منها .
قال الله تعالى:
﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾
لقمان :١٤
والمقصود فيها ولدته أمه شدة بعد شدة، فالأم تعاني المشاق منذ بداية حملها، بل وتزاد المشقة يومًا بعد يوم؛ لتثاقل الحمل .
قال الله تعالى:
﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾
الأحقاف :١٥
ب – الولادة
وتحدث القرآن الكريم عن شدة الولادة وآلامها حينما وصف السيدة مريم
قال الله تعالى:
﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾
مريم :٢٣
والمخاض يعني الطلق، ووجع الولادة وآلامها، وقيل: التجأت إلى النخلة تستند إليها وتستمسك بها من شدة الطلق، ووجع الولادة.
ت – الرعاية في الصغر
قال الله تعالى:
﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾
لقمان :14
حَمَلَتْه أمه ضعفًا على ضعف، وحمله وفِطامه عن الرضاعة في مدة عامين، وقلنا له: اشكر لله، ثم اشكر لوالديك .
7- الأمومة والأحكام الشرعية
إن للأمومة أحكامًا خاصة بها لا بد من مراعاتها، والقيام بموجبها، والتزام ما أمر به الله عز وجل، من حرمة نكاحها، وأحكام الوصية والإرث، وما يتعلق بالقرابة ممن ترضعهم الأم، وأحكام الرضاعة والنفقة والحضانة، وسنتناول هذه الأحكام بشيء من التفصيل بإذن الله فيما يلي:
1- حرمة نكاحها
وردت آيات في القرآن الكريم توضح لنا حرمة نكاح الأمهات
قال الله تعالى:
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ﴾
النساء:٢٣
فنستدل من خلال الآية الكريمة على حرمة نكاح الأمهات وترك ذكر لفظ النكاح، اكتفاءً بدلالة الكلام عليه ، وسمى الله عز وجل المرضعات أمهات لأجل الحرمة فيحرم عليه نكاحها .
2- الوصية والإرث
أوجب الله سبحانه وتعالى للأم ميراث ولدها إن مات في حياتها كما أوجب له ميراثها إن ماتت في حياته.
قال الله تعالى:
( فإن لم يكن له ولد ووَرِثه أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس )
النساء:11
ذكر الله عز وجل الميراث في القرآن الكريم، وفصله بدقة ووضوح من غير غموض أو لبس فيه، ، فالأم لها ميراث .
أما حكم الأم المرضعة فإن الرضاع يؤثر في تحريم النكاح، وثبوت المحرمية المفيدة لجواز النظر والخلوة دون سائر أحكام النسب، فلا يتوارثان ولا تجب على كل واحد منهما نفقة الآخر وغير ذلك من الأحكام .
3- ثبوت القرابة بين من أرضعتهم
كل أقارب الأم المرضع أقارب للرضيع، فالمرضعة تصبح أمًا للرضيع وكما بينا سابقًا فإنها تحرم عليه، وبنتها أخته، وأولادها إخوته، وزوجها أبوه، وأبواه جداه وأخته عمته وكل ولد ولد له من غير المرضعة قبل الرضاع وبعده فهم إخوته وأخواته لأبيه وأم المرضعة جدته وأختها وأخواته لأبيه وأمه ومن ولد لها من غيره فهم إخوته وأخواته لأم.
قال الله تعالى:
﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾
النساء: ٢٣
4- الرضاعة والحضانة والنفقة
أ – الرضاعة
وردت آيات في القرآن الكريم تدل بالنص الصريح على وجوب ارضاع الأم لطفلها
قال الله تعالى:
﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾
البقرة: ٢٣٣
فالمرأة يجب عليها إرضاع ولدها ما دامت في عصمة والده، وإن كانت مطلقة طلاقًا بائنًا: لم يلزمها رضاعه
قال الله تعالى:
﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾
الطلاق: ٦
إلا أن تشاء هي فهي أحق به بأجرة المثل، وإن لم يقبل الطفل غيرها وجب عليها إرضاعه.
ب – الحضانة
تعرف الحضانة بأنها تربية الطفل، والقيام بأمره ورعايته، وحفظه عما يضره، واعتماد ما يصلحه؛ فهي حفظ من لا يستقل بنفسه وتربيته حتى يستقل بنفسه .
وتنتهي فترة الحضانة عند سن التمييز، وخص الأم بتربية ولدها لأنها أخبر وأعلم، وعليه أصبر؛ لما جبلت عليه من فضل الميل إلى الأولاد، وكثرة الحنو والإشفاق.
ت – النفقة
يجب على الأب تحمل نفقة الأم طيلة مدة الرضاع بما فيه الكفاية حسب العرف والأمثال، ومنعه من أن يمنع الأم من إرضاع الولد لسببٍ من الأسباب، مع تنبيه الأم إلى عدم جواز تكليف أحد بأكثر من وسعه وطاقته
قال الله تعالى:
﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ﴾
البقرة :٢٣٣
أي:على الوالد النفقة مدة الرضاع
قال الله تعالى:
﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ ﴾
الطلاق :٦
حسب طاقة وقدرة الأب وهي نفقة واجبة بحسب العرف.
5- شناعة تشبيه الزوجة بالأم (الظهار ﴾
كان الظهار في الجاهلية طلاقًا لا رجعة بعده، بل هو أشد الطلاق عندهم؛ لما فيه من تشبيه الزوجة بالأم التي تحرم حرمة على التأبيد، فتبقى معلقة لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره، وجاء الإسلام فأبطل هذا الحكم .
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
المجادلة: ٣-٤
8 – الأمومة حقوق وواجبات
كرم الإسلام المرأة، ورفع مكانتها، فأوجب الله عز وجل للأم حقوقًا تحفظ لها كرامتها وترفع من قدرها كالإحسان والبر والطاعة، بل وجعل ذلك من أهم أسباب رضا الله عز وجل، وفي المقابل كان عليها بعض الواجبات التي يجب أن تقوم بها، نبين ذلك فيما يأتي:
أولًا- حقوق الأمومة
لا يعرف التاريخ دينًا ولا نظامًا كرم المرأة باعتبارها أمًا، وأعلى من مكانتها ومنزلتها، مثل الإسلام، حيث إنه أكد الوصية بها، وجعل برها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أوكد من حق الأب، لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يقرره القرآن الكريم ، ويكرره في أكثر من موضع؛ ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم، ولذلك وجب علينا أن نبين بعض الحقوق لهذه الأم وهي كالتالي:
1- الإحسان
لقد أمر الله عز وجل ببر الوالدين وإكرام الأم وإحسان صحبتها.
قال الله تعالى:
﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾
الإسراء :٢٣
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
لقمان :١٥
أي يجب علينا برها ورحمتها والنزول عند أمرها ، ولا نؤذيها البتة وإن كانت كافرة، بل يجب علينا الإحسان إليها، وتطبيق ما فرض الله لها من فعل المعروف لها، والقول الجميل، والرأفة بها، والدعاء بالخير لها .
قال الله تعالى:
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
الأحقاف :١٥
والإحسان للأم يدخل فيه أنواع بر الوالدين كلها حيث يكون بلين الجانب، وألا يرفع الصوت فوق صوتها، ولا يجب الرد .
2- خفض الجناح
قال الله تعالى:
﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾
الإسراء:٢٤
والمقصود بالجناح هنا هو الرعاية والإحاطة، وشبهت هذه المعاني بالجناح الذي يكون به قوة الطائر، وإضافة الذل إليه لتكون الرعاية ذلًا لهما، وتواضعًا من غير استكبار، فلا ينبغي أن نرفع أيدينا على والدينا، ولا ينبغي أن نحد البصر إليهما تغيظًا، ويجب التواضع لهما، ولا نتعال عليهما.
3- الرفق
قال الله تعالى:
﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾
الإسراء:٢٣
وجه الله عز وجل الخطاب لنا بالرفق مع الأم، فلا تؤفف من شيء تراه منها مما يتأذى منه الناس، ولكن يحب أن نصبر على ذلك، ونحتسب في أجر الصبر عليها، كما صبرت علينا في صغرنا، وعدم رفع الصوت عليها وعدم الزجر والشدة بها .
4- الطاعة في المعروف
طاعة الأم في معروف غير معصية فرض واجب على الإنسان، مقابلة للمعروف بمثله، ووفاء للإحسان، وتقدير الفضل ، فإذا دعت إلى منكر، فلا طاعة لها .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
لقمان: ١٥
ثانيًا- واجبات الأمومة
إن لكل شخص حقوقًا وواجبات ومتى تنتهي الحقوق فكان حتمًا عليه أداء واجباته، فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها أمام الله سبحانه وتعالى، فعليها أن تقوم بواجباتها على أكمل حال، وبذل ما تقتضيه الفطرة السوية لهم من الحب والعطف والحنان، فهذا مما وصى الله عز وجل به في كتابه العزيز
قال الله تعالى:
﴿ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾
النساء:١١
فالأم تنشئ أبناءها فهم أمانة بين يديها؛ فلذلك وجب عليها بعض الواجبات، منها:
1- الرضاعة
وجه الله عز وجل النداء الإلهي المملوء بالرحمة يطلب فيه من كل أم أن ترضع أطفالها
قال الله تعالى:
﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾
البقرة:٢٣٣
فالأم هي الأساس في رعاية الطفل، وسد حاجاته وتلبية رغباته المتنوعة.
2- الفصال
الفصال المقصود به الفطام، وهو فصله عن ثدي أمه إلى الغذاء بالأقوات التي يتغذى بها الإنسان، ويكون ذلك بالتدريج. الفصال يقع في عامين، أي في انقضاء عامين،
قال الله تعالى:
﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾
لقمان:١٤
وذكر مشقة الوالدة بإرضاع الولد بعد الوضع عامين
قال الله تعالى:
﴿ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾
البقرة: ٢٣٣
3- الرعاية
أراد الله عز وجل للأسرة أن تقوم على الأسس الصحيحة السليمة، فأرسى لها الدعائم التي تؤهلها لذلك، والأسس القويمة لتكوينها تكوينًا سليمًا كحاضن جيد للطفل، بحيث ينشأ نشأة سوية، فالطفل له حاجات أخرى كثيرة غير الرضاعة؛ إذ لا بد له من رعاية شاملة له في جميع أحواله وأوقاته، ونظافته ومداعبته، ودفع الأذى عنه .
– في شأن أخت موسى عليه السلام
قال الله تعالى:
﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾
القصص:١٢
وكل ذلك يكون فيه الحمل الأكبر على عاتق الأم وذلك بسبب ملازمتها للبيت وللطفل، فعلى الأم تنشئة الأبناء ورعايتهم رعاية صحيحة، وإن العقل السليم في الجسم السليم والإسلام يريد منا أن نربي أولادنا على القوة والنشاط.
4- التربية
والأسرة المسلمة تقوم على مبادىء معينة، هامة وجليلة الشأن من أجل توفير جو صحي سليم لتربية الأولاد تربية سليمة ، فهي تقوم على المودة والرحمة.
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
الروم: ٢١
إن للأم أهمية ودورًا كبيرًا في التربية والتغيير، ودور الأم أعظم وأخطر من دور الأب؛ لأنها تتعامل مع أثمن شيء في الوجود وهو الطفل، وعمل الأم هو صناعة الإنسان وزرع الحب والفضيلة والرحمة والعاطفة والحنان والتضحية والإيثار في نفسه، فيجب الوقوف أمام هذا العطاء موقف الإجلال والتعظيم .
9- أمهات ذكرن
في
القرآن الكريم
1- أم النبي موسى
ضربت والدة – سيدنا موسى – عليه السلام – أروع مثال في الصبر على فراق ابنها، عندما ألقت به في اليم .
قال الله تعالى:
( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )
القصص : 7
2- أم السيد المسيح
صبرت السيدة مريم على اتهام قومها لها عندما جاءت بسيدنا عيسى – عليه السلام – تحمله
قال الله تعالى:
﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴾
مريم : 27
فأتت مريم قومها تحمل مولودها من المكان البعيد، فلما رأوها كذلك قالوا لها: يا مريم لقد جئت أمرًا عظيما وخيما، وأرادوا بذلك البغاء حاشاها من ذلك..
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا . قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا . فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا. فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا . فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . كُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا .فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا . يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾
مريم : 19 -28
3- أم النبي يحيى
كانت امرأة سيدنا زكريا – عليه السلام – صابرة على كونها لم ترزق بالذرية، حتى دعا زكريا ربه بأن يهبه ذرية طيبة، فاستجاب له ربه وبشرته الملائكة بيحيى – عليه السلام – .
قال الله تعالى:
﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا . قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا . قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾
مريم:2-٩
وقد استجاب الله عز وجل دعاء نبيه زكريا عليه السلام، وولدت يحيى عليه السلام .
قال الله تعالى:
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء . فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ . قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ﴾
آل عمران: 38 -40
4- أم النبي إسماعيل
كانت السيدة هاجر زوجة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – من النماذج العظيمة في الصبر والثقة بالله، عندما تركها سيدنا إبراهيم – عليه السلام – في مكان لايوجد فيه زرع، فصبرت وأطاعت ونفذت ما طلبه منها إبراهيم – عليه السلام – .
قال الله تعالى:
( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون )
إبراهيم: 37
5- أم النبي إسحاق
كانت السيدة سارة زوجة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – صابرة على قضاء الله، فُبشرت بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب عليهما السلام، فرزقها الله – عز وجل – بهما بعد أن صارت عجوزا.
قال الله تعالى:
( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ . قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ . قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ )
هود 71 – 73
6- أم السيدة مريم
أم مريم لم تنجب من زوجها عمران في بداية زواجها، وكانت تحن إلى الولد، فدعت الله عز وجل أن يرزقها ولدًا، ونذرت لله إن رزقها الولد أن تهبه خادمًا للكنيسة، فلما وضعتها أنثى حزنت وتحسرت مما كانت ترجوه،
قال الله تعالى:
﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾
آل عمران:٣5- 36
7- أمهات المؤمنين
ذكر القرآن الكريم مصطلح أمهات المؤمنين، وهو يطلق على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى:
﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾
الأحزاب:٦
ولهذه الأمومة آدابها برًا وإحسانًا، ولا يترتب عليها سوى حكم واحد وهو أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين، لا يحللن لأحد من بعده .
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾
الأحزاب:٥٣
10- الأمومة يوم القيامة
إلا أن هذه الرابطة تتأثر بهول يوم القيامة فقط، فيستقل الولد عن أمه، والأم عن ولدها .
قال الله تعالى:
﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾
عبس:34-36
أحدث التعليقات