1- مفهوم الأمر

الأمر هو طلب الفعل على وجه التكليف والإلزام  ، والأمر ضد النهي .

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ﴾

النساء:٥٨

2- كلمة الأمر

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة (أمر) وصيغها في القرآن الكريم (٨٨) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾

الأعراف:١٢

– الفعل المضارع

ورد ٤٠ مرة

قال الله تعالى:

﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ﴾

هود:٨٧

– فعل الأمر

ورد  ٥ مرات

قال الله تعالى:

﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾

الأعراف:١٩٩

– اسم الفاعل

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

التوبة:١١٢

– صيغة المبالغة

ورد مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾

يوسف:٥٣

– المصدر

ورد  ٧ مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ ﴾

الأنعام :٨

وجاء الأمر الذي جمعه أوامر في الاستعمال القرآني بمعنى: استدعاء الفعل بالقول من الأعلى إلى الأدنى

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ﴾

النساء:٥٨

3- الكلمات ذات الصلة

    بكلمة الأمر

– النهي

النهي هو اللفظ المستعمل لطلب الترك على وجه الإلزام ، والنهي ضد الأمر

– الخبر

الخبر هو ما يعبر به عن واقعة معينة.

– الدعاء

الدعاء هو سؤال العبد ربه حاجته.

4- أنواع الأوامر

       في

 القرآن الكريم

أولًا – الأمر الإلهي

أولًا: الله سبحانه وتعالى له الخلق والأمر

بين القرآن الكريم تفرد الله تعالى بالخلق والأمر

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾

الأعراف: ٥٤

فهو سبحانه هو الذي خلق الأشياء كلها، ويدخل في ذلك السموات والأرض وغيرهما، وهو الذي دبر هذا الكون على حسب إرادته.

قال الله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾

آل عمران: ١٠٩

فالله سبحانه وتعالى تصير إليه جميع الأمور

ثانيًا: أنواع الأمر الإلهي

١-  الأمر القدري الكوني

يتمثل في أمر الإنشاء والتكوين والإيجاد.

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾

غافر: ٦٨

يعني: فإذا قضى وقدر أمرًا يريد إنفاذه وإيجاده وإنشاءه، وإخراج المخلوق من العدم، فإنما يقول له: كن فيكون، ويوجد من غير توقف على شيء آخر، ولا معاناة ولا كلفة

٢-  الأمر الشرعي الديني

هو كل مطلوب من العباد في جميع المجالات، أي سواء أكانت تلك الأوامر متعلقة بمطلوب يتعلق بعلاقة العبد بربه، أو علاقته بغيره من البشر، أو علاقته بنفسه وذاته التي بين جنبيه، أم غير ذلك، فكل ما هو مطلوب من العبد يدخل تحت الأمر الشرعي.

– ما أمر به اليهود والنصارى من التوحيد والإخلاص لله

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ﴾

التوبة: ٣١

– ما أمر به النبي من قبل الحق سبحانه وتعالى

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾

الزمر: ١١

فأمر النبي بعبادة الله، والإخلاص له

3- الأمر الجزائي

يتمثل في الجزاء المترتب على اتباع الأمر أو مخالفته، سواء أكان الجزاء دنيويًا أو أخرويًا، أي: حاضرًا أو مؤجلًا.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾

الأنعام: ١٥٩

أي: إنما أمرهم إلى الله يتولى جزاءهم، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون بالعقاب، إذا وردوا للقيامة.

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ  إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾

هود: ٦٦

أي: فلما جاء أمرنا بإنزال العذاب بهم في الوقت المحدد نجينا صالحًا والذين آمنوا معه برحمة عظيمة كائنة منا.

فأمر الله تمثل في الجزاء الذي لحق بهم، وهو الهلاك والدمار لعدم إيمانهم بالله ورسوله، والأمر الجزائي قد يكون أخرويًا كما في المثال الأول، وقد يكون دنيويًا كما في الثاني. هذا عن مخالفة الأمر الإلهي، أما اتباع الأمر الإلهي فيكون له جزاء (إيجابي) هو الآخر كنتيجة طبيعية لتنفيذه .

قال الله تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٠٤

ثالثًا: صفات الأمر الإلهي

من خلال تتبع النصوص التي بينت الأمر الإلهي نجد أنه يتميز بعدة صفات أساسية  ، وهى

١ – القسط

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾

الأعراف: ٢٩

قل – أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أمر ربي بالعدل

٢ – الظهور

قال الله تعالى:

﴿ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾

التوبة: ٤٨

حتى جاء النصر من عند الله، وأعز جنده ونصر دينه، وهم كارهون له.

٣ – النفاذ

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾

النساء:٤٧

معناه: أنه كان وما زال جميع ما أمر الله به وقضاه نافذًا لا محالة ؛ لأنه سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

٤- أمر الله له الغلبة

قال الله تعالى:

﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

يوسف: ٢١

إن الله غالب على أمره يفعل ما يشاء، لا يغلبه شيء ولا يرد حكمه راد .

رابعا – التعامل مع الأمر الإلهي

بين القرآن أصناف الخلق في التعامل مع الأمر الإلهي، سواء كانوا ملائكة، أو رسلًا، أو مؤمنين، أو كافرين، أو منافقين، وسوف نتناول ذلك بالبيان فيما يأتي:

1- تعامل الملائكة مع الأمر الإلهي

تعامل الملائكة مع الأمر الإلهي يتضح فيما يلي:

أ-  الطاعة والامتثال

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾

التحريم:٦

أنهم يؤدون ما يؤمرون به، ولا يتثاقلون عليه، ولا يتوانون فيه

2- تعامل الرسل مع الأمر الإلهي

يتمثل تعامل الرسل مع أمر الحق سبحانه وتعالى كما يلي:

أ – الطاعة والامتثال

قال الله تعالى:

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾

الصافات: ١٠٢

فلما كَبِر إسماعيل ومشى مع أبيه قال له أبوه: إني أرى في المنام أني أذبحك، فما رأيك؟ (ورؤيا الأنبياء حق) فقال إسماعيل مُرْضيًا ربه، بارًّا بوالده، معينًا له على طاعة الله: أمض ما أمرك الله به مِن ذبحي، ستجدني -إن شاء الله- صابرًا طائعًا محتسبًا.

ب – الاتباع

– عن عيسى

قال الله تعالى:

﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾

المائدة: ١١٧

وفي ذلك دليل واضح على شدة الاتباع لأمر الحق من قبل سيدنا عيسى عليه السلام فيما أمره الله به من عباده من الدعوة إلى توحيد الله وعبادته.

ت – التبليغ

قال الله تعالى:

﴿ فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾

الشورى: ١٥

والمعنى: أمرني ربي أن أعدل بينكم؛ وذلك بتبليغ الشرائع والأحكام، وفصل القضايا عند المحاكمة والخصام

ج – طلب التيسير

قال الله تعالى:

﴿ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴾

طه: ٢٦

يعني: وسهل علي القيام بما تكلفني من الرسالة، وتحملني من الطاعة

3- تعامل المؤمنين مع الأمر الإلهي

يتعامل المؤمن مع الأمر الإلهي، وفق النقاط الآتية:

أ-  الإيمان بما أمر الله به

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾

الرعد: ٢١

وهكذا يتبين لنا أن المؤمن الحقيقي يؤمن بكل ما يأمر الله تعالى به ويخشاه ويخافه.

ب – طلب التيسير

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾

الكهف: ١٠

اذكر -أيها الرسول- حين لجأ الشبَّان المؤمنون إلى الكهف؛ خشية من فتنة قومهم لهم، وإرغامهم على عبادة الأصنام، فقالوا: ربنا أعطنا مِن عندك رحمة، تثبتنا بها، وتحفظنا من الشر، ويسِّر لنا الطريق الصواب الذي يوصلنا إلى العمل الذي تحب، فنكون راشدين غير ضالين.

ت – الهداية به

قال الله تعالى:

﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾

آل عمران: ١٤٦ –١٤٧

كثير من الأنبياء السابقين قاتل معهم جموع كثيرة من أصحابهم، فما ضعفوا لِمَا نزل بهم من جروح أو قتل؛ لأن ذلك في سبيل ربهم، وما عَجَزوا، ولا خضعوا لعدوهم، إنما صبروا على ما أصابهم. والله يحب الصابرين. وما كان قول هؤلاء الصابرين إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وما وقع منا مِن تجاوزٍ في أمر ديننا، وثبِّت أقدامنا حتى لا نفرَّ من قتال عدونا، وانصرنا على مَن جحد وحدانيتك ونبوة أنبيائك.

ج – الطاعة والامتثال

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾

الأحزاب: ٣٦

ومعنى الآية: أنه لا يحل لمن يؤمن بالله إذا قضى الله أمرًا أن يختار من أمر نفسه ما شاء، بل يجب عليه أن يذعن للقضاء، ويوقف نفسه على ما قضاه الله عليه، واختاره له

د – الاتباع

– عن العبد الصالح

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾

الكهف: ٨٢

فكل ما فعله العبد الصالح فإنما عن أمر من له الأمر، وهو الله، وهكذا كل مؤمن لا يسير خطوة، ولا ينفذ أمرًا إلا متبعًا لأمر الله .

ر -الصبر والتقوى

قال الله تعالى:

﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾

آل عمران: ١٨٦

لَتُخْتَبَرُنَّ -أيها المؤمنون- في أموالكم بإخراج النفقات الواجبة والمستحبَّة، وبالجوائح التي تصيبها، وفي أنفسكم بما يجب عليكم من الطاعات، وما يحلُّ بكم من جراح أو قتل وفَقْد للأحباب، وذلك حتى يتميَّز المؤمن الصادق من غيره. ولتَسمعُنَّ من اليهود والنصارى والمشركين ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والطعن في دينكم. وإن تصبروا -أيها المؤمنون- على ذلك كله، وتتقوا الله بلزوم طاعته واجتناب معصيته، فإن ذلك من الأمور التي يُعزم عليها، وينافس فيها.

4- تعامل الكافرين والمنافقين مع الأمر الإلهي

يتعامل الكافرون والمنافقون مع الأمر الإلهي بالرفض والامتناع، ويتضح ذلك كما يلي:

أ-  العتو

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾

البقرة: ٢٧

الذين ينكثون عهد الله الذي أخذه عليهم بالتوحيد والطاعة، وقد أكَّده بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، ويخالفون ما أمر الله به كقطع الأرحام ونشر الفساد في الأرض، أولئك هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.

ب – التكذيب

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

الأعراف: ٢٨

وإذا أتى الكفار قبيحًا من الفعل اعتذروا عن فعله بأنه مما ورثوه عن آبائهم، وأنه مما أمر الله به. قل لهم -أيها الرسول-: إن الله تعالى لا يأمر عباده بقبائح الأفعال ومساوئها، أتقولون على الله -أيها المشركون- ما لا تعلمون كذبًا وافتراءً؟

ت – النفور

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا  ﴾

الفرقان: ٦٠

وإذا قيل للكافرين: اسجدوا للرحمن واعبدوه قالوا: ما نعرف الرحمن، أنسجد لما تأمرنا بالسجود له طاعة لأمرك؟ وزادهم دعاؤهم إلى السجود للرحمن بُعْداً عن الإيمان ونفورًا منه.

5- تعامل إبليس وذريته مع الأمر الإلهي

تعامل إبليس مع الأمر الإلهي يتمثل فيما يلي:

أ – الكبر والغرور

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾

الأعراف: ١٢

قال تعالى منكرًا على إبليس تَرْكَ السجود: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟ فقال إبليس: أنا أفضل منه خلقًا؛ لأني مخلوق من نار، وهو مخلوق من طين. فرأى أن النار أشرف من الطين.

ب – الرفض والخروج على أوامر الله

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ  ﴾

الكهف: ٥٠

واذكر حين أمرنا الملائكة بالسجود لآدم، تحية له لا عبادة، وأمرنا إبليس بما أُمِروا به، فسجد الملائكة جميعًا، لكن إبليس الذي كان من الجن خرج عن طاعة ربه، ولم يسجد كِبرًا وحسدًا.

خامسا – جزاء اتباع الأمر الإلهي في الدنيا والآخرة

١-  الفلاح في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

آل عمران: ١٠٤

ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك هم الفائزون بجنات النعيم.

٢ – الصلاح

قال الله تعالى:

﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾

آل عمران: ١١٤

وأولئك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالخير كله، وينهون عن الشر كلِّه، ويبادرون إلى فعل الخيرات، وأولئك مِن عباد الله الصالحين.

٣ – الفوز

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾

النور: ٥٢

ومن يطع الله ورسوله في الأمر والنهي، ويَخَفْ عواقب العصيان، ويحْذَر عذاب الله، فهؤلاء هم الفائزون بالنعيم في الجنة.

٤ – طيب الحياة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

الأنفال: ٢٤

ففي الآية السابقة حثٌ للمؤمنين على الاستجابة لأمر الله والرسول إذا دعاهم إلى شيء، فإن في الاستجابة لأمره إصلاح حياتهم في الدنيا والآخرة

ثانيًا – الأمر الإنساني

       في

   القرآن الكريم

بين القرآن الكريم أوامر الإنسان، سواء كان من الرسل أو المؤمنين أو المنافقين أو الجبابرة والمسرفين، وبين جزاء اتباع هذه الأوامر، وسوف نتناول هذه الأوامر بالبيان فيما يأتي:

أولًا: أوامر الرسل عليهم السلام

الرسل أرسلهم الحق سبحانه وتعالى لإسعاد الناس وهدايتهم؛ ولذلك يمكن إبراز أوامر الرسل كما يلي:

١- عبادة الله واجتناب عبادة الطاغوت.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

التوبة: ٣١

إن من الطبيعي أن يكون أول أمر للرسل لأقوامهم الأمر بعبادة الله وحده، ويطيعوا أمره ولا يطيعوا أمر غيره بخلافه، فإن ذلك مناف لعبادته جل شأنه، وأما إطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر من أمر الله بطاعته فهي في الحقيقة إطاعة لله عز وجل .

٢ – الإخلاص

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾

البينة: ٥

وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين بعبادتهم وجهه، مائلين عن الشرك إلى الإيمان، ويقيموا الصلاة، ويُؤَدُّوا الزكاة، وذلك هو دين الاستقامة، وهو الإسلام.

٣ – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

يبين القرآن صفة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء الذين بشروا أممهم ببعثته، وأمروهم بمتابعته، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم، يعرفها علماؤهم وأحبارهم

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾

الأعراف: ١٥٧

فمن صفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة، وهكذا كان حاله صلى الله عليه وسلم أنه لا يأمر إلا بخير، ولا ينهى إلا عن شر

٤-  القتال

قال الله تعالى:

﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

النور 53

وأقسم المنافقون بالله تعالى غاية اجتهادهم في الأيمان المغلَّظة: لئن أمرتنا – أيها الرسول – بالخروج للجهاد معك لنخرجن، قل لهم: لا تحلفوا كذبًا، فطاعتكم معروفة بأنها باللسان فحسب، إن الله خبير بما تعملونه، وسيجازيكم عليه.

٥ – ثمرة الشورى

يقول تعالى مخاطبًا النبي صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى:

﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾

آل عمران: ١٥٩

وشاورهم في الأمور التي تحتاج إلى مشورة، فإذا عزمت على أمر من الأمور – بعد الاستشارة – فأَمْضِه معتمدًا على الله وحده .

٦ – الأمر بالصلاة والزكاة

– عن إسماعيل عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾

مريم: ٥٥

وكان يأمر أهله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وكان عند ربه عز وجل مرضيًا عنه.

ثانيًا: أوامر المؤمنين

لاشك أن أوامر المؤمنين ستكون متفقة مع المنهج النبوي الذي يحقق السعادة لمتبعها في الدنيا والآخرة، ويمكن إيضاح أوامر المؤمنين كما يلي:

1- الأمر بالمعروف

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾

التوبة: ٧١

يذكر الحق سبحانه أوصاف المؤمنين وأعمالهم الحسنة، فهم يأمرون الناس بكل خيرٍ وجميلٍ يرضي الله، وينهونهم على كل قبيح يسخط الله، فهم على عكس المنافقين الذين يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف

2- الصدقة والإصلاح بين الناس

قال الله تعالى:

﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾

النساء: ١١٤

لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا.

٤ – ثمرة الشورى

قال الله تعالى:

﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ ﴾

الشورى: ٣٨

أنهم إذا أرادوا أمرًا من الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والرأي فيها اجتمعوا لها، وتشاوروا، وبحثوا فيها، حتى إذا تبينت لهم المصلحة، انتهزوها وبادروها

ثالثًا: أوامر المنافقين

مما لا يحتاج إلى بيان أن أوامر المنافقين تنصب في جانب الشر والفساد، وتوصل متبعها إلى الهلاك والخسران، وهذا ما بينه القرآن من خلال إبرازه لأوامر المنافقين، والمظهرة كما يلي:

1- الأمر بالمنكر

قال الله تعالى:

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ﴾

التوبة: ٦٧

المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصيتة وينهون عن الإيمان والطاعة،

٢ – الأمر بالبخل

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾

النساء: ٣٧

الذين يمتنعون عن الإنفاق والعطاء مما رزقهم الله، ويأمرون غيرهم بالبخل، ويجحدون نِعَمَ الله عليهم، ويخفون فضله وعطاءه. وأعددنا للجاحدين عذابًا مخزيًا.

٣ – أمر الغير بالبر دون النفس

قال الله تعالى:

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة: ٤٤

ما أقبح حالَكم وحالَ علمائكم حين تأمرون الناس بعمل الخيرات، وتتركون أنفسكم، فلا تأمرونها بأفعال البر والإعراض عن أفعال الإثم ، وأنتم تقرءون التوراة وتدرسونها، وتعلمون بما فيها من الحث على بأفعال البر والإعراض عن أفعال الإثم ،أفلا تستعملون عقولكم استعمالا صحيحًا؟

رابعًا: أوامر الجبابرة والمسرفين

تتمثل أوامر الجبابرة والمسرفين كما يلي:

١ – أمرهم بالكفر بالله

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ﴾

سبأ: ٣٣

فالآية تشير إلى ما قاله الأتباع للرؤساء في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلكة، فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله، ونجعل له شركاء في العبادة،

٢ – الأمر بعبادة غير الله

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ﴾

الزمر: ٦٤

قل -أيها الرسول- لمشركي قومك: أفغير الله أيها الجاهلون بالله تأمرونِّي أن أعبد، ولا تصلح العبادة لشيء سواه؟

٣- الأمر بالفاحشة

– عن قول امرأة العزيز ليوسف عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾

يوسف: ٣٢

ولقد طلبته وحاولت إغراءه؛ ليستجيب لي فامتنع وأبى، ولئن لم يفعل ما آمره به مستقبلا لَيعاقَبَنَّ بدخول السجن، ولَيكونن من الأذلاء.

٤ – يقتلون الذين يأمرون بالقسط

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

آل عمران: ٢١

إن الذين يجحدون بالدلائل الواضحة وما جاء به المرسلون، ويقتلون أنبياء الله ظلمًا بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالعدل واتباع طريق الأنبياء، فبشِّرهم بعذاب موجع.

٥ – الإفساد في الأرض من الشرك ومخالفة الحق

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾

الشعراء: ١٥1-١٥٢

ولا تنقادوا لأمر المسرفين على أنفسهم المتمادين في معصية الله الذين دأبوا على الإفساد في الأرض إفسادًا لا إصلاح فيه.

– جزاء اتباع الأمر الإنساني

لاشك أن اتباع أمر الأنبياء والمؤمنين يتبعه الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، أما اتباع أمر المنافقين والكافرين سيكون عاقبته الخسران والضلال المبين، وهذا ما بينه القرآن الكريم كما يلي:

أولًا: جزاء اتباع أمر المؤمنين والأنبياء

1- الوصف بالفلاح

قال الله تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

آل: عمران ١٠٤

ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك هم الفائزون بالفلاح في الدنيا والآخرة.

٢ – نيل الأجر العظيم

قال الله تعالى:

﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾

النساء: ١١٤

لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا.

٣ – نيل الرحمة من الله

قال الله تعالى:

﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ﴾

التوبة: ٧١

والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض، يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح، وينهونهم عن الكفر والمعاصي، ويؤدون الصلاة، ويعطون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، وينتهون عما نُهوا عنه، أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته.

٤ – البشرى من الله

قال الله تعالى:

﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

التوبة: ١١٢

يعني: وبشر به هؤلاء الموصوفين بتلك الفضائل -والتي من بينها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بخيري الدنيا والآخرة

ثانيًا: جزاء اتباع أمر الجبابرة والمسرفين ما يلي

1- العذاب الأليم

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

آل عمران: ٢١

إن الذين يجحدون بالدلائل الواضحة وما جاء به المرسلون، ويقتلون أنبياء الله ظلمًا بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالعدل واتباع طريق الأنبياء، فبشِّرهم بعذاب موجع.

٢ – الأغلال ونار جهنم

قال الله تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

سبأ: ٣٣

وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلكة، فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله، ونجعل له شركاء في العبادة، وأسرَّ كُلٌّ من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أُعدَّ لهم، وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا، لا يعاقَبون بهذا العقاب إلا بسبب كفرهم بالله وعملهم السيئات في الدنيا.

٣ – العذاب المهين

قال الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾

النساء: ٣٧

الذين يمتنعون عن الإنفاق والعطاء مما رزقهم الله، ويأمرون غيرهم بالبخل، ويجحدون نِعَمَ الله عليهم، ويخفون فضله وعطاءه. وأعددنا للجاحدين عذابًا مخزيًا.

٤- الوصف بالفسق

قال الله تعالى:

﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾

التوبة: ٦٧

المنافقون والمنافقات صنف واحد في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون بالكفر بالله ومعصية رسوله وينهون عن الإيمان والطاعة، ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله، نسوا الله فلا يذكرونه، فنسيهم من رحمته، فلم يوفقهم إلى خير. إن المنافقين هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله.

خامسا- أوامر إبليس وذريته

أوضح القرآن الكريم أوامر إبليس لعنه الله وذريته وعاقبة اتباعها، وسوف نتناولها بالبيان فيما يأتي:

أولًا: أوامر إبليس

لا شك أن أوامر إبليس تتمثل في العقائد الفاسدة، والأحكام الباطلة التي تخالف منهاج الدين، ويتضح ذلك فيما يلي:

١ – الأمر بتبتيك آذان الأنعام

قال الله تعالى:

﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ ﴾

النساء: ١١٩

ولأصرفَنَّ مَن تبعني منهم عن الحق، ولأعِدَنَّهم بالأماني الكاذبة، ولأدعونَّهم إلى تقطيع آذان الأنعام وتشقيقها لما أزينه لهم من الباطل

٢ – الأمر بتغيير خلق الله

قال الله تعالى:

﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾

النساء: ١١٩

ولأدعونَّهم إلى تغيير خلق الله في الفطرة، وهيئة ما عليه الخلق.

٣ – الأمر بالفحشاء والمنكر

قال الله تعالى:

﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾

البقرة : ٢٦٨

الشيطان الذي يخوفكم الفقر، ويغريكم بالبخل، ويأمركم بالمعاصي ومخالفة الله تعالى .

ثانيًا: عاقبة اتباع أوامر إبليس وذريته في الدنيا والآخرة

يتمثل في الخسران المبين في الدارين

قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾

النساء: ١١٩

فمن يوالي الشيطان فيطيعه مع أنه متمرد عن الحق، داعٍ إلى الشر، ويترك الحق وأمر الله، فإنه بهذا يخسر خسرانًا واضحًا .

 

 

Share This