1- مفهوم الأمانة

الأمانة  هي رعاية حقوق الله تعالى بتأدية المرء للفرائض والواجبات، وكذلك المحافظة على حقوق العباد، فلا يطمع الإنسان في وديعة اؤتمن عليها، ولا ينكر مالًا أو متاعًا أمنه الناس عليه ، وهي ضد الخيانة .

2- كلمة الأمانة

      في

  القرآن الكريم

وردت كلمة الأمانة وصيغها في القرآن الكريم  21 مرة ، والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى :

﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾

البقرة:٢٨٣

– الاسم

ورد ٦ مرات

قال الله تعالى :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾

الأحزاب:٧٢

– الصفة المشبهة

وردت ١٤ مرة

قال الله تعالى :

﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ  ﴾

الأعراف:٦٨

وجاءت الأمانة في القرآن الكريم  بمعنى: كل ما عهد به إلى الإنسان وائتمن بالمحافظة عليه من فرائض أو طاعات، أو غير ذلك.

3- الحث على الأمانة

تنوعت الأساليب القرآنية في الحث على الأمانة؛ حثًا للعباد على التمسك بها، وسوف نتناولها فيما يأتي:

أولًا: الأمر الصريح بأداء الأمانة

أمر الله تعالى في كتابه الكريم بأداء الأمانات إلى أهلها

قال الله تعالى :

 ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )

النساء : 58

إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها، فلا تفرطوا فيها، ولا تضيعوها.

قال الله تعالى :

( ولا تخونوا أماناتكم )

الأنفال : 27

( فليؤد الذي اؤتمن أمانته )

البقرة  : 283

( إن الله لا يحب كل خوان )

الحج : 38

ثانيًا: وصف جبريل عليه السلام بالأمين

ومما يرغب في الأمانة أنها من صفات أشرف الملائكة المقربين، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن مما اتصف به جبريل من الصفات صفة الأمانة

قال الله تعالى :

 ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ .عَلَى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ )

الشعراء 193- 194

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ )

التكوير 19-21

دلالة على أنه مؤتمن على ما أرسل به، لا يزيد فيه ولا ينقص منه؛ فإن الرسول الخائن قد يغير الرسالة، ويدل هذا على أنه لم يقع فيه تغيير ولا تبديل في طريق إنزاله؛ لأن الرسول المؤتمن على إنزاله قوي لا يغلب عليه حتى يغير فيه، أمين لا يغير ولا يبدل.

ثالثًا: وصف الأنبياء عليهم السلام بالأمانة

ومما يرغب في الأمانة أنها من صفات الأنبياء، ومن مستلزمات الرسالة؛ فإن الرسول لا يبعث إلا وهو معروف بالأمانة، وحسن الخلق قبل الرسالة.

قال الله تعالى :

( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء  106 – 107

( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  ﴾

الشعراء 124- 125

( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء 142-143

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء 161-162

﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الشعراء 177-178

﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ. أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾

الدخّان 17-18

رابعًا: وصف مكة المكرمة بالبلد الأمين

وصف الله تعالى مكة بالبلد الأمين

قال الله تعالى :

﴿ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾

التين:٣

وسمي الأمين لأن من دخله كان آمنًا  و المأمون ساكنوه.

قال الله تعالى :

﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾

قريش: ٤

والأمن أكبر شروط حسن المكان؛ لأن الساكن أول ما يتطلب الأمن وهو السلامة من المكاره والمخاوف، فإذا كان آمنًا في منزله كان مطمئن البال، شاعرًا بالنعيم الذي يناله.

قال الله تعالى :

﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾

القصص: ٥٧

﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾

آل عمران: ٩٧

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾

العنكبوت:٦٧

وهو استجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام

قال الله تعالى :

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾

إبراهيم:٣٥

خامسًا: الثناء على الذين يؤدون أمانتهم

أثنى الله تعالى على المحافظين على الأمانة، والموفين بالعهود

قال الله تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾

المؤمنون: ٨

أن الله مدح المؤمنين من عباده، فوصفهم بأنهم يرعون العهد، فلا يخونونه أو ينكثونه، ويحفظون الأمانة فلا يضيعونها أو يهملونها، وإنما يؤدونها إلى أهلها كاملة وافية.

وقد اعتبرت الأمانة صفة من صفات عباد الله المؤمنين من الجن والإنس.

على لسان أحد العفاريت الذين سخرهم لنبيه سليمان عليه السلام، عندما طلب سليمان إحضار عرش بلقيس من اليمن

قال الله تعالى :

﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴾

النمل ٣٨-٣٩

4 – مجالات الأمانة

تعددت مجالات الأمانة كما بينها القرآن الكريم، وسوف نتناولها بالبيان فيما يأتي:

أولًا: الأمانة الكبرى

الأمانة الكبرى  هي أمانة العبوديّة لربّ البريّة جلّ شأنه ؛، وهي الخضوع لأوامره ، والانتهاء عن زواجره، ومن هذه الأمانة الكبرى انبثقت سائر الأمانات  . وسمى سبحانه ما كلفنا به أمانة؛ لأن هذه التكاليف حقوق أمرنا سبحانه بها، وائتمننا عليها، وأوجب علينا مراعاتها والمحافظة عليها، وأداءها بدون إخلال بشيء منها.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾

الأحزاب: ٧٢

عظَّم تعالى شأن الأمَانَة، التي ائتمن الله عليها المكلَّفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السِّرِّ والخفية، كحال العلانية، وأنَّه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السَّماوات والأرض والجبال، عَرْض تخيير لا تحتيم، وأنَّكِ إن قمتِ بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلكِ الثَّواب، وإن لم تقومي بها، ولم تؤدِّيها فعليك العقاب. فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربِّهن، ولا زهدًا في ثوابه، وعَرَضَها الله على الإنسان، على ذلك الشَّرط المذكور، فقَبِلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل .

ثانيًا: الأمانة الصّغرى

فهي أمانة المعاملات بين النّاس ، وهي لا تقلّ أهَمّية عن الكبرى ، ومترابطة معها تمامًا وفي كلّ شيء ، والأمانة هنا تتمثّل في أصناف كثيرة منها

1- أمانة الأموال

من أمانة الأموال العفة عما ليس للإنسان به حق من المال، وتأدية ما عليه من حق لذويه، وتأدية ما تحت يده منه لأصحاب الحق فيه، وتدخل الأمانة في البيوع والديون والمواريث والودائع والرهون والوصايا وغير ذلك.

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾

النساء 58

﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾

البقرة  283

2- الأمانة في حفظ الجوارح

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ  ﴾

الأنفال 27

وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله، وأن تنظر إلى حواسك التي أنعم الله بها عليك وإلى المواهب التي خصك به، فتدرك أنها ودائع الله الغالية عندك، فيجب أن تسخرها في قرباته، وأن تستخدمها في مرضاته

3 – الأمانة في الحكم

ومن مجالات الأمانة: الأمانة في القضاء والحكم بين الناس، وتكون الأمانة في القضاء بإصدار الأحكام وفق أحكام العدل التي استؤمن القاضي عليها، وفوض الأمر فيها إليه .

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾

ص:٢٦

﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ )

النِّساء 58

ولاة الأمور عليهم أن يؤدُّوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين النَّاس أن يحكموا بالعدل… وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة.

وعن حديث القرآن عن وجوب إقامة العدل، ودفع الظلم،

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾

النحل:٩٠

﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ﴾

الأنعام:١٥٢

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

المائدة:٨

يشمل الحكم بينهم في الدماء، والأموال، والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.

4- الأمانة في تحمل المسؤولية

ومن فضائل الأمانة أنها صفة لمن يتحمل المسؤولية

عن قول  بنت شعيب لشعيب في حق موسى عليه السلام

قال اللَّهَ تعالى:

 ( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )

القصص : 26

ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة  .

5- العهود والمواثيق

ومن مجالات الأمانة حفظ العهود والمواثيق.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾

الإسراء: 34

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾

المعارج: ٣٢

أي: أن من صفات هؤلاء المفلحين أنهم يقومون بحفظ ما ائتمنوا عليه من أمانات، ويوفون بعهودهم مع الله تعالى، ومع الناس، ويؤدون ما كلفوا بأدائه بدون تقصير أو تقاعس؛ وذلك لأنه لا تستقيم حياة أمة من الأمم إلا إذا أديت فيها الأمانات، وحفظت فيها العهود، واطمأن فيها كل صاحب حق إلى وصول هذا الحق إليه.

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾

آل عمران: ٧٥

فإن المتقي حقاً هو من أوفى بما عاهد الله عليه من أداء الأمانات و حفظ العهود .

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة: ١٨٨

ولا يأكل بعضكم مال بعض بسبب باطل كاليمين الكاذبة، والغصب، والسرقة، والرشوة، والربا ونحو ذلك، ولا تلقوا بالحجج الباطلة إلى الحكام؛ لتأكلوا عن طريق التخاصم أموال طائفة من الناس بالباطل، وأنتم تعلمون تحريم ذلك عليكم.

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾

الإسراء: 35

ومن الأمانة في الأموال الأمانة في البيع والشراء، وهذا أدبٌ رفيع، وخلق اجتماعي .

5 – فضل الأمانة و قبح الخيانة

أولا : فضل الأمانة

بين الوحي الإلهي الآثار المترتبة على أداء الأمانة في الدنيا والآخرة، وسوف نبينها فيما يأتي:

1- سعة الرزق ورغد العيش

لاشك أن الصدق والأمانة في المعاملات سبب لحصول الرزق وبركته، قال الله تعالى:

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾

الطلاق ٢- ٣

فرتب على التقوى التي أساسها الصدق وأداء الأمانة في المعاملة التيسير، والخروج من كل ما ضاق على الناس، وفتح أبواب الرزق

2- الفوز بجنة الفردوس

وقد رتب الله على أداء الأمانات، والقيام بحقوقها أعظم الثواب .

قال اللَّهَ تعالى:

 ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

المؤمنون 9-11

فذكر الله في هذه الآيات صفات المؤمنين، الذين يرثون الفردوس، وهي أعلى منازل الجنة، ومن هذه الصفات أنهم يؤدون الأمانة، ويوفون بالعهد، وهذا الجزاء بسبب ما اتصفوا من هذه الصفات.

3- الفلاح في الدنيا والآخرة

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾

المؤمنون: 1 – 8

وذكر في بداية هذه السورة أن هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات التي منها حفظ الأمانة مفلحون . وغاية ما يطلبه المؤمنون هو الفلاح في الدنيا والآخرة، وليس بعدها غاية تمتد إليها عين أو خيال.

4- بأداء الأمانة يأمن الناس بعضهم بعضًا

بأداء الأمانة تتيسَّر أمور الناس في قضاء حوائجهم وإنجاز معاملاتهم

قال اللَّهَ تعالى:

﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾

البقرة: 283

5 – يكرم في الآخرة

آخر أخبر الله تبارك وتعالى أن الملتزمين بالأمانة في جنات مكرمون .

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾

المعارج: ٣2- 3٥

فالله تبارك وتعالى هنا عدد صفات المؤمنين، وذكر من ضمنها الوفاء بالعهد، والمحافظة على الميثاق، والعهد والميثاق من الأمانات، والعهد يفهم منه أن الإنسان لن يكون مؤمنًا حق الإيمان ولن ينال الأجر الكبير، ولن يدخل جنات النعيم، ويكرم معه أهله حتى يكون أمينًا، ملتزمًا بشرع الله التزامًا شاملًا، من دون نقصان.

ثانيا – قبح الخيانة

كل إنسان لا يؤدي ما يجب عليه من أمانة فهو خائن، والله لا يحب الخائنين .

قال اللَّهَ تعالى:

( إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ )

الأنفال 58

( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا )

النساء 107

و قد حذر القرآن الكريم من الخيانة في آيات كثيرة منها..

قال اللَّهَ تعالى:

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )

الأنفال 27

و قد قرن الله تعالى هذه الصفة بالكافرين و النافقين

قال اللَّهَ تعالى:

 ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ )

الحج 38

Share This