مفهوم الأسير في القرآن الكريم

1- مفهوم الأسير

الأسير هو شخص، سواء كان مقاتلاً أو غير مقاتل، تم إحتجازه من قبل قوى معادية له خلال أو بعد النزاع المسلح مباشرة.

2- كلمة الأسير

    في

القرآن الكريم

وردت كلمة (الأسير) في القرآن الكريم (6) مرة. والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل المضارع

ورد مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ﴾

الأحزاب: 26

– أسم مفرد

ورد مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾

الإنسان: 8

– أسم  جمع

ورد 3  مرات

قال الله تعالى:

﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾

الأنفال: 67

– مصد ر

ورد مرة  واحدة

قال الله تعالى:

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾

الإنسان: 28

وشددنا أسرهم وأحكمنا أعضاءهم .

وجاء الأسير في القرآن الكريم  بمعني أنه المحارب الذي وقع في قبضة جيش عدوه بعد أن بدا الوهن في جيشه.

3– المسلمون والحرب

الحرب نفسُها أمرٌ لا يرغبه المسلمون، ولكن إن وقعت فهُم لها

قال الله تعالى:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ﴾

البقرة  : 216

والحرب فى تشريع الاسلام هى للدفاع فقط ، وأن الله جل وعلا لا يحب المعتدين .

قال الله تعالى:

 (  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  )

البقرة : 190

وأن الرد الدفاعى يكون بمثله دون تجاوز

قال الله تعالى:

( وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )

البقرة:  194

4 – مشروعية اتخاذ الأسرى

قال الله تعالى :

( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ )

محمد : 4

فإذا لقيتم- أيها المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل، وكسرتم شوكتهم، فأحكموا قيد الأسرى .

5 – مصير الأسير

     في

القرآن الكريم

إن القرآن الكريم وضَع للمسلمين منهجًا قويمًا حتى في الحروب، ووضَع لهم فيها ضوابطَ يسيرون عليها، ونهاهم عن تعدِّي هذه الضوابط، ولهذا كان للإسلام منهجٌ رحيمٌ حتى في الحرب، و مصير الأسير في القرآن الكريم كالأتى :

أ – أثناءً الحرب

قال الله تعالى :

( حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ )

محمد : 4

وشدُّ الوثاق يعني الأسر، إذ أن الأسر لغة هو الشد بالقيد، والمقصود في الآية إحكام السيطرة على الأسير حتى لا يهرب فيعود للقتال مرة أخرى.

ب – عند انتهاء الحرب

بعد أن أمر الله تعالى بشد الوثاق جاء توضيح مصير الأسرى صريحا في القرآن الكريم .

قال الله تعالى :

( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوزارها )

محمد :4

فقد حصرت الآية مصير الأسير في خيارين لا ثالث لهما؛ وهما المن أو الفداء، والمن أن يطلق سراح الأسير دون مقابل، أما الفداء فأن يطلق سراحه مقابل مال أو خدمة.

6 – معاملة الأسير

     في

القرآن الكريم

الحرب لا تنتهي عند نهاية الاشتباك، فحالة الحرب تبقى قائمة ما لم يتم القضاء المبرم على قوة العدو أو توقيع الاتفاق معه على إنهاء حالة الحرب. ويبقى الأسير في رعاية المسلمين حتى يتحقق واحد من الأمرين. وخلال بقاء الأسير في قبضة المسلمين لا بد أن يلقى معاملة خاصة تليق بإنسانيته أولا، كما تليق بآسره المسلم صاحب الرسالة العظيمة ثانيا.

أ – اللطف بالأسير وحسن التعامل معه

أى  طالما أن الأسير في بلاد المسلمين فهو تحوطه الرعاية والإحسان ، ومطلوب من المسلمين إكرامه وإطعامه من أفضل الطعام وبدون أن يتكلف كلمة شكر.

وقد أورد القرآن الكريم تعبيرا غاية في الحض على اللطف بالأسير وحسن التعامل معه والبذل في سبيله، في سياق وصفه سبحانه للأبرار من عباده .

قال الله تعالى :

( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )

الإنسان: 8- 9

ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله.

ب – أن الافتداء بالمال ممنوع

قال الله تعالى :

( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

الأنفال: 67

والمعنى أن النبى كان لا يمكن أن يحوز أولئك الأسرى إلا  بالحرب ـ بالمفهوم الاسلامى ـ التى لا تبتغى عرض الدنيا ، ولكن المؤمنين حين أسفرت تلك الحرب عن وقوع أسرى أرادوا عرض الدنيا أوالمال بأخذ فدية من الأسرى مقابل إطلاق سراحهم ،ويحذرهم رب العزة إنه لولا عفو الله تعالى لعاقبهم أشد العقاب .

– ويأمر الله تعالى رسوله أن يقول للأسرى

قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم  )

الأنفال :70

وهى لفتة تعاطف أن يأمر الله تعالى النبى محمدا أن يقول لأسرى من الكفار المعتدين إنه سيعوضهم خيرا عن المال المأخوذ منهم ، بل ويغفر لهم إن علم فى قلوبهم خيرا .

– عن بني إسرائيل

قال الله تعالى :

( وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ )

البقرة : 85

وأن يأتوكم أسارى في يد الأعداء سعيتم في تحريرهم من الأسر، بدفع الفدية  ، مع أنه محرم عليكم .

Share This