مفهوم الأخذ في القرآن الكريم
1- مفهوم الأخذ
الأخذ هوالحصول على الشيء بالتناول أو القهر، وهو خِلَافُ الْعَطَاءِ .
2- كلمة الأخذ
في
القرآن الكريم
ورد كلمة (أخذ) في القرآن الكريم 140 مرة . والصيغ التي وردت هي:
– الفعل المضارع
ورد 30 مرة
قال الله تعالى:
( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي )
طه : 94
– الفعل الماضي
ورد 72 مرة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ﴾
البقرة: 63
– الفعل الأمر
ورد 25 مرة
قال الله تعالى:
﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
البقرة: 63
– المصدر
ورد 7 مرات
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾
الكهف: 51
– أسم فاعل
ورد 6 مرات
قال الله تعالى:
﴿ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ ﴾
الذاريات: 16
وجاءت كلمة الأخذ في القرآن الكريم على ستة أوجه :
– العقاب
قال الله تعالى:
﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾
فاطر: 26
– الحبس
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ﴾
يوسف: 78
يقول احبس أحدنا مكان أخيه
– التناول
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ﴾
الأعراف : 154
– القبول
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ﴾
آل عمران : 81
يعني قبلتم.
– القتل
قال الله تعالى:
﴿ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ﴾
غافر: 5
أي ليقتلوه
– الأسر
قال الله تعالى:
﴿ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ ﴾
التوبة : 5
يعني وأسروهم
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الأخذ
– الاتخاذ
أخذ الشيء لأمر يستمر فيه، مثل: الدار يتخذها مسكنًا والدابة يتخذها قعده
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾
النحل :٦٧
– السفع
هو الجذب والقبض
قال الله تعالى:
﴿ كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴾
العلق: 15
– القبض
هو الأخذ بمليء الكف .
قال الله تعالى:
﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا ﴾
طه : 96
– التناوش
هوتناول قريب سهل لشيء قريب .
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
سبأ : 52
– الخطف
الخطف هو إستلاب بسرعة .
قال الله تعالى:
﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ﴾
البقرة : 20
– البطش
هو أخذ الشيء بقهر وغلبة وقوة والتناول بشدة عند الغلبة .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾
البروج : 12
– الإهلاك
هو حالة توحي بانتهاء الشيء واستنفاذه سواء كان دمارًا أو موتًا أو استهلاكًا ونفاذًا، وهو نهاية لكل من سلك طريقًا بعيدًا عن طريق الحق والنجاة.
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾
هود: 117
4 – الأخذ في حق
الله عز وجل
نتناول هنا الأخذ في حقه تعالى، ومن ذلك نفي استيلاء السِنَة والنوم عن الله، كما تناول المواثيق التي أخذها الله على بني آدم، والمواثيق التي أخذها الله على الأنبياء بتبليغ رسالاته بأمانة وصدق، والمواثيق التي أخذها الله على أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأن يؤمنوا برسله وكتبه وأن يبلغوا ما في كتبه ، وعدم تحريفها، إلا أنهم نقضوا هذه المواثيق إلا من عصمه الله منهم.
أولًا – تنزيه الله عن السِنَة والنوم
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾
البقرة: ٢٥٥
نفى الله عز وجل في هذه الآية أن تأخذه سِنَة ولا نوم، ، لأن النوم من صفات النقص التي اتصفت به المخلوقات، فالله عز وجل لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه ، فمن تأخذه السِنَة والنوم لا يكون قيومًا دائمًا بنفسه، مقيمًا لغيره، فإن السنة والنوم يناقض ذلك وإلا لكان ذلك نقصًا في حياته وقيوميته.
ثانيًا – أخذ الميثاق
1- أخذ ميثاق النبيين
بعد أن اصطفى الله تعالى الأنبياء كلفهم بتبليغ رسالته لأقوامهم، وأخذ منهم ميثاقًا غليظًا أن يبلغوا هذه الرسالة بأمانة وإخلاص، وأن يصدق بعضهم بعضًا، فجميعهم يحملون الرسالة نفسها، فأقروا على ذلك الميثاق، وشهد الله معهم على ذلك.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾
آل عمران :٨١
يتبين لنا من الآية أن الله سبحانه أخذ موثقًا جليلًا كان هو شاهده وأشهد عليه رسله، موثقًا على كل رسول، أن صدق الأنبياء الذين سبقوه وكتبهم فهي جميعها من عند الله، أن يؤمن به وينصره ، ويتبع دينه، فجميعهم من المنبع نفسه، وجعل هذا عهدًا بينه وبين كل رسول.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾
الأحزاب :٧
واذكر – أيها النبي- حين أخذنا من النبيين العهد المؤكد بتبليغ الرسالة، وأخذنا الميثاق منك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم (وهم أولو العزم من الرسل على المشهور)، وأخذنا منهم عهدًا مؤكدًا بتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، وأن يُصَدِّق بعضهم بعضًا.
2- أخذ ميثاق بني آدم
خلق الله عز وجل بني آدم، وكرمهم على سائر المخلوقات، وجعلهم مستخلفين في الأرض، لإعمارها وإفراده بالعبادة، فأخذ عليهم الميثاق وهم في عالم الذر بأنه هو ربهم وهو وحده المستحق للعبادة والطاعة، وأشهدهم على ذلك، لتكون حجة عليهم يوم القيامة.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ ﴾
الأعراف:١٧٢
وحاصل المعنى: أن الله خلـق في الإنسـان من وقت تكـوينه إدراك أدلـة الوحدانية، وجعـل في فطـرة حركة تفكـير الإنسان التطلع إلى إدراك ذلك، وتحصيـل إدراكـه إذا جرد نفسه مـن العـوارض التي تدخل على فطرته فتفسدها.
3- أخذ ميثاق أهل الكتاب
بعد أن أرسـل الله النبيين إلى أهـل الكتاب، وأنزل عليهم الكتب السماوية بما فيها من تشريع، أخذ على أهل الكتاب ميثاق تبيينها للناس وتعليمهم إياها، ولكنهم قاموا بتحريف الكتب السماوية؛ وفقًا لأهوائهم، وتركوا شريعة الله السليمة وراء ظهورها ورفضوا الاحتكام لها، كما أخذ علي بني إسرائيل ميثاقًا بعدم الشرك بالله وعدم تكذيب الأنبياء، ولكنهم كعادتهم لا عهد لهم ولا ذمة .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾
آل عمران:١٨٧
أخذ الله العهد الموثق على الذين آتاهم الله الكتاب من اليهود والنصارى، فلليهود التوراة وللنصارى الإنجيل؛ ليعملوا بهما، ويبينوا للناس ما فيهما، ولا يكتموا ذلك ولا يخفوه، فتركوا العهد ولم يلتزموا به، وأخذوا ثمنا بخسًا مقابل كتمانهم الحق وتحريفهم الكتاب، فبئس الشراء يشترون، في تضييعهم الميثاق، وتبديلهم الكتاب.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ . وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾
البقرة: ٨٣ – ٨٤
هذا خبـر مـن الله عن يهــود بني إسرائيل، أنهم نكثـوا عهـده ونقضـوا ميثـاقه، بعـدما أخـذ الله ميثاقهم على الوفـاء لـه، بأن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والأمهات، ويصلوا الأرحـام، ويتعطفـوا على الأيتام، ويؤدوا حقوق أهل المسكنة إليهم، ويأمروا عبـاد الله بما أمـرهم الله به ويحثوهم على طاعته، ويقيموا الصلاة بحدودها وفرائضهـا، ويؤتوا زكاة أموالهم فخالفوا أمـره في ذلك كله، وتولـوا عنه معرضين، إلا مـن عصمه الله منهـم، فـوفى لله بعهـده وميثاقـه .
ثم أتبع ذلك بالنهي عـن سفـك بعضهـم دم بعض، وإخـراج بعضهـم بعضـًا من ديارهم وأوطـانهم بعبارة تؤكد معنى وحـدة الأمة، وتحـدث في النفس أثرًا شريفـًا يبعثها على الامتثـال إن كان هناك قلب يشعـر، ووجدان يتـأثر، فجعـل دم كل فرد من أفراد الأمة كأنه دم الآخر عينه، حتى إذا سفكـه كـان كـأنه بخـع نفسه وانتحـر بيده، فهـذه الأحكام لا تزال محفوظة عنـد الإسـرائيليين في الكتاب وإن لـم يجـروا عليها في العمل.
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾
المائدة:١٤
أي: ومن الذين ادعـوا لأنفسهـم أنهـم نصـارى يتابعون المسيح ابن مريم عليه السلام، وليسـوا كـذلك، أخـذنا عليهـم العهـود والمـواثيق علـى متـابعة الرسـول ومناصـرته ، ومـؤازرته واقتفـاء آثـاره ، والإيمان بكـل نبي يرسلـه الله إلـى أهـل الأرض، أي: ففعلـوا كمـا فعـل اليهـود، خالفـوا المـواثيق ونقضـوا العهود ، فألصقنـا بهـم العداوة وسلطنا بعضهـم علـى بعـض.
ثالثًا – أخذ نواصي الدواب
قال الله تعالى:
﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
هود:٥٦
فليس من شيء يدِبُّ على هذه الأرض إلا والله مالكه، وهو في سلطانه وتصرفه ، فيحييه ويميته . إن ربي على صراط مستقيم، أي عدل في قضائه وشرعه وأمره. يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
رابعا- العقوبات التي أوقعها الله علي الكافرين
يرى المتتبع لنصوص القرآن أن الله تعالى يعاقب الكافرين والمنافقين والعاصين الذين لا يقومون بواجباتهم ولا يراعون بمسؤولياتهم، بصور من العقوبات، وبألوان من العذاب في الدنيا، تتمثل فيما يأتي:
1- الإَصَابُةِ بَالأَذى
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾
الأنعام : 42
ولقد بعثنا -أيها الرسول- إلى جماعات من الناس من قبلك رسلا يدعونهم إلى الله تعالى، فكذَّبوهم، فابتليناهم في أموالهم بشدة الفقر وضيق المعيشة، وابتليناهم في أجسامهم بالأمراض والآلام؛ رجاء أن يتذللوا لربهم، ويخضعوا له وحده بالعبادة.
2- الإَبَادُةِ والإْهلاك
قال الله تعالى:
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
الأنعام : 44
فلما تركوا العمل بأوامر الله تعالى معرضين عنها، فتحنا عليهم أبواب كل شيء من الرزق فأبدلناهم بالبأساء رخاءً في العيش، وبالضراء صحة في الأجسام؛ استدراجا منا لهم، حتى إذا بطروا، وأعجبوا بما أعطيناهم من الخير والنعمة أخذناهم بالعذاب فجأة، فإذا هم آيسون منقطعون من كل خير.
3- السلب و الحرَمان
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾
الأنعام : 46
أخبروني إن أذهب الله سمعكم فأصمَّكم، وذهب بأبصاركم فأعماكم، وطبع على قلوبكم فأصبحتم لا تفقهون قولا أيُّ إله غير الله جل وعلا يقدر على ردِّ ذلك لكم؟!
5- سُنة الله في الأخذ
في
القرآن الكريم
إن سُنة الله في الأخذ، تظهر عدله ورحمته، فجل شأنه لا يؤاخذ بالنسيان والخطأ الغير متعمد، ولا يؤاخذ بأيمان اللغو، وإنما يؤاخذ الإنسان على ما كسب قلبه من عزم ونية، وعلى أيمانه المنعقدة، كما أنه تعالى لا يؤاخذ الإنسان إلا بعد إقامة الحجة عليه، وإزالة الأعذار، ولا يؤاخذ إلا بعد انتهاء الأجل المحدد، فيؤخرهم إلى أجل معلوم عنده ليحاسبهم، فيغفر لمن تاب وأناب، ويعذب من جحد وعاند.
أولًا- أسباب الأخذ
1- يؤاخذ بالأيمان المنعقدة
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾
المائدة :٨٩
تبين الآية الكريمة أن الله عز وجل لا يؤاخذنا على اللغو في الأيمان؛ ولكن يؤاخذنا على الأيمان المنعقدة، أي يؤاخذكم ويحاسبكم على ما أكدتم من الأيمان، فمن قصد الأمر فحلف بالله وعقد على اليمين قلبه متعمدًا فعندها تلزم فيه الكفارة .
2- يؤاخذ بما كسبت القلوب
قال تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾
البقرة: ٢٢٥
بعد أن بيَن الله عز وجل أنه تعالى لا يؤاخذ باللغو في اليمين، بَيَنَ تعالى أن المؤاخذة تكون على ما قصده القلب وعزمه، وكسب القلب هو العقد والنية، وفي هذا دليل على اعتبار المقاصد في الأقوال، كما هي معتبرة في الأفعال.
3- يؤاخذ بعد إقامة الحجة وإزالة العذر
قال الله تعالى:
﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
النحل:١٠٦- ١٠7
أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر واطمأن به أن عليه غضبًا من الله، وذلك لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، ولهم عذاب عظيم في الدار الآخرة؛ لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة ؛ لأجل الدنيا ، وأن الله لا يهدي الكافرين، ولا يوفقهم للحق والصواب.
قال الله تعالى:
﴿ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
البقرة:٢٠٩
يعني بذلك : فإن أخطأتم الحق، فضللتم عنه، وخالفتم الإسلام وشرائعه، من بعد مجيء الحجج الباهرة والبراهين القاطعة على أنه حق، واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت عذركم أيها المؤمنون، فاعلموا أن الله ذو عزة، غالب قادر على أنواع الانتقام، ولا يدفعه عن عقوبتكم على مخالفتكم أمره ومعصيتكم إياه دافع، وحكيم فيما يفعل بكم من عقوبته على معصيتكم إياه، بعد إقامته الحجة عليكم، وفي غيره من أموره، فهو لا ينتقم إلا بالحق.
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾
النساء :١١٥
ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما ظهر له الحق، ويسلك طريقًا غير طريق المؤمنين، وما هم عليه من الحق، نتركه وما توجَّه إليه، فلا نوفقه للخير، وندخله نار جهنم يقاسي حرَّها، وبئس هذا المرجع والمآل.
قال الله تعالى:
﴿ مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾
الإسراء:١٥
هذه الآية فيها إخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، سبحانه أعدل العادلين لا يعذب أحدًا حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة، وأما من انقاد للحجة أو لم تبلغه حجة الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذبه، فسبحانه منزه عن الظلم .
4- يؤاخذ عند انتهاء الأجل المقدر
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾
النحل : ٦١
لما حكى سبحانه عن القوم عظيم كفرهم بيَن أنه يمهل هؤلاء الكفار ولا يعاجلهم بالعقوبة؛ إظهارًا للفضل والرحمة والكرم، فقال: ولو يؤاخذ الله الناس بكفرهم وافترائهم ما ترك على الأرض مَن يتحرَّك، ولكن يبقيهم إلى وقت محدد هو نهاية آجالهم، فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون عنه وقتًا يسيرًا، ولا يتقدمون.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾
فاطر: ٤٥
ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر الأرض من دابة تَدِبُّ عليها، ولكن يُمْهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده، فإذا جاء وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرًا، لا يخفى عليه أحد منهم، ولا يعزب عنه علم شيء من أمورهم، وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر.
قال الله تعالى:
﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾
الكهف: ٥٨
وربك الغفور لذنوب عباده إذا تابوا، ذو الرحمة بهم، لو يعاقب هؤلاء المعرضين عن آياته بما كسبوا من الذنوب والآثام لعجَّل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، بل لهم موعد يجازون فيه بأعمالهم، لا مندوحة لهم عنه ولا محيد.
ثانيًا – موانع المؤاخذة
1- لا يؤاخذ باللغو في الأيمان
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾
البقرة: ٢٢٥
فهذه الآية تبين أن الله لا يؤاخذ بما يجري على الألسنة من الأيمان اللاغية، التي يتكلم بها العبد، من غير قصد منه ولا كسب قلب، ولكنها جرت على لسانه ، مثل قَوْلِ الرَجُلِ: لاَ وَاللَهِ وَبَلَى وَاللَهِ .
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ﴾
المائدة:٨٩
تؤكد هذه الآية أن الله عز وجل لا يؤاخذنا على أيمان اللغو أيضًا، فاللغو ما لَا يقصد به اليمين، وما لَا تكسبه القلوب، ولا يوثَق به الكلام بالامتناع عن الفعل، أو توكيد إيقاع الفعل في المستقبل، لَا مؤاخذة عليه، فهو يجري على الألسنة من غير قصد الحلف .
2- لا يؤاخذ بالنسيان غير المتعمد الخطأ.
قال الله تعالى:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾
البقرة: ٢٨٦
توضح الآية الكريمة أن الله عز وجل لا يكلف نفسًا إلا ما يسعها فلا يجهدها، ولا يضيق عليها في أمر دينها، فيؤاخذها بهمة إن همت، ولا يؤاخذها بوسوسة إن عرضت لها، ولا بخطرة إن خطرت بقلبها .
المراد هنا أي: لا تعاقبنا بما أدى بنا إلى النسيان أو الخطأ من تفريط وقلة مبالاة ؛ لأن المؤاخذة إنما هي بالمقدور، والنسيان والخطأ ليس بمقدورين .
6- أخذ الظالمين والمترفين
نتناول هنا نماذج من أخذ الظالمين والمترفين؛ كفرعون وقومه، وعاد وثمود، وأقوام لوط، ونوح، وشعيب، وموسى، وتوضيح وسائل أخذهم وإهلاكهم الذي حل بهم لكفرهم وطغيانهم وتكذيبهم لآيات الله ورسله؛ كالغرق، والصيحة، والصاعقة، والريح الصرصر العاتية، وفي هذا كله عبرة وعظة وآيات للجاحدين والظالمين والعاصين الله ورسله.
أولًا – نماذج من أخذ الظالمين والمترفين
1- أخذ فرعون وقومه وجنوده
قال الله تعالى:
﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
آل عمران :١١
بين الله تعالى أن الكفار به وبرسله، الجاحدين بدينه وكتابه، قد استحقوا العقاب وشدة العذاب بكفرهم وذنوبهم، وأنه لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا عند حلول العقوبة بهم، كسُنَة آل فرعون وعادتهم، فقد كذبوا بآيات الله وجحدوا ما جاءت به الرسل، فأخذهم الله بذنوبهم عدلًا منه لا ظلمًا، والله شديد العقاب على من كفر وأتى الذنوب على اختلاف أنواعها وتعدد مراتبها، وهو أخذ الانتقام في الدنيا، وهذه سنته الجارية في الأمم السابقة، وقد ضرب الله هذا المثل عبرة وموعظة .
2- أخذ ثمود
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
فصِلت :١٧
بيَن الله تعالى في هذه الآية مصير ثمود وهم قوم صالح عليه السلام، فقال: فقد بينَّا لهم سبيل الحق وطريق الرشد، فاختاروا العمى على الهدى، فأهلكتهم صاعقة العذاب المهين؛ بسبب ما كانوا يقترفون من الآثام بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله.
3- أخذ عاد
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَىٰ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾
الحاقَة :٦- ٨
هذه الآيات بينت العذاب الذي وقع على عاد، وهم قوم هود، حيث أُهلِكوا بريح باردة شديدة الهبوب، سلَّطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، لا تَفْتُر ولا تنقطع، فترى القوم في تلك الليالي والأيام موتى كأنهم أصول نخل خَرِبة متآكلة الأجواف. فهل ترى لهؤلاء القوم مِن نفس باقية دون هلاك؟
4- أخذ قوم لوط
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ . إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ . فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ . قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ . قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ . وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ . وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ . وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ . قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ . وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ . قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ . قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ . لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ. إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾
الحجر :٥٨ – ٧5
لما كثر فساد قوم لوط عليه السلام وعظم شرهم، أرسل الله الملائكة بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه، ويكذبون لوط عليه السلام حين يعدهم به، ونجى الله لوط وأهله وأمرهم أن يخرجوا من المدينة والناس نيام، فامتثل أمر ربه وسرى بأهله ليلًا فنجو، أما قوم لوط فقد أقسم الله أنهم لفي سكرتهم يعمهون في ضلال وغفلة، وأوقع العذاب على قومه وامرأته، فأخذتهم صيحة العذاب وقت شروق الشمس حين كانت العقوبة عليهم أشد، فقلب عليهم مدينتهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل تتبع فيها من شذ من البلد منهم، وفي هذا عبرة وعظة للمتأملين المتفكرين، الذين لهم فكر وروية وفراسة، يفهمون بها ما أريد بذلك، من أن من تجرأ على معاصي الله، خصوصًا هذه الفاحشة العظيمة، وأن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات، كما تجرأوا على أشنع السيئات .
5- أخذ قوم نوح
قال الله تعالى:
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾
غافر:٥
كذَّبت قبل هؤلاء الكفار قومُ نوح ومَن تلاهم من الأمم التي أعلنت حربها على الرسل كعاد وثمود، حيث عزموا على إيذائهم وتجمَّعوا عليهم بالتعذيب أو القتل، وهمَّت كل أمة من هذه الأمم المكذبة برسولهم ليقتلوه، وخاصموا بالباطل؛ ليبطلوا بجدالهم الحق فعاقَبْتُهم، فكيف كان عقابي إياهم عبرة للخلق، وعظة لمن يأتي بعدهم؟
6- أخذ قوم شعيب
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾
هود:٩٤
في الآيات السابقة لهذه الآية ذكر لقصة شعيب عليه السلام مع قومه أهل مدين، كيف أنهم كانوا في ضلال وشرك، يتهالكون على كسب الحطام بأنواع الرذائل، فنهاهم عن ذلك، وأمرهم بعبادة الله وتوحيده، ونهاهم عن أن يبخسوا الناس أشياءهم في الكيل والميزان، فهم في نعمة كبيرة وسعة، فقد كان يخشى عليهم زوال هذه النعمة، فلم يستجيبوا له بل كانت ردودهم استهزاء به وبدعوته، فهو لا يريد إلا إصلاح نفوسهم، ولكنهم أصروا على ما هم عليه، فأخبرهم أن ينتظروا عذابًا من الله يهلكهم نتيجة كفرهم، ولما جاء أمر الله تعالى نجَى شعيبًا والذين آمنوا معه وذلك رحمة من الله، وأخذت الذين ظلموا الصيحة، فهلكوا وأصبحوا في ديارهم ميتين .
7- أخذ قوم موسى
قال الله تعالى:
﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾
النساء :١٥٣
يسألك اليهود -أيها الرسول- معجزة مثل معجزة موسى تشهد لك بالصدق: بأن تنزل عليهم صُحُفًا من الله مكتوبةً، مثل مجيء موسى بالألواح من عند الله، فلا تعجب -أيها الرسول- فقد سأل أسلافهم موسى -عليه السلام- ما هو أعظم: سألوه أن يريهم الله علانيةً، فَصُعِقوا بسبب ظلمهم أنفسهم حين سألوا أمرًا ليس من حقِّهم. وبعد أن أحياهم الله بعد الصعق، وشاهدوا الآيات البينات على يد موسى القاطعة بنفي الشرك، عبدوا العجل من دون الله، فعَفونا عن عبادتهم العجل بسبب توبتهم، وآتينا موسى حجة عظيمة تؤيِّد صِدق نُبُوَّتِه.
ثانيًا – وسائل أخذ الظالمين والمترفين
أ- أخذ المجرمين والمترفين في الدنيا
1- الأخذ بالجدب ونقص الثمار
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾
الأعراف:١٣٠
أراد بالسنين هنا القحط والجدب، أي: ولقد أخذنا آل فرعون بالجدب والقحط والجوع سنة بعد سنة ونقص من الثمرات يعني: وإتلاف الغلات بالآفات، لعلهم يتعظون وترق قلوبهم؛ فإن الشدة تجلب الإنابة والخشية ورقة القلب، وترغب فيما عند الله عز وجل من الخير.
2 – الأخذ بالغرق
قال الله تعالى:
﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾
القصص :٤٠
بينت الآيات عاقبة فرعون وقومه، بعد أن استكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم لا يرجعون إلى الله؛ فأخذ فرعون وجنوده فنبذناهم في اليم.
قال الله تعالى:
﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ﴾
الإسراء:١٠٣
فكانت شر العواقب وأخسرها عاقبة ، فهذه هي دعوة للتأمل في حال وعاقبة الظالمين المتكبرين .
3- الأخذ بالريح
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَىٰ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾
الحاقة:٦-٨
وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر، أي: باردة تحرق ببردها كإحراق النار، قطعتهم وأذهبتهم، فهي القاطعة بعذاب الاستئصال، فلم تبق منهم أحدًا .
4- الأخذ بالطوفان
قال الله تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾
العنكبوت :١٤
وهنا يحكي عاقبة قوم نوح، فبالرغم من طول مقامه فيهم إلا أن هذا المكوث ما زادهم إلا شكًا في أمره، وجهلًا بحاله، ومريةً في صدقه، واستمر نوح في نصحهم، فأمره الله باتخاذ السفينة، وأغرق الكفار ولم يغادر منهم أحدًا، وصدق وعده، ونصر عبده، سبحانه فلا تبديل لسنته في نصرة دينه .
5- الأخذ بالرجفة
قال الله تعالى:
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾
الأعراف :٧٨
توضح الآية ما حل بثمود قوم صالح عليه السلام بعد أن عقروا الناقة، واستعجلوا العذاب، جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة
6 – الأخذ بالعذاب
قال الله تعالى:
﴿ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ﴾
المؤمنون :٦٤
بيَنت الآيـة السـابقة أن المشركين يحسبـون أن إمـداد الله لهـم بالمـال والبنين هـو خير يسوقه إليهـم ورضـا منه عنهـم، وبينت أن لهـؤلاء الكفار أعمالًا لا يرضاها الله من المعاصي، فابتلاهم الله عز وجل بالقحط ، والمترفون أشـد النـاس استغـراقًا فـي المتـاع والانحـراف والذهول عن المصير، وها هم يفاجؤون بالعذاب الذي يأخذهم أخذًا، فـإذا هـم يرفعون أصواتهـم مستغيثين مسترحمين، وذلك في مقـابل الترف والغفلـة والاستكبـار والغرور، فبذلك يتضح للجميع مصير من يكفر بالله ويتكبر على رسله ويكذبهم إلى قيام الساعة، وهذا المصير واقع لا محال في يوم من الأيام .
7- الأخذ بالصاعقة
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾
البقرة :٥٥
تبيَن الآية جراءة قوم موسى على الله وعلى رسوله، حيث إنهم قالوا بأنهم لن يؤمنوا حتى يروا الله جهرة، فنزلت نار من السماء رأيتموها بأعينكم، فقَتَلَتْكم بسبب ذنوبكم، وجُرْأتكم على الله تعالى .
قال الله تعالى:
﴿ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾
الذاريات:٤٤
وفي شأن ثمود وإهلاكهم آيات وعبر، إذ قيل لهم: انتفعوا بحياتكم حتى تنتهي آجالكم. فعصوا أمر ربهم، فأخذتهم صاعقة العذاب، وهم ينظرون إلى عقوبتهم بأعينهم.
8- الأخذ بالصيحة
قال الله تعالى:
﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾
هود:٦٧
من الأقوام الذين أخذهم الله بالصيحة ثمود قوم صالح عليه السلام، وقوم شعيب عليه السلام، والصيحة: المرة من الصوت الشديد، والمراد بها هنا صيحة الصاعقة التي نزلت بقوم صالح عليه السلام فأحدثت رجفة في القلوب وزلزلة في الأرض، وصعق بها جميع القوم، فأصبحوا في ديارهم ساقطين على وجوههم مصعوقين لم ينج منهم أحد .
– فيما أصاب مدين قوم شعيب
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾
هود:٩٤
9- الأخذ بالريح العقيم
قال الله تعالى:
﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾
الذاريات:٤١- 42
وفي شأن عاد وإهلاكهم آيات وعبر لمن تأمل، إذ أرسلنا عليهم الريح التي لا بركة فيها ولا تأتي بخير ولا منفعـة ، ما تَدَعُ شيئًا مرَّت عليه إلا صيَّرته كالشيء البالي. فهذه هي قدرة الله تعالى وهذا هو عذابه الذي يوقعه على الأمم الظالمة .
ب – أخذ المجرمين والمترفين في الآخرة
توعد الله عز وجل المجرمين والمترفين بالعذاب الأليم في الآخرة؛ لكفرهم به وتكذيبهم أنبياءه، وفيما يلي توضيح لألوان من العذاب الذي ينتظرهم يوم القيامة.
1- أخذ المجرمين بالنواصي والأقدام
بين الله تعالى أن الملائكة تعرف المجرمين يوم القيامة بعلامات تميزهم عن غيرهم، فتأخذهم الملائكة من شعورهم وأقدامهم وتلقي بهـم في نار جهنـم والعيـاذ بالله، وهـذا هو مصيرهم لظلمهم أنفسهم بالكفر والتمادي في الظلم.
قال الله تعالى:
﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ﴾
الرَحمن :٤١
يقول تعالى ذكره: تعرف الملائكة المجرمين بعلاماتهم وسيماهم التي يسومهم الله بها من اسوداد الوجوه، وازرقاق العيون ، فتأخذهم بمقدمة رؤوسهم وبأقدامهم، فترميهم في النار.
2- أخذ المجرمين والمترفين إلى جهنم بالأغلال
توعد الله عز وجل المجرمين بالعذاب الأليم في جهنم يوم القيامة، ووصف في كثير من الآيات هذا العذاب، ورسم الصورة والحال التي سيكون عليها المجرمون عند تعذيبهم، يـوم لا ينفع مال ولا بنون، والآيات التالية توضح ذلك العذاب .
قال الله تعالى:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ﴾
الحاقَة :٣٠-٣٢
تتحـدث هـذه الآيـات عـن المجـرمين يـوم القيامـة، يقال لخزنة جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم، فاجمعوا يديه إلى عنقه بالأغلال، ثم أدخلوه الجحيم ليقاسي حرها، ثم في سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعًا فأدخلوه فيها؛ إنه كان لا يصدِّق بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، ولا يعمل بهديه، ولا يحث الناس في الدنيا على إطعام أهل الحاجة من المساكين وغيرهم.
فهـذا عقـاب كـل المجـرمين والمترفين يوم القيامة، فقـد توعـدهم الله في الدنيا وسيقع وعيده يـوم القيامة.
ثالثًا – صفات أخذ الظالمين والمترفين
1- أَخْذًا وَبِيلًا
قال الله تعالى:
﴿ فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ﴾
المزمل :١٦
فكذَّب فرعون بموسى، ولم يؤمن برسالته، وعصى أمره، فأهلكناه إهلاكًا شديدًا.
2- أَخْذَةً رَابِيَةً
قال الله تعالى:
﴿ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً ﴾
الحاقة : ١٠
فعصت كل أمة منهم رسول ربهم الذي أرسله إليهم، فأخذهم الله أخذة بالغة في الشدة ، زائدة على الأخذات وعلى عذاب الأمم .
3- إِنَ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
قال الله تعالى:
﴿ وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾
هود :١٠٢
هذه الآية الكريمة تشير إلى استئصال القرى الظالمة الكافرة، فقد أخذهم الله أخذًا موجعًا لا يطاق، وهذا تهديد وتحذير من عاقبة الظلم لكل أهل قرية ظالمة .
4- أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ
قال الله تعالى:
﴿ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾
القمر: ٤٢
أرسل الله عز وجل موسى وهارون عليهما السلام لفرعون وقومه، فكانوا رسل الله ونذره لهم، ولكنهم كذبوهم وكذبوا بآيات الله ومعجزاته العظيمة الدالة على صدقهم وصدق ما جاءوا به، فوقع عليهم عقاب الله تعالى نتيجة تكذيبهم الرسل والآيات، فقد أخذهم الله أخذ غالب في انتقامه، قادرٍ على إِهلاكهم لا يعجزه شيء، فأبادهم وأغرقهم الله ولم يبق لهم مخبرًا ولا عينًا ولا أثرًا .
أحدث التعليقات