الختم على القلب

1- معناه

استعمل القرآن كلمة الختم للتعبير عن حال الأشخاص المعاندين الذين تراكمت الذنوب والآثام على قلوبهم حتى منعت كلمة الحق من النفوذ إليها وأمست كالختم لا سبيل إلى فتحه.

قال اللهُ تعالى :

( فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ )

الشورى : 24

2- المقصود من القلب

         في

    القرآن الكريم

أن القلب في القرآن الكريم له معان متعددة منها ..

1- بمعنى العقل والإدراك

قال اللهُ تعالى :

( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا )

الحج : 46

( لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا )

الأعراف : 179

الآيات السابقة تبين أن القلب أداة وظيفتها التعقل والفهم .

2 – بمعنى مركز الهدي أوالضلال

قال اللهُ تعالى :

(وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )

التغابن :11

3 – مركز الرأي والتدبير

قال اللهُ تعالى :

 ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى )

الحشر : 14

وذاك سبب شقاقِهم؛ لأنَّ نواياهم متضادَّة، وتوجهاتهم متناقضة.

4 – مركز التذكَّر

قال اللهُ تعالى :

( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ )

ق : 37

أنَّه لمن كان له (قلب يتذكَّر) ويستجيب للخطاب.

5 – بمعنى مركز العواطف

قال اللهُ تعالى :

( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )

الحج : 35

( سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ )

الأنفال : 12

سألقي في قلوب الذين كفروا الخوف الشديد

قال اللهُ تعالى :

 ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )

آل عمران : 159

ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب، لانْصَرَفَ أصحابك من حولك .

ممّا تقدم نفهم ارتباط المسائل العاطفية و العقلية  بالقلب ،  ونفهم أيضا مدي ما يحدث بالختم على القلب من عدم نفاذ  كلمة الحق لتعطيل مراكز العقل والإدراك فيه .

3- أسباب

الختم على القلب

وإذا كان هذا الختم و هذا الحجاب على القلب سوف يمنع الإنسان من أن يحرِّكه شيء، فإن استمع إلى القرآن كان مَثَله مَثَل الذي لم يستمع، وإن رأَي آيات الله في الإنسان والكون ما حرَّك ذلك في قلبه شيئًا

فما أسباب الختم على القلب إذا ؟

قال اللهُ تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ . خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  ﴾

البقرة : 6-7

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾

الجاثية : 23

إن هذا الختم وهذا الحجاب هما نتيجة إصرار هؤلاء ولجاجهم وتعنتهم أمام الحق، واستمرارهم في الظلم والطغيان والكفر . فهوالإنسان الذى بلغ مرحلةً من الكفر لم يعد قابلًا فيها لتلقِّي الإنذار.

قال اللهُ تعالى :

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

البقرة : 6

لقد بلغوا مراحل من الجحود والتغلغل في الكفر، فخَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، فـكفرُهم هو الذي أوصَلَهم إلى هذا الختم.

ونتذكر دائما ..

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾

هود : 101

﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾

آل عمران : 182

4 – الختم على السمع

و الغشَاوَةٌ على البصر

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾

البقرة : 7

الختم لا يكتفي بالقلب فحسب، بل يكون على السمع أيضًا؛ لأن السمع يكون قد أصابه عطبٌ، وهذا يؤدِّي إلى عدم الاستجابة لِما يسمع، فالسمع واللا سمع بالنسبة إليه سيَّان؛ لأن السمع مشارك في عملية تلقي الإنذار والتفاعل معه، وهو ركن أساس من الأركان الثلاثة؛ التي هي: (القلب، والسمع، والبصر)، فالختم على القلب وعلى السمع.

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾

البقرة: 7

غشَاوَةٌ أي حجابٌ؛ فلا يرون آيات الله الماثِلة أمام أبصارهم بسببها التي غدت عليها؛ نتيجة توغُّلهم في دركات الكفر.

5- الفرق بين الران والختم والطبع

             فى

     القرآن الكريم

فالفرق بين الران و الختم و الطبع ..

– الران

قال اللهُ تعالى :

﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾

المطففين:  14

يعني إن قلوبهم قد حجب الإيمان عنها  بما عليها من الران الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا .

– الختم

قال اللهُ تعالى :

﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾

البقرة : 7

معنى الختم هو  أن تضع مادة ما على الشيء بحيث تسده ولذلك وصف به قلوب الكافرين .

قال اللهُ تعالى :

( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )

محمد: 24

فجعل الأقفال رمزاً لانسداد الفهم والإدراك ، حيث استعار النص القرآني هذه الصفة المادية للشيء و خلعها على القلب و السمع ، فجعل للقلب قفلاً تسد أمامه أبواب الفهم والإدراك و التعقل .

– الطبع

قال اللهُ تعالى :

 ( وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ )

التوبة : 87

فالطبع على القلوب كناية عن بلوغها مستوى من القسوة وجفاف عواطف الخير . فهي لا تتأثر ببيان ، ولا تستجيب لموعظة . فكأنها بيوت مقفلة مطبوع عليها أو قطعة من المعدن قد علاها الصدأ فغشاها .

 

 

 

Share This