اسلوب التعجب في القران الكريم

1- مفهوم التعجب

التعجب هو الانفعال المبالغ فيه من الإنسان لرؤية شيء لا يُعرف سببه أوحدوث شيء على خلاف العادة .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾

هود : ٧٢

واسلوب التعجب يستخدم في التعبير عن الاستغراب وإنكار الشيء ؛ لقلة اعتياد الإنسان عليه .

قال اللهُ تعالى :

( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ )

البقرة : 28

2- الدلالات الفعلية على التعجب

استعمل القرآن الكريم أساليب وطرقًا عديدة في تعبيراته الدالة على ظهور أثر التعجب ومعناه على جوارح الإنسان  ؛ ومنها الأتي

1- الضحك

أن من أسباب الضحك ؛ تعجب المرء من شيء غريب  .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ . قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾

هود : ٧١-72

ضحكت تعجبًا من أن يكون لها ولد على كبر سنِّها وسنِّ زوجها

2- التبسم

التبسم هو بداية للضحك ؛ وقد جاء هذا الفعل بما يدل على التعجب

– عن سليمان عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ  ﴾

النمل : ١٩

كان ضحك سليمان من قول النملة تعجبًا ، لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك

3- ضرب الوجه

وقد جاء ضرب الوجه تعبيرًا عن التعجب تجاه أمر غريب ، وفعل عجيب

– في قصة امرأة إبراهيم عليها السلام

عندما بُشرت بولد يأتيها على كبر من السن

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ﴾

الذاريات : ٢٩

ومعنى ( صكُّ الوجه ) : ضربه ضربًا شديدًا ، وهذا ( الصّك ) للوجه دلالة على تعجبها واستغرابها

4- وضع الأيدي في الأفواه

– عن تعجب الكفار من دعوة الرسل

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾

إبراهيم : ٩

5- تحريك الرأس

وقد جاء هذا الفعل دالاً على التعجب

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا . قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا . أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ﴾

الإسراء : ٤٩ – ٥١

أي يحركونها من فوق إلى أسفل ، ومن  أسفل إلى فوق ؛ كما يفعل المتعجب المستبطىء للشيء .

3- منْ صدر منهم التعجب

         في

      القرآن الكريم

صدر التعجب في القرآن الكريم من تم إضافة التعجب إليهم ، وهم

1- إضافة التعجب إلى الله

أخبر الله عن نفسه في كتابه الكريم تعجبه من صنع وعمل الكافرين

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ . بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾

الصافات: ١1- 12

فإن هذه الآية فيها إثبات ( العَجَب ) لله سبحانه وتعالى ، على ما يليق به ، فهنا عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة .

2- إضافة التعجب إلى الملائكة

أخبر الله في كتابه عن تعجب الملائكة – عليهم السلام – ، وما قالوه تجاه بعض المواقف التي جعلتهم يتعجبون منها.

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ  ﴾

البقرة : ٣٠

وهذا التعجب مرادًا به الاستبعاد ؛ أي : أيخلق الله خلقًا يكون مفسدًا في الأرض ؟ ، وسفاكًا للدماء ؟ ؛ مع ما عرف من أحوالهم وقيامهم بالعبادة !

3- إضافة التعجب إلى الأنبياء

قد ذكر القرآن الكريم نماذج من تعجب الأنبياء والمرسلين ، نطقت به ألسنتهم بسبب أمر عجيب ، وفعل غريب .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾

الأنبياء : 51- 52

حيث يخبر الله عن تعجب الخليل – عليه السلام – حين دعاء أباه وقومه إلى توحيد الله تعالى ، وإفراده بالعبادة ، وترك الآلهة التي لا تنفع ولا تضر ، ونبذ التقليد الأعمى ، والاتباع لما كان عليه الآباء والأجداد .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نَصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾

البقرة : ٦١

أي : أتختارون الطعام السفلي بما هو خير من طعامكم الذي يأتيكم من السماء ؟ .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾

آل عمران : 40

كما يخبرنا الله تعالى عن أمر الرزق بالولد على كبر من السن ؛ كما حصل لنبي الله زكريا – عليه السلام ؛ وهذا الاستفهام الذي جرى على لسان نبي الله زكريا – عليه السلام – استفهام تعجب واستغراب .

4- إضافة التعجب إلى المؤمنين

وقد ورد في القرآن الكريم التعجب صادرًا من ألسنتهم ؛ لأسباب متعددة ومواقف غريبة منها.

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ  حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾

المائدة : ٥٣

فتعجبوا منهم كيف كانوا يظهرون أنهم من المؤمنين ، ويحلفون على ذلك ويتأولون ، فبان كذبهم وافتراؤهم .

5- إضافة التعجب إلى الجن

وقد ذكر القرآن الكريم أنهم تعجبوا واستغربوا من أمر حري بالتعجب والاستغراب ؛ ألا وهو سماعهم للقرآن الكريم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾

الجن : ١

وصف الجن  القرآن وصفًا بالمصدر قرآنًا على سبيل المبالغة ، أي هو عجب في نفسه لفصاحة كلامه ، وحسن مبانيه ، ودقة معانيه ، وغرابة أسلوبه ، وبلاغة مواعظه ، وكونه مباينًا لسائر الكتب ، والعجب ما خرج عن أحد أشكاله ونظائره .

6- إضافة التعجب إلى الكافرين

تحدّث القرآن الكريم عن الكفار وأحوالهم ، وبيّن مواقفهم تجاه دعوات أنبيائهم ، وما قابلوا به تلك الدعوات من الكفر والسخرية والاستهزاء ، والتي تضمنت في بعضها التعجب والاستغراب .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾

الأعراف: ٦٣

﴿ فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾

المؤمنون : 47

﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ﴾

الإسراء:  94

وقد أخبر الله عن تعجب الكفار من بشرية الرسل من عهد الأنبياء السابقين حتى آخرهم

7- إضافة التعجب إلى المنافقين

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا ﴾

التوبة: ١٢٧

وهذا النظر الصادر من هؤلاء المنافقين ؛ تعجب منهم واستغراب لنزول سورة على نبينا محمد ، مع ما يصاحب ذلك من خوف وإشفاق من أن تفضحهم وتبين مخازيهم ، وما يدبرونه ويخططون له تجاه المسلمين .

8- إضافة التعجب إلى أهل الجنة

قال اللهُ تعالى :

﴿ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ﴾

البقرة:  25

وما أجمل وألذّ للإنسان إذا رأى هذه الفاكهة ؛ يراها وكأنها شيء واحد ، فإذا ذاقها وإذا الطعم يختلف اختلافًا عظيمًا ، تجده يجد في نفسه حركة لهذه الفاكهة ولذة وتعجبًا ، كيف يكون هذا الاختلاف المتباين العظيم ؛ والشكل واحد !

9- إضافة التعجب إلى أهل النار

قال اللهُ تعالى :

  ﴿  وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾

فصلت: 21

وإذا رأى الكفار هذا المشهد المهول ؛ تعجبوا من هذه الجلود ، واستغربوا من فعالها ، فيسألونها ؛ وهذا السؤال ؛ سؤال تعجب واستغراب

10- إضافة التعجب إلى غير العقلاء

-عن هدهد سليمان عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾

النمل 24

4 –  المتعجب منه

       في

  القرآن الكريم

المتعجب منه في القرآن الكريم متعدد ، و منه الأتي  :

1- التعجب من قدرة الله تعالى والجهل بها

وقد أنكر الله على الكفار الجهلة بقدرته العظيمة ، الذين لم يقدروه حق قدره .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾

فصلت :٩

وقد دلّ الاستفهام على التعجب من حالهم ، والاستغراب من فعلهم ، في كفرهم بالله تعالى الذي الذي خلق الأرض الكثيفة العظيمة في يومين .

2- التعجب من التكذيب بالنبي

– عن كفار قريش في مقابلتهم لدعوة النبي

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ . وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾

الحاقة: ٤1 – ٤٢

﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ . وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴾

النجم: ٣ – ٤

وجاء التعجيب ممن أعرض عن هذا الهدي النبوي ، وركب مطية الشيطان ، وابتغاء الهداية من تعاليمه

3- التعجب من عدم الاحتكام إلى شريعة الله

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾

المائدة : ٤3

والاستفهام للتعجيب ، أي من العجيب أنهم يتركون كتابهم ويحكمونك وهم غير مؤمنين بك ، ثم يتولون بعد حكمك إذا لم يرضهم .

4- التعجب من أحوال الدار الآخرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾

البقرة: ١٧٥

عجّب الله تعالى عباده من حالهم في مقارفة تلك العقوبات والتي مآلها إلى النار.

5- التعجب من حال الإنسان

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٣

وقد كان حال الإنسان المتبع لهواه محل عجب واستغراب من الله لعباده المؤمنين ؛ لأن الواجب اتباع الحق والعمل بالدليل الصحيح

قال اللهُ تعالى :

﴿ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾

غافر: ٥٩

كما جاء التعجيب من حال الإنسان الذي نسي اليوم الآخر ، ولم يعلم أنه مقبل على ربه ، واقف بين يدي خالقه .

6- التعجب من المنافقين

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾

النساء: ٣٨

فإنّ الرياء ، والتباهي بإنفاق الأموال الطائلة لغير وجه الله تعالى ؛ أمرٌ يدعوا إلى التعجب والاستنكار

7- التعجب من حال الكفار

– استعجالهم بالعذاب وعدم تأخيره

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾

يونس: ٤٨

وقد استحق الكفار بهذا الطلب الغريب أن يتعجب منهم ؛ لأنهم ليسوا مستعدين لهذا العذاب العظيم ؛ لا من ناحية القوة والعدة ، ولا من ناحية الصالحات والقربات .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾

الصافات : 16

هذا استفهام معناه التعجب والاستنكار والاستبعاد

8- التعجب من وقوع الأمر الغريب

وقد جاء في كتاب الله تعالى آيات تدل على التعجب من غرابة الشيء ، لعدم تصوره عند البشرية .

1- التعجب من الرزق بالولد على غير العادة

أ- التعجب من الرزق بالولد على كبر من السن

– عن امرأة إبراهيم عليها السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾

هود: ٧2

– عن زكريا  عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

 ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾

آل عمران: ٤٠

استفهام تعجب ، كأنه عجب من حصول الولد له مع ما قد صار إليه من الهرم الذى جرت العادة بأنه لا يولد لمن بلغ إليه

ب – التعجب من الرزق بالولد من غير أب

– عن مريم عليها السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾

آل عمران: ٤7

9- التعجب من الإعراض عن الحق ومخالفته

إن من أعظم أسباب الشقاوة والخسارة في الدنيا والآخرة ؛ مخالفة ما جاء عن الله وعن رسوله ، كما أن تحقق السعادة يكون بالتمسك بهما ، والانقياد لأوامرهما وقد جاء في كتاب الله تعالى آيات جاءت بالتعجيب ممن يخالف الحق ويعرض عنه ، مع وضوح أمره .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾

البقرة : ٨٧

وإن إعراضهم عن الحق ومخالفته ، وارتكاب القتل تجاه أنبياء الله ورسله ؛ أمر يدعوا إلى التعجب والاستغراب .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾

آل عمران: ٢٣

وبّخهم الله سبحانه وتعالى ، وعجّب رسوله والمؤمنين من توليهم وإعراضهم مع كونهم أهل كتاب ، وكان ينبغي لهم إذا دعوا إليه أن يبادروا إلى الإيمان به .

10- التعجب من الإفساد بالصد عن ذكر الله

قد جاء التعجيب من الفساد في الأرض بالشرك ؛ الذي فيه مساواة للخالق بالمخلوق ، وذلك إمعانًا في التعجيب ، وإيغالاً في النكير على هذا الفعل .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ ﴾

الصف: ٧

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ﴾

السجدة: ٢٢

﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾

الكهف: ٥٧

لا ظلْم أعظم مِن كفر منْ ترِد عليه الآيات والبينات فيعرض عنها وينسى ما قدمت يداه !

11- التعجب من مقابلة النعمة بالكفر

في القرآن الكريم آيات جاءت بالتعجيب والاستنكار على فئات من الناس أنعم الله عليهم فقابلوا النعمة بالكفر ، والإحسان بالإساءة

قال اللهُ تعالى :

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ  ﴾

الأنعام : 1

بين تعالى أنه مستحق لكامل الحمد والثناء ؛ لبديع صنعه من خلق السموات  و الأرض ، وعلى نعمة إيجاد الظلمات والنور.  ومع هذا كلِّه كَفر به بعض عباده ، وجعلوا معه شريكا وعدلا ، وكان من جملة التعجب من فعلهم والاستنكار عليهم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾

الإنفطار : 6-8

ثم بعد هذا التعجب والاستنكار ؛ يعدد الله نعمه وآلائه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى على هذا الإنسان الذي لم يؤمن بربه سبحانه وتعالى.

12- التعجب من التناقض في الأفعال

يظهر في الناس أحوال وعجائب ، تدعوا إلى التعجب والاستغراب ، منها تناقض الأفعال .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾

البقرة : ٤٤

والتعجيب من حالهم في تناقض فعلهم ؛ لأنهم يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾

الصف : ٢

ما يدل على التعجيب من التناقض في الفعل

قال اللهُ تعالى :

﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ﴾

غافر: ٣٥

التعجيب من المحاجة والمجادلة في آيات الله تعالى بقصد تكذيبها وإبطالها ، مع عدم وجود حجة ولا دليل ، بل لشبهة و تقليد .

13- التعجب من منكرات الأخلاق

في القرآن الكريم آيات جاءت بالتعجيب من منكرات الأخلاق وهي :

– الإصرار على الذنوب

قال اللهُ تعالى :

﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ  وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾

المائدة : ٧٣  -74

وإن عدم توبتهم بل وإصرارهم على الذنوب وبقائهم عليها ؛ أمرًا يدعوا إلى التعجب والاستغراب

– العتو والمكابرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴾

الفرقان: ٢١

وهذا الطلب الجائر ؛ لم يكن له سبب إلا العتو والمكابرة  ، ولذلك استحق هؤلاء الكفار أن يُتعجب من طلبهم هذا

– تكذيب الرسل

قال اللهُ تعالى :

﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ . وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ . وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴾

الصافات: ١٢- 14

عجبت يا محمد من تكذيبهم إياك ، و من إنكارهم البعث وهم يسخرون من أمر البعث .

– إتباع الهوى

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٣

دلت الآية على ذم الهوى واتّباعه ، وأنه حريٌ بأن يتعجب منه .

14- تعجب الكفار من الدعوة إلى التوحيد

تعجب الكفار من دعوتهم إلى التوحيد ؛ تلك العقيدة والفطرة الربانية التي خلق الله الناس عليها

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ  وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ  جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾

إبراهيم: ٩

لما سمعوا كتاب الله عجبوا ، ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم وهذا الفعل المشين الصادر من هؤلاء الكفار ؛ تعجب منهم ، واستغراب من دعوة الرسل لهم إلى توحيد الله تعالى .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ﴾

غافر: ٤١

وقد تعجب هذا الرجل المؤمن من دعوته لهم إلى التوحيد وترك الشرك ، ودعوتهم إياه إلى الكفر بالله تعالى !

15- تعجب الكفار من بشرية الرسل عليهم السلام

أخبر الله في كتابه الكريم عن تعجب الكفار واستغرابهم من بعثة الرسل عليهم السلام ؛ لا لشيء إلا أنهم بشرٌ مثلهم ! .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ﴾

الأعراف : ٦3

﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾

المؤمنون : ٢٤

16- تعجب الكفار من البعث والنشور

تحدث القرآن الكريم عن الكفار وأخبر عن جحودهم لذلك اليوم ؛ لأنهم لم يتصوروا أنهم محاسبون أو مجزيون على أعمالهم

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾

الرعد : ٥

﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾

الإسراء: ٤٩

هذه الآيات في إنكارهم البعث ، وهذا منهم تعجب وإنكار واستبعاد

5  – أهداف التعجب

        في

  القرآن الكريم

يوجد العديد من أهداف التعجب في القرآن الكريم ، منها الأتي

1- تقرير التوحيد

إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد ، شاهدة به ، داعية إليه ، ووردت آيات جاءت بالتعجب والاستغراب مقررة لهذا الأصل العظيم ، ومبينة عِظم شأنه وعلو منزلته في الدين .

قال اللهُ تعالى :

﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾

الأنبياء: ٢2

﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾

فصلت: ٩- 10

ينكر تعالى ويعجِّب من كفر الكافرين به ، الذين جعلوا معه أندادًا يشركونهم معه ، ويبذلون لهم ما يشاؤون من عباداتهم ، ويسوّونهم بالرب العظيم الملك الكريم .

2- التنزيه لله سبحانه وتعالى

لا غرابة أن ينزّه الله تعالى نفسه في كتابه الكريم ؛ لأنه تعالى المتفرد بالخلق والملك والتدبير . وقد جاء التنزيه لله تعالى في كتابه الكريم بلفظه الصريح الدال عليه ؛ وهو سبحان . التسبيح جاء تارة في القرآن بمعنى التنزيه ، وأخرى بمعنى التعجب .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾

النحل: ٥٧

﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾

يونس: ٦٨

وفي هاتين الآيتين نرى كيف أن التعجب جاء مقررًا لتنزيه الله تعالى عن ما نسبه إليه الكفار وقد جاء بلفظ التنزيه الصريح ( سبحان ) .

3- التسلية وَ العــزاء

إن الابتلاء سنة ماضية ربانية ، حيث يبتلي الله عباده ؛ ليكفر عنهم سيئاتهم ، ويختبر صدق إيمانهم . لذلك تأتي آيات يكون فيها تعزية للمبتلين ، وإن شئت فقل فيها صبر وسلوان لهم  ، غير أنها مقرونة بالتعجب والاستغراب ، ليكون مقررًا لهذا المبدأ .

– عن تعزية النبي من أفعال الكفار

قال اللهُ تعالى :

﴿ كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ . أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ . فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ﴾

الذاريات:٥٢ – 54

﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ﴾

النساء: ١٥٣

وهذه الأخبار من الله تعالى عن أولئك الكفار ؛ دل على التعجب والاستغراب من فعلهم .

4- الرد على الكفار وأهل الكتاب

لقد قصّ الله علينا في كتابه قصصًا وأخبارًا تضمنت الحديث عن الكفار وأهل الكتاب . وإن تلك القصص والأخبار عن أولئك جاء في بعضها التعجب والاستغراب من فعلهم ، والرد عليهم وبيان شناعة أقوالهم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾

البقرة : ٨٠

وقال بنو إسرائيل: لن تصيبنا النار في الآخرة إلا أيامًا قليلة العدد. قل لهم -أيها الرسول مبطلا دعواهم-: أعندكم عهد من الله بهذا، فإن الله لا يخلف عهده؟ بل إنكم تقولون على الله ما لا تعلمون بافترائكم الكذب.

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾

الأعراف : ١٣٨

وهذا تعجب من مُوسَى عليه السلام من قولهم على أثر ما رأوا من الآية العظمى والمعجزة الكبرى ، فوصفهم بالجهل المطلق وأكّده ، لأنه لا جهل أعظم مما رأى منهم ولا أشنع .

5- الاعتبار وَ التفكر

وإن في كتاب الله تعالى ما يدعوا إلى التأمل والتفكر ، ويبعث على أخذ العبرة والعظة ، ففي آيات كثيرة تحدث الله تعالى عن عظمته وقدرته وقوته ، تلك القوة العظيمة التي تستلزم وحدانيته ، وتنطق بجلاله وكماله . والآيات التى جاءت للاعتبار والتفكر ؛ مُضَمَّنة معنى التعجب والاستغراب ، ليكون موضوع التعجب مقررًا لهذا الأمر العظيم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾

الحج: ٤٦

﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾

الأنبياء: ٣٠

﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾

الأعراف: ١٨٥

الآيات جاءت للاعتبار والتفكر ؛ مُضَمَّنة معنى التعجب والاستغراب ، ليكون موضوع التعجب مقررًا لهذا الأمر العظيم

6- الوعظ وَ التذكير

جاء في كتاب الله تعالى ما يجمع بين الوعظ والتذكير من جهة ، وبين معنى التعجب من جهة أخرى ، ليكون مجيء التعجب مقصودًا لهذا الأمر العظيم ، ومبيناً لهذا الهدف النبيل ؛ الوعظ والتذكير .

قال اللهُ تعالى :

﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾

الحج : ٢

﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَٰكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾

مريم : ٣٨

﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَٰلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ﴾

التوبة : ٦٣

وقد ضُمّن هذا الإخبار عن الكفار معنى التعجب ؛ وذلك لقصد الوعظ والتذكير ، لينتبه الغافلون ، ويفيق المذنبون .

7- التعظيم والتحقير

جرى القرآن الكريم على أساليب تعظيم الأمور وتحقيرها ؛ من أجل لفت الانتباه إلى الأمر العظيم ، والاهتمام به ، وإعلاء منزلته أو من أجل النيل منه وإنقاص قدره وإنزالها ، ولذا ؛ نجد في آيات التعجب ما يتحدث عن هذا الموضوع ؛ موضوع التعظيم والتحقير ، من أجل الأسباب الماضية .

– تعجيب على عِظم ذلك اليوم وهوله

قال اللهُ تعالى :

﴿ الْقَارِعَةُ . مَا الْقَارِعَةُ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴾

القارعة : ٢ – ٣

استفهام فيه معنى الاستعظام والتعجب

قال اللهُ تعالى :

﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾

الغاشية: ١

استفهام أريد به التعظيم والتفخيم لشأن ذلك اليوم .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾

الانفطار: ١7 – ١٨

– أريد به التقليل لشأن الحياة الدنيا

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

آل عمران : 185

8- شكر النعمة

لقد ربى الإسلام أتباعه على مقابلة الجميل بمثله ، وجاء في تعاليمه ما يدل على علو منزلة الشكر على النعم ، وما أعد الله للشاكرين من ثواب وأجر جزيل . فإذا كان شكر النعم بهذه المثابة العظيمة ، وله تلك المنزلة الرفيعة ؛ فلا غرابة أن يكون التعجيب ممن لا يشكر الله تعالى ، ولا يعترف له بالنعمة والمنّة .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

سبأ : ١٣ .

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾

إبراهيم : ٢٨

جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر فكانوا بذلك محل عجب واستغراب

6 – الألفاظ الدالة على التعجب

      في

 القرآن الكريم

جاء التعجب بلفظه الصريح أو ما تصرف منه ، نحو : عجبتم ، عجبا ، عجبوا ، ونحو ذلك. و جاء أيضا ذكر التعجب الدال على الاستغراب والاستنكار من غير لفظة التعجب الصريح لكن بأساليب شتى ، وتعبيرات متنوعة ، دلت على التعجب ، وهي :

1- أسلوب النداء

قال اللهُ تعالى :

( قال يا بُشْرى هذا غلام )

يوسف: 19

﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾

يس: 30

2- لفظ الاستفهام المراد منه التعجب

يستخدم أسلوب الاستفهام في معنى التعجب بمختلف أدواته

أ – بأداة الهمزة

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ﴾

هود :72

﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾

يس: 31

ب – استخدام هل

وفي هذه الآية جاء التعجب بأداة الاستفهام (هل)

قال اللهُ تعالى :

﴿ هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾

الإنسان :1

﴿ هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ﴾

الفجر: 5

( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ )

الغاشية : 1

ت – (ما) الاستفهامّية

قال اللهُ تعالى :

﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾

النبأ : 1-2

﴿ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴾

النازعات : 43

– كيف

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾

آل عمران : 25

﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾

محمد : 27

﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾

القمر: 16

ج – ماذا

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ﴾

يونس: ٥٠

جاءت الجملة على سبيل التعجب والتهويل للعذاب أي : أيّ شيء شديد تستعجلون منه ؟ ، أي : ما أشدّ وأهول ما تستعجلون من العذاب !

ح – أنى

وردت هذه الأداة بمعنى التعجب

– عن زكريا  عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ﴾

آل عمران : ٤٠

تعجبه واستغرابه من الرزق بالولد على كبر من السن

– عن مريم عليها السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾

آل عمران: ٤٧

قالت ذلك تعجبًا إذ لم تكن جرت العادة بأن يولد ولد لا أب له  .

خ – أرأيت

فهي تدل على التعجب والاستنكار

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٣

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ﴾

الجاثية: ٢٣

استفهام في معنى التعجب للنبي من فرط جهلهم ، حيث تركوا عبادة من خلقهم ورزقهم ، وأطاعوا أهواءهم في عبادة أحجار لا تضرُّ ولا تنفع ، ولا تبصر ولا تسمع

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾

الماعون : ١

والاستفهام لقصد التعجيب من حال الذي يكذب بالجزاء والحساب في الآخرة

ح – ألم تر

هذه كلمة يوقف بها المخاطب على أمر يعجب منه ، ولفظها لفظ استفهام ، وقد ورد في كتاب الله ما يدل على استعمال هذا التركيب مرادًا به التعجب

قال اللهُ تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾

البقرة: ٢٥٨

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾

البقرة: ٢٤٣

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾

المجادلة: ١٤

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ﴾

الفرقان: ٤٥

3- لفظ الخبر المراد منه التعجب

وقد ورد الخبر مرادًا به التعجب في مواضع من القرآن الكريم

قال اللهُ تعالى :

﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾

البقرة: ٢١٢

4- لفظ القسم المراد منه التعجب

جاء القسم بحرف التاء خاصة في مواضع من القرآن الكريم ، و المراد بذلك التعجب .

– عن إخوة يوسف عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾

يوسف: ٧٣

قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم

– عن إبراهيم الخليل عليه السلام

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴾

الأنبياء : ٥٧

كأنه تعجب من تسهل الكيد على يده ، لأن ذلك كان أمرا مقنوطا منه لصعوبته وتعذره .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴾

الصافات : ٥٦

قال المؤمن لقرينه المنكر للبعث: لقد قاربت أن تهلكني بصدك إياي عن الإيمان لو أطعتك.

5- لفظ الدعاء المراد منه التعجب

ورد في كتاب الله تعالى الدعاء على الظلمة والكافرين ، ولم يأت الدعاء إلا بما كسبته أيدي أولئك الكفرة المجرمين من أفعال شنيعة ، والذي يهمنا في هذا المقام ؛ بيان الدعاء المراد منه التعجب من تلك الأفعال .

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾

التوبة : ٣٠

أي : هم أحقاء بأن يقال لهم هذا ، تعجباً من شناعة قولهم !

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ . يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ﴾

الذاريات: ١٠- 12

لُعِن الكذابون الظانون غير الحق، الذين هم في لُـجَّة من الكفر والضلالة غافلون متمادون.

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ . فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾

الملك: 10- 11

فاعترفوا بتكذيبهم وكفرهم الذي استحقوا به عذاب النار، فبعدًا لأهل النار عن رحمة الله.

– مقبحًا شناعة أعمال المنافقين

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾

المنافقون : ٤

دعاء عليهم بأشنع الدعوات ، وتعجب من إفراطهم في الكفران

6- لفظ الندم والتحسر المراد منه التعجب

أخبر الله في كتابه عن حال أهل النار ، تلك الحالة البائسة الشقية ، وما ينعون على أنفسهم ، ويتحسرون على أوقاتهم التي انقضت في معصية الله تعالى ، مما يدل على استغرابهم لأعمالهم التي عملوها في الحياة الدنيا ، ورأوا الأمر الحق رأي عين .

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾

الأنعام : ٣١

فتعجَّب قابيل، وقال: أعجزتُ أن أصنع مثل صنيع هذا الغراب فأستُرَ عورة أخي؟

قال اللهُ تعالى :

﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ﴾

المائدة : ٣١

7- لفظ التنزيه المراد منه التعجب

ورد تنزيه الله تعالى لنفسه عما نسبه إليه الكفار والمشركون ، أو فيما شككوا من القدرة الإلهية ، وذلك في آيات من كتابه الكريم

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾

الإسراء : ٩٣

تعجبًا من مطالب المشركين التي طلبوها من النبي ، فأمر سبحانه رسوله أن يأتي بما يفيد التعجب من قولهم ، والتنزيه للرب سبحانه عن اقتراحاتهم القبيحة .

قال اللهُ تعالى :

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾

يس: ٣٦

فيه معنى التعجب ؛ أي عجبًا لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات ؛ ومن تعجب من شيء قال : سبحان الله !

8- لفظ التحذير المراد منه التعجب

ورد أسلوب التحذير والذي يدل على التخويف من الوقوع في الأمر  ؛ لأنه يترتب على ذلك الهلاك والشقاء ، وإلحاق الضرر بالبدن . وقد جاء أسلوب التحذير المراد منه التعجب .

– على لسان موسي عليه السلام  كما في قوله للسحرة

قال اللهُ تعالى :

﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ﴾

طه : ٦١

– في قصة المتكبر قارون

قال اللهُ تعالى :

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾

القصص : ٨٠

9- استعمال مادة (عجب)

وقد يتم التعبير عن التعجب من استعمال مادة (عجب)

قال اللهُ تعالى :

﴿ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾

هود : 72

﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا  ﴾

الكهف : 63

﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾

الجن : 1

10- صيغة (سبحان)

قال اللهُ تعالى :

﴿ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ﴾

الإسراء: 93

Share This