مفهوم الْفُقَرَاءَ في القرآن الكريم
1- مفهوم الْفُقَرَاءَ
الفقير هو الشخص الذي لا يملك مال أو مصدر دخل يوفر له احتياجاته الأساسية بشكل كامل ، ويمكن تشبيه حالة الفقير بمن يحتاج إلى عشرة جنيهات ولا يمتلك غير جنيهين ، مما يعني أنه يحتاج إلى مساعدات لسد باقي احتياجاته و تلكِ فريضة فرضها الله 0
2- كلمة الفقر
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (الفقر) في القرآن الكريم (١4) مرة. والصيغ التي وردت، هي:
– إسم جمع
ورد 7 مرات
قَال الله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾
البقرة : 271
– إسم مفرد
ورد 5 مرات
قَال الله تعالى:
﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾
الحج: 28
– مصدر
ورد مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾
البقرة : 268
– صفة
وردت مرة واحدة
قَال الله تعالى:
﴿ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴾
القيامة: 25
فَاقِرَةٌ : دّاهية
وجاء الفقر في القرآن الكريم بالمعاني الأتية :
1- (الفقر) بمعنى الافتقار إلى الله تعالى
قَال الله تعالى:
( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )
فاطر:15
2- (الفقر) بمعنى الفقراء من عامة المسلمين
وهو المراد غالباً من هذا اللفظ في القرآن الكريم
قَال الله تعالى:
( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )
التوبة:60
هم فقراء المسلمين
3- (الفقر) بمعنى الفقراء من المهاجرين خاصة
قَال الله تعالى:
( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم)
الحشر:8
4- (الفقر) بمعنى الطعام
– على لسان موسى عليه السلام
قَال الله تعالى:
( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )
القصص:24
3- الكلمات ذات الصلة
بكلمة الفقر
– الخصاصة
هي الحاجة والعوز والخلّة
قَال الله تعالى:
( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )
الحشر :9
– الإملاق
هو الإنفاق
قَال الله تعالى:
( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ )
الإسراء :31
– العَيلة
العيلة تعني الفقر والحاجة
قَال الله تعالى:
( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ )
النساء :3
– الْبَائِسَ
قَال الله تعالى:
﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾
الحج: 28
البائس الفقير أي الشديد الفقر
– المسكين
وهو غير القادر على الحركة والكسب
قَال الله تعالى:
﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾
البقرة: 184
4 – أنواع الفقر
في
القرآن الكريم
أن لفظ (الفقر) أكثر ما ورد في القرآن الكريم بمعنيين ، هما
1- الفقر المادي
وهوأكثر ما ورد في القرآن الكريم ، وهو المقابل للفظ (الغنى)
قَال الله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ ٌ ﴾
البقرة: 271
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾
التوبة: 60
2- الفقر المادي والمعنوي معاً
وورد الفقر أقل من ذلك بمعنى الفقر المادي والمعنوي معاً، أي الافتقار إليه سبحانه والحاجة إليه .
قَال الله تعالى:
( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله )
فاطر:15
أخبر تعالى بغنائه عما سواه، وبافتقار المخلوقات كلها إليه، وتذللها بين يديه
قَال الله تعالى:
( والله الغني وأنتم الفقراء )
محمد:38
أي: تحتاجون إليه في جميع أوقاتكم، لجميع أموركم
5- وسائل محاربة الفقر
في
القرآن الكريم
ومن الوسائل التي وردت في القرآن الكريم لحل مشكلة الفقر ومحاربتها، ما يلي
أولا – الجانب العقائدي
تعليم الناس الاعتقاد الصحيح بأن الرزق من الله تعالى ، وأنه هو الرزاق ، وأن كل ما يقدِّره الله تعالى من المصائب فلحكمٍ بالغة ، وعلى المسلم الفقير الصبر على مصيبته ، وبذل الجهد في رفع الفقر عن نفسه وأهله .
1- أن الرزق من الله تعالى
وأنه هو الرزاق ، وأن كل ما يقدِّره الله تعالى من المصائب فلحكمٍ بالغة ، وعلى المسلم الفقير الصبر على مصيبته ، وبذل الجهد في رفع الفقر عن نفسه وأهله
قَال الله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )
الذاريات:58
( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
هود:6
( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ )
الملك:21
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )
الإسراء:70
ومن شأن هذه الاعتقادات أن تصبِّر الإنسان على ما يصيبه من فقر ، وأن يلجأ إلى الله تعالى وحده في طلب الرزق ، وأن يرضى بقضاء الله ، ويسعى بطلب الرزق .
2 – الإيمان بالله وتقواه سبحانه وتعالى
والالتزام بالمنهج الرباني في افعل ولا تفعل من موجبات الرزق ، وعدم الانحراف عن طريق الكسب الطيب الحلال.
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
الأعراف: 96
ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه، لفتح الله لهم أبواب الخير من كلِّ وجه، ولكنهم كذَّبوا، فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم ومعاصيهم.
3- تصبِّر الإنسان على ما يصيبه من فقر
لأن كل ما يقدِّره الله تعالى من المصائب فلحكمٍ بالغة .
قَال الله تعالى :
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾
البقرة : 155
ولنختبرنكم بشيء يسير من الخوف، ومن الجوع، وبنقص من الأموال بتعسر الحصول عليها، أو ذهابها، ومن الأنفس: بالموت أو الشهادة في سبيل الله، وبنقص من ثمرات النخيل والأعناب والحبوب، بقلَّة ناتجها أو فسادها. وبشِّر – أيها النبي- الصابرين على هذا وأمثاله بما يفرحهم ويَسُرُّهم من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة.
4- التوكل على الله حق توكله
قَال الله تعالى :
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾
الطلاق: 3
ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمَّه في جميع أموره ، و يجعل له مخرجًا من كل ضيق، وييسِّر له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله، ولا يكون في حسبانه.
5 – الدعاء والاستغفار من موجبات الرزق
قَال الله تعالى :
﴿َ قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾
نوح : 10-12
إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا، ويكثرْ أموالكم وأولادكم، ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها، ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم.
ثانياً- الأخذ بالأسباب
تدرَّج القرآن الكريم في طرح حلول الفقر في المجتمع المُسلم بشكلٍ خاص، وفي المُجتمعات بشكلٍ عام، وفي الآتي مجموعةٌ من الإجراءات العمليّة التي اعتمَدها الإسلامُ لحَلِّ مُشكلة الفقر والتخلّص منها:
الحل الأول: السعي والعمل
لا بد لكلِّ قادر أن يسعى ويعمل، فالرزق مضمون لكنَّه لن يأتي إلا بسعي، كما أنَّ خيرات الأرض كثيرة، ولا حجَّة لأحد في ترك العمل كسلاً أو إهمالاً بحجة أنَّ الله عزَّ وجل كتب عليه الفقر، وأنَّه بلا حظٍّ في الدنيا .
قال الله تعالى:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )
الملك: 15
الله وحده هو الذي جعل لكم الأرض سهلة ممهدة تستقرون عليها، فامشوا في نواحيها وجوانبها، وكلوا من رزق الله الذي يخرجه لكم منها، وفي الآية إيماء إلى طلب الرزق والمكاسب .
قال الله تعالى:
﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾
المزمل: 20
فالإنسان في أصل نشأته جُبل على طلب الرزق والكدِّ لأجل ذلك باتّباع كل الوسائل والطرق .
قال الله تعالى:
( رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً )
الإسراء : 66
فقد جعل الله سبحانه وتعالى جميع ما في الحياة الدنيا مُيسّراً للإنسان لتحصيل قوته وتأمينه، حتى إنّ السُّفن في البحر سُخّرت لنقل الناس من مكان إقامتهم إلى عوالم أخرى لم يكونوا بالغيها إلا بكدِّ الأنفس، فجاءت الفلك تيسيراً لتنقّلهم لغايات الوصول إلى أرزاقهم في شتّى أصقاع الأرض
قال الله تعالى:
( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
الجمعة :10
فقد أذن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية لعباده بالسعي عقب صلاة الجمعة بهدف توفير القوت لهم ولِعيالهم، وتحصيل الربح من خلال البيع والشراء والتجارة عموماً، وغير ذلك من الوَسائل المتاحة لكل مجتمعٍ .
ينبغي على المُسلم أن يسعى في طلب الرزق وتحصيله بالعمل وعدم الركون للراحة، وقد مهّد الله – سبحانه وتعالى – الأرض للناس لتلك الغاية؛ لذا يجب عليهم استغلال ذلك في تحقيق الاكتِفاء من خلال العمل والكدّ بما أوتوا من طاقةٍ لأجل ذلك.
الحل الثاني: التكافل الأجتماعي
أوجب على أقارب الفقير الموسرين أن يتكفَّلوا بأقاربهم الذين أصابهم الفقر بسبب العجز عن العمل أو الشيخوخة، أو وفاة المعيل عن زوجة وأبناء، وربما كان له والدان وأخوات؛ لتحقيق التراحم والتكافل.
قال الله تعالى:
﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾
الإسراء: 26
وأحسِنْ إلى كل مَن له صلة قرابة بك، وأعطه حقه من الإحسان والبر، وأعط المسكين المحتاج والمسافر المنقطع عن أهله وماله، ولا تنفق مالك في غير طاعة الله، أو على وجه الإسراف والتبذير.
قال الله تعالى:
﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ﴾
البقرة : 177
وأعطى المال تطوُّعًا -مع شدة حبه- ذوي القربى، واليتامى المحتاجين الذين مات آباؤهم وهم دون سن البلوغ، والمساكين الذين أرهقهم الفقر، والمسافرين المحتاجين الذين بَعُدوا عن أهلهم ومالهم، والسائلين الذين اضطروا إلى السؤال لشدة حاجتهم .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ ﴾
النور: 22
ولا يحلف أهل الفضل في الدين والسَّعَة في المال على ترك صلة أقربائهم الفقراء والمحتاجين والمهاجرين، ومنعهم النفقة؛ بسبب ذنب فعلوه، ولْيتجاوزوا عن إساءتهم، ولا يعاقبوهم.
الحل الثالث: نصيبًا من أموال الزكاة
الصدقةُ سبيلٌ لحلّ ومعالجة مشكلة الفقر وانتزاعها من جذورها من خلال تمثُّل الغنيّ لحال الفقير واستشعاره به، ممّا يُعين الفقير على قضاء حوائجه وسداد ديونه. ولذلك أوجب الله عزَّ وجل للفقير نصيبًا من أموال الزكاة .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
التوبة: 60
إنما تعطى الزكوات الواجبة للمحتاجين الذين لا يملكون شيئًا، وللمساكين الذين لا يملكون كفايتهم، وللسعاة الذين يجمعونها، وللذين تؤلِّفون قلوبهم بها ممن يُرْجَى إسلامه أو قوة إيمانه أو نفعه للمسلمين، أو تدفعون بها شرَّ أحد عن المسلمين، وتعطى في عتق رقاب الأرقاء والمكاتبين، وتعطى للغارمين لإصلاح ذات البين، ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا، وللغزاة في سبيل الله، وللمسافر الذي انقطعت به النفقة، هذه القسمة فريضة فرضها الله وقدَّرها. والله عليم بمصالح عباده، حكيم في تدبيره وشرعه.
قال الله تعالى:
( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ )
المعارج: 24 – 25
والذين في أموالهم نصيب معيَّن فرضه الله عليهم، وهو الزكاة لمن يسألهم المعونة، ولمن يتعفف عن سؤالها، والذين يؤمنون بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة .
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
البقرة: 264
يا من آمنتم بالله واليوم الآخر لا تُذْهِبُوا ثواب ما تتصدقون به بالمنِّ والأذى، فهذا شبيه بالذي يخرج ماله ليراه الناس، فيُثنوا عليه، وهو لا يؤمن بالله ولا يوقن باليوم الآخر، فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر غزير فأزاح عنه التراب، فتركه أملس لا شيء عليه، فكذلك هؤلاء المراؤون تضمحلُّ أعمالهم عند الله، ولا يجدون شيئًا من الثواب على ما أنفقوه. والله لا يوفق الكافرين لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها.
قال الله تعالى:
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾
الإنسان 8 – 9
ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله.
قال الله تعالى:
( إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْوَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )
البقرة: 271
إن تظهروا ما تتصدقون به لله فنِعْمَ ما تصدقتم به، وإن تسرُّوا بها، وتعطوها الفقراء فهذا أفضل لكم؛ لأنه أبعد عن الرياء، وفي الصدقة -مع الإخلاص- محو لذنوبكم. والله الذي يعلم دقائق الأمور، لا يخفى عليه شيء من أحوالكم، وسيجازي كلا بعمله.
قال الله تعالى:
( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )
سبأ: 39
ومهما أَعْطَيتم من شيء فيما أمركم به فهو يعوضه لكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالثواب، وهو – سبحانه- خير الرازقين، فاطلبوا الرزق منه وحده، واسعَوا في الأسباب التي أمركم بها.
قال الله تعالى:
( وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا )
المزمل: 20
وأعطوا الزكاة الواجبة عليكم، وتصدَّقوا في وجوه البر والإحسان مِن أموالكم؛ ابتغاء وجه الله، وما تفعلوا مِن وجوه البر والخير وعمل الطاعات، تلقَوا أجره وثوابه عند الله يوم القيامة خيرًا مما قدَّمتم في الدنيا، وأعظم منه ثوابًا، واطلبوا مغفرة الله في جميع أحوالكم، إن الله غفور لكم رحيم بكم.
الحل الرابع : تحريم الغش في البيع و الربا و القمار و الخمر
قال الله تعالى:
﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾
المطففين: 1- 3
عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما، ويبخس الناس أشياءهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان.
قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ )
البقرة : 278 – 279
يا من آمنتم بالله واتبعتم رسوله خافوا الله، واتركوا طلب ما بقي لكم من زيادة على رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل تحريم الربا، إن كنتم محققين إيمانكم قولا وعملا. فإن لم ترتدعوا عما نهاكم الله عنه فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله، وإن رجعتم إلى ربكم وتركتم أَكْلَ الربا فلكم أَخْذُ ما لكم من ديون دون زيادة، لا تَظْلمون أحدًا بأخذ ما زاد على رؤوس أموالكم، ولا يظلمكم أحد بنقص ما أقرضتم.
قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
المائدة:90
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إنما الخمر: وهي كل مسكر يغطي العقل، والميسر: وهو القمار، وذلك يشمل المراهنات ونحوها، مما فيه عوض من الجانبين، وصدٌّ عن ذكر الله، والأنصاب: وهي الحجارة التي كان المشركون يذبحون عندها تعظيمًا لها، وما ينصب للعبادة تقربًا إليه، والأزلام: وهي القِداح التي يستقسم بها الكفار قبل الإقدام على الشيء، أو الإحجام عنه، إن ذلك كله إثمٌ مِن تزيين الشيطان، فابتعدوا عن هذه الآثام، لعلكم تفوزون بالجنة.
أحدث التعليقات