مفهوم السعادة في القرآن الكريم
1- مفهوم السعادة
حالة نفسية من مشاعر الراحة والطمأنينة والرضى عن النفس والقناعة بما كتب الله سبحانه وتعالى .
2- كلمة السعادة
في
القرآن الكريم
وردت كلمة (سعد) وصيغها في القرآن الكريم مرتين. والصيغ التي وردت، هي:
– الفعل الماضي
وردت مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾
هود:١٠٨
– صيغة المبالغة
وردت مرة واحدة
قال الله تعالى:
﴿ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾
هود:١٠٥
وجاءت السعادة في القرآن الكريم بمعنى معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير.
3- كلمات ذات صلة
بكلمة السعادة
أ- الرضا
طيب النفس بما يصيبه ويفوته مع عدم التغير وضد السخط .
قال الله تعالى:
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾
التوبة :58
ب – الفرح
انشراح الصّدر بلذّة عاجلة، وأكثر ما يكون ذلك في اللّذات البدنيّة الدّنيوية
قال الله تعالى:
﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾
الرعد: 26
ج – السرور
حالة نفسانية تعرض عند حصول اعتقاد وعلم أو ظن لحصول لذة عاجلة
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴾
الانشقاق:١٣
4 – أنواع السعادة
السعادة هي ذاك الشعور الداخلي الذي يحسه الإنسان بين جنبيه، وتتمثل في سكينة النفس وطمأنينة القلب وراحة الضمير والبال؛ نتيجةً لاستقامة السلوك الظاهر والباطن، المدفوع بقوة الإيمان، لا تقتصر على تحقيق مطالب وملذات الجسد والدنيا، بل تمتد لتشمل التشوق إلى الحياة الأخروية الأبدية الدائمة المتمثلة في دار الخلود التي لا ينقطع نعيمها ولا يمتنع و نستعرض هنا أنواع السعادة في النقاط الآتية:
أولًا – السعادة الموهومة الزائلة
السعادة هي الحلم الذي ينشده كل إنسان على الأرض فأين نجدها ؟ فقد جرّب الناس في شتى العصور ألوان المتع المادية، وصنوف الشهوات الحسية فما وجدوها وحدها تحقق السعادة أبدًا ، وربما زادتهم مع كل جديد منها همًّا جديدًا.
قال الله تعالى:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾
آل عمران:١٤
في هذه الآية الكريمة يجمع السياق القرآني أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان، والتي يعتقد أنها سر سعادة الإنسان في هذه الحياة الدنيا ؛ لأنها خلاصة الرغائب الأرضية، إما بذاتها، وإما بما تستطيع أن توفره لأصحابها من لذائذ أخرى، ويخبر تعالى عمّا زين للناس في هذه الدنيا من أنواع الملاذ بصيغة الفعل المبني للمجهول، إشارة إلى أن تركيبهم الفطري قد تضمن هذا الميل، فهو محبب ومزين، بل هو جزء من تكوين الإنسان الأصيل لا حاجة لإنكاره، فهو ضروري للحياة البشرية كي تتأصل وتنمو وتطرد ، والمتمثل في الآتي :
أ – السعادة في البنين
فالبنون حلم جميل وشهوة محببة إلى النفس ، لذا نرى جميع الناس يسعون إليها، وتتعلق قلوبهم بها، ويظهر ذلك جليًّا فيمن حرم هذه النعمة، وعقم عن الإنجاب، فإنه يدفع أغلى الأثمان من الآلاف المؤلفة، من أجل الحصول على ولد ، حتى أن الأنبياء الذين اختبرهم الله بعدم الإنجاب، رفعوا أيديهم بالدعاء لله رب العالمين.
قال الله تعالى:
﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾
الأنبياء:٨٩
لو استقرأنا الواقع لوجدنا أن كثيرًا من الأولاد جرّوا على آبائهم الويلات وأذاقوهم أصناف العذابات، حتى كان حتف بعضهم على يد ابنه طمعًا في ثروته!، وكم سمعنا من القصص العجيبة عن عقوق الأبناء وتعاسة الآباء.
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾
الكهف:٨٠
حيث كان قتل هذا الغلام أفضل لوالديه من حياته.
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾
التغابن:١٤
فالسعادة إذن لا تتحقق بالأبناء، ثم هل الذين حرموا من الأولاد محكوم عليهم بالشقاء المؤبد والتعاسة الدائمة؟ لا أظن ذلك.
ب – السعادة في المال
إن المال عصب الحياة حقيقة، والكل يشتهي اقتناءه على شتى أصنافه من ذهب أو فضة أو مجوهرات أو أوراق نقدية، ويرى فيه مصدر عزٍّ وعلو مكانةٍ، ويحرص على الاستزادة منه دون شبع.
قال الله تعالى:
﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
الكهف:٤٦
﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾
الفجر:٢٠
﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
الحديد:٢٠
وهذا المال الذي يميل إليه كثير من الناس، ويرون أن السعادة تتحقق بجمعه، وبه يحصلون على متع الحياة ولذاتها، قد يكون سببًا لشقاء إلانسان في الحياة الدنيا؛ لأن في جمع المال والحفاظ عليه مشقة، فصاحبه لا يصبح إلا مهمومًا ولا يمسي إلا مغمومًا. فهل حقًّا السعادة في المال والنعيم المادي؟!!
وأكدت التجارب والخبرات أن السعادة شعور خفي ينبعث من داخل الفرد نفسه ، وأنه ينبغي الفصل التام بين المال والسعادة.
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾
التوبة:٥٥
والعذاب هو المشقة والألم والهم والسقم.
والقناعة في الحقيقة طريق السعادة في الدنيا والآخرة ؛ ذلك لأن القناعة تعني العزة والكرامة وعدم سؤال الناس حتى ولو كان محتاجًا، وإذا كان ولابد فليسأل الله تبارك وتعالى ؛ فسؤاله عبادة وهو القادر وحده على سد الحاجة .
ت – السعادة في الأنعام والحرث
تختلف أذواق الناس فيما يسعدهم ويدخل السرور إلى قلوبهم، فهناك من رأى سعادته في كنز الذهب والفضة والأوراق النقدية مثل الرأسماليين الكبار، وأهل الفروسية يرون سعادتهم فيما يقتنونه من خيل وركاب، والفلاحون وأهل الزراعة يرون سعادتهم فيما يمتلكونه من أنعام وحرث.
قال الله تعالى:
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾
الشعراء 129
وتتخذون قصورًا منيعة وحصونًا مشيَّدة، كأنكم تخلدون في الدنيا ولا تموتون .
ها قد أوردنا كل ما يعتقده المعتقدون ويلهث وراءه اللاهثون ويتلذذ به المتلذذون بأنواع الشهوات المختلفة من نساء وبنين وأموال وخيل وأنعام وحرث وشهرة.
هؤلاء التائهون اللاهثون وراء أوهام السعادة المزيفة من كفروا بالله، وأعرضوا عن طريق الإيمان لن يصلوا إلا للهلاك.
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴾
طه:١٢٤
كل ما سبق هي سعادات موهومة لا حقيقة لها، يغلفها الهم والغم والشقاء! أين السعادة إذن؟ وكيف نحصل عليها؟
ثانيًا – السعادة الأبدية الخالدة
وهي التي لأجلها رخص الشهداء أرواحهم وأموالهم، وجاهد المؤمنون شهواتهم وأهوائهم، وأفنى العلماء والعباد أعمارهم، إنها الجنة دار السعادة التي لا تنقطع، والسرور الذي لا يزول، فنعيم الجنة يفوق الوصف، ويقصر دونه الخيال، ليس لنعيمها نظير فيما يعلمه أهل الدنيا، ومهما تقدموا وتطوروا وترقوا في دنياهم فسيبقى ما يبلغونه أمرًا هينًا ولا يذكر بالنسبة لنعيم الآخرة، ولقد حاز ذكر الجنة ووصفها في القرآن الكريم على الكثير من الآيات والسور، وذاك حتى تتعلق بها القلوب، وتسعى إلى سكناها النفوس، متسليةً بها عن كل ملمات الحياة ومشاقها.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾
الإنسان:٢٠
وما أخفاه الله عنا من نعيم الجنة شيء عظيم لا تدركه العقول، ولا تصل إلى كنهه الأفكار.
قال الله تعالى:
﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
السجدة: ١٧
﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾
الدخان:٥٦
﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
الحديد:١٢
الجنة خالدة لا تفنى ولا تبيد، وأهلها فيها خالدون، لا يرحلون عنها ولا يظعنون ولا يبيدون، ولا يموتون.
5 – أسباب السعادة
السعادة بيد الله ، فهو جلّ وعلا ميسر الأمور وشارح الصدور والمعين والهادي والموفق ، بيده ـ جلّ وعلا ـ كلّ الأمور يعطي ويمنع ، ويخفض ويرفع ، ويعزّ ويذلّ ، ويقبض ويبسط ، ويهدي ويضل ويغني ويفقر، ويضحك ويبكي .
قال الله تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾
النجم: 43
فالأمر كلّه بيد الله. وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
قال الله تعالى:
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾
آل عمران : 26
فأساس قاعدة السّعادة ومرتكزها الذي عليه تدور، ومحورها الذي إليه ترجع هو الإيمان بالله تبارك وتعالى؛ الإيمان به جلّ وعلا ربّاً وخالقاً ورازقاً، متصرِّفاً ومدبِّراً، معطياً ومانعاً، وخافضاً ورافعاً، قابضاً وباسطاً. والإيمان بأنه جلّ وعلا المعبود بحق ولا معبود بحق سواه. والإيمان بأنه جلّ وعلا الأمور كلّها بيده وبقضائه وقدره، لا معقِّب لحكمه ولا رادَّ لقضائه، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
ولكن كثير من الناس غفلوا عن الأسباب الحقيقية التي تبعث السعادة في النفوس، والتي يمكن إجمالها في الأتي :
1- الإيمان
وهو أعظم نعم الله سبحانه على عباده، والتي تستحق من صاحبها أن يواظب على شكرها ليلًا ونهارًا .
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾
الأعراف:٤٣
إن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى إيمانًا صافيًا من الشوائب يكون مطمئن القلب، هادئ النفس. فخضوع المؤمن لله تعالى يقوده إلى الراحة النفسية. والإيمان ليس فقط سببًا لجلب السعادة بل هو أيضًا سبب لدفع موانعها .
قال الله تعالى:
﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾
البقرة :٢٥٧
يخبر سبحانه وتعالى: أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام، فيخرج المؤمنين من آمن من التخبط والحيرة ويلهمهم الصراط المستنير.
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ . الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾
الرعد :٢٨-٢٩
أي: تطيب وتركن وتسكن وترضى به مولىً ونصيرًا.
2- العمل الصالح
العمل الصالح هو ثمرة من ثمرات الإيمان، لذا لا نكاد نرى آيةً تتحدث عن الإيمان إلا وقرنت ذلك بالعمل الصالح ، والصلاح ضد الفساد.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ﴾
مريم:٩٦
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾
محمد:٢
والصلاح هو كل ما أمر الله بفعله من عبادة وخلق وعمل وتعامل بين الناس بما شرع الله.
3- الإحسان إلى عباد الله
و الإحسان هو مرتبة سامية تتبوأها الصفوة المختارة من عباد الله الأخيار؛ الذين يستشعرون رقابة الله عليهم في كل عمل وعبادة، فيجتنبون كبائر الإثم والفواحش ؛ والإحسان ضد الإساءة.
قال الله تعالى:
﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾
الإسراء:٧
مرتبة الإحسان لا يتذوق حلاوتها إلا من روض نفسه على ترك المعاصي والإكثار من الحسنات، فهو يحسن لمن أحسن إليه ويحسن لمن أساء إليه وهنا يكمن السر. ومن صور الإحسان في حياة المسلم
– الإحسان إلى الوالدين
الوالدان هما سر حياة الإنسان ومصدر وجوده، لهما عليه كل حق وتقدير فلابد من برهما، والتودد إليهما، والدعاء لهما، وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادته وحده والإحسان إليهما.
قال الله تعالى:
﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾
الإسراء:٢٣
– الإحسان إلى ذي القربى واليتامى والمساكين والجيران والخدم.
قال الله تعالى:
﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾
النساء:٣٦
4- الرضا والاستسلام لقضاء الله والصبر
الصبر فضيلة من أمهات الفضائل، ووسيلة تعين على هذه الدنيا، وهو الدواء الشافي لنفس المصاب أو المبتلى حيث يخفف حزنها وآلامها.
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
التوبة:٥١
والصبر والاستسلام لقضاء الله يمنح الروح طاقة قادرة على الصمود أمام كوارث الحياة ، وهو في حالة وقوعها ثابت لا يهتز، قوي لا يقهر ولا يتقهقر، لأن من مقتضيات الإيمان التسليم قولًا وعملًا .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
النحل:٩٦
﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
الزمر:١٠
5- استشعار نعم الله وشكرها
إن نعم الله على الإنسان كثيرة، و لو حاول أن يعد نعم الله عليه لوجد أن ما دقّ وخفي من النعم أكثر مما ظهر واتضح، ووجد أنه يتقلب في نعم الله ليلًا ونهارًا، بل في كل لحظة من لحظات عمره في الدنيا منذ أن كان جنينًا إلى أن يلقى الله ثم تستمر النعم والسعادة على المؤمنين.
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾
النحل:١٨
إن تقلب الإنسان في نعمة الله عليه وإلفه لها جعله يفقد الشعور بقيمة تلك النعمة بالنسبة إليه؛ إلا أن يسلبها فيدرك ذلك ويرفع أكف الضراعة إلى المنعم أن يعيدها عليه.
والمؤمن يملك أعظم نعمة على الإطلاق حيث ينعم بالطمأنينة والسكنية والسعادة التي يتمناها غيره ولا يدركها. ؛ ولذلك لابد من شكر المنعم سبحانه وتعالى .
والشكر من أعلى مراتب الدين، وأسمى درجات الإيمان ومن دلائل حب العبد لمولاه، لذلك أكثر القرآن الكريم من الآيات التي تتحدث عن فضل الشكر والشاكرين، وكفار النعمة الجاحدين، وأمر سبحانه عباده الصالحين بالشكر
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾
البقرة: ١٧٢
﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾
الزمر:٦٦
ووعد سبحانه على الشكر بالمزيد
قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾
إبراهيم:٧
ومما يجب معرفته أن الشكر لا تعود منفعته على الله، لأن الله غني عن عباده بل فضله وعائدته يكون لصاحبه.
قال الله تعالى:
﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾
النمل:٤٠
6 – جهاد النفس
جهاد النفس هو استفراغ الوسع في تزكية النفس بترويضها على الطاعات، ومخالفة نوازعها الشريرة وأهوائها، والغاية من جهاد النفس هو إدراك السعادة السرمدية.
قال الله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
العنكبوت:٦٩
والمؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله، والنفس، والشيطان، وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله، سيهديهم الله سبل الخير، ويثبتهم على الصراط المستقيم، ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. وإن الله سبحانه وتعالى لمع مَن أحسن مِن خَلْقِه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية.
قال الله تعالى:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ﴾
النازعات:٤٠-٤١
والإنسان في هذه الدنيا يعيش حالة صراع مع أعداء ظاهرين وآخرين لا يراهم، وربما كانوا أشد فتكًا به من أعدائه المشاهدين، وإن أعدى أعداء المرء نفسه التي بين جنبيه، فإنها تحث على نيل كل مطلوب والفوز بكل لذة، حتى وإن خالفت أمر الله. والعبد إذا أطاع نفسه هلك أما إن جاهدها فإنه يحرز نصرًا في أعظم ميادين الجهاد.
6 – مظاهر السعادة
أن مظاهر السعادة تنقسم إلي قسمين في القرآن الكريم ، وهما ما يلي
أولا – مظاهر السعادة
في
الحياة الدنيا
لقد تكرر القول بأن السعادة في هذه الدنيا أمر نسبي، وهي ومضات خاطفة أو ساعات معدودة لا تستمر ولا تدوم، بل لابد وأن تعتريها منغصات ومكدّرات من الأمراض والأعراض، لأن هذه الدنيا دار ممر للآخرة، والإنسان فيها مسافر، عما قريب سيحط رحاله إما إلى جنة أو إلى نار، وهي سجن المؤمن، لذا فهي محفوفة بالآلام والابتلاءات، والمصاعب والمشكلات.
قال الله تعالى:
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾
البلد:٤
إن الفرح أو اللذة الدنيوية إنما هي لحظات قليلة يمكن اعتبارها إرهاصات للسعادة الحقيقية الدائمة، ولمحات أو إشارات سريعة تربط قلب المؤمن بمصيره الأبدي المنتظر، فيظل هذا القلب ينبض في الدنيا بأشواق الآخرة، وتظل النفس تتشوف لذلك النعيم المقيم الذي لا يقع في دائرة الإدراك أو الحواس.
وسنتعرض هنا بعض مظاهر السعادة الدنيوية في النقاط الآتية:
1- الحياة الطيبة
الحياة الطيبة أعظم مظاهر السعادة الدنيوية وكذلك الأخروية، لأن الطّيّب هو الحسن والأفضل في كل شيء .
قال الله تعالى:
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾
النحل:٩٧
و أصحاب الحياة الطيبة زادهم الله من فضله فكل شيء في حياتهم طيب، الرزق والبلد، الطعام والشراب، الأزواج والزوجات أقوالهم طيبة، وطريقهم طيب.
أ- طعام طيب
إذا كان حلالًا مستلذًا
قال الله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾
المؤمنون:٥١
ب – امرأة طيبة
إذا كانت حصانًا عفيفة
قال الله تعالى:
﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾
النور:٢٦
ت – كلمة طيبة
إذا لم يكن فيها مكروه
قال الله تعالى:
﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾
فاطر:١٠
ث – بلدة طيبة
أي آمنة، كثيرة الخير
قال الله تعالى:
﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾
سبأ:١٥
والحياة الطيبة في الدنيا، أريد بها حياةً تصحبها القناعة والرضا بما قسمه الله تعالى وقدّره .
2- الأمن النفسي والطمأنينة والسكينة
من أعظم مظاهر سعادة المؤمن تحقق الأمن النفسي لديه، ولا نعمة أعظم من الأمن .
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
الأنعام:٨٢
ويمتن الله سبحانه على عباده الذين رضي عنهم بأن حقق لهم الأمن
قال الله تعالى:
﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
قريش 3- 4
3- انشراح الصدر
انشراح الصدر نعمة عظيمة ومظهر من مظاهر سعادة المسلم في هذه الحياة .
قال الله تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾
الأنعام :١٢٥
وقد منّ الله على النبًي محمد بهذه النعمة العظيمة
قال الله تعالى:
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾
الشرح:١
والله يشرح للإسلام قلوبًا يعلم فيها الخير، ويصلها بنوره فتشرق به وتستضيء.
قال الله تعالى:
﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾
الزمر:٢٢
فتش في صدرك، ألا تجد فيه الروح والانشراح والإشراق والنور؟ واستعد في حسك مذاق هذا العطاء وقل: ألا تجد معه المتعة مع كل مشقة والراحة مع كل تعب، واليسر مع كل عسر، والرضى مع كل حرمان.
هذا غيض من فيض من مظاهر سعادة المؤمن الذي أخذ بأسباب السعادة سابقة الذكر، وهو من باب الإشارة إلى ذلك ولا سبيل لحصر مظاهر السعادة في الحياة الدنيا، ولعل من أهمها بعد ما ذكر الحب في الله والثبات في الحياة والممات، والسعادة الزوجية القائمة على إرضاء الله، والسكينة وراحة البال والأنس بالله والقناعة وغيرها.
ثانيا – مظاهر السعادة
في
الدار الآخرة
للسعادة في الدار الآخرة أشكال وألوان، وصور ومظاهر متعددة، يتقلب السعيد فيها من صورة إلى أخرى ومن مظهر لآخر، إنها سعادة كاملة لا يشوبها نقص، ولا يعكر صفوها كدر .
والحقيقة التي لا مراء فيها ولا جدال، أنه لا وجه أبدًا للمقارنة بين متاع الدنيا وإن كان حاصلًا وواقعًا مشهودًا، وبين نعيم الجنة الموعود. فنعيم الجنة خير وأفضل، وقد أطال القرآن في بيان فضل الآخرة وذم الدنيا، وذلك حتى يشمّر المشمّرون، ويجتهد العابدون.
قال الله تعالى:
﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾
النساء :٧٧
﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾
التوبة :٣٨
فنعيم الجنة كثير لا ينفد ولا ينقطع، وسنتحدث في النقاط الآتية عن السعادة الحقيقية الخالدة التي تصبو إليها النفوس وتتشوف إليها العقول والقلوب.
1- الزحزحة عن النار
قال الله تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
آل عمران :١٨٥
2- نزع الغل من الصدور
قال الله تعالى:
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
الأعراف:٤٣
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾
الحجر:٤٧
أي: نزعنا ما في صدورهم من حقد وحسد وضغينة، حتى إذا دخلوا الجنة كانوا أطهارًا أبرارًا.
3- تسليم الملائكة على أهل السعادة والترحيب بهم
قال الله تعالى:
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾
الرعد:٢٣-٢٤
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
النحل:٣٢
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾
الزمر:٧٣
هذه الآيات الكريمة تعرض لمظهر عظيم من مظاهر سعادة أولئك السعداء، أولئك في مقامهم العالي لهم عقبى الدار: جنات عدن للإقامة والقرار، تشارك الملائكة فيه بالتأهيل والترحيب والتكريم في حركة رائحة غادية .
4- ذهاب الهموم والأحزان ونسيان البؤس والآلام
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾
فصلت: ٣٠
﴿ أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾
الأعراف :٤٩
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
الزمر:٦١
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾
فاطر:٣٤
نعيم الجنة نعيم حقيقي مؤكد لا يشوبه كدر، تبشر به الملائكة عند الموت وفي القبر وعند البعث من القبور وعند دخول الجنة، تبشر به من سبقت له السعادة والفوز عند ربه، فلا همّ ولا غمٌّ ولا نقص ولا تغيير، آمنون من الفزع الأكبر ومن كل فزع وخوف .
و عن حال أهل الجنة إذا دخلوها
قال الله تعالى:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾
فاطر:٣٤
﴿ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾
فاطر:٣٥
أي: لا تعب في الأبدان ولا في القلب والقوى ولا في كثرة التمتع، وهذا يدل على أن الله تعالى يجعل أبدانهم في نشأة كاملة، ويهيئ لهم من أسباب الراحة على الدوام، ما يكونون بهذه الصفة بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب ولا هم يحزنون
5- الفوز بالجنة
قال الله تعالى:
﴿ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾
الحشر:٢٠
﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾
الصف :١٢
﴿ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾
الصافات:٦٠-٦١
6 – الاشتغال بالملذات والتمتع بالمسرات
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ . هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ . لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ﴾
يس:٥٥-٥٦
وحكمة ذلك أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله عز وجل .
أحدث التعليقات