1- مفهوم الحزن
هو ألم نفسى يصيب الإنسان عند فقد ما يحب أو عدم إدراكه، أو عند نزول أمر يجعل النفس فى هم وقلق .
2- الحزن
في
الاستعمال القرآني
وردت كلمة (حزن) وصيغها في القرآن الكريم (٤٢) مرة . والصيغ التي وردت هي:
– الفعل المضارع
ورد ٣٧ مرة
قال الله تعالى:
( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )
التوبة:٤٠
– المصدر
ورد مرتين
قال الله تعالى:
( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ )
يوسف:٨٤
– اسم
ورد ٣ مرات
قال الله تعالى:
( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ )
فاطر:٣٤
وجاء الحزن في الاستعمال القرآني بمعني ما يحصل في النفس من الغمّ، ويضادّه الفرح .
3- الألفاظ ذات الصلة
ويرتبط الحزن ارتباط وثيقا بين المشاعر السلبية الأخرى فيتقاطع معها ويتداخل، أو يكون هو سببا فيها أو ناتجا عنها، من الخوف والكآبة والكمد والبث والأسف والكربة والوجد والجزع والأسى واللهف.
– الأسَى
حزن شديد فيه جزع وذهول .
قال الله تعالى:
( فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )
المائدة68
– الكمد
هو الحزن المكتوم
– الكآبة
الكآبة هي أثر الحزن البادي على الوجه
– الغم
الغم هو معنى ينقبض القلب معه، ويكون لوقوع ضرر، أو توقعه
قال الله تعالى:
( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )
الحج 22
– الأسف
هو الحزن والغضب معًا
قال الله تعالى:
( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي )
الأعراف 150
– الحسرة
شدّ درجات الندم والغمِّ على ما فات
قال الله تعالى:
( لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ )
آل عمران 156
– الهم
الهم الحزن الذي يذيب الإنسان.
– الكربة
هي أشد من الحزن والغم ، هوالحزن الذي يذيب القلب أي: يحيره ويخرجه عن أعمال الأعضاء، وربما أهلك النفس
– البث
البَثُّ أشد الحزن؛ سُمِّىَ بذلك لأنه من صعوبته لا يطيق حمله فيبثه أى ينشره
قال الله تعالى:
( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ )
يوسف 86
– الوجد
الحب الذي يتبعه الحزن
– الجزع
حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده ويقطعه عنه؛ وهو أبلغ من الحزن لأن الحزن عام
قال الله تعالى:
( سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ )
إبراهيم 21
– الفرح
انشراح الصّدر بلذّة عاجلة، وأكثر ما يكون ذلك في اللّذات البدنيّة الدّنيوية
قال الله تعالى:
( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
يونس :58
4 – الحزن طبيعة إنسانية
الحزن يعد أمرًا فطريًّا طبيعيًّا، يستجيب له الإنسان بشكل لا شعوري، فيحزن على ما فاته، أو أصابه من مصائب الدنيا؛ التي لا تخلو حياة الإنسان منها؛ كفقد الأحبة، أو جفوتهم، أو غير ذلك من المكروهات التي تصيب الإنسان.
فهذا نبي الله يعقوب عليه السلام يحزن على فقد ولده يوسف عليه السلام حزنًا شديدًا كاد يهلك من شدته.
يقول الله تعالى
﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ . قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ . قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
يوسف:٨٤-٨٦
5- الحزن بين المدح والذم
في
القرآن الكريم
الحزن ليس من الأمور المطلوبة شرعا، وإن كان يقع بالإنسان من غير اختياره، فهو مطالب بدفعه ومقاومته ، ولم يأت الحزن في القرآن الكريم إلا منهيا عنه أو منفيا .
أولا – الحزن المنهي عنه
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
آل عمران : 139
﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾
النحل: 127
﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾
التوبه:40
ومن الأمثلة علي الحزن المنهي عنه في القرآن الكريم ، ما يلي
1- الحزن على المعرضين
نهى الله سبحانه نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام في غير ما موضع من القرآن الكريم عن الحزن على إعراض المشركين عن دعوته وعدم استجابتهم لرسالته ورفضهم الدخول في دينه .
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
آل عمران:١٧٦
﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾
لقمان:٢٣
2- الحزن عند الهزيمة
الهزيمة وقعها على النفس عظيم، وعند وقوعها يحدث الحزن والغم، فهي مؤلمة جدًّا، كيف لا وفيها قد يفقد الأحبة، وتسلب الكرامة، ويذل العزيز، ويهان الكريم، وتأخذ الأموال، وتستحل الأوطان والحرمات، وقد يكون فيها الهلكة، ولذا لا يتقبلها إلا أصحاب القلوب القوية المؤمنة بأقدار الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾
آل عمران 139- 142
3- الحزن حال الكرب
من الحزن الذي جاء منهيًّا عنه في القرآن الكريم الحزن حال الكرب، وقد وقع الكرب لنبي الله لوط عليه الصلاة والسلام ومريم عليها السلام و صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان في الغار ، ونهوا جميعًا عن الحزن في تلك الأحوال، وهذا تفصيل تلك الأحوال:
أ – لوط عليه الصلاة والسلام
قال الله تعالى:
﴿ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾
العنكبوت 33
ولما جاءت الملائكة لوطًا ساءه ذلك؛ لأنه ظنهم ضيوفًا من البشر، وحزن بسبب وجودهم؛ لعلمه خبث فعل قومه، وقالوا له: لا تَخَفْ علينا لن يصل إلينا قومك، ولا تحزن مما أخبرناك مِن أنا مهلكوهم، إنَّا منجُّوك من العذاب النازل بقومك ومنجُّو أهلك معك إلا أمرأتك، فإنها هالكة فيمن يهلك مِن قومها.
ب – مريم عليها السلام عند مخاضها
قال الله تعالى:
﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا . فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴾
مريم:٢3- 24
فألجأها وجع الولادة إلى جذع النخلة فقالت: يا ليتني متُّ قبل هذا اليوم، وكنت شيئًا لا يُعْرَف، ولا يُذْكَر، ولا يُدْرَى مَن أنا ؟ فناداها جبريل: أن لا تَحزني، قد جعل ربك تحتك جَدْول ماء.
ج – صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان في الغار
قال الله تعالى:
﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
التوبة:٤٠
4- الحزن عند الموت
لا شك أن الموت مصيبة عظيمة يصاب بها الإنسان وله كرب شديدة وأهوال عظيمة في هذه الكربة العظيمة هناك صنف من الناس تتنزل عليهم الملائكة تنهاهم عن الحزن في ذلك الكرب من باب البشرى لهم.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
فصلت:٣٠- 32
5- الحزن على الفائت
نهانا الله سبحانه عن الحزن على ما يفوتنا من الدنيا.
قال الله تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
الحديد:٢٢-٢٣
ما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تُخْلَق الخليقة. إن ذلك على الله تعالى يسير. لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم فرحَ بطر وأشر. والله لا يحب كل متكبر بما أوتي من الدنيا فخور به على غيره.
ثانيا – الحزن المنفي
قال الله تعالى:
﴿ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾
البقرة: 38
﴿ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾
فصلت: 30
ومن الأمثلة علي الحزن المنفي في القرآن الكريم ، ما يلي
1- نفي الحزن عن المتقين يوم البعث
في ذلك اليوم العصيب، يوم الفزع الأكبر، يوم الأهوال العظيمة والشدائد الجسام، يؤمِّن الله سبحانه وتعالى صنفًا من عباده، وهم المتقون، يطمئنهم بأنهم لا خوف عليه ولاهم يحزنون، هؤلاء العباد يتكرم عليه الرحمن ويجعلهم في أمن وأمان.
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ . لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ . لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾
الأنبياء 101- 103
﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ . يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾
الزخرف:٦٧-٦٨
يا عباد الله المؤمنين الذين تحققتم في العبودية لرب العالمين، لا خوفٌ عليكم في هذا اليوم العصيب، ولا أنتم تحزنون على ما فاتكم من الدنيا.
2- نفي الحزن عن أهل الجنة
الجنة هي دار النعيم، ودار الكرامة، ومن يدخلها يكون منعمًا أبد الآبدين، لا همٌّ فيها ولا بأسٌ ولا حزنٌ ،و أن الله سبحانه وتعالى قد نفى الحزن عن أهل الجنة
قال الله تعالى:
﴿ أهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾
الأعراف:٤٩
﴿ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
آل عمران:١٧٠
6- علاج الحزن
في
القرآن الكريم
في القرآن الكريم العلاج الكافي لحالات الحزن، ومن هذه العلاجات التي ذكرت في القرآن الكريم ، الآتي:
1- الإيمان بالله سبحانه
أن المؤمنين بالله سبحانه وتعالى الإيمان الحقيقي يتلقون جميع ما يرد عليهم في الدنيا من المحبات والمسرات بقبول وشكر لله عليها، كما يتلقون المكاره والهم والغم والحزن بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته، والصبر الجميل لما لا بد من وقوعه. وعند الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى نجد أن هذا العلاج قد ذكر في أكثر من آية وهذه هي النصوص الدالة على ذلك:
قال الله تعالى :
﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة :٣٨
﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴾
طه :١٢٣
فالمهتدون بهدى الله لا يخافون مما هو آت، ولا يحزنون على ما فات، فإن من سلك سبيل الهدى سهل عليه كل ما أصابه أو فقده، لأنه موقن بأن الصبر والتسليم مما يرضي ربه، ويوجب مثوبته، فيكون له من ذلك خير عوض عما فاته، وأحسن عزاء عما فقده.
قال الله تعالى:
﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة:٦٢
﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
المائدة:٦٩
فثمرة الإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح، هو حصول الأجر، وانتفاء الخوف مما يستقبل، والحزن على ما مضى.
2- الإيمان باليوم الآخر
كما أن الإيمان باليوم الآخر وتصوره عند المؤمن يجعله يعلم أن الدنيا لا تساوي شيئًا .
قال الله تعالى:
﴿ وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ﴾
العنكبوت 64
فهي قصيرة جدًّا، وإن الدار الآخرة لهي الحياة الحقيقية الدائمة التي لا موت فيها .
قال الله تعالى:
﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ﴾
العنكبوت 64
ومتاعها زائل وكل ما عليها سيفنى. .
قال الله تعالى:
﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾
الرحمن 26
وما عند الله خير وأبقى
قال الله تعالى:
﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾
التوبة 38
وأنه إذا صبر وجد الأجر العظيم في ذلك اليوم، فهذا الإيمان يهون المصيبة ويخفف الحزن، ويجعل المؤمن مقبلًا على الله راجيًا ثوابه، محتسبًا كل ما أصابه.
قال الله تعالى:
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾
البقرة 155 – 157
3- التقوى
التقوى من علاجات الحزن وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك، وحقيقتها العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا أمرًا ونهيًا، فيفعل ما أمر الله به إيمانًا بالآمر وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيمانًا بالناهي وخوفًا من وعيده .
قال الله تعالى:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
الأعراف:٣٥
أي: يا بني آدم إن يأتكم رسل من أبناء جنسكم من البشر يتلون عليكم آياتي التي أنزلها عليكم لبيان ما آمركم به من صالح الأعمال وترك ما أنهاكم عنه من الشرك والرذائل وقبيح الأعمال، فمن اتقى منكم ما نهيته عنه، وأصلح نفسه بفعل ما أوجبته عليه؛ فلا خوف عليهم من عذاب الآخرة، ولا هم يحزنون حين الجزاء على ما فاتهم .
قال الله تعالى:
﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
الزمر:٦١
أي: ولا يحزنهم الفزع الأكبر بل هم آمنون من كل فزع مزحزحون عن كل شر مؤملون كل خير.
4- الاستقامة
الاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك . والاستقامة ذكرها الله سبحانه وتعالى في موطنين على أنها سبب في عدم الخوف والحزن .
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾
فصلت :٣٠
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
الأحقاف:١٣
أي: وحدوا الله تعالى وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعته سبحانه وتعالى، إلى أن توفوا على ذلك.
5- الإحسان
الإحسان في العلاقة بين العبد وربه وبينه وبين خلقه من أسباب ذهاب الحزن، والله سبحانه وتعالى قد وعد من أحسن أنه لا خوف عليه ولا حزن.
قال الله تعالى:
﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة:١١٢
هذه الآية فيها الحل لكل حزن فمن استسلم لقضاء الله ورضى بحكمه واستمر فى الإحسان فإن الله سيذهب الحزن .
6- ولاية الله عز وجل
ومن كان وليًّا لله سبحانه وتعالى فلا شك ولا ريب أن المعية الإلهية تحوطه وتحفظه وتسدده، ويعيش عيشة مطمئنة، لا خوف فيها ولا حزن، ولا هم ولا غم، ولا نكد ولا كدر.
قال الله تعالى :
﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
يونس :٦٢
والمراد بأولياء الله هم
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾
يونس:٦٣
أي: يؤمنون بما يجب الإيمان به ويتقون ما يجب عليهم اتقاؤه من معاصي الله سبحانه.
7- الشكوى إلى الله
الحياة لا تخلو من مصائب ومحن، وقد تزيد على الإنسان فلا يجد بدًّا من شكواها؛ ليخفف عن نفسه، وينفس من كربه، وفي سير الأنبياء والصالحين دروس للمصابين، فقد شكوا ما أصابهم إلى ربهم، فعاد عاقبة ذلك سكون القلب وتفريج الكرب.
عن نبيه يعقوب عليه السلام عندما بلغ به الحزن مبلغًا أنه شكا ذلك إلى ربه،
قال الله تعالى :
﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
يوسف: ٨٦
أي: قال لهم يعقوب عليه السلام :لست أشكو غميّ وحزني إليكم، وإنما أشكو ذلك إلى الله، فهو الذي تنفع الشكوى إليه
8- الإنفاق في الخير
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة: ٢٦٢
أن الذين ينفقون أموالهم في الخير فإن جزاءهم أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزون
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة:٢٧٤
تبين لنا أن الحزن منفي عن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله سرًّا وعلانية
قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
البقرة:٢٧٧
أي: إن الذين يبذلون أموالهم يبتغون بذلك مرضاة ربهم، ولا يتبعون ذلك بمنهم على من أحسنوا إليهم ولا بإيذائهم، لهم عند ربهم ثواب لا يقدر قدره، ولا خوف عليهم حين يخاف الناس وتفزعهم الأهوال
6 – أسباب الحزن
في
القرآن الكريم
ذكر القرآن الكريم جملة من الأسباب التي تسبب الحزن، وفي النقاط الآتية سنتناول الآيات الدالة على ذلك
1- الأعرض عن الإيمان والهدى
وقد بين لنا القرآن حياة الكافر وكيف يعيش في هذه الدنيا.
قال الله تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾
الأنعام:١٢٥
فالقلق والحيرة والاضطراب كلها لمن لم يأمن بالله وما جاء عن الله أما في الآخرة فجزاءه جهنم وبئس المصير.
قال الله تعالى:
﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴾
طه 123- 124
كل من أعرض عن الله وعن وحيه وهديه فإنه يعيش ضنكًا في الدنيا، فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة.
2- بعد الأحبة
من أسباب الحزن ترك الأهل والولد والابتعاد عنهم، إما لسفر أو سجن، أو غيرهما، فالقلب عادة عندما يفارق صاحبه أهله وأحبابه يشعر بالحزن ويصاب بالألم .
وقد جاء في القرآن الكريم أن ترك الولد مما يسبب الحزن، وذلك في قصة يعقوب عليه الصلاة والسلام وقصة أم موسى عليه السلام.
أ – قصة يعقوب عليه السلام
فيعقوب عليه السلام كان يحب ولده يوسف عليه السلام حبًّا شديدًا، ولا يريد أن يفارقه ساعة لخوفه عليه أن يصيبه أذى، كما أن فراقه يصيبه بالحزن، وعندما طلب أخوة يوسف من أبيهم أن يترك معهم أخاهم يوسف ليذهب للعب والرعي، قال لهم
قال الله تعالى:
﴿ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾
يوسف:١٣
ب – قصة أم موسى عليه السلام
أما أم موسى عليها السلام فإنها لما وضعت موسى خافت عليه من فرعون وجنوده أن يقتلوه، لأنهم كانوا في ذلك الوقت يقتلون كل مولود ذكر من بني إسرائيل، فأوحى الله إليها أن تضعه في تابوت ثم تلقيه في اليم،
قال الله تعالى:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ ﴾
القصص :٧
فحفظه الله سبحانه وتعالى ورده إلى أمه سالمًا معافى ولا قلق ولا خوف عليه بعد ذلك.
قال الله تعالى:
﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
القصص:١٣
فترك الولد والأهل من أسباب الحزن، ويشتد ويغلظ عندما لا يعلم ما سيؤول إليه أمرهما بعد الترك.
3- فقد الأحبة
فطر الله سبحانه وتعالى الإنسان على حب أقاربه وأصحابه وإخوانه، وعندما يصاب في واحد منهم فإنه يحزن، وهذا أمر طبيعي، فالوالدان يحزنان على فقد ولدهما، والعكس، والزوج على زوجته، والعكس، وكل محبوب للقلب إذا فارقه يحزن لفراقه.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام عندما فقد ولده المحبوب يوسف عليه السلام أنه حزن حزنًا شديدًا حتى ابيضت عيناه من شدة الحزن، وكثرة البكاء.
قال الله تعالى:
﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾
يوسف – 84.
والمعنى: وتولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده بعد ما أخبروه هذا الخبر، واشتد به الأسف والأسى، وابيضت عيناه من الحزن الذي في قلبه، والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء، حيث ابيضت عيناه من ذلك.
4- الإهانة من الآخرون
من أسباب حزن البشر ما يقوله الآخرون .
– عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
﴿ وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾
يونس 65
﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾
الأنعام:٣٣
ولا يحزنك -أيها الرسول- قول المشركين لك لست مرسلا وغيره
قال الله تعالى:
﴿ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴾
الصافات 36
﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ﴾
الحجر 6
من أسباب حزن البشر ما يقوله الآخرون ، والله تعالى سبحانه يعلم أننا عندما نحزن من كلام الآخرين نحتاج كبشر لمن يؤكد لنا أننا على صواب ويطمئننا فكيف إن جاء التأكيد من رب العالمين:
5- الحزن حال الكرب
قال الله تعالى:
﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا . فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴾
مريم :٢3٤- 24
لما حملت مريم عليها السلام بعيسى عليه السلام خافت من الفضيحة فابتعدت عن الناس إلى مكان بعيد، «فلما قرب ولادها، ألجأها المخاض إلى جذع نخلة، فلما آلمها وجع الولادة، ووجع الانفراد عن الطعام والشراب، ووجع قلبها من قالة الناس، وخافت عدم صبرها، تمنت أنها ماتت قبل هذا الحادث، وكانت نسيًا منسيًّا فلا تذكر .
وما تتمنى هذه الأمنية إلا أن الكرب قد بلغ بها مبلغه، واشتد عليها حتى قالت هذا القول، وفي هذا الحال العصيب والكرب الشديد تنهى عن الحزن، وتبشر بأن الله أكرمها بنهر تشرب منه.
6- الحزن حال الخوف
ونزلت الآية التالية وهى نص حوار تطمين سيدنا محمد لأبى بكر، مرة أخرى الحزن هنا بسبب الخوف وبعد أن قال له هذا تدخل الله فأنزل الله سكينته على قلب سيدنا محمد
قال الله تعالى:
﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا. فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ. وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا. وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
. التوبة – 40.
7- الحزن على الفائت
نهانا الله سبحانه عن الحزن على ما يفوتنا من الدنيا.
قال الله تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾
الحديد:٢٢-٢٣
أي: أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل وجودها، لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، فلا تحزنوا على فائت، ولا تفرحوا بآت .
أحدث التعليقات