1- معناه
الجبار فى اللغة هو الموصوف بالجبر ، وأصل الجبر إصلاح الشيْءِ بضرب من القهر . ويستعمل الجبر بمعنى الإكراه على الفعل و الإلزام بلا تخير.
2- الجبار المطلق
هو
الله تعالى
هو الجبار سبحانه لعلوه على خلقه ، ونفاذ مَشِيئَتِهِ فى ملكه فلا غالب لأمره ولا معقب لحكمه ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن .
ورد هذا الاسم فى القُرآنِ مرة واحدة .
قال الله تَعَالَى :
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
الحشر: 23
والجبار اسم يدل على معنى من معانى العظمة والكبرِياء مثَل المتكبرو الملك و العظيم و القهار ، وهو فى حق الله وصف محمود من معانى الكمال و الجمال .
3- دلالات اسم
الله الجبار
1- إن الله تعالى هو الجبار الذي له العلو على خلقه ،
أَ -علو الذات
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ﴾
النحل 60
﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
الروم 27
ب -علو الصفات
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ﴾
الأعراف 180
ت -علو القدر
قال الله تَعَالَى :
﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
الأعلى 1
ثَ – علو القهر و الجبر
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾
الأنعام 18
﴿ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
البقرة 117
ج – لا يشفعون أو يتكلمون إلا من بعد إذنه
قال الله تَعَالَى :
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾
البقرة 255
﴿ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾
النبأ 38
ح – لن يبلغوا ضره فيضروه ، و لن يبلغوا نفعه فينفعوه
قال الله تَعَالَى :
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾
آل عمران 97
﴿ والله الغني وأنتم الفقراء ﴾
محمد 38
2- جبر الله سبحانه وتعالى خلقه على ما أراد أن يكونوا عليه من خلق ، لا يمتنع عليه شيءٌ أبدا .
قال الله تَعَالَى :
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
يس: 82
﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ﴾
آل عمران: 83
﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
الأعراف: 54
﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾
فصلت : 11
أي قصد إلى السماء وكانت دخانا من قبل ، فقال للسماء وللأرض: انقادا لأمري مختارتين أو مجبرتين. قالتا: أتينا مذعنين لك، ليس لنا إرادة تخالف إرادتك .
3- والله سبحانه جبر خلقه أَيضًا على ما شاء من أمر أو نهى ، بمعنى أنه شرع لهم من الدين ما إرتضاه هو
قال الله تَعَالَى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾
المائدة: 1
فشرع لهم من الشرائِع ما شاء ، وأمرهم باتباعها ونهاهم عن العدول عنها ، فمن أطَاع فله الجنة ومن عصي فله النار، ولم يجبر أحد من خلقه على إيمان أو كفر ، بل لهم المشيئَة فى ذلك
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
الكهف : 29
﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
الشمس: 7 – 10
وهم مع ذلك لا يخرجون عن مشيئَته ، ولو شَاءَ اللهُ لَهدى الناس جميعا، ولم يَجعل لهم اختيَارا .
قال الله تَعَالَى :
﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾
الرعد: 31
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾
السجدة : 13
4- الجبروت
فِي
حَقِّ الخَلْقِ
الجبروت للهِ وَحده ، وقَد مدح اللهُ بهذَا الاسم نَفسه
قال الله تَعَالَى :
﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾
الحشر: 23
وَأَما فِي حق الخَلق فَهوَ مَذموم ، لأَنهَم موصفونَ بصِفاتِ النقصِ مقهورونَ مجبورونَ ، وَمن تَكُون هَذِهِ صِفته كَيفَ يَلِيق بهِ التكَبر والتجبر.
قال الله تَعَالَى :
﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾
الأنبياء : 23
إن من دلائل تفرُّده سبحانه وتعالي أنه لا يُسأل عن قضائه في خلقه، وجميع خلقه يُسألون عن أفعالهم .
وَقَدْ أَنكرت الرسل عَلَى أَقَوَامهَا صِفَةَ التجبر والتكبرِ فِي الأرضِ بغَير الحَقِّ .
فَنبي الله هَودٍ قَالَ لِقَومِهِ
قال الله تَعَالَى :
﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ . وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ . وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ . وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ .قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ . إِنْ هَٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ . وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ . فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
الشعراء: 124- 139
وَلَكِنَهم عَانَدوا واتبَعوا أَمرَ جَبَابِرَتِهم فَهلَكوا أَجمَعينَ.
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ . وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴾
هود: 59- 60
5- جزاء الجبارين
أ- الطبع على قلوبهم
قال الله تَعَالَى :
﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾
غافر: 35
وَقَدْ كَانَ التَّجَبُّرُ سَبَبًا لِلطَّبعِ عَلَى قُلُوبِهِم فَلَمْ تَعرِفْ مَعرُوفًا وَلَمْ تُنكِرْ مُنْكَرًا
ب – جهنم يَلْقى عذابها
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ . مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ . يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾
إبراهيم: 15 – 17
وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ سُبْحَانَهُ الجَبَابِرةَ بالعَذَابِ والنَّكَالِ، تَوَعَّدَهُم بِجَهَنَّمَ وَبِئسَ المِهَادُ،
6- الأ نبياء و التجبر
وَقَدْ نفي الله تَعَالَى صِفة التجبر عن الأ نبياء ، وهم بدورهم تبرئوا منها .
قال يحيى عليه السلام
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾
مريم 14
وكان بارًّا بوالديه مطيعًا لهما، ولم يكن متكبرًا عن طاعة ربه، ولا عن طاعة والديه، ولا عاصيًا لربه، ولا لوالديه.
قال المسيح عليه السلام
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾
مريم 32
وجعلني بارًّا بوالدتي، ولم يجعلني متكبرًا ولا شقيًا، عاصيًا لربي.
كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
قال الله تَعَالَى :
﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾
ق: 45
أَى : لست بالذى تجبرهؤلاء على الهدى ، ولم تكلف بذلك.
أحدث التعليقات