مفهوم كلمات الله في القرآن الكريم

1 – مفهوم كلمات الله

كلمات الله هي القِوانين التي وضعها الله لتسيير ملكه وتدبير أَمر خلقه .

قال الله تعالى :

﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾

لقمان :27

يخبرنا القرآن الكريم إن القوانين – الكلمات – التي قدر بها الكون والكائنات الحية لاحصر لها .

2- أنواع كلمات   

    الله تعالى

كلمات الله تعالى ‏‏نوعان‏‏‏ ..

1- كلمات كونية

الكلمات الكونية هي مجموعة القوانين التي سنها الله عز وجل لهذا الوجود واخضع لها مخلوقاتة جميعاعلي اختلاف انواعها وتباين اجناسها .

قَال الله تعالى :

( وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ )

فصلت : 10

 ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا  ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )

يس : 38

( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )

يس: 39

 ( وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ )

المزمل: 20

 ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )

القمر: 49

( مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ )

عبس: 19

( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )

الفرقان: 2

( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ )

يونس: 5

( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )

فصلت: 12

وهذه الكلمات – القوانين- هي التي تخضع لها جميع الكائنات الحية في وجودها المادي من صفات و جميع الحوادث المادية مثل نزول المطر و هبوب الرياح و ثوران البرا كين و تعاقب الليل والنهار.

قَال الله تعالى:

( أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ . فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ . إِلَىٰ قَدَرٍ مَعْلُوم. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ )

المرسلات: 20- 23

( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )

الروم : 54

ويخضع لها كيان الإنسان المادي وما يطرآ عَلِية مثل نموه و حركه أعضاءة و مرضة و هرمة ولوازم بقائه حيا ونحو ذلك

2- كلمات دينية‏

هي القوانين الَذِي يخضع لَهَ البَشَّر باعَتَباَرهم افرادا او امما وجماعات وَاعني بخضوعهم له خضوع تصرفاتهم وافعالهم وسلوكهم فِي الحياة ومايكونون عليه من احوال ومايترتب علي ذلك من نتائْج كالرفاهية و الضيق فِي العيش و السعاده و الشقاءُ و العز و الذل و الرقي والتاخر و التقدم و القوه و الضعفْ ونحو ذلك من الاحوال الاجتمٍاعية فِي الدنيا ومايصيبهم فِي الاخرة من عذاب او نعيم وفِقا لاحكام تلك السنن

قَال الله تعالى:

( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )

الإسراء : 4

( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )

الإسراء : 23

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ )

الأنعام : 2

( إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )

يونس : 93

( وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ )

الشورى: 14

 ( وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )

الأنفال: 42

 ( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ  )

غافر: 20

( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )

الزمر: 75

3- صفات كلام

     الله تعالى

تتميز كلمات الله تعالى بالصفات الأ تيِة …

أ – لاحصر لها

قَال الله تعالى:

( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾

الكهف: 109

لاحصر لها: أي التى لا  تنفد

ب – الصدق

قَال الله تعالى:

‏‏( ومن أصدق من الله حديثاً‏‏ ﴾

‏‏النساء‏:‏ 87‏

‏‏( ومن أصدق من الله قيلاً‏‏ ﴾

‏النساء‏:‏ 122‏‏

يوصف بالصدق في الخبر

ت – العدل

قَال الله تعالى:

‏‏( وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً‏ ﴾

‏ ‏‏الأنعام‏ :‏ 115

أي يوصف بالعدل في الحكم

ث- الحق

قَال الله تعالى:

( وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾

الشورى: 24

ويُذْهِبُ الله الباطل فيمحقه، ويثبت الحق بكلماته

ج – الثبات

قَال الله تعالى:

( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾

الكهف: 27

(لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾

يونس : 64

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾

الأنعام : 115

أي لا يخلف الله وعده ولا يغيِّره

ح – العليا

قَال الله تعالى:

( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾

التوبة : 40

وكلمة الله أي كلمة الشهادة هي العليا الظاهرة الغالبة

4- موقف الكفار

        من

   كلمات الله تعالى

يتصف موقف الكفار من كلمات الله بالأ تيِ ..

1- التبديل

قَال الله تعالى:

( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ﴾

الفتح: 15

يريدون أن يغيِّروا بذلك وعد الله لكم.

2- التحريف

قَال الله تعالى:

( وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ ﴾

البقرة: 75

يسمعون كلام الله من التوراة، ثم يحرفونه بِصَرْفِه إلى غير معناه الصحيح بعد ما عقلوا حقيقته، أو بتحريف ألفاظه .

3- التكذيب

قَال الله تعالى:

( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ﴾

الزمر: 32

لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب: بأن نسب إليه ما لا يليق به كالشريك ، ولا أحد أظلم ممن كذَّب بالقرآن

قَال الله تعالى:

( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ﴾

الإسراء: 59

وما منعَنا من إنزال المعجزات التي سألها المشركون إلا تكذيب مَن سبقهم من الأمم، فقد أجابهم الله إلى ما طلبوا فكذَّبوا وهلكوا.

5- معاني كلمات  الله تعالى

       في

القرآن الكريم

1- الوعد

وعد الله تعالى حتمي لا يتغير، ولا يتخلف؛ لأنه من كلماته سبحانه .

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾

الأنعام: 34

لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ أي لَا مبدل لوعده سبحانه .

2- القرآن

قَال الله تعالى:

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾

الأنعام : 115

وتمت كلمة ربك – وهي القرآن – صدقًا في الأخبار والأقوال، وعدلا في الأحكام والمواعيد ، فلا يستطيع أحد أن يبدِّل كلماته الكاملة.

3- المواعيد

أنه لا يوقع عقوبته إلا في أجلها المضروب لها سواء كان في الدنيا

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله ﴾

الأنعام: 34

وفي الآخرة

كما في تأخيره الفصل بين عباده في القضاء إلى يوم القيامة

قَال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾

يونس: 19

ولولا كلمة سبقت من الله بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة لقُضِيَ بينهم  في الدنيا بأن يُهْلك أهل الباطل منهم، وينجي أهل الحق.

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ﴾

طه: 129

ولولا كلمة سبقت من ربك بتأخير العذاب عنهم إلى الآخرة لكان الإهلاك لازماً لهم في الدنيا وأجل مضروب لهم

قَال الله تعالى:

﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾

الشُّورى: 21

ولولا قضاء الله وقدره بإمهالهم، وأن لا يعجل لهم العذاب في الدنيا، لقضي بينهم بتعجيل العذاب لهم.

4- الأحكام

ومن أحكام الله تعالى الأ تيِ ..

أ – عذابه

قَال الله تعالى:

﴿ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾

غافر: 6

﴿ وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكَافِرِينَ ﴾

الزُّمر: 71

﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ . وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ ﴾

يونس: 96-97

﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾

هود: 119

إن الذين حقَّت عليهم كلمة ربك بطردهم من رحمته وعذابه لهم، لا يؤمنون بحجج الله، ولا يقرُّون بوحدانيته، ولا يعملون بشرعه.

ويخاطب بكلماته خاتم رسله

قَال الله تعالى:

 ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ﴾

الزُّمر: 19

أفمن وجبت عليه كلمة العذاب؛ باستمراره على غيِّه وعناده، فإنه لا حيلة لك -أيها الرسول- في هدايته، أفتقدر أن تنقذ مَن في النار؟ لست بقادر على ذلك.

ب – نعيمه

قَال الله تعالى:

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾

يونس: 62-64

لهؤلاء الأولياء البشارة من الله في الحياة الدنيا بما يسرُّهم، وفي الآخرة بالجنة، لا يخلف الله وعده ولا يغيِّره، ذلك هو الفوز العظيم؛ لأنه اشتمل على النجاة مِن كل محذور، والظَّفَر بكل مطلوب محبوب.

5- التوبة والاستغفارًا

قَال الله تعالى:

﴿ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾

البقرة : 37

فتلقى آدمُ بالقبول كلماتٍ، ألهمه الله إياها توبة واستغفارًا، وهي

قَال الله تعالى:

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾

الأعراف: 23

فتاب الله عليه، وغفر له ذنبه إنه تعالى هو التواب لمن تاب مِن عباده، الرحيم بهم. فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وتأملوا آياته، وتدبروا كلماته؛ فإن كلماته لا تنفد .

 

 

 

Share This