مفهوم جنود الله في القرآن الكريم

 

1- مفهوم جنود الله

لقد وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات والقصص الدالة على تدخل الإرادة الربانية في حياة البشر عن طريق جنود الله تعالى في السماء والأرض .

قال الله تعالى:

 ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )

الفتح  : 4

لا يعلم عددهم وكثرتهم إلا الله

قال الله تعالى:

( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)

المدثر: 31

وجنود الله لا يهزمون أبدا

قال الله تعالى:

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

الصافات : 173

2- جنود الله

    في

القرآن الكريم

جميع ما خلَق الله هوَ عبدٌ لله طوعاً أو كراهيّة ولا يخرج عن مُلكه قيدَ أُنمله، فكيف يخرج والكون كلّه بيد الله، وكلّهُم جُنود لله يُسخّرهم كيف شاء وأنّى شاء جلّ جلاله،

قال الله تعالى:

 ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )

الفتح  : 4

ويتضح من هذه الآية الكريمة أنَّ من في السماوات والأرض هُم جنود لله ، ومن قصص القرآن نتعرف على بعض جنود الله تعالى ، ومنها مايلي ..

1- السيول والفيضانات

في معرض وصفه للقحط الذي أصاب سكان اليمن القدماء نتيجة الفيضانات

قال الله تعالى:

 ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ . ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ )

سبأ : 15- 17

و عن سيول المياه المنبثقة من الأرض لإغراق قوم نوح

قال الله تعالى:

 ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ. فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ . وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ )

القمر: 9- 16

2- المطر

كان سكان مدائن سدوم وعميراء قوما منحرفين جنسياً ولم ينتهوا عن فعل السوء هذا برغم تحذيرهم من قبل النبي لوط (عليه السلام). فأمطروا بمطر سوء.

قال الله تعالى:

( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ .  إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ  بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ . وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا  فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ )

الأعراف: 80-84

3- الرياح

نتيجة إصرار قوم عاد ، على الشرك بالله تعالى ورفضهم لنصيحة النبي هود عليه السلام سخر سبحانه عليهم الريح العاصفة.

قال الله تعالى:

﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ . فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ﴾

فصلت: 15- 16

4 – الصواعق

ألقى النبي صالح… الحجة على قوم ثمود، الذين جاءوا بعد قوم عاد، لكنهم رفضوا الايمان بالله سبحانه وتعالى فأتتهم الصاعقة بأمر من السماء.

قال الله تعالى:

( وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّىٰ حِينٍ . فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ .  فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ )

الذاريات: 43 -45

5- الزلزال

حذر النبي شعيب… قوم مدين (أصحاب الأيكة) من مخالفة تعاليم السماء الا ان بعضهم أبى الاستجابة لتحذيره، إذ لم يوفوا الكيل وبخسوا الناس أشياءهم وحاولوا صد المؤمنين عن صراط الله المستقيم، فضربهم تعالى بزلزال قوي.

قال الله تعالى:

( وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ .  فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ )

العنكبوت : 36- 37

6- الملائكة

الملائكة الأطهار خلقهُم الله من نور وجعلَهم خدمةً لأؤليائه وسبباً لنُصرة المؤمنين، وسوطاً على الكافرين، و في معركة بدر بعث الله جل وعلا خمسة آلاف من الملائكة لنصرة المؤمنين .

قال الله تعالى:

  ( إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ )

آل عمران: 125

7- الانهيارات الأرضية

بالرغم من كثرة الأموال التي امتلكها قارون الا انه لم يحمد الله سبحانه وتعالى على ما منحه من نعم ثم استكبر واغتر بعمله وماله فعاجله تعالى بعذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة.

قال الله تعالى:

( قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ . وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ  وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا  وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ .  فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ .  وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ .  فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ فخسفنا به وبداره الأرض )

القصص : 76-81

8- الطير

فيما حاول جيش أبرهة احتلال مكة أرسل عليه سبحانه وتعالى طيوراً ترميه بحجر، مما افشل مسعى ذلك الغازي ومنع تأريخ المنطقة من المرور بتجربة قاسية أو اخذ مسارات غير التي أخذتها فعلاً في أعقاب تلك الحادثة.

قال الله تعالى:

(     أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ . أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ . وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ . تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ .  فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ  )

الفيل: 1 – 5

9- البحر

طارد فرعون وجنوده الرسول موسى… واتباعه لكن الله سبحانه وتعالى اغرق تلك الفئة الفرعونية الضالة،

قال الله تعالى:

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ . وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ .  فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ  فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ )

القصص: 38-40

10- الآفات

يسخر سبحانه وتعالى بعض الآفات لإنجاز مهمات معينة، كإبادة مزروعات وإنزال عقوبة المجاعة بقوم ما.

فأصحاب البستان البخلاء، الذين عاهدوا أنفسهم على عدم تزكية عوائدها، تعرضوا لذلك الموقف،

قال الله تعالى:

( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ . وَلَا يَسْتَثْنُونَ .  فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ .  فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ )

القلم : 17-20

كما استخدم سبحانه وتعالى القمل والجراد للتخويف، ضد قوم فرعون بعد ما عجز أسلوب تجويعهم عن إنهاء حربهم ضد المؤمنين .

قال الله تعالى:

( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ .  فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ )

الأعراف : 130- 133

11- جنوده من المؤمنين

قال الله تعالى:

  ( وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ )

الصافات: 173

عباد الله المُخلصين وأعظمهم الرُسُل والأنبياء ثم الأولياء الأنقياء هُم من جنود الله الظاهرين بدينهم والغالبين بأمر الله، وهُم الذين يأمرون بالمعروف وينهونَ عن المُنكر، ويُقيمون شرعَ الله، ويُدافعونَ عن شريعة الحقّ فهؤلاء بلا شكّ من جُند الله .

12- النار

النار أحد جنود الله عز وجل، والتي يسخرها كيفما يريد، فإنَّ الله قادرٌ على جعل النار حارقة ليُعذب بها من يشاء من عباده الكافرين والضالين، كما أنَّه قادر على قلبها إلى نار باردة، كما حصل عندما أُلقي إبراهيم -عليه السلام- في النار، إذ أمر الله تعالى النار أن تكون بردًا وسلام .

قال الله تعالى:

( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ )

الأنبياء : 69

وأخيرا يوضَّح القرآن الكريم  سبب أرسال جنود الله

قال الله تعالى:

( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ  فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )

العنكبوت 40

ان الأمثلة السابقة حول تدخل إرادة السماء في حياة البشر لتؤكد بأن هناك رقابة فوقية على تصرفات الإنسان وان لتلك التصرفات عواقب دنيوية وأخروية وان الأمر على الأرض لم يفوض بصورة مطلقة للإنسان.

 

Share This