1- مفهوم الوحي

الوحي هو وسيلة الصلة بين الله تعالى وبين رسله وأنبيائه التي يوصل الله تعالى بها إليهم ما يريد إيصاله من علم وحكم وأمر ونهي وإرشاد وتشريع وغير ذلك  وكذلك بعض البشر و بعض مخلوقاته.

2- كلمة الوحي

      في

القرآن الكريم

وردت كلمة (وحي) وصيغها في القرآن الكريم (٧٨) مرة . والصيغ التي وردت، هي:

– الفعل الماضي

ورد ٤٤ مرة

قال الله تعالى :

﴿ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ ﴾

النجم:١٠

– الفعل المضارع

ورد ٢٨ مرة

قال الله تعالى :

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ﴾

النحل:٤٣

– المصدر

ورد ٦ مرات

قال الله تعالى :

﴿ قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ ﴾

الأنبياء:٤٥

وجاء الوحي في القرآن على خمسة أوجه:

1- الإرسال

قال الله تعالى :

( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ )

النساء:١٦٣

يعني: أرسلنا.

2- الإشارة

قال الله تعالى :

( فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا )

مريم:١١

يعني: أشار إليهم.

3- الإلهام

قال الله تعالى :

( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ )

النحل: ٦٨

يعني: ألهمها

4- الأمر

قال الله تعالى :

 ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا  )

الزلزلة: ٥

يعني: أمرها أي: الأرض.

5- الوسوسة

قال الله تعالى :

 ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )

الأنعام: ١٢١

يعني: يوسوسون لهم.

3- صور الوحي

      في

القرآن الكريم

الوحي له صور متعددة، بحسب الحكمة الإلهية، ولقد تحدث القرآن الكريم عن صور ثلاثة ، وهى

قَال الله تعالى:

( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ )

الشورى: 51

وبيان ذلك فيما يأتي:

أولا – الوحي الإلهامي

هذه الصورة من الوحي ، هي ما عبّرت عنها الآية التالية

قال اللّه تعالى :

( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً )

الشورى : 51

وهو يشمل ما يكون بالإلهام أو الرؤيا الصادقة

1- الرؤيا الصادقة

ومن صور الوحي للأنبياء هو الرؤيا الصادقة التي يريها اللّه سبحانه لأنبيائه ورسله عليهم السّلام ، نذكر منها

أ – الرؤيا التي أراها اللّه سبحانه لنبيه في دخول المسجد الحرام ، وتحقيق النصر له.

قال اللّه تعالى :

( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا )

الفتح : 27

ب – رؤيا إبراهيم عليه السلام

قال اللّه تعالى :

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾

الصافات: ١٠٢

ج – رؤيا صاحبي يوسف عليه السلام في السجن

قال اللّه تعالى :

﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ  ﴾

يوسف: ٣٦

2- إلهام الله لبعض المخلوقات ببعض الأمور

أ – الوحي إلى النحل

قَال الله تعالى:

 ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ  )

النحل68

ألهمها أن تصنع من الجبال بيوتاً تأوي إليها وتجمع فيها العسل

ب – الوحي إلى أُمّ موسى

قَال الله تعالى:

( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ )

القصص7

فقد ألهم الله سبحانه وتعالى أم موسى أن تعمل بولدها ما عملت حين ولدته لتنجيه من فرعون وجنوده

ت- الوحي إلى الأرض

قَال الله تعالى :

  ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا . وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا0 يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 0 بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا )

الزلزلة 1-5

يوم القيامة تخبر الأرض بما عُمل عليها من خير أو شر، وبأن الله سبحانه وتعالى أمرها بأن تخبر بما عُمل عليها.

ج  ـ الوحي إلى السماء

قَال الله تعالى:

( وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا  )

فصلت 12

وأوحى في كل سماء ما أراده وما أمر به فيها

د – الوحي إلى الملائكة

قَال الله تعالى:

 ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا )

الأنفال 12

س – الوحي في مظاهر أخرى

من نظائر الحالات التي عبر عنها بالوحي والقول إلى السماء والأرض ترد حالات تقترب منها في بعض عناصرها مما يكون من أحوال مخصوصة في ظواهر كونية ومعجزات وخوارق ودلالات في مظاهر الطبيعة ، ومن ذلك

قَال الله تعالى:

( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِعّصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ )

الشعراء : ٦٣

ثانيا – التكليم من وراء حجاب

إن تكليم الله جل جلاله أحدًا من عباده لهو مقام شريف، ومنزلة عظيمة، يختص الله بها بعض رسله

قَال الله تعالى:

( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ )

البقرة: ٢٥٣

وهي صفة لله على الحقيقة من غير تعرض لكيفيتها، أثبتها لنفسه مؤكدًا لذلك بالمصدر

قَال الله تعالى:

( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا )

النساء: ١٦٤

وهو أن يسمع كلام الله من حيث لا يراه، كما سمع موسى عليه السلام نداء ربه من وراء الشجرة

قَال الله تعالى:

( فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ )

القصص: 30

فلما أتى موسى النار ناداه الله من جانب الوادي الأيمن لموسى في البقعة المباركة من جانب الشجرة: أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين.

ثالثا – الوحي بواسطة المَلَك

هو ما يلقيه ملك الوحي المرسل من الله تعالى إلى رسول الله، فيراه متمثلا بصورة رجل أو غير متمثل، ويسمعه منه أو يعيه بقلبه. وهذا النوع أشهر الأنواع وأكثرها وقوعا، ووحي القرآن كلّه من هذا القبيل .

قال الله تعالى:

 ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ )

الشعراء: 193- 195

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  ﴾

الشورى : 52.

﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾

النساء : 163

ويتّخذ الوحي عن طريق المَلَك إلى الرسول  عدّة أشكال تبعا للصورة التي يأتيه بها ويُلَقِّنهُ الوحي الإلهي ، ويمكن إجمال هذه الأشكال في الآتي

1- تمثّل المَلَك في صورة بشرية

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا . فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾

مريم 16 – 17

واذكر – أيها الرسول – في هذا القرآن خبر مريم إذ تباعدت عن أهلها، فاتخذت لها مكانًا مما يلي الشرق عنهم. فجعلت مِن دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس، فأرسلنا إليها الملَك جبريل، فتمثَّل لها في صورة إنسان تام الخَلْق.

2- في حالته وصورته التي خلقه الله عليها

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ . ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ . وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ . فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ  ﴾

النجم :3 – 10

ليس نطق محمد صلى الله عليه وسلم صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن إلا وحي من الله إليه . علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة ، وهو جبريل عليه السلام، الذي ظهر واستوى على صورته الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم في الأفق الأعلى، وهو أفق الشمس عند مطلعها، ثم دنا جبريل من الرسول صلى الله عليه وسلم، فزاد في القرب، فكان دنوُّه مقدار قوسين أو أقرب من ذلك. فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى بواسطة جبريل عليه السلام.

3- في خفاء  كالرؤيا فى المنام

أن جبريل كان يلقى التنزيل فى روع النبي وقلبه، أي يعلمه به في خفاء وسرعة دون أن يراه النبي صلى الله عليه وسلم فيحسن النبي أنه قد وعى معنى جديداً فى صورة مخصوصة .

قال الله تعالى:

﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾

البقرة : 97

قل- أيها الرسول – لليهود حين قالوا: إن جبريل هو عدونا من الملائكة: من كان عدوًا لجبريل فإنه نزَّل القرآن على قلبك بإذن الله تعالى .

4 – الموحى به

     في

القرآن الكريم

وقد نزل القرآن منبهًا على هذه الحقائق، وهي العقائد، والتشريع، وأخبار الأنبياء، والسنن الربانية، وبيانها فيما يلي:

أولا- العقائد

لما كانت العقيدة هي المحور الأساس، والمحرك الأقوي للتأثير في السلوك والاتباع، ولما كان المعول في النجاة على استقامتها، والمودي إلى الهلاك فسادها وانحرافها، جعل الله عز وجل لها الحظ الأوفر من القرآن الكريم، وبين أن هذه سنته في الرسالات كلها،

قال الله تعالى:

﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾

الشورى: ١٣

والدين الذي شرعه الله لنا وكان وصيته لنوح ولإبراهيم وموسى وعيسى هو عبادة الله وحده

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

الأنبياء: ٢٥

وعبادة الله مبناها الإيمان بكل ما جاء به الرسل من أخبار وعقائد، وهي دين الإسلام الذي ارتضاه تعالى لعباده

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾

آل عمران: ١٩

ولايصح إسلام العبد إلا أن يؤمن بأصول الدين والإيمان، وهي أن تؤمن

بالآتي

قال الله تعالى:

﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾

البقرة : 285

فهذا هو الدين الذي أمر الله رسله وأنبياءه، وأمرنا أن نقيمه، ونهانا عن التفرق فيه، لايتم لنا إقامة الدين إلا بالإيمان بهذه الأصول على النحو الآتي:

1- أن الله واحد لا شريك له

وذلك في:

– ألوهيته

قال الله تعالى:

﴿ وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ﴾

البقرة: ١٦٣

– ربوبيته

قال الله تعالى:

﴿ تَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

يونس: 37

– أسمائه وصفاته

قال الله تعالى:

   ﴿  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾

الإخلاص: ١ – ٤

وقد جمع هذه الأمور الثلاثة

قال الله تعالى:

﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾

مريم: ٦٥

2- الإيمان بالملائكة

وقد أمر الله عز وجل بالإيمان بهم في غير موضع من كتابه.

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾

البقرة: ١٧٧

والإيمان بهم يستدعي الإيمان بأنهم عباد لله تعالى، وأن لهم وظائفهم التي كلفهم الله بها، كما بين ذلك في مواضع كثيرة من كتابه، وأنهم لايعصونه في أمر مهما كان .

– الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله

أنها كلامه الذي أوحى به لرسله لهداية عباده وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ﴾

النساء: ١٣٦

– الإيمان بالأنبياء والرسل

قال الله تعالى:

﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾

البقرة: ٢٨٥

ولايجوز التفريق بينهم فيما جاءوا للدعوة إليه من توحيد الله جل جلاله ، وإن كان الله تعالى قد جعل لكل واحد منهم شريعته الخاصة به وبأمته.

قال الله تعالى:

﴿ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾

البقرة: ٢٨٥

والإيمان بأن الله أرسلهم ليطاعوا فيما جاءوا به.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾

النساء: ٦٤

– الإيمان بالله واليوم الآخر

وكثيرًا ما قرن الله بين الإيمان به والإيمان باليوم الآخر في كتابه.

قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾

البقرة: ٦٢

وأن الله جامع الناس في ذلك اليوم؛ لتجزى كل نفس ما كسبت.

قال الله تعالى:

﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾

الشورى: ٧

ثانيا – التشريع

والتشريع هو البناء الذي أقيم على أصول الإيمان، من العبادات، والمعاملات، والأقضية، والحدود، والسياسات، والأخلاق، والأحوال الشخصية، والحقوق وفق ما جاء في كتاب الله .

والتشريع بذلك ينظم علاقة الإنسان مع غيره من خلال الآتي:

1- العبادات

وهي عبارة عن علاقة الإنسان بربه، كالصلاة والزكاة والصوم والحج ،

وقد جاء القرآن آمرًا بهذه الأركان.

2- المعاملات

التي اشتملت التعاقدات على جميع صور التعاقدات بين الناس، وبينت أحكامها، وأجازت ما كان قائمًا على العدل، ومنعت وجرمت ما يفضي إلى الخصومات والشقاق.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ﴾

البقرة: ٢82

﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

النساء : 11

﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا  فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾

البقرة: 2٧٥

– الأخلاق النفسية

بتنظيم سلوكه في الأطعمة والأشربة واللباس والزينة ونحوها.

قال الله تعالى:

﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾

الأعراف : 31

﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ﴾

النحل: 115

– الأحوال الشخصية

ببيان الحقوق على كل فرد تجاه أفراد أسرته، من خلال الأمر بقوامة الآباء، ورعايتهم للزوجة والأبناء، والأم من حيث بيان حق الزوج، وبيان دورها في رعاية الأبناء، والأبناء بالأمر بالبر بالوالدين، والأرحام من جهة وجوب صلتهم .

قال الله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ﴾

الأحقاف : 15

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾

البقرة : 177

﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾

النساء : 19

– الأخلاق الاجتماعية

باحترام حقوق الآخرين، والحث على التراحم والتعاون، ودفع الأذى، والإحسان.

قال الله تعالى:

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾

النساء : 36

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾

البقرة : 83

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾

المائدة: ٢

– القضاء

من خلال فض النزاعات والخصومات التي تحدث بين المواطنين، سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، على حد سواء في إعطاء كل ذي حق حقه، أو دفع العدوان، أو رفع الظلم .

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾

الأنعام: ١٥٢

– السياسات

ببيان وجوب السمع والطاعة للحاكم، والنصح والإعانة له على الخير، وعدم الخروج عليه، والأمر للحاكم بالعدل والرأفة، وعلاقة المسلمين بغير المسلمين، سواء أكانوا داخل حدود دولة المسلمين، كالمعاهد والمستأمن والمستجير، أو خارجها، سواء أكانوا مسالمين أو محاربين.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾

النساء: ٥٩

﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ﴾

الشورى : 38

ثالثًا- أخبار الأنبياء والأمم السابقة

أورد الله تعالى سير الأمم السالفة مع أنبيائها في كتابه ، بما فيها من مواعظ ونذر، وكان مراده من عرضها مايلي

– التثبيت لقلب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين،

قال الله تعالى:

﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

هود: ١٢٠

– إيقاظ وتنبيه من الغفلة

قال الله تعالى:

﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾

يوسف: ٣

– إنذار بما حدث

لمن لم يستجيبوا لرسلهم أن يصيب هذه الأمة ما أصابهم

قال الله تعالى:

﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾

فصلت: ١٣

– الاعتبار بأحوال من سبقها من الأمم

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾

يوسف: ١١١

كما لم يكن أسلوب القرآن في إيراد قصص الأنبياء مع أممهم أسلوبًا سرديًا تفصيليًا يحوى التفاصيل الدقيقة للأحداث؛ وإنما كان عرضه لها بذكر مواطن التفكر والاعتبار والانتفاع .

رابعًا: السنن الربانية

ربط الله جل جلاله بين سننه القدرية واستجابة العباد لأوامره الشرعية

قال الله تعالى:

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾

الروم: ٤١

وقد ذكر الله عز وجل من هذه السنن في كتابه على وفق هذا الناموس الرباني مع سابق الأمم ما كان فيه النذير والتذكير،

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾

آل عمران: ١٣٧

ومن أمثلة ذلك

– ما كان من شأن قوم نوح عليه السلام

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ . فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ . وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ . تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾

القمر: ٩ – ١٤

– ما حدث لقوم عاد وثمود

قال الله تعالى:

﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ . فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ . وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَىٰ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾

الحاقة: ٤ – 8

– حديث قوم لوط عليه السلام

قال الله تعالى:

  ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ . نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ . وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ﴾

القمر: ٣٣- ٣6

– ما كان من فرعون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ . كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ﴾

القمر: ٤١- ٤٢

– ما ذكره الله من شأن بني إسرائيل

قال الله تعالى:

﴿ وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ  وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا  فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾

الإسراء: ٤ – ٧

5- الموحى إليهم في القرآن

يختلف الوحي باختلاف الموحى إليهم ، فكل وحي يختلف في حقيقته عن الآخر، وبيان ذلك في النقاط الآتية:

1- الرسل والأنبياء

الوحي إلى الأنبياء والرسل هو الوحي المتضمن لبيان العقائد، والتشريع، وأخبار الغيب، والسنن الربانية.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾

الشورى: ٥١

2- الملائكة

وهو وحي ليس على سبيل التشريع والإخبار، وإنما على سبيل التكليف، فالملائكة مسخرون لطاعة أوامر الله تعالى، وليس لديهم خيار بين الاستجابة والرفض .

قال الله تعالى:

﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾

الأنفال: ١٢

3- أهل الإيمان

الوحي لأهل الإيمان يعلمهم بأمور قد يكون لها وقع خطير في حياتهم ، ولكن من نوع آخر غير وحي النبوة، ومن هذا الوحي

– أم موسى عليه السلام

أوحى الله إليها بوحي من قبيل الإلهام

قال الله تعالى:

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾

القصص: ٧

وألْهمنا أم موسى حين ولدته وخشيت عليه أن يذبحه فرعون كما يذبح أبناء بني إسرائيل: أن أرضعيه مطمئنة، فإذا خشيت أن يُعرف أمره فضعيه في صندوق وألقيه في النيل، دون خوف من فرعون وقومه أن يقتلوه، ودون حزن على فراقه، إنا رادُّو ولدك إليك وباعثوه رسولا.

– مريم رضي الله عنها

قال الله تعالى:

﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا . فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾

مريم: ١٦ – ١٩

واذكر – أيها الرسول – في هذا القرآن خبر مريم إذ تباعدت عن أهلها، فاتخذت لها مكانًا مما يلي الشرق عنهم. فجعلت مِن دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس، فأرسلنا إليها الملَك جبريل، فتمثَّل لها في صورة إنسان تام الخَلْق. قالت مريم له: إني أستجير بالرحمن منك أن تنالني بسوء إن كنت ممن يتقي الله. قال لها المَلَك: إنما أنا رسول ربك بعثني إليك؛ لأهب لك غلامًا طاهرًا من الذنوب.

– الحواريين رضي الله عنهم

إنهم الذين كانوا مع نبي الله عيسى عليه السلام، فقد كانوا في شدة وبلاء وكرب من بني إسرائيل

قال الله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾

المائدة: ١١١

4- بعضٍ مخلوقاته

أ – السموات والأرض

كان وحيه للسماوات يتناسب مع الطبيعة التي طبعت عليها والهيئة التي خلقت بها، فكان وحي الله تعالى لها بأن تكون مسخرة، وذلك بقوانين ونواميس خاصة لا تصلح الحياة الدنيا إلا بها.

قال الله تعالى:

﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾

فصلت: ١٢

فإذا أراد الله تعالى لها الخراب أوحى إليها وحيًا تتغير فيه تلك القوانين، وتتبدل النواميس حتى إن الإنسان الذي ألفها على تلك الحال التي كانت مستقيمة بقوانينها ونواميسها ليتساءل عما اعتراها من خلل

قال الله تعالى:

﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا . وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا . يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ﴾

الزلزلة: ١ – ٥

ب – النحل

أوحي الله تعالى للنحل طريقة معيشتها وصناعتها ليعلم أن ما تقوم به هذه المخلوقات ليست بالاكتساب ولا بالتعلم، وإنما هي الغريزة التي غرزها الله تعالى فيها، والإلهام الذي جعل من هذا الكائن الصغير ذلك الصانع القدير.

قال الله تعالى:

﴿ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

النحل:٦٨- ٦٩

 

 

Share This