1- مفهوم الْكَرَّةَ

الْكَرَّةَ هونفور وعداوة أو عدم تعاطف مع شخص أو شيء أو حتى ظاهرة معينة ، وهو يدل على خلاف الرضا والمحبة .

2- الْكَرَّةَ

 في

 الاستعمال القرآني

وردت كلمة (كره) وصيغها في القرآن الكريم (٤١) مرة. والصيغ التي وردت هي:

– الفعل الماضي

ورد  ١٧ مرة

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾

محمد :٩

– الفعل المضارع

ورد ٦ مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾

البقرة:٢١٦

– المصدر

ورد ١٠ مرات

قال الله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا ﴾

الأحقاف:١٥

– اسم الفاعل

ورد   ٧ مرات

قال الله تعالى:

﴿ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾

المؤمنون:٧٠

– اسم المفعول

ورد  مرة واحدة

قال الله تعالى:

﴿ كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾

الإسراء:٣٨

3- الألفاظ ذات الصلة

– البغض

نفرة الطَّبع عن الشيء المؤْلِم المتْعِب ، وهو ضد الحب

– الإباء

الإباء بمعنى شدة الامتناع، وهو من المعاني المقاربة للكره، فمن يكره شيئًا يأباه، فيمتنع عنه بشدة، ولكن من يأبى شيئا فليس من الضرورة أن يكرهه، كمن يمتنع عن أكل شيء معين، ولكن لا يكرهه .

– الإكراه

الإكراه هو إجبار الغير على فعل شيء ما يكرهه بالوعيد الشديد.

– الحب

انجذاب النفس إلى الشيء الذي ترغب فيه ، وهوعكس الكره .

4 – إثبات الكره

       في

حق الله تعالى

ورد في القرآن الكريم صفة الكره في حق الله تعالى في ثلاثة مواضع ؛  وذلك للأعمال الأتية

أ – أعمال المنافقون

قال الله تعالى:

﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾

التوبة :٤٦

ولو أراد المنافقون الخروج معك – أيها النبي – إلى الجهاد لتأهَّبوا له بالزاد والراحلة، ولكن الله كره خروجهم فثَقُلَ عليهم الخروج قضاء وقدرًا، وإن كان أمرهم به شرعا، وقيل لهم: تخلفوا مع القاعدين من المرضى والضعفاء والنساء والصبيان.

ب – الأثام والذنوب

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ  إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا . وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا . وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا . وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا . وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا .  وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا . وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا . كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا  ﴾

الإسراء :٣1 – 38

كلّ هذا الذي ذكرنا لك من الأمور التي عددناها عليك كان سيئة مكروها عند ربك ، يكرهه وينهى عنه ولا يرضاه لعباده.

ج – الكفر والفسوق والعصيان

قال الله تعالى:

﴿ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ  ﴾

الحجرات: ٧

ولكن الله حبب إليكم الإيمان وحسَّنه في قلوبكم، فآمنتم، وكرَّه إليكم الكفرَ بالله والخروجَ عن طاعته، ومعصيتَه .

إن الكره ، أو الكراهة إذا أطلقت على البارئ تعالى يراد بها غايتها التي هي أفعال لمن يستحقها من العصاة والكفار والفجرة.

5- أقسام الكَراهِية

تنقسم الكَراهِية في القرآن الكريم إلى قسمين ،هما

الأوَّل : الكره من حيث الطبع

أي الأمور التي نكرهها بالفطرة  ، وهو كره طبعي، فلا يكتسب اكتسابا كالكره العقلي أو الشرعي، والكره الطبعي غير محاسب عليه الإنسان، ومِن صوره

أ – كره القتال

قال الله تعالى:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ﴾

البقرة:٢١٦

الكره هنا كره طبعي؛ فالقتال مطبوع على كرهه وعدم حبه، وذلك لما فيه من المشقة على الجسم بما يحتمل تعرضه للجرح وبتر الأعضاء، والمشقة على النفس بذهابها، والمشقة بمفارقة الأهل والمال، فالنفس بطبعها تكرهه ومع ذلك فالمسلم يحب حكم الله ولا يكرهه .

ب – كره المرأة للحمل

قال الله تعالى:

﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ﴾

الأحقاف:١٥

فكره المرأة للحمل والولادة لما فيه من التعب والمشقة، هو كره طبعي مجبولة عليه المرأة، ومع ذلك فإنها تحب الإنجاب والأطفال، وهذا حب طبعي، وقد يجتمع الحب الطبعي مع الكره الطبعي.

ج – كره أكل لحم الإنسان

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾

الحجرات: ١٢

الآية الكريمة تشبه الغيبة بأكل لحم الإنسان لأخيه الإنسان المكروه أكله طبعا

د – كره المشقة

قال الله تعالى:

﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ﴾

الأنفال:٥

كما أخرجك ربك من المدينة، وإن فريقا من المؤمنين لكارهون الخروج معك كراهة الطبع لاحتمال المشقة.

فكره المسلم للقتال، وكره المرأة للحمل والولادة، وكذلك كره المسلم أكل لحم أخيه ميتا، وكره المشقة كل هذه الأمور تكرهها طبيعة النفس البشرية .

الثاني : الكره من حيث العقل أو الشرع

هوما أكرهه من حيث الشرع أوأكرهه من حيث العقل ، والكره العقلي أو الشرعي ينقسم إلى قسمين

1- الكره المحمود

الكره المحمود هو الكره الذي يكون لأجل الله تعالى، وهذا واجب مأمور به، فيثاب فاعله، ويعاقب تاركه، وذلك مثل كره الكافر لكفره، وكره العاصي لمعصيته، والفاسق لفسقه، والمنافق لنفاقه، والدليل على هذا النوع من الكره

قال الله تعالى:

﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا  قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴾

الأعراف:  ٨٨

فهنا كره شعيب ومن آمن معه للعودة إلى الكفر هو كره محمود .

2- كره مذموم

هو الكره الذي يتضمن الكراهية لأوامر الله ، وذلك مثل كراهية شيء معلوم من دين الله، أوكراهية تحريم شيء قد حرمه دين الله ، أوكراهية تطبيق حكم الله .

أ – كره ما أنزل الله

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾

محمد:٩

فالله عزوجل أحبط أعمالهم بعدما كرهوا ما أنزل الله على رسوله وهو القرآن، فهذا الكره هو الكره العقلي المذموم وليس كرهًا طبعيًا.

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ﴾

محمد :٢٦

القائلون هم المنافقون؛ والكارهون هم اليهود؛ فاليهود كرهوا ما نزل الله، فكرههم هو كره مذموم.

ب – كره رضوان الله

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾

محمد:٢٨

أحبط الله أعمالهم؛ لأنهم كرهوا رضوانه واتبعوا ما أسخطه، وكرههم كره مذموم، لهذا أحبط الله أعمالهم.

ج – كره الحق

قال الله تعالى:

﴿ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾

المؤمنون:٧٠

ومع أنه حق إلا أنهم كرهوه، فكرههم هذا هو كره عقلي مذموم وليس كرها طبعيًا، فسيحاسبهم الله عليه، وسيعذبهم به.

قال الله تعالى:

﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾

الزخرف :٧٨

جاء الله بالحق عن طريق الأنبياء والرسل، ولكن الأكثر يكرهونه، والنتيجة الطبيعية لمن يكره الحق هي العذاب الأليم في النار، فالكره هنا هو كره عقلي مذموم.

د – كره الإنفاق في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾

التوبة:٥٤

فهنا كرههم للإنفاق هو كره عقلي مذموم، وليس كرها طبعيا، فسيحاسبهم الله على هذه الكراهية؛ لأنهم كرهوا أمر الله لمصالحهم في الدنيا.

م – كره الجهاد في سبيل الله

قال الله تعالى:

﴿ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾

التوبة:٨١

وهذه من خصل المنافقين الكثيرة؛ وهي تخلفهم عن الجهاد بسبب كراهيتهم له، وهذه الكراهية ليست كراهية لما يلحق بالجهاد من نتائج بل لكرههم أوامر الله، فهذا الكره ليس كرها طبعيا وإنما هو كره عقلي، لذلك يحاسبهم الله على هذا الكره أشد الحساب.

– كراهية الكافرين لإتمام نور الله

قال الله تعالى:

﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾

التوبة 32

يريد الكفار بتكذيبهم أن يبطلوا دين الإسلام، ويبطلوا حجج الله وبراهينه على توحيده الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ويأبى الله إلا أن يتم دينه ويظهره، ويعلي كلمته، ولو كره ذلك الجاحدون.

– كراهية المشركين لإظهار الدين على الدين كله

قال الله تعالى:

﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾

الصف 9

الله هو الذي أرسل رسوله محمدًا بالقرآن ودين الإسلام؛ ليعليه على كل الأديان المخالفة له، ولو كره المشركون ذلك.

6 – آثار كراهية أحكام الله

هناك الكثير من الآثار التي  تترتب علي كراهية أحكام الله ، منها ما يلي

أ – نفي الإيمان عمن كره أحكام الله

قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾

محمد :٨-٩

والذين كفروا فهلاكًا لهم، وأذهب الله ثواب أعمالهم؛ ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوا به .

ب – إحباط الأعمال

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾

محمد 9

والذين كفروا فهلاكًا لهم، وأذهب الله ثواب أعمالهم؛ ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوا به، فأبطل أعمالهم؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان.

قال الله تعالى:

﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّـهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ  ﴾

محمد:28

ذلك العذاب الذي استحقوه ونالوه؛ بسبب أنهم اتبعوا ما أسخط الله عليهم من طاعة الشيطان، وكرهوا ما يرضيه عنهم من العمل الصالح، ومنه قتال الكفار بعدما افترضه عليهم، فأبطل الله ثواب أعمالهم من صدقة وصلة رحم وغير ذلك.

قال الله تعالى:

﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾

التوبة 54

وسبب عدم قَبول نفقاتهم أنهم أضمروا الكفر بالله عز وجل وتكذيب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يأتون الصلاة إلا وهم متثاقلون، ولا ينفقون الأموال إلا وهم كارهون، فهم لا يرجون ثواب هذه الفرائض، ولا يخشون على تركها عقابًا بسبب كفرهم.

ج – العذاب في الآخرة

فالله أعد نار جهنم لكل من كره حكما من أحكام الله .

قال الله تعالى:

﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾

التوبة:٨١

7- دوافع الكره 

   بين الناس

إن للكره بين الناس دوافع كثيرة ؛ تؤدي إلى حصوله  بينهم ، منها:

1 – اختلاف الدين

إن اختلاف الدين يؤدي إلى اختلاف المشاعر فإن كان الدين واحد فالمشاعر مبنية على الحب، وإن كان الدين مختلف فالمشاعر مبنية على الكره ، أن المشاعر تتحول من البغض والكره إلى المحبة بعد تحول الكفار إلى الإيمان.

قال الله تعالى:

﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾

الممتحنة :٤

2  – الحسد

وهو من أهم أسباب الكراهية بين الناس، فإن الحاسد لم ولن يحب غيره فترى البعض من الناس لا يكره الخير لغيره، فقط؛ بل ويتمنى له الزوال، وهذا يولد الكراهية بين الناس

قال الله تعالى:

﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ  ﴾

آل عمران:١١٩

ها هوذا الدليل على خطئكم في محبتهم، فأنتم تحبونهم وتحسنون إليهم، وهم لا يحبونكم ويحملون لكم العداوة والبغضاء، وأنتم تؤمنون بالكتب المنزلة كلها ومنها كتابهم، وهم لا يؤمنون بكتابكم، فكيف تحبونهم؟ وإذا لقوكم قالوا -نفاقًا-: آمنَّا وصدَّقْنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض بدا عليهم الغم والحزن، فعَضُّوا أطراف أصابعهم من شدة الغضب، لما يرون من ألفة المسلمين واجتماع كلمتهم، وإعزاز الإسلام، وإذلالهم به.

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾

آل عمران:١١٨

يا أيها الذين آمنوا ، لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، تُطْلعونهم على أسراركم، فهؤلاء لا يَفْتُرون عن إفساد حالكم، وهم يفرحون بما يصيبكم من ضرر ومكروه، وقد ظهرت شدة البغض في كلامهم، وما تخفي صدورهم من العداوة لكم أكبر وأعظم. قد بيَّنَّا لكم البراهين والحجج، لتتعظوا وتحذروا، إن كنتم تعقلون عن الله مواعظه وأمره ونهيه.

3 – الغيبة والنميمة

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾

الحجرات: ١٢

يا أيها الذين  آمنوا اجتنبوا كثيرًا من ظن السوء بالمؤمنين؛ إن بعض ذلك الظن إثم، ولا تُفَتِّشوا عن عورات المسلمين، ولا يقل بعضكم في بعضٍ بظهر الغيب ما يكره. أيحب أحدكم أكل لحم أخيه وهو ميت؟ فأنتم تكرهون ذلك، فاكرهوا اغتيابه. وخافوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. إن الله تواب على عباده المؤمنين، رحيم بهم.

4 – عدم العدل

عمومًاهو سببٌ مِن أسباب البغض، فعدم العدل بين الزَّوجات يولِّد الحقد والكَراهِية بين الزَّوجات، وبين الزَّوج وزوجاته، وعدم العدل بين الأبناء يولِّد الشَّحناء والبَغْضاء، وتسود بينهم روح الكَرَاهِية .

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

المائدة :٨

يا أيها الذين آمَنوا كونوا قوَّامين بالحق، ابتغاء وجه الله، شُهداء بالعدل، ولا يحملنكم بُغْضُ قوم على ألا تعدلوا، اعدِلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء، فذلك العدل أقرب لخشية الله، واحذروا أن تجوروا. إن الله خبير بما تعملون، وسيجازيكم به.

5 – التعدي على حقوق الآخرين

التعدي على حقوق الآخرين، باستئثار المنافع، وعدم إعطائها لمن يستحقها، فإنه يولد الكراهية، وقد حذر الله من الاعتداء على الآخرين

قال الله تعالى:

﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

البقرة:١٩٠

فمن اعتدى على غيره لا يمكن للآخرين أن يحبوه بل سيكرهونه لظلمه وسلبه حقوقهم.

6 – عدم الإنصاف في المعاملة

قال الله تعالى:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا  وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ )

النساء: 19

يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تضارُّوا أزواجكم وأنتم كارهون لهن؛ ليتنازلن عن بعض ما آتيتموهن من مهر ونحوه،

قال الله تعالى:

( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )

النساء: 19

ولتكن مصاحبتكم لنسائكم مبنية على التكريم والمحبة، وأداء ما لهن من حقوق. فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية فاصبروا؛ فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير.

7 – قسوة القلب والغلظة في التعامل

القسوة والغلظة في التعامل مع الناس تجلب الكراهية فتنفر الناس من حولهم .

قال الله تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ  فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾

آل عمران: ١٥٩

8 – الجدال

قال الله تعالى:

﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾

النحل: ١٢٥

أمرنا الله تعالى أن تكون المجادلة بالتي هي أحسن لأن المجادلة غير الحسنة؛ في نهاية الأمر، تؤدي إلى الكراهية.

9 – الاختلاف في الدين الواحد

الخلاف العقدي مذموم وعواقبه وخيمة ، و قد أدي إلى الكره والتباغض بين المسلمين، وعدم قبول الآخر، لهذا نهى الله عن التفرق والاختلاف

قال الله تعالى:

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

آل عمران :١٠٥

10 – الدعوة إلى عصبية النسب والجاهلية

والإسلام نبذ العصبية بشدة ، فهي تؤدي إلى الكره والتباغض بين أفراد المجتمع الواحد من جهة، وبينه وبين المجتمعات الأخرى من جهة أخرى، والعصبية غير مختصة بالعصبية القبلية بل بها وبغيرها مثل التعصب للحزب والجماعة، والتعصب العائلي، والتعصب للجنس واللون والبلد وغيرها .

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾

الحجرات:١٣

 

Share This